ذات ليلة حالكة ...
قارسة البرد...
جلس رجل قد غير الزمان تقاسيم وجهه المتجعد...
تحت شعاع مصباح يضيء تارة وينطفئ أخرى...
جلس يفكر كيف عبث الزمان به...
كيف تقاذفه بين أمواجه المتلاطمة...
تذكر كيف كان المال يجري في يده جريان الماء في الشلال...
والآن لا يكاد يجد قوت يومه...
تذكر كيف كانت النساء يتوافدن إلى بيته توافُد الفراش حول مصدر الضوء...
لم يلفت نظره منهن سوى تلك المرأة ذات الشعر الجميل ...
الوجه الجميل...
العيون العسليتين...
لم يحب من كل تلك النساء سواها...
دخلت قلبه ودخل قلبها...
حبته وأحبها...
صارحها بحبه على شاطئ البحر ...
حيث شعاع غروب الشمس الجميل...
حيث الأمواج الهادئة...
حيث الرمل الدافئ...
ومنذ تلك اللحظة بدأت حياته الحقيقية ...
حياة الحب...
حياة السعادة والهناء...
تزوجها...
لم ينغص عيشهما شيء...
سوى عدم إنجاب...
لكنهم صبروا...
ومن صبر نال...
وبعد عدة سنين ...
رُزقوا بابن كان هو كل حياتهم...
عاشا أياما كانت أجمل أيام حياتهما وأسعدها...
لا حياة بلا منغصات...
عاشا عدة شهور...
وحلت بهما مصيبة القدر ...
مصيبة لا يستطيع الرجل منع دموعه من الانهمار كلما ذكرها...
مرض ولدهما بمرض حيّر الأطباء ...
أنفق كل ثروته في تلك المحاولة اليائسة على علاج ابنه الوحيد ...
لكن لا فائدة ...
استعان بكل طبيب معروف...
مات ابنه...
تجلد هو أمام أمه ...
لكن ...
لكن قلب الأم لا يستطيع التجلد أمام الغير إذا كان الأمر عن ابنها الوحيد ...
استمرت تتنهد وتبكي لشهر متواصل...
ظل الحُزن يعتصر قلبها المجروح حتى لم تعد تتحمل...
ماتت الأم ...
عندها انتهت سعادة الرجل ...
فقد كل أمله في الحياة...
كيