اول مشاركه لي هنا في الادبيه يارب تعجبكم
يتبع
عاطلة2002 @aaatl2002
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
3 والاخيره
تطلع إلى مبنى العمارة وكأنه يودع أحداً ثم ركب السيارة وفي داخله إحساس عميق بأن خللاً ما يحرّك حدث النسيان لديه هذا اليوم •• - لم أكن متعوداً على النسيان !! •• قال ذلك دون أن يقصد السخرية من نفسه •• هناك شيء ينبغي أن يفهمه بالفعل •• هل ما حدث له نسيان ؟•• وهل التصرفات التي بدرت منه تشير إلى إحساسه الجديد بمعنى النسيان ؟•• تحرَّكت سيارته بين صفوف السيارات •• كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة صباحاً •• وصل إلى نقطة الخروج بصعوبة •• تطلع إلى السيارات مستغرباً •• فهذا الموقف الكبير وفي مثل هذه الساعـة من كل يوم يكاد يخـلو من السيارات فكيف هو مكتـظ بالسيارات اليوم بالـذات؟ ! •• حين خرج إلى الشارع العام أحس بالحركة الهادئة وشاهد المحلات المغلقة اكتشف بأن اليوم يوم عطلة •• لم ينزعج ولم يبدو عليه القلق•• ولم يعتبر ذلك نسياناً أو تصرفاً ساذجاً•• لقد مضى في طريقه وكأنه قد قرر شيئاً هاماً وهو أن يعطي نفسه الحرية الكاملة للنسيان •• فمن يدري ربما اكتشف من ذلك أشياء هامة لم يكن ليكتشفها لو لم يعط نفسه تلك الحرية ••
للكاتبه سعاد آل خليفة
تطلع إلى مبنى العمارة وكأنه يودع أحداً ثم ركب السيارة وفي داخله إحساس عميق بأن خللاً ما يحرّك حدث النسيان لديه هذا اليوم •• - لم أكن متعوداً على النسيان !! •• قال ذلك دون أن يقصد السخرية من نفسه •• هناك شيء ينبغي أن يفهمه بالفعل •• هل ما حدث له نسيان ؟•• وهل التصرفات التي بدرت منه تشير إلى إحساسه الجديد بمعنى النسيان ؟•• تحرَّكت سيارته بين صفوف السيارات •• كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة صباحاً •• وصل إلى نقطة الخروج بصعوبة •• تطلع إلى السيارات مستغرباً •• فهذا الموقف الكبير وفي مثل هذه الساعـة من كل يوم يكاد يخـلو من السيارات فكيف هو مكتـظ بالسيارات اليوم بالـذات؟ ! •• حين خرج إلى الشارع العام أحس بالحركة الهادئة وشاهد المحلات المغلقة اكتشف بأن اليوم يوم عطلة •• لم ينزعج ولم يبدو عليه القلق•• ولم يعتبر ذلك نسياناً أو تصرفاً ساذجاً•• لقد مضى في طريقه وكأنه قد قرر شيئاً هاماً وهو أن يعطي نفسه الحرية الكاملة للنسيان •• فمن يدري ربما اكتشف من ذلك أشياء هامة لم يكن ليكتشفها لو لم يعط نفسه تلك الحرية ••
للكاتبه سعاد آل خليفة
الصفحة الأخيرة
صعد إلى الشقة وفتحها وبحث عن المفتاح فوجده في المطبخ•• لقد نسيه على المائدة وهو يضع وعاء الشاي على النار ، والآن تبخر منه الماء وكاد يحترق •• قبل أن يخرج من الشقة انشغل عنه •• تحدث في الهاتف طويلاً وتأخر في الخروج وأدركه الوقت فخرج مسرعاً •• وهو الآن يلتقط المفتاح ويخرج مسرعاً ويغلق الباب وينزل على السلالم محدثاً نفسه : "- حقاً إن الأشياء تقترن ببعضها •• لقد كنت أقول في نفسي منذ قليل بأن هناك شيء مَّا استدعى مني أن أنسى مفتاح السيارة وإلا فأنا لست متعوداً على النسيان •• أنا لم أتعود النسيان بالفعل •• هل هناك أخطر من أن أتعرض لحريق يلتهم هذه الشقة •• وربما العمارة كلها !•• ألا يدعو ذلك إلى نسيان أشياء تافهة وصغيرة كمفتاح السيارة •• إذن سأعتذر لنفسي وأعتبر أني لم أنسى المفتاح أساساً وإنما قد أكون نسيت الماء على النار •• ولولا الهاتف الذي شغلني لما كنت قد تأخرت أو نزلت مسرعاً من الشقة ••"• قال ذلك وهو يهبط منتشياً بالفعل •• سعيداً بما تكشفه لحظات النزول من اندفاع •• - ياه ما أسهل النزول •• ما أجمل العودة •• ردد ذلك وهو يقترب من السيارة •• ويفتح الباب ثم يشغّل محرّكها ••ويردد تلك العبارة وكأنه يغني: ما أسهل النزول •• ما أجمل العودة ما أسهل النزول •• ما أجمل العودة ولكن ما إن وضع إصبعه على زر تشغيل المكيّف حتى توقف في داخله شيء •• فتح الباب ونزل من السيارة ووقف متطلعاً إلى مبنى العمارة : " - يا إلهي لقد نسيتُ مكيفات الشقة مفتوحة •• هل أتركها وأذهب أم أعود ثانية إلى الشقة وأتأكد تماماً من أن كل المكيفات مغلقة؟!