قصة وقصيدة
أم سلطان زوجة صالحة ، عاشت مع زوجها – الذي هو ابن عمها - بضعا وعشرين عاما ، تبني الحياة معه ، على ضيق ذات يد ، فكانت بينهما الذرية الصالحة ، والحياة الهانئة ، فما لبث الزوجان حتى فتح الله عليهما بالدنيا ، فبنيا دارا هي إلى القصر أقرب، وخطبا لابنهما سلطان وأعدا العدة لزواجه ، وبينما هي تعد العدة للانتقال في بيتها الجديد، بل حلم حياتها ، وتودع حياة الجحور، وتسعد بزفاف بكرها ، وإذا بها تفاجأ.. بأن زوجها عقد زواجه على ابنة جيرانها، فانشدخ قلبها ، وانفطرت روحها ، وأحست بالمجهول يلف حياتها ، ويبدد حلمها ، ولما لم تُجْدِ المحاولات لثني الزوج عن موقفه ، وإنما بذل من المال أنفسه وأطرفه ليتشبث بقراره ، وسارع بالدخول بعروسته الجديدة..
فقالت أم سلطان شعرا ، تخاطب زوجها ..
قـالـــوا : ملكْـتَ ولم تخالف شريعــــةً
قلنـا : الشريـعــةُ والــــهــــوى ضــــدَّانِ
قالوا : انتصرتَ ، فَـلِـطُّـبـــولِ دَوِيُّـــها
نصــــرُ الهـوى وبُـطــولــَـــــةُ الصِّبيـَـانِ
يا عاذلــــي في صنيـــــعِ ابنِ عـــامـــرٍ
نـَزْقِ الشَّــــبـابِ ، وفَـلْـتَــــــةِ الأزْمـــانِ
أحدثكم بِسِــــرِّ الحديثِ وجــــهـــــرهِِ
رمـــــــــــزًا بلا مَيْــــــنٍ ولا بُــهــتــانِ
شيــــخٌ يُرَجِّـــي الأباعـــدَ فضــلُـــــــهُ
والضِّـــدُّ مــنــــــــه بـــــــــدارِ أَمــــانِ
كــمْ شنـَّـفَ الآذانَ بالــقــــولِ واعِــــظًا
وأَطـــربَ الأسْمـــــاعَ بالسَّبــــعِ الـمثـاني
كُنـَّــا عِطاشـًـا والصَّبــــرُ مشـــــربُنــــا
نُــعَــلِّـلُ النَّفْــــسَ بالعــــــارضِ الهـتَّـانِ
أَغْـفُــو عـلـى الآمـالِ بـالأَلْوانِ زاهيـــــةً
وأَصْحُــو علـى الأَحْـلامِ تـَرسُـو بشُـــطْــآنِ
حـدَّثـَنـي بـِالحُبِّ عن داري ومملكــــتي
عـن قلبـي وعن عمـري وبالحُبِّ أَغْـــرَانـي
تقـاولْنـا تناجــيْنـا ، تفاعـلنـا تنـــاغيْنـا
تخـالفْـــنــا تعاتبــْنـا ، تبادلْنـَــا اْلأَمانـي
عانيْــنا وقاسيـْـنـا ، وبالحُبِّ تواسيــْــنا
والشَّـــــوقُ يحْــدُو لـي بــذاتِ ألْـحَــــانِ
بَنَيْـــنـا الـدَّارَ بالأَحْجـَــــارِ زاهـِـيَــــــةً
ويـَــــوْمُ النَّــقْـــــلِ يُثيــــــرُ أَشْجَــــاني
أُمَـــنِّـــــي النـَّـفْـــسَ باجْـتـمـاعِ أَفـْـراحٍ
فـرحَــــــةُ السُّكْنى وَزَفـَـــــــــافِ سُلطانِ
هذا طِيـــــبُ منزلنا ، وبالباب لــَـوْحَـتُهُ
وهذا المفـْــــرشُ الغالــي لأَعَـــزِّ إِنْسَانِ !!
تَغَانَيْنـَــــــا وَسَــــالَ المـالُ فُـعْـمــًــا()
وتَجـَـــــــــــدَّدَ النَّبْـــعُ بعـــد إِيـسَــانِ
فَجـَـــــادَتِ الدُّنْيـــَــــا بعدَ شُـــــــــحٍّ
فَــــــــراحَ لها سعـــــيُ الحبيـبِ ثَمانـي
فاستبـــــدلَ الـــــدُّوجَ القـديـمَ بـِرِنـْـــجٍ
واعْتـَـــــزلَ الأمريكي أبـدًا إلى الأَلمْــــــانِي
وقالَ يا زوجـــي وحُبـِّـــــــيَ الماضــــي
طــــــارت بـــــقلبــــي بنـتُ جيـرانــي
فهـــي داري ودربـُــــــها دربـــي وبهـا
أبيــــعُ زوجــــي وربــعـــي وخِـــلاَّنـي
قلتُ : أيـــن العهـــود منــك خلـــت ؟
قال : يا سلمى عهود الحُـبِّ بلا عـنان!!
