قصة هاجر

الأدب النبطي والفصيح

قصة هاجــر
بقلم : محمود البدوى

هجرتني " هاجر " بعـــد عشرة طويلة دامـــت ثمانيـة أعوام ، خرجت في الصباح الباكر ولم تعد ، ولقد بحثت عنها فى كل مكان اعتادت الذهاب إليه فلم أعثر لها على أثر !
لقد تربت " هاجر " في بيتى ، جئت بها من الريف وهى طفلة فى السابعة من عمرهـــا ، لتخــــدم عـــندى ، ولكنى لم أعاملــها قـط كخــادم ، لأنهـا كانت يتيــمة وفقـــيرة ، وكانت جميلة ضاحكة كالشمس .
وكـانت " هاجر " في طفولتــها الأولى لا تكـذب قــط .. كانت مثال الصدق والإخلاص .. كانت تروى لى الأخبار فى صراحـة وبراءة ، وكنت إذا سألتها عن شىء ، وظهر أنها لا تعرفه كانت تجيب مسرعة :
ـ لا أعرف .. .
لم تكن تكذب قط .
وكانت أبدا ضاحكة طروبا .. تملأ البيت سرورا وبهجة .
***
ثم مضت الأعوام وكبرت " هاجر " .. تغيّر جسـمها ، وبرز نهـداها ، واكتنـز صدرهــا ، ولمعت عينــاها ببريق الأنوثة وسحرها ، ورق صوتها ، وزاد عذوبة وفتـنة .
وطال مع هذا صمتها وتغيرت طباعها ، فكنت كثيرا ما أراها مطرقة واجمة لسبب ولغير ما سبب .
وابتدأت تكذب ، وتدور بالكلام ! وتنظر كثيرا فى المرآة ، وتطيل النظر ! .
ودخــلت مرة البيت ، فوجدتها واقفــة تتشـاجر مع بائع الخبز ، وكان غلاما وسيما فى السابعة عشرة من عمره .. ثم طردته وامتنعت عن أخذ الخبز منه شهرين كاملين .. ثم عادت وأخذته منه !
ولما سألتها :
ـ لماذا رجعت إلى بائع الخبز ؟
قالت بهدوء :
ـ حسن .. ؟ .
ـ آه .. حسن .. ! .
ـ إنه مسكين ..! .
وعادت إلى سهومها وصمتها . ولقد عجبت لهذا التغير المفاجئ الذى طرأ على " هاجر " .
***
وسمعتها مرة ، وأنا صاعد على سلم البيت تبكي وتعول .. ثم رأيتـها تضرب الخـــادم الصغير الذي معـها في البيت ، لأنه أخذ الخبز من " حسن " . ولما سألتها عن ذلك ، قالت وهي تنشنج :
ـ إنه ابن كلب .. ولقد طردته .. ولا يمكن أن نأخذ منه الخبز مرة أخرى .. إنه غشاش لص ..! .
فصمت ، ولم أقل شيئا .
***
وذات يوم خرجت " هاجر " ولم تعـد .. لقـد هربت مع " حسن " بائع الخبز ..!
=================================
نشرت القصة فى كتاب العربة الأخيرة لوالدى عام 1948
=================================
2
714

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حفنة ضوء
حفنة ضوء
نعم لقد هربت .. تتبع قلبها ... الذي أحبه ....

سلمت يمينك ،،،، ياليلى ....
ليلى محمود البدوى
شكرا لك وبارك الله فيك