••الجو ليس حاراً بالشكل الذي يستدعي ترك مكيفين يشتغلان ساعات طويلة ولا أحد في الشقة •• من يدري •• يا إلهي •• لقد كنتُ أقول في نفسي وأنا في الشقة منذ قليل أن النسيان ينبه إلى الأشياء الخطيرة في اللحظة المناسبة •• كدتُ أخرج من الشقة وأتركها تمتلئ بالغاز وتنفجر لولا أني نسيتُ مفتاح السيارة •• اللعنة •• ما أبشع ما يمكن أن يحدث لولا أني نسيت المفتاح •• وما أبشع ما يمكن أن يحدث لولا أني نسيت المكيفات •• ينبغي أن أتخيل ما وراء الأشياء حتى أفهم لحظاتي المنسية •• سأصعد ثانية دون أن أشعر بالمرارة هذه المرة •• سأغلق المكيفات •• وسأراقب كل شيء •• لا بأس من التأخر قليلاً طالما سيؤدي ذلك إلى تجنب حادثة وربما كارثة •• من يدري ••" • كان ينظر إلى مبنى العمارة وكأنه ينظر إلى كائن بشري ضخم •• يتطلع إلى النافذة في شقته بالطابق الرابع ويقول في نفسه : " - ربما تركتها مفتوحة •• ربما تركتُ نفسي أيضاً •• أنا لستُ أنا •• لعلّي لازلت هناك في الطابق الرابع ••" • ابتسم في سخرية واتجه صوب المبنى •• لم يكن يسرع الخطى هذه المرة •• وضع يده على عمود في مقدمة المبنى وأخذ يتحسسه ويردّد في داخله : " - حتى المباني •• نعم حتى هذا المبنى ربما يضمر لك شيئاً•• ربما لا يريد أن تخرج منه •• ربما يطلب منك أن تحدثه وترثي له •• وأن تستتب بكل الأمور وتجعلها على ما يرام •• ستعود إلى الدور الرابع وأنت متعب في هذا الصباح•• العودة هذه المرة ممتعة •• ممتعة •• لكن الصعود متعب •• وبدنك قد لا يطيق ذلك •• ولكنك ها قد رأيت بنفسك •• ما يحدث في سيارتك يحدث في شقتك والعكس صحيح أيضاً •• عليك ألا تستبعد شيئاً على الإطلاق ••" • واصل صعوده إلى الدور الثاني والثالث وتوقف أمام الشقة رقم
- 11 -
وابتسم •• وتخيل ما حدث له قبل دقائق •• أحس بأن رأسه قد فرغ من كل شيء •• كأنه لم يعد يفكر في شيء•• إنه مقتنع هذه المرة بحتمية أن يصعد إلى الطابق الرابع وقد قرر أن يبعد رأسه عن زحمة الأفكار كي لا يكرر بعض المواقف السابقة •• اقتنع بأن التفكير المستقيم في الشيء يحتِّم عدم نسيانه أما الدوران بعيداً وإثارة التفاصيل البعيدة عنه فإنه لا يقود إلاَّ إلى التصرف بلا وعي •• وهو الآن يصعد السلالم من أجل أن يطمئن على إغلاق جميع المكيفات والنوافذ وأي شيء آخر يمكن أن يكون قد نسى التأكد منه •• فقط ذلك لا غير •• تراءى له باب الشقة •• واقترب منه لكن تلاشى إحساسه بالوصول إلى هذا الباب •• كأنه لم يبذل مجهوداً وكأنه لم يقطع كل هذه السلالم مرتين في دقائق •• اقترب أكثر من الباب ووضع يده في جيبه فوجدها خفيفة خالية من المفاتيح•• " - يا إلهي نسيتُ المفاتيح في السيارة •• إنها غلطتي هذه المرة حين علّقت مفتاح السيارة مع مفتاح الشقة •• اعتقدت بأن كل الأشياء تقترن ببعضها في كل الأحيان •• هل كانت تلك غلطتي بالفعل ؟•• أم أنها غلطة أخرى لا أستطيع تحديدها الآن ؟•• من أين يبدأ خطأ نسياني ؟•• وأين ينتهي؟•• آه ما أفظع هذا السؤال••!!" • عاد أدراجه في النزول وهو يردد سؤاله المحزن •• "- من أين يبدأ خطأ النسيان •• وأين ينتهي ؟ ••
وصل إلى السيارة ومدَّ يده فأوقفها وأخرج المفاتيح وصعد للمرة الثالثة إلى الشقة فأغلق المكيفات والنافذة ودخل غرفته وراقب كل شيء بعناية وتأكد من أن كل شيء على ما يرام •• وحينئذ نزل بهدوء إلى السيارة ••
يتبع