ورده الجوري

ورده الجوري @ordh_algory

فريق الإدارة والمحتوى

....قصـــــــة يتيمـــــــة.....عبـــــر وعظــــات...

ملتقى الإيمان

قصـــــــة يتيمـــــة





بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

حدثت يتيمة مؤمنة عن قصة حياتها فقالت ولدت بين ابوين كريمين من اهل الصلاح

والاستقامة ولكني لم اكن كسائر الاطفال الذين كانوا يستمتعون بالعيش في ظلال الوالدين

الوارفة بل لقد عشت اليتم والالم منذ ايامي الاولى والحمد لله على كل حال عشت الجوع

وعشت الخوف وكدت افقد عقلي لولا رحمة الله تعالى . لقد ماتت امي يرحمها الله وانا ابنة

ثلاث سنين ونظرا لصغر سني لم اشعر بفقدانها الا عندما اخذني والدي بعد ذلك بواسطة عمي

الى منزله اذكر هذا الحدث تماما حيث كنت جالسة وبجانبي اخ لي مات وهو صغير واذكر ان

جدتي رحمها الله واسكنها فسيح جنانه كانت تسرح شعري لتسلمني الى والدي جاء عمي

رحمه الله واخذني بوصية من ابي على حمار وذهب بي الى بيت والدي يرحمه الله لا اتذكر

الحياة التي كنت اعيشها في بيت ابي بعد وفاة امي يرحمها الله ولكنني اتذكر اني كنت اتنقل من

منزل ابي الى منزل جدتي الى ان فجعن بنبأ وفاة ابي . كانت الفاجعة بموت ابي يرحمه الله

عندما كان عمري سبع سنين لقد كان خبر وفاته نزل على راسي كالصاعقة تالم قلبي واثقلني

نبأ موته بالهموم والاحزان والاكدار وتفطر كبدي الما وحزنا على فراقه كنت امشي في طريق

ممهد الى غاية واضحة فتفجرت قذيفة فطمست معالم الطريق فاذا انا في صحراء قاحلة لا

ادري كيف امشي فيها ولا الى اين كنت في بيت يسترني عن العيون ويضللني من الشمس

ويدفع عني لفح الحر ولسع البرد وعصف الرياح فانهدم احد اعمدته فانحط فوق رؤوسنا كان

ذلك يوم مات ابي كلكم يعرف معنى كلمة مات اما جملة مات ابي فلا تعرفون ماذا كان معناها

عندي كان معناها عندي ان تلك اليد الحانية قد ذهبت وتلاشت والرحمة التي كنت اجدها منه

قد زالت وانقضت وان تلك العين التي كانت تشهر من اجلي ولقضاء حوائجي لم اعد اراها ولن

اراها هنا في دار الدنيا ابدا لا حرمني الله اياها في الاخرة لا اعلم كيف غسلوه ولا كيف كفنوه

لانهم لم يخبروني بموته الا بعد وقت طويل ما كان يرحمه الله من الوجهاء ولا من الكبراء

ولكنه كان من اهل الخير والتقى كان رجلا صالحا محبوبا من الجميع ولذا تأثر كثير من الناس

لموته رحمه الله وجعل الجنة مأواه

وقصة وفاته انه جاء ذات يوم لرؤيتي في منزل جدتي وكنت احبه حبا كبيرا لانه بقلبه الطيب

ووجهه البشوش احس انه يعوضني شيئا مما افتقدته في وفاة امي جاء والدي وكان ذلك في

يوم من ايام الصيف جاء يسأل عني فلما علمت به اختبأت بين الاشجار خوفا من أن يأخذني

الى بيته لاني كنت في بيت جدتي مطمئنة اخذوا يبحثون عني في كل مكان ولكن دون جدوى فلما

قارب الوقت على الغروب قال والدي لجدتي الوقت قد ضاق واخشى ان تفوتني صلاة الجماعة

في البلد وهذه وصيتي لكِ تجاه ابنتي ثم قدم رحمه الله لها مجموعة من الثياب وقال لقد بلغت