قلتُ : أيــــــن الوفـــا والــــوُدُّ الـــذي
كــان منــــي ومنـــكَ ، أَيـــنَ المعــاني؟
قال : الوفـــــــا بالمـــال منـــه خُـــذوا
ما شئتمــــوا واتــــركوا لي بنْتَ جيرانـي
ألا مــا يَصْنــَـــعُ المَيـْــــتُ بـِمــــالٍ !!
فأنا اليـــــوم والمَـوْتــَــــــــى سِــيـَــــانِ
ودِدْتُ أن لو دفَنْـتَـنـي في التـُّــرْبِ لمــَّـا
شئــــــت ذبــــــحي يا حبيــــبَ زمان!
كنــــتَ أُمـًّـا ، كنـتَ أَبـًا ، كنتَ حِبـًّا
كنـــتَ زوجـًـا ، كنــــتَ الأَخَ الثـَّــــاني
فلَيـْـــتـَـــكَ إذ لـــــم تَرْعَ حَـقَّ مَـودَّتي
رَعَيــْـــتَ حقَّ مَيْــــتٍ في القبــر حَاني()
فَوَصَلـْــــتَ بـه رُحْمـَــــى تُثـَـابُ لهــا
يــــــومَ الجَـــزَا إِذِ الصالحـــــاتُ مثاني
كســـــرتَ ظهـــري والدمــــوعُ سوافـحٌ
والقلـــــبُ مجـــروحٌ والــــروحُ تُعـَـــانــي
فَيــَـــا دارُ .. مالـَــكِ اليـــومَ فــرحـــةٌ
فالـــــــــورْدُ شَـــوْكٌ ، والعـُــودُ شَـانــي
ويا غصــــنَ بُستانــــيَ الدانــــي ثِمـارًا
زهْــــرُكَ الأُقْــحُــــوانِ مثـلُ ريــحِ أَتـَانِ
سأحْيـَــا ما بقيـــتُ بِغُصَّــــةِ مَيـْـــــتٍ
المــــوتُ واحــــدةٌ وأنـا الزَّمـَـانَ أُعـانــي
دارُ جـــــاري جَـــــــــرْحُ قــلـــبـــــي
ودَربُ بـيـْـتـــي عَــلـــى الجــارِ كَــانـي
فـَـيـَــا رَبُّ خُـــــذْ لِـي ، واهْـدِ قَـلْـبـي
وعـَــــــافِ زَوجـِـــــــي بــِـــدارِ أَمَـــانِ
أتى العيــد ياحســـرتي والحـــــزنُ عاتٍ
فعيــدٌ بلا زوجٍ ، وزوجُ النصف جـَــــاني
قتلتَ العيـــــــــــدَ في نفسي فلا عيــــدٌ
وتكبير الناس يوم الفطـــــر أشجـــــــاني
كنتَ العيـــــــــــدَ في قلبي فلا عيـــــدٌ
ومعنـــى العيــــــــدِ في مـــرآك أبكــاني
مــات العيــــــــدُ فــي حيـِّي فلا طيــرٌ
بــه يشـــــدو ، ولا ظِـــــلٌّ لجـــــدراني
مات العيــــــــــدُ فــي روضـي فلا زهرٌ
به ينمـــــــو ، ولا مَيـْـسٌ لأغـصــــاني
أَطْفأْتَ العيـــــــدَ في دربــــي فلا نــورٌ
ونــــورُ اللَّــــهِ بالقـــــــرآن أحــيـــاني
وأَدْتَ العيــــــــد في بيتـــي فلا أنـسٌ
وطيــــــف الأنـــس يغفــو بأجــفـــاني
مسختَ العيــــــد من روحي فـلا رَوْحٌ
ودَخُّ () العـــود يــوم العيــــــد أغمــــاني
ضحكتَ .. والقلــبُ منك في طـربٍ !!
وضحكتُ ..!! والقلبُ مِنـِّـيَ في لهبــاني()
أتحسب بسمتي فرحــــةً كالأمسِ كانتْ
فإنها اليــوم هـــــزؤٌ .. بالغنـــى الفتـَّانِ
ستمضـي الحيــاةُ ،ستمضـي السـنـيــن
ويفنى الوفاءُ ، ويأتي البلاء بريح الجنانِ
:(:26::26::(
() يقال سال الوادي فُعْمًا : إذا امتلأ بالماء حتى طفح جانبيه .
() تقصد أباها الذي هو عم زوجها أيضا .
( ) الدخ : هو الدخان .
() اللهبان : توقد الجمر بغير ضرام . واللهبة أيضا : العطش وقد لهب لهبا فهو لهبان أي عطشان جدا .
وفاء1179 @ofaaa1179
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
وفيه والصمت حاكم
•
روعه وتحزن الله يصبرها يارب هذولاء الرجال مايحسبون لاحد حساب بس الله يهدي اولادها لها ويغنيها عنه
الصفحة الأخيرة