قصة وفاة الشيخ سعيد الزياني رحمه الله تعالى

ملتقى الإيمان

قصة وفاة الشيخ سعيد الزياني رحمه الله تعالى
بقلم ابنه سلمان

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي في الله حياكم الله جميعًا وبياكم وأخص بالتحية شيخي الجليل الشيخ \ أيمن سامي حفظه الله وأعتذر عن تأخيري وذلك كله لإنشغالي .
بفضل الله تعالى وبتوفيقه ذهبنا هذه السنة إلى الحج والحمد لله كانت الأمور ميسرة جداً وكل شيئ كان على مايرام والحمد لله لكن !!!
هنالك ما لفت انتباهي وجلست كثيراً أُفكر في هذا الموضوع ألا وهو أني كلما التقيت بشخصٍ
وعلم أني ابن الشيخ سعيد الزياني رحمه الله يقول لي ياسلمان قد دعونا لوالدك يوم عرفة والكل قد دعا له
فقلت في نفسي هنيئاً لك يا أبي، الأمةُ كُلها تدعوا لك .
سأبدأ حديثي عن الوالد قبل وفاته بيومين حيث كنا قد اتجهنا إلى الرياض من قطر وفي الطريق كنا نضحك فرحين جداً نتكلم عن مواضيع شتى
ووصلنا إلى الرياض قبل المغرب بقليل فتوقفنا للصلاة .
بعد ذلك اتجهنا إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وذهبنا إلى سكن الطلاب فاستقبلونا استقبالاً حارًا ورحبوا بنا أجمل ترحيب
ثم صعدنا إلى غرفتي وقد كانت الغرفة فارغة فسعى الوالد رحمه الله في تأثيتها وتجهيزها بأفضل مايمكن .
وقد حصل شيئٌ غريب في هذه الليلة , فقد قام بعض الطالبات من الإمارات بإرسال رسالة للوالد على أنهم يريدون محاضرة في جامعة الإمارات للبنات
فرد عليهم الوالد برسالة نصية قائلاً : "لا مانع لدي من إلقاء المحاضرة وبإذن الله تعالى سوف أعود في بداية الأسبوع القادم"
ولكن الشيئ الغريب أن الرسالة لم تصل وقد رأيت في هاتف الوالد بعد وفاته " لم يتم إرسال الرسالة " وقاموا بإرسال رسالة أخرى بعد وفاته بقليل قالوا فيها
" سامحنا على الإزعاج ياشيخ هل بإمكانكم إلقاء محاضرة في الوقت الذي تريدونه وجزاكم الله خيرا "
وفي نفس الليلة اكتمل فرشُ الغرفة فاستغرب الجميع من السرعة التي فرشنا بها الغرفة
ووالدي فرحٌ جداً فقبل أن ننام قلت لوالدي " أبي : الصراحة لا أدري ماذا أقول لك وقد أنفقت عليَّ كل هذه المبالغ في تأثيت الغرفة " فاستنكر الوالد رحمه الله وقال لي:
يا سلمان أنت جئت من أجل شيئٍ عظيم جئت من أجل طلب العلم وبإذن الله سيعوضنا الله سبحانه قريباً .. فقبَّلت رأسه ونام
استيقظنا لصلاة فجر يوم الأربعاء ( قبل وفاته بيوم ) وكان يريد أن يسافر بعد صلاة الفجر لكن الإخوة طلبوا منه أن يبقى حتى الغداء فوافق رحمه الله ،
وفي أثناء الغداء كان ينصح الطلبة ويوجههم ، ويسألونه ويجيبهم ، واستمر في النصيحة إلى قُبيل العصر ثم ذهبنا إلى الغرفة لكي نرتاح قليلاً ..
بعد ذلك أعددت للوالد متاعه ووضعته له في السيارة وكان وقت صلاة المغرب قد اقترب فقال الوالد رحمه الله : أُصلي المغرب ثم أتحرك ..
بعد الصلاة مشيت معه من المسجد إلى السيارة ونصحني بعض النصائح إلى أن وصلنا إلى السيارة
فودَّعت الوالد بدعاء السنة قائلاً أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك فرد عليَّ قائلًا : أستودعك الله الذي لاتضيع ودائعه ..
لم يخطر ببالي أبداً أني لن أرى والدي بعد هذا اليوم ولم أكن أعلمُ أنها آخر نظرة أنظر فيها إلى والدي رحمه الله ولكنها سنَّةُ الله في الكون .
تحرك الوالد من الرياض إلى قطر ووصل إليها في الساعة 11:00 مساءًا واتصل بي وأخبرني بوصوله ..
وفي يوم الخميس ( يوم وفاته ) في الصباح ذهب لقضاء بعض الأشغال في الدوحة وفور انتهائه من أشغاله قال له بعض الإخوة الذين كانوا معه
ياشيخ سعيد اجلس معنا قليلاً فقال لهم :" سامحوني فأنا مستعجل " وسبحان الله لم يكُ يدري ماذا ينتظره من القدر
وتوجه من قطر إلى الإمارت يريد الشارقة وفي طريقه أرسل لي رسالة عجيبة ( وتذكرون ماذا قال لي عن المبالغ التي دفعها ) قال في الرسالة :
" وصلتني قبل قليل هذه الرسالة إضافة مبلغ كذا لحساب كذا ثم كتب لي
- أنفق يُنفق عليك
- أنفق ولاتخش من ذي العرش إقلالا
- أنفق مافي الجيب يأت مافي الغيب
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات "
وصلته بعض المبالغ من بعض المشاريع التي كان يديرها رحمه الله
ثم رددت عليه برسالة كتبت فيها " الله أكبر سبحانه يرزق من يشاء بغير حساب" ثم اتصل بي وهو يكلمني وأنا فرحٌ جدًا بمكالمته
وذكر لي حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه عن ربه تبارك وتعالى ( يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنًى وأسُد فقرك وإلا تفعل ملأتُ يدك شغلًا ولم أسُد فقرك )
ثم قال لي " أنت فقط تفرغ لطلب العلم وللدعوة إلى الله ولن ترى إلا الخير بإذن الله" وأخبرني أنه سيتصل بي لاحقًا .
وطوال الطريق كان يتصل بأصدقائه المقربين وبأهله ومن ضمن من تكلم معهم الشيخ سمير رزق إمام مسجد المغفرة في الشارقة
وقال له الشيخ سمير " ما رأيك أن تخطب الجمعة غدًا في مسجدي" فوافق الوالد ، ومن ضمن من تكلم معهم
الشيخ محمد عبد الحميد إمام مسجد البراء بن عازب في الشارقة وبدأ الشيخ محمد يقرأ خطبة الجمعة على الوالد
حتى الوالد يأخذ فكرة عن موضوع الخطبة ليخطب الجمعة في مسجد المغفرة واستمرت مكالمته مع الشيخ محمد حوالي نصف ساعة
، كذلك أ.محمد خلف مذيع ومقدم برامج في قناة الشارقة وطلب من الوالد تقديم برنامج لإذاعة الشارقة ،
والأستاذ فتح الله المغاري من المغرب وكان من أصدقاء الوالد المقربين وهوآخر من تكلم مع الوالد رحمه الله .
وجاء أمر الله وانحرفت سيارته عن الطريق إلى يمين الشارع بمقدار 78 متراً واصتدمت بنخلة وانقلبت مرتين ثم استقرت على وضعها الطبيعي خارج الشارع الرئيسي
وقد وقع الحادث بعد دخوله للحدود الإماراتية ب120 كيلو متر حوالي الساعة التاسعة مساءًا .
جاء رجال الإسعاف ووجدوه مغمى عليه إغمائاً تامًا ووضعوه في السيارة وفي الطريق يريدون أن يعرفوا أيَّ شيئ عنه ولكنه لا يجيبهم .
وهو يردد " لا إله إلا الله " واستمر ساعة ونصف وهو يرددها حتى فاضت روحه إلى بارئها نحسبه كذلك ولانزكي على الله أحدا .
يقول تعالى( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة )
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة )
وإلى هذه اللحظة لم يكن يعلمُ أحدًا بوفاته لأن الحادث كان بعيدًا عن المدينة .
وفي الصباح صليتُ الفجر وذهبت مع بعض الإخوة لحضور درس بعد صلاة الفجر ثم ذهبنا للفطور في بيت أحد الإخوة
فسألني أحدُهم قائلًا ماإسمك ؟ قلت : سلمان سعيد الزياني قال: ماشاء الله ابن الشيخ سعيد الزياني كيف حال والدك ؟
قلت : الحمد لله بخير وقد كان في قطر وهو الآن في الإمارات ( ولم أكن أعلم بوفاته ) قال لي : سلم على الوالد .
ثم أوصلني الإخوة إلى السكن الجامعي وأنا صاعدٌ في الدرج اتصلت بي والدتي فاستغربت من اتصالها في هذا الوقت المبكر
رددت عليها واذا بها تبكي قلت لها : ماذا حصل ؟ قالت : أبوك عمل حادث وهو في المستشفى لكنَّ حالته طيبة ( وكانت قد نقلت الكلام الذي قيل لها من المستشفى )
فبعد ذلك مباشرةً ذهبتُ وتوضأتُ وصليتُ ركعتين ودعوتُ لوالدي بأن يشفيه الله ويعافيه وأن يخرُجَ سالمًا من المستشفى فقرَّرت أن أذهب عند والدي إلى المستشفى .
وأنا أجمع ملابسي ومع نزول الخبر عليَّ اتصلت الوالدة مرةً أخرى وهي تبكي بكاءً أشد من المرة الأولى قالت لي : ياسلمان والدك رحمه الله
فاغرورقت عيني بالدموع وحار فكري وبدأتُ أسرتجع ذكرياتي مع والدي ورفعت صوتي قائلًا :
الحمد لله الحمد لله الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون إنا لله وإنا إليه راجعون إنا لله وإنا إليه راجعون نشهدك يا الله ونشهد ملائكتك وحملة عرشك أنَّا رضينا بقضائك أنَّا رضينا بقضائك أنَّا رضينا بقضائك .
ثم توجهت مباشرةً إلى المطار وفي طريقي للمطار أقرأ قول الله عزوجل
( ولنبلونكم بشيئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون
أولئك عليهم صلاوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون )
وبدأ سيل المكالمات للتعزية من شتى بقاع العالم .
وفي صباح يوم السبت ( يوم صلاة الجنازة ) ذهبنا للمستشفى وإستلمنا جثمان الوالد رحمه الله من المستشفى وذهبنا به لمسجد الشيخ سعود القاسمي
"وقد كان افتتاح هذا المسجد على يد الوالد في حياته " وأدخلناه المغسلة بعد ذلك فتحنا الغطاء عن وجهه
وإذا بكل من في المغسلة يكبر وتدمع عينه لرؤية هذا الوجه المنير وهذه الإبتسامة التي كانت على وجهه وقد كانت لاتفارق الإبتسامة محياه في حياته فلم يحرمهُ الله منها بعد وفاته .
أكملنا الغسل واتجها إلى مسجد الصحابة وبدأ المسجد يمتلأُ شيئا فشيئا إلى أن امتلأ وامتلأت الشوارع
وقد ألقى أحد الدعاة إلى الله الذي كان من أحب الناس إلى والدي رحمه الله اسمه الشيخ البشير اليونسي
وقد جاء خصيصًا من المغرب ليحضر الجنازة ألقى موعظةً بين الأذان والإقامة وقد كان كلامُهُ مؤثرًا
وقد أكرمني اللهُ عزوجل بأن صليت على والدي رحمه الله ولم أتمالك نفسي وبدأتُ بالبكاء أثناء صلاة الجنازة واذا بي أسمع خلفي بكاءً شديدًا
اذ أن المسجد كله بدأ بالبكاء وأنا في حياتي لم أحضر مثل هذه الجنازة ليست لأنها جنازة والدي
ولكن لأنها جنازة داعية إلى الله وقد حضر الجنازة وفود من دول الخليج ومن الأردن ومن المغرب ومن بلجيكا ومن إسبانيا ومن بقاعٍ شتى من العالم والحمد لله .
أسأل الله أن يرزقنا وإياكم حسن الخاتمة كما أساله تعالى أن يغفر لجميع موتى المسلمين وأن يجمهنا بهم في الجنة إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وجزاكم الله خيرا .
أخوكم : سلمان سعيد الزياني
22
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

براءة طفلة 2009
براءة طفلة 2009
السلام عليكم
ياااااه قصه مؤثره الله يغفر له ويرحمه ويحسن خاتمتنا يااااااااااااااارب
حكايه صبر
حكايه صبر
الله يغفر له ويرحمه ويحسن خاتمتنا يااااااارب
الصياحه
الصياحه
الله يرحمه ويغفر له ان شاء الله ويحسن خاتمتناااااااا
$أوركيد$
$أوركيد$
حادثة سير خطيرة حصلت للشيخ سعيد الزياني




اهتدى بسببها طبيبان علمانيان





أولا أريد أن أطمئن إخواني أن الحادثة التي حصلت للشيخ سعيد الزياني كانت يوم جنازة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، وكان لابد أن أقول هذا في البداية حتى لا يقلق محبو شيخنا الفاضل الشيخ سعيد الزياني وهم كُثْرٌ ، ولكني أردت أن أنقل قصة هذه الحادثة الخطيرة لما فيها من العبر والمواعظ ، وأعتذر لأني حاولت اختصار العنوان ، لأنها كُتبت بعنوان طويل ، وأسأل الله تعالى أن يحفظ شيخنا وجميع مشايخنا ، وإليكم التفاصيل :





الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين .




يروي الشيخ سعيد الزياني عن حادثة السير الخطيرة التي تعرض لها يوم جنازة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، ثم كيف كانت هذه الحادثة سببا لهداية طبيبين عِلمانيين كانا يشرفان على علاجه بمستشفى الملك فيصل بالطائف ، فلنستمع إلى القصة يحكيها لنا الشيخ سعيد :




كنت راجعا ذات مرة من مكة إلى قطر بالسيارة بعدما حضرت جنازة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، وكنت أقوم بين الفينة والأخرى برحلة إلى مكة المكرمة بالسيارة حتى أحمل معي بعد أداء العمرة كمية من ماء زمزم تكفيني أنا وأسرتي لشهرين أو أكثر ثم أعود كلما نفدت الكمية ، وكان الشيخ عبد الرحمن السديس يسمي رحلاتي هذه : (الرحلات الزمزمية) إلى أن قدر الله أن أكون موجودا في مكة عند الإعلان عن وفاة الشيخ بن باز رحمه الله تعالى ، ( وقد كنت موجودا في مكة قدرا كذلك عند وفاة الشيخ محمد صالح بن عثيمين رحمه الله تعالى الذي حضرت كذلك جنازته ) وبعد صلاة مغرب ذلك اليوم الذي توفي فيه سماحة الشيخ بن باز التقيت بالشيخ عبد الرحمن السديس وأنا لا علم لي بخبر وفاة الشيخ ، فسلمت عليه وسألني عن حالي وسألته عن حاله وحال الأولاد ثم ودعته وأنا لا أدري شيئا عن وفاة الشيخ عبد العزيز ، إلى أن دخلت إلى سكني فسمعت الخبر من وسائل الإعلام ، وعلمت أنه سيصلى عليه بعد خطبتي وصلاة الجمعة في الحرم المكي . بعد الصلاة عليه ودفنه ، توجهت إلى بيت الشيخ رحمه الله الكائن بالعزيزية فقدمت العزاء لأبنائه وبعض أصدقائي من طلبة العلم الذين التقيت بهم في بيت سماحة الشيخ ، وأصر علي الشيخ محمد بن إبراهيم التويجري أن أصاحبهم إلى القصيم وأقضي معهم بعض الوقت إلا أني اعتذرت له وقلت له بأني مستعجل جدا ولا بد أن أسافر ، سبحان الله .. لقد كنت مستعجلا ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، مررت قبل الخروج من مكة على (بنشري) لضبط هواء عجلات السيارة المحملة ب(جوالين) زمزم ، فلم أجد الشخص الذي تعودت أن أراه في ذلك المحل ، وجدت شخصا آخر كنت أراه للمرة الثانية، فقال لي: غيرت السيارة ؟ - وقد سبق له أن رآني بسيارة أخرى – فقلت له : لا ولكن هذه السيارة عندي من مدة ، فقال : آه .. هذه سيارة قوية ، وسار يطوف حولها ويقول : آه .. آه .. سيارة قوية ، هذه (تفضل) معك ( أي تبقى عندك ) عشرات السنين ، ولم يقل ما شاء الله ، وكانت السيارة من الحجم الكبير من نوع الدفع الرباعي ، استنكرت في نفسي أسلوب كلامه في مدح السيارة دون أن يقول ما شاء الله ، ولكن لم تكن لدي الجرأة أن أقول له : قل ما شاء الله ، إلا أني اكتسبتها الآن فكلما سمعت شخصا يمدح شيئا أو شخصا أعجب به ولم يقل ما شاء الله ، أذكره بها قائلا : قل ما شاء الله .




تحركت بالسيارة نحو الطائف في اتجاه الرياض ثم إلى قطر ، انطلقت بدعاء السفر والأذكار المسنونة ، وكانت زوجتي تتصل بي بين الفينة والأخرى تسألني عن حالي ، وتوصيني أن لا أُسرع فكررت الاتصال مرارا على غير عادتها ، فبينما أنا في طريقي إلى الطائف بعد أن توقفت وصليت صلاة العصر في المسجد ، سمعت صوت انفجار قوي ، فبدأت تميل بي السيارة يمينا وشمالا وأن أقول بأعلى صوتي : الله أكبر .. الله أكبر .. بدأت أرددها إلى أن توقفت السيارة . فقلت في نفسي الحمد لله (جاءت سليمة) لقد انفجرت إحدى عجلات السيارة ، والحمد لله على كل حال . استعنت بعامل بمحطة كانت قريبة مني ، فغيرت العجلة ثم انطلقت ، واتصلت بزوجتي وأخبرتها بما حصل ، فقالت الحمد لله (اللي جاءت هكذا) أنا كنت خائفة عليك لأني رأيت في المنام أنه حصلت لك حادثة سير وانقلبت بك السيارة والدماء تنزل من رأسك ، فالحمد لله (جاءت سليمة ) فقلت لها : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لماذا قلتيها ألم تعلمي أن هذا حلم ويجب ألا تقولينه ، فقالت : لقد انتهى الأمر وتحققت ، ولم أكن أريد أن أحكيها لك قبل أن تتحقق ، لهذا كنت خائفة عليك . واصلت طريقي وأنا ذاكر لله ، أحيانا يغلب علي الخوف وأبدأ في الاستغفار والتضرع إلى الله حتى ألقى الله وهو راض عني ، ثم أُغَلِّبُ الرجاءَ فأقول في نفسي ، أنا راجع من عمرة وحضرت جنازة الشيخ بن باز رحمه الله ، وليس في رحلتي رائحة الدنيا ، ولا أحمل بضاعة ولا شيئا أبتغي به الدنيا ، فإن لقيت الله على هذا الحال ، فهو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين .




وهكذا وأنا بين الخوف والرجاء فإذا بي أسمع صوتا وكأنه انفجار ثم انقلبت بي السيارة التي كانت مملوءة ب(جوالين) زمزم ، وأنا أقول بأعلى صوتي : لا إله إلا الله .. لا إله إلا الله .. لا إله إلا الله .. وفي كل مرة تُقلب أقول في نفسي : هذه الضربة القاضية ولساني لم يتوقف عن قول : لا إله إلا الله .. وبقيت السيارة تنقلب بي مساحة حوالي 65 متر، وأنا أُقلب ظهرا لبطن و(بطنا لظهر) كالثوب وسط الغسالة وأنتظر الضربة القاتلة ، إلى أن توقفت وهي عبارة عن ركام حديد ، من رآها لا يصدق أن الذي كان راكبَها لا زال حيا يرزق ، فخرجت من السيارة والدماء تتصبب من رأسي ومن جسدي ثم سقطت على الأرض مغمىً علي من شدة الحادث ، فكانت ورائي سيارات كثيرة جل راكبيها من شباب أهل الرياض الذين حضروا جنازة الشيخ ، وكانوا عائدين إلى الرياض ، فالتفُّوا حولي ، وكنت كأني بين نوم ويقظة أسمع أصواتهم ، فقال أحدهم قبِّلوه ، أي وجِّهوه نحو القبلة ، وقال آخر لقنوه الشهادة ، فعندما سمعت كلامهم بدأت أكرر كلمة التوحيد بصوت خافت ، ثم قلت : من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ، يا إخواني اشهدوا أني أقول لا إله إلا الله عند الموت ، ثم قلت : ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، وأضفت قائلا : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : ما أصابتني من مصيبة إلا وجدت فيها ثلاث نِعَمٍ ، الأولى أنها لم تكن في ديني ، والثانية أنها لم تكن أعظم مما كانت والثالثة أن الله يعطي عليها الثواب الجزيل ، ثم تلا قول الله تعالى : (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة * وأولئك هم المهتدون ) وواصلت كلامي والدم يتصبب من رأسي وكأني أُلقِي موعظة أو درسا ، فتأثر الحاضرون الذين كانوا حولي من هذه الموعظة ، فقال أحدهم : (هذا لا تخاف عليه ، خَلِّيهْ يموت) ، وعندما نقلتني سيارة الإسعاف إلى مستشفى الملك فيصل بالطائف - الذي يبعد عن المكان الذي حصل لي فيه الحادث بأكثر من مائتي كيلو متر- كان يعالجني طبيبان متخصصان في العظام ، أحدهما سوري والثاني مصري ، والظاهر أنهما كانا صديقين ، فعندما كانا مشغولين في علاجي حيث أُصِبْتُ بكسور في الترقوة وفي لوحة الكتف ،كنت أحدثهما حديثا إيمانيا ، وتكرر ذلك مرارا ، وقبل خروجي من المستشفى الذين قضيت فيه أربعة أيام ، حيث نقلوني إلى مستشفى النور بمكة المكرمة وكان أول من عادني فيه الشيخ صالح بن حميد حفظه الله إمام وخطيب المسجد الحرام والرئيس الحالي لمجلس الشورى ، أقول : قبل خروجي من مستشفى الملك فيصل : جاءني الطبيبان فأخبراني أنهما كانا عِلْمانِيَيْنِ ، وبعد سماعهما لما كنت أحدثهم به قلَّب الله قَلْبَيْهِمَا وقررا التوبة إلى الله والمحافظة على الصلاة ، فشاع الخبر في المستشفى أن الطبيبين العلمانبيين أصبحا يصليان ، فجاءني طبيب ملتزم وعليه هيئة السنة ، جاءني أولا ليشكرني ثم سألني مستغربا : أريد أن أعرف ماذا قلت لهما حتى اهتديا ، أنا أكلمهما من سنوات ولم يستجيبا فقاطعتهما.




أقول : ربما كان هذا الأخ من الذين يعتقدون أن الابتسامة تُذهب الهيبة عن الداعية فكان يدعوهم بشيء من الجفوة والغلظة والشدة ، بل هناك من يتعامل مع الناس وكأن أسنانه عورة لا يُبْديها للناس ، في حين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (ابتسامتك في وجه أخيك صدقة ) وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) فقلت لهذا الأخ جوابا على سؤاله واستغرابه : لم أقل لهما شيئا جديدا ، إلا أنه كما كانا يعالجاني برحمة ورفق ، فكنت أدعوهما إلى الله برحمة ورفق ، وما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما نُزِع من شيء إلا شانه ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه .





تم تصغير الصوره ,لمشاهدة الصوره بحجمها الأصلي أضغط هنا.





تم تصغير الصوره ,لمشاهدة الصوره بحجمها الأصلي أضغط هنا.




ليش يـازمن !
ليش يـازمن !
الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته

بنااااااااات اقرو قصه هدايته سبحان الله فيها عظه وعبره