ابنتي السابعة ولا بد ان تتعلم كيفية الصلاة فاحرصي على تعليمها وامرها بالصلاة اذا حان

وقتها. تقول لا زلت اذكر شكل تلك الثياب التي اتى بها والدي وكانت من احسن الثياب واجملها

لقد كان والدي يرحمه الله صاحب قلب طيب كان رؤوفا بي رحيما كان يضمني الى صدره

وتذرف دموعه ويقول لي اتذكرين امك يا ابنتي؟ فاقول لا لا اتذكر . هنا يتضح بداية الالم الذي

عشته بعدما فقدت والدي انني لم ارى ابي بعد تلك اللحظات ابدا ولماذا لم اره؟ لقد فاضت

روحه الى بارئها وانتقل الى قبره فريدا وحيدا نور الله قبره واسكنه فسيح جناته وكانت قصة

وفاته انه كان ذات يوم يريد الاستعداد لصلاة المغرب ففاجأه الموت واخذه بغتة نعم لقد مات

بالسكتة قبيل صلاة المغرب التي كان يستعد لها وكان على احسن حال

نعم جائته من قبل المنون اشارة فهوى صريعا لليدين وللفم
ورمى بمحكم درعة وبرمحه وامتد ملقى كالفتيك الاعظم
هيهات ما حبل الردى محتاجة بالمشرفي ولا اللسان اللهذم
هي ويحكم امر الاله وحكمه والله يقضي بالقضاء المحكم


لقد مات والدي ولم اعلم بوفاته الا بعد شهرين . مرت الجنازة امامي ولم اكن اعرف من عليها

وكانت هنالك امراءة تنظر معي الى الجنازة وتقول هل تعرفين من هذا الميت؟ فكنت اقول وانا

في خوف عظيم خشية ان يكون هذا الميت هو ابي كنت اقول لعله احد الاعراب وهنا سكتت

ولا ادري هل كانت تعرف انه ابي او لا تعرفه ومر شهران كاملان وانا ندما اسال عن ابي

يقولون لي انه في الرياض لقد كنت احس فقد ابي والالم لا يزال يعصر قلبي طيلة هذين

الشهرين وزاد حزني والمي ما رايته من تلك الفرش التي جلبت من بيت والدي الى بيت جدتي

حيث كانت ضمن تركتي ومر بعد الشهرين يوم هو اقصى يوم مر علي في حياتي ذلك ان اخي

الاكبر دخل علي ذات يوم وانا عند جدتي يزورني فامسكت بتلابيبه وقلت له اين ابي؟ لا بد ان

اعرف اين ابي كلما قلت لكم اين ابي قلتم في الرياض! والححت عليه الحاحا شديدا فلما اقلقته

علم انه لا مخرج والحالة هذه قال ابوكي في الجنة وفي هذه الاثناء ايقنت بالامر الذي كنت

اتخوف وقوعه وعلمت ان ابي مات ولن اراه في الدنيا ابدا وماذا تقولون عن شعوري بهذا

الخبر المفجع وانا ابنة سبع سنين ماذا تقولون لقد نزل علي كالصاعقة وتمنيت ان الارض

ابتلعتني قبل ان اسمع هذا الخبر كان اخبار اخي لي عن وفاة ابي قبيل الغروب وهو الوقت

نفسه الذي مات فيه ابي نعم مات ابي وفارقنا الى دار اخرى ارجوا الله تعالى واساله ان

يجعله في منازل الابرار وفي مقاعد المتقين الاخيار فقد كان من اهل الخير والدين والاستقامة

ومن كان كذلك رجونا له السعادة والفوز في اخراه وصدق الله

(( للذين احسنوا في هذه الدنيا

حسنة ولدار الاخرة خير ولنعم دار المتقين جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الانهار

ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ))


