قصتي مع الانستغرام
كتبت هذه الكلمات بعد نصف عام من دخولي لعالم 'الانستغرام'، أو بالأصح بعد أن قررت إلغاء حسابي والخروج من غير عودة بإذن الله. جاء هذا القرار لما تركته الصور من أثر في قلبي ونفسي. سأبدأ قصتي من البداية دفعني الفضول وكثرة القريبات المسجلات لدخول هذا العالم واكتشافه. في البداية صدمت من أن الأغلب يظهر باسمه الحقيقي، ويعرض صورًا من حياته بكل مافيها من خصوصيات وأخطاء من غير حياء أو خوف. فبنظرة سريعة للحساب تعرف أحوال العائلة وأخبارها وحلها وترحالها. وفوق هذا تهتك المسلمة سترها وحجابها بكل سهولة؛ فترى يديها وحذاءها ولباسها وغرفتها وذوقها وصورتها وهي صغيرة مع التعليق 'ما تغيرتي'!!
هذه أولى الصدمات والمفاجآت في عالم الصور الفاتنة! فاتنة لأنها تستدرج أصحابها. ففي بداية الحساب تكون الصور بعيدة عن الخصوصية، ثم تبدأ في تصوير وعرض كل شيء حتى أجزاء من جسدها المطالبة بستره تعبدًا لله في كل مكان.
ثم بدأت ألحظ استصغار الناس للمعاصي والذنوب وعرضها والفرح بها والإعجاب بفعلها من غير حياء أو خوف من الله "إياكم والمحقرات من الذنوب". كل ذنب سيكتب عليك مهما صغر وقد سجلتيه على نفسك بتصويره وتوثيقه. والأدهى من ذلك اعتياد الناس هذه المعاصي، وعدم إنكارها بل تأييدها بالثناء على الصور الملتقطة لها. وهذا كله يكون مجاهرة بالاسم الحقيقي، وبين متابعين يعرفونها شخصيًا، وفي الحديث "كل أمتي معافى إلا المجاهرون".
ومما تعجبت منه التعود على إطلاق البصر وكأن الجميع قد نسي عبادة غص البصر "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم…"، "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن…" غض البصر واجب على الرجال والنساء. فتفاجئين في 'التايم لاين' بصورة لعارضة بفستان عاري! أو صورة رجل وسيم! كم من ذنب أكسبه بسبب هذه النظرة الإجبارية. والأكثر إيلامًا أن تُتبادل التعليقات المعجبة بالصورة جهارًا بين الفتاة وشقيقها، فهل ماتت الغيرة!!! وإن كانت هذه الصور موجودة في كل مكان فنشرك لها يحملك أنت إثم كل من رآها.
ومن العجائب في عالم الصور الفاتنة، التشبه والإعجاب الأعمى بالغرب وبلادهم وعاداتهم، أو بالأصح عباداتهم. وكل من سافر إلى بلاد الكفر محظوظ ويجب أن يستمتع ويسعد بكل ما هو جميل. وتقرأ العجب من التعليقات كأننا خلقنا للاستمتاع والسفر، ومن لمن يستطع فعل ذلك فقد خسر!!
بعد كل ما رأيت قررت الاستفادة من حسابي في الدعوة إلى الله، وإنكار ما أرى، ونشر الحسابات الدعوية الرائعة، وهي كثيرة ومفيدة وجميلة بارك الله في من يقوم عليها. وبدأت في ذلك بفضل الله. وحرصت على اختيار العبارات المؤثرة والصور الجميلة حتى تترك أثرًا، فالنفوس تتعلق بكل ما هو جميل والصورة أقرب إلى النفس من غيرها.
لكن بدأت ألحظ مع الوقت أن صور الانستغرام التي أراها كل يوم تترك أثرًا في نفسي. لم يعجبني هذا الأثر والتغير، وقد لاحظت تأثير الصور في سلوك وتصرفات من حولي أيضًا من مستخدمي هذا البرنامج. لقد غير الكثير من أفكارنا وأذواقنا. أصبحنا نميل إلى المبالغة والتبذير أحيانًا، والترف بتغيير ما لا يلزم، والمزيد من الوقت الضائع في البحث والأسواق وغيرها، كل هذا من أجل الوصول إلى الأجمل والأفضل. أصبحت الصورة والمظهر الخارجي هي الأهم والأولى. وهذا السبب الأساسي الذي جعلني أفكر في الخروج من هذا العالم (لقد علق قلوبنا بالدنيا الزائلة). وأكبر خسارة للعبد أن يتعلق قلبه بالدنيا. "اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا".
عندها قررت ترك حسابي للدعوة على أن أقطع دخولي ومتابعتي اليومية بالرغم من أنها قليلة جدًا. لكن النفس ضعيفة؛ فرأيت في رمضان أن بتر الفتنة وحذف البرنامج هو الأفضل لما رأيت من كثرة سلبياته، والفائدة القليلة المرجوة منه أستطيع إيجادها في غيره. ومن الأسباب التي دفعتني لتأكيد قراري هي الذنوب التي أجمعها كل ما فُتح 'الاكسبلورر' بالخطأ، أو كلما اضطررت له من أجل البحث، فكم من صورة آثمة نظرنا إليها تركت أثرًا في صحائفنا ونفوسنا أيضًا.
ومما آلمني ومازال يؤلمني في هذا العالم الفاتن غياب الجوانب التربوية في تصوير الأطفال. فبغض الطرف عن كثرة التصوير، فلننظر لطرق الاستعراض التي لا تمت لديننا بصلة، من تصوير الطفلة عارية أو تصوير الطفل والطفلة بوضعيات لا تليق. أي غرس سينتج لنا هذا الحال!!
أيها 'الانستغرام' فتنت قلبي وتركت فيه ثقوبًا، وعلقته بدنيا زائفة! قلبي هو أغلى ما أملك. فهو حصني بإذن الله من فتن هذا الزمان. فكيف احتمي بقلب مفتون! لذلك أقول وبقوة وداعًا لعالم الصور الفاتنة.
لكل من له (قلب حي) كتبت كلماتي هذه أسأل الله أن ينفع بها،،
أم تميم،،
راقية الفكر @raky_alfkr_1
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
رپي اغفرلي
•
الله المستعان صدقتي الله يكتب اجرك ويجزاك خير
يسعدك ربي والله صادقه للاسف الحين الناس تستعرض كل صغيره وكبيره
وحتى عيالهم طيب مايخافون عليهم
وحتى عيالهم طيب مايخافون عليهم
الصفحة الأخيرة