وهنا تواصل صاحبة القصة حديثها فتقول مرت الايام واخذني

من الهموم والاحزان والالام ما لا يعلمه الا الله عز وجل مرت الايام وانا اعمل في رعي الغنم

واقوم بحصد الزرع وحمله الى المكان المعد له هكذا كانت حياتي هناك ثم مر يوم احسست فيه

بالدفء والرحمة وكان ذلك من الحيوان

كانت عندنا ناقة لها معي قصة هي اعجب من العجب كنت اذهب بها الى المرعى صباحها فاكبل

يديها حتى لا تذهب بعيدا ثم اعود الى البيت وقبيل الغروب اذهب اليها فأفك قيادها فاذا فعلت

ذلك تناخت لاركب دون ان اتكلم كلمة واحدة فاذا وصلت بها الى المكان الذي تبيت فيه هذه

الناقة استناخت مرة اخرى وكانها تشير الي ان عملي قد انتهى وعلي ان اعود الى البيت ومن

العجيب هنا ان السيارة اذا مرت وانا على ظهر الناقة انتفضت الناقة من شدة خوفها علي

وعليها ولم تسرع بالسير خشية ان يصيبني ويصيبها اذى

ومر يوم من تلك الايام ابديت فيه رغبتي في دراسة القران والححت في ذلك الحاحا شديدا فجاء

الرد انه يكفيني سورة الفاتحة هناك ابديت المي وذرفت عيناي بالدموع هنا روعيت دموعي

ومشاعري فتمت الموافقة على دراستي وهناك كنت اذهب مشيا الى احدى المعلمات كانت

كبيرة في السن ووفقني الله تعالى فحفظت ما تيسر لي من القران فلله الحمد من قبل ومن بعد .

تقول ومرت بي عدة سنين وانا اعاني من الخوف والفزع اثناء تأديتي لبعض الاعمال في الليل

حيث الظلام الحالك وسبب ذلك انني كنت جالسة مع جدتي يرحمها الله قرب بركة الماء بعد

العشاء فاذا بصوت يقلقل القلوب من شدته علمت بعد ذلك انه صوت امراءة مصابة بالجنون

هنا بدأت شدة معاناتي وانتابني شيء عظيم من الفزع لا يمكن وصفه واستمر بضعة اشهر لم

الحال على ذلك اذ تلاشى الفزع ولله الحمد عندما انتقلت الى بيت الزوجية وتركت ذلك المكان

الذي رايت فيه ما افزعني تلاشى الخوف الحمد لله شيئا فشيئا وبقى في قلبي هم لم يتزحزح بعد

عن قلبي هل تعرفون ما هو هذا الهم ذلك هو الم فقد لابي يرحمه الله ثم جاء هذان اليومان

الذان فرجت فيهما وزال عني ذلك الهم عندما رايت ابي في المنام ففي اليوم الاول رايت ابي

في النوم على نهر جار وبجانبه اشجار كثيرة فقابلته وقلت له هل انت ابي فقال نعم انا ابوكي ثم

مضى وكان رحمه الله على احسن هيئة وفي هذه الرؤيا لم تتحقق كامل امنيتي فدعوت الله

تعالى ان يرزقني رؤية ابي مرة اخرى فاستجاب الله تعالى دعائي وجاء اليوم الاخر الذي رايت

فيه ابي في المنام رايت ابي وهو في مكان طيب وهيئة حسنة وقلت له هل انت ابي؟ فقال نعم

فضممته الى صدري وقبلته فزال الهم الذي كان مسيطرا على وجداني ومشاعري وذهب ما

كنت اجده من الم الفراق وذلك نعمة عظيمة من رب العالمين فلله الحمد اولا واخرا وظاهرا

وباطنا وهنا اختم بحادثة وقعت لي مع ابي لا انساها فيها درس وعبرة ذلك انني كنت ذات يوم

والناس نائمون وقت الظهيرة قد انزلت الدلو في البئر لاخذ الماء وكاد الدلو بسبب ثقله ان

يسحبني الى البئر لولا لطف الله عز وجل هنا جاء والدي في الوقت الحرج فاخرج الدلو بيده

اليمين وامسكني بيده الشمال وانزلني في الارض ثم اكمل اخراج الدلو من البئر ثم علمني دون

ان يجرح مشاعري عندما قدم لي درسا بالفعل دون القول ليكون ابلغ في التأثير ماذا فعل؟ ذكر

اسم الله تعالى ثم ادارني على البئر فعلمت بذلك انه يريد تذكيري الا اعبث في مثل هذا الامر

الخطير مرة اخرى تلك هي قصتي ومعاناتي ارويها لكل مؤمن ومؤمنة علها ان تكون درسا

وعبرة لمن يريد الاعتبار

هذه قصة امراة مؤمنة نحسبها كذلك ولا نزكي على الله احدا سقتها لناخذ منها الدروس والعبر

لم اسقها تسلية لان القصة تذكر لاجل الاعتبار بما فيها والله تعالى يقول

(( لقد كان في قصصهم لعبرة لاولي الالباب))


وفيما ذكرت لكم هاهنا دروس اهمها

ان المؤمن بهذه الحياة مبتلى بعدة مصائب ومنها ان يعيش يتيما فيلقى الالم والحسرة واللوعة

والابتلاء سنة الهية يمتحن الله عز وجل به عباده لماذا؟ ليظهر المؤمن من غيره وهذا

الابتلاء قد يكون خيرا لصاحبه مثل اليتيم اذ هناك من عاش يتيما فوفقه الله عز وجل فجعله

اماما كما كان ابو هريرة رضي الله عنه يقول ماذا كان يقول كان يقول نشات يتيما وهاجرت

مسكينا فالحمد لله الذي جعل الدين قواما وجعل ابو هريرة اماما والامام البخاري يرحمه الله

نشأ يتيما ولكن الله تعالى وفقه حتى لقد كتب عن اكثر من الف رجل وصنف وحدث وما في

وجهه شعرة

وفي هذه الحادثة موعظة لكل شاب او فتاة لكل رجل وامراة من الله تعالى عليهم ببقاء الوالدين

ليشكر الله تعالى على هذه النعمة العظيمة ويشمر عن ساعد الجد في بر الوالدين والاحسان

اليهما وادخال السرور على قلوبهما فان وجود احدهما او كليهما نعمة عظيمة واحيانا لا

يقدرها الا من فقدها لا يعطيها قدرها من الاهتمام والرعاية الا من فجع بواحد منهما او بهما

معا كهذه اليتيمة ما احرى العبد وهو يرى اباه او امه او يرى احدهما امام عينيه ان يقدر هذه

النعمة قدرها فمن كان محسنا اليهما بارا بهما ازداد احسانا ومن كان مقصرا مهملا ان

يتدارك تقصيره واهماله ومن كان لهما او لاحدهما عاقا ان يتدارك حياته في برهما قبل ان

يندم ولا شفاعة مندم قبل ان يقول هناك في الاخرة وفي عرفات القيامة يا ليتني اعود الى الدنيا

فابر والدي يا ليتني اعود الى الدنيا فادخل السرور عليهما يقول هذا وقد عاين العذاب امامه

نعم يقول يا ليتني ولكنها الاماني التي فات وقتها فلم يعد ينفع نفسا ايمانها لم يعد ينفع نفسا

ندمها وبكاءها نعم

(( حتى اذا جاء احدهم الموت قال ربي ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما

تركت كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم تبعثون ))


يقول الامام القرطبي

يرحمه الله حياة البرزخ ما بين الدنيا والاخرة من وقت الموت الى البعث فمن مات فقد دخل

في البرزخ

ومن الوقفات هنا يقال اليتيم يا اخوان ضعيف لا حيلة له ولذلك نجد ان قساة القلوب وضعاف

الايمان يظلمون اليتيم ويعتدون على حقوقه كم سمعنا في هذا الامر من قصص تستدر الدموع

العاصية كم سمعنا عن اناس من مرضى النفوس وقساة القلوب وقع اليتيم تحت ايديهم فأذاقوه

العذاب لم يرحموا يتمه لم يستشعروا ضعفه ومسكنته وحاجته الى المعين سباب وشتم ركل

في الارجل تعذيب بالنار طرد من المنزل ليذهب اليتيم المسكين يهيم على وجهه لا يدري الى

اين يتجه الا فليتقي الله من كان هذا حاله مع اليتيم وليكن امامه

(( فاما اليتيم فلا تقهر))

وليكن امامه وهو يعتدي على مال اليتيم

(( ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما انما يأكلون

في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ))


ليتذكر ظالم اليتيم كيف كان السلف يتعاملون مع اليتيم

فليقتدي بهم نعم هذا عثمان بن عفان رضي الله عنه يرثيه كعب بن مالك ويذكر عنايته باليتيم

فيقول


كم من يتيم كان يجبر عظمه *** أمسى بمنزله الضياعُ يطوف
ما زال يقبلهم ويرأب ظلمهم *** حتى سمعت برنة التلهيف



ويذكر ابو معيق في حلة اولياء عن ابن عمر رضي الله عنهما انه كان اذا تغذى او تعشى دعى

من حوله من اليتامى فتغذى ذات يوم فارسل الى يتيم فلم يجده وكانت له سويقة محلاة يشربها

بعد غذائه فجاء اليتيم وقد فرغوا من الغذاء وبيده السويقة يشربها فناولها اياه وقال خذها فما

اراك ظلمت. ومن حجر في الاصابة يقول روى احمد بن همام عن جار له يدعى ابا يعقوب قال

كان ها هنا رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له قواب كان لا يصنع طعاما الا

دعى يتيما او يتيمين. وعمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة يرحمه الله ازدحم على بابه

الشعراء وكان منهم جرير فلم يأبه بهم عمر ولم يلتفت اليهم فوافق جرير في ظلمة عمه عون

بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي وكان ورعا فقيها فقال له جرير اذكرني للخليفة قال

عون ان وجدت في ذلك موضعا فعلت فدخل عون على عمر فسلم عليه ثم حمد الله وذكر بعض

كلامه ومواعظه ثم قال هذا جرير بالباب فأذن لجرير فدخل عليه فقال يا امير المؤمنين اني

اخبرت انك تحب ان توعظ ولا تقرى فأذن لي في الكلام فأذن له فكان مما قال


كم بالمواسم من شعثاء أرملة ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر
اذهبت خلقته حتى دعى يا رب بارك لكل الناس في عمر
ممن بعدلك يكفي فقد والده كالفرخ في الوكر لم يدرج ولم يطر


قال الراوي فترقرقت عينا عمر ثم جهز الى الحجاز عيرا تحمل الطعام الكساء والعطايا

لفقرائهم ، وفي البداية والنهاية ان عمر بن عبد العزيز خرج ابن له وهو صغير يلعب مع

الغلمان فشجه صبي منهم فاحتمل الصبي الذي فج ابنه وجاءوا به الى عمر فسمع الجلبة

فخرج اليهم فاذا امراة تقول انه ابني وانه يتيم فقال لها عمر هوني عليكي ثم قال لها عمر اله

عطاء في الديوان قالت لا قال فاكتبوه في الذرية فقالت ابنته فاطمة اتفعل هذا به وقد شج ابنك

فعل الله به وفعل في المرة الاخرى يشج ابنك ثانية فقال عمر يرحمه الله ويحك انه يتيم وقد

افزعتموه هكذا قلوب المؤمنين الصادقين الخاشعين

لا بد ان نعلم ان فقدان الابن او البنت للاب او للاب والام معا كما في قصتنا اليوم الم كبير في

صدر كل منهما ولكن هل يعني ذلك ان يجلس اليتيم مكتوف اليدين مهموم القلب حزينا على مر

الايام لا يؤدي عملا ولا يطلب علما ان ذلك حيلة من لم يؤت ايمانا بالله تعالى الذي يقدر

الامور ويفعل ما يشاء وهو الحكيم الخبير نعم ان فقدان الاب والمعيل بعد الله عز وجل مصيبة

ولكن لا يعني ذلك ان يكون اليتيم مهزوما في ميزان الابتلاء بل المسلم الصادق مع الله تعالى

يفوض الامر في ذلك الى الله عز وجل الذي يعلم السر واخفى ويقول ما ارشده الى قوله ربه

سبحانه (( وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون ))

ما جزائهم؟؟

(( اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمه واولئك هم المهتدون))

ما يدري اليتيم فلابد كان ابتلائه بفقد ابيه خير له ان صبر ولم يفزع ولم يصخب كما اخرج

مسلم في كتاب الزهد

والرقائق من صحيحه باب المؤمن امره كله خير في الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم (( عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير وليس ذاك

لاحد الا للمؤمن ان اصابته

سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له ))


وهكذا ان اراد اليتيم لنفسه

النجاة في دنياه واخراه فليتوكل على الله تعالى ولا يعجزن وليتخذ من رسول الله صلى الله عليه

وسلم وعدد كبير من سلف هذه الامة ممن عاش يتيما ليتخذ منهم قدوة صالحة تنفعه في دنياه

وفي اخراه وتكون خير معين له على مواجهة مشاق الحياة والالامها ليكن اليتيم اخذا درسا

وعبرة لشحذ الهمة من اقتفاء سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي عاش يتيما فلم يكن

يتمه مانعا له من الجد والاجتهاد حتى كان صلى الله عليه وسلم قائد البشرية ومعلم الانسانية

لقد عاش صلى الله عليه وسلم يتيما لقد مات والده وهو في بطن امه امنة ثم ماتت امه امنة

وهو ابن ست سنين ورغم ذلك كان صلى الله عليه وسلم ناجحا في حياته كلها اعظم النجاح


وما احسن قول شهاب الدين بن جلال الدين السوطي رحمه الله تعالى يقول


قبل النبيين الرسول محمد شرف يزيد وزادهم تعظيما
بر يتيم في الفخار وانما خير الال ما يكون يتيما
تاج النبيين الكرام وكلهم صلوا عليه وسلموا تسليما


اللهم صلي وسلم عليه والله قد صلى عليه كرامة فصلوا عليه وسلموا تسليما
وبدت عليه صلوات الله عليه وسلامه امارات التوفيق منذ ايامه الاولى


وبدت في رضاعه معجزات ليس فيها عن العيون خفاء
اذا اتته ليتمه مرضعات قلن ما في اليتيم عنا غلاء
فأتته من ال سعد فتاة قد اذتها لفقرها الرضعاء
ارضعته لبانها فكفتها وبنيها البانها النفساء


في هذه الحادثة اعني قصة اليتيمة ظهر حرص الرجل الصالح على البنت الصغيرة التي لم

تتجاوز سبع سنين حيث امر بتعليمها الصلاة ولبسها الملابس الساترة وفي هذا درس للناس

جميعا ان يقتدوا به وخاصة في زماننا هذا حيث كثرت الفتن وعظمت فاننا نرى من اهل الاسلام

ما يستهان باهل بيته واولاده فخرج الابن منحرفا لا يعرف صلاتا لا يؤدي حقا لا يرعى واجبا

خرجت البنت وهي تلبس الملابس الفاتنة وتكلم الرجال الاجانب قد افسدت دينها ودنياها

والسبب في هذا كله سوء التربية من الوالدين ولو حرص الوالدين على ابنائهما بنين وبنات

نصحا وتوجيها لخرج الاولاد وهم على احسن خلق واقومه لان المرء على ما عوده ابوه

وهذه القصة التي ذكرتها ابانت لنا درسا بليغا في التوجيه والتعليم يوم ادار الوالد ابنته على

البئر فقدم هنا تنبيها وتحذيرا دون ان يستخدم الالفاظ البذيئة والكلمات الشنيعة وكان له ابلغ

الاثر وفي هذا وصية لجميع المسلمين ولجميع المسؤلين لكل ولي ان يستخدم الحكمة عند

معالجته للاخطاء ويحذر من استخدام الشدة الزائدة عن حدها فانها كثيرا ما ينتج عنها اثار

عكسية كما يشهد بذلك الواقع

في هذه الحادثة ظهر اهتمام الاب بابنته بعد وفاة امها ورحمته لها وشفقته عليها وهذا صفة

نراها مفقودة كثيرا في زماننا هذا خاصة اذا كان الرجل متزوجا بأكثر من زوجة وماتت احدى

نسائه حيث يبقى الاولاد عند زوجة ابيهم هنا كثيرا ما تحدث مصاعب ومساويء تقود زمامها

زوجة الاب التي لا تخاف الله تعالى بسبب اهمال الزوج لاولاده وبسبب تصديقه لكل ما تقوله

الزوجة كم سمعنا عن قصص تدمي القلوب والله وتبكي العيون كلها بسبب اهمال الزوج لاولاده

قد يهرب الابن او البنت من زوجة الاب فيقعان في الجرائم الخلقية وسبب ذلك هو الاب

ولاحول ولا قوة الا بالله

كشفت هذه القصة قصة يتيمة عن امر مهم وهو ان من مات وهو يستعد لعمل اخروي يرجو

صاحبه بعمله اياه الله تعالى والدار الاخرة فانه يرجى له قصور السعادة في الاخرة فقد كان

والد تلك اليتيمة يريد الاستعداد والتهيء لصلاة المغرب فقبض ملك الموت روحه وهو على

هذه النية الحسنة وهذه بشرى خير لان الله عز وجل يقول

(( ان الذين قالوا ربنا الله ثم

استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن

اوليائكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة ولكم فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من

غفور رحيم ))


نقل السوطي يرحمه الله في الدر المنثور قال اخرج ابي شيبة وابن ابي حاتم عن

زيد بن اسلم في الاية ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة قال يبشر بها

عند موته وفي قبره ويوم يبعث . ونقل السوطي كذلك عن ابن ابي حاتم وابن عمر زايد في قوله

نحن اوليائكم قال وسطائكم في الدنيا لا نفارقكم حتى ندخل معكم الجنة

وفي هذه الحادثة نرى تلك الرغبة الشديدة والاقبال العظيم من تلك اليتيمة على دراسة القران

رغم يتمها رغم الامها رغم ما اصابها من الفجيعة لفقد امها وابيها سبحان الله ما اعظم الفرق

بين هذه اليتيمة وكثير من بنات زماننا هذا يسر الله عز وجل للكثير منهن سبل قراءة القران

ودراسته فاعرضن عن هذه الطرق وسلكن سبل الغواية وتلفظن طريق الاستقامة نجتهد في

هذا السبب سوء التربية من الوالدين او من احدهما فإن المرء ينشأ على ما عوده ابوه والبنت

عندما تنشأ على الدش وتطلق لها الحرية ان تفعل ما تشاء وتذهب الى حيث تشاء دون سؤال

او مراقبة فماذا يرجو ولي الامر منها خاصة في هذا الزمن الذي كثر فيه الفساد وكثر الاشرار

وذئاب البشر هنا وفي كثير من الاحيان تطرق بيوت هؤلاء المصائب من جراء اهمال البنات

ولا يفيق الاب او الام الا بعد فوات الاوان ولا حول ولا قوة الا بالله وعلى العكس من ذلك

فحينما تنشأ البنت على طاعة الله تعالى منذ طفولتها وتعود على بغض المعاصي وفعاها وتربى

على القران والسنة فان الذي عرف من خلال الواقع انها بحمد الله تعالى تكون مستقيمة من

اهل الخير تحب الايمان واهله وتبغض الفسق واهله

ونحن عندما نتأمل في قصة هذه اليتمية عندما عاشت الخوف والفزع وعندما حفر الم فراق

ابيها جرحا عميقا في قلبها ففرج الله تعالى كربها وازال خوفها والم قلبها هنا تعلم يقينا ونتذكر

ما وعد الله تعالى به عباده بانه مع العسر يسرا وبعد الشدة فرجا

وهنا نعلم كذلك ان الله عز وجل قد ييسر للعبد الضعيف من يرأف به ويعطف عليه حتى من

الحيوانات وهذا من رحمة الله تعالى ولطفه بعباده وقد وسعت رحمته سبحانه كل شيء نساله

سبحانه ان يرحمنا وان يتغمدنا برحمته الواسعة وان يكلأنا بعنايته ولطفه

واخيرا لا بد ان نعلم انه اذا كانت قصة هذه اليتيمة قد ابكت عيوننا وقربت العطف الى قلوبنا

فكيف بنا لو راينا اولئك اليتامى الذين قهرهم الكفار المجرمون كيف لو راينا اليتامى

المقهورين من قبل اولئك المجرمين في فلسطين وافغانستان وغيرهما من بلاد المسلمين كيف

لو راينا ذلك الطفل المسكين وهو يئن ويصرخ لان بيته قد انهدم على ابيه وامه واخوانه فصار

حاله


اتذكروا تلك انقاض لداري وتحت النقض امي مع بنيها
نزلت من الدمار وليس نفسي بنفس ابي وامي افتديها
اغض الطرف احيانا لمرض واياما مضت قد عشت فيها
فما ذنبي أيتم اخبروني وما ذنب البراءة قتلوها


تلك هي حال اليتامى الضائعين حال اليتامى المقهورين حال اليتامى الجائعين فاين هي منهم

ايدي المؤمنين الحانية اين هي القلوب الرحيمة اين اصحاب الاموال الهائلة اين هم من هؤلاء

الضعفاء المساكين اننا ان لم نكن معهم بكل ما نستطيعه من عطف ومن شفقة ورحمة ان لم

نكن معهم بكل ما نستطيعه من مد يد العون بالمال فلربما يأتي اليوم الذي نسال فيه غيرنا

مساعدتنا والوقوف معنا فلا نجد احدا فان الجزاء من جنس العمل ولا يظلم ربك احدا

نسألك اللهم يا رحمن يا رحيم ان تلطف بكل يتيم مشرد بكل اليتامى والضعفاء بكل المقهورين

المظلومين من المسلمين اللهم اسعفنا يا الهنا بفرج عاجل لنا ولجميع المسلمين امين وصلى

اللهم وبارك على نبيك وحبيبك محمد واله وصحبه اجمعين .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول.

لمن اراد الاستماع لشريط هذه القصه....
(( قصة يتيمة )) للشيخ عبد الحميد السحيباني



10
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نجمة الكويت
نجمة الكويت
اختي الغاليه وردة الجوري ....بارك الله فيك لهذا الطرح الطيب قصة طيبة ومؤثرة اسال الله الكريم ان لايحرمك اجرها وفقك الله وسدد خطاك لما يحبه ويرضاه يامشرفتنـــا الغاليه
زائرة
بارك الله فيك .... وجزاك عنا كل خير أختي ورده الجوري :26:
الملاك الغريب
بارك الله فيك اختى
وجعل هذه القصه في ميزان حسناتك
Pearl2004
Pearl2004
بارك الله فيك
همس الليل 2009
همس الليل 2009
بارك الله فيك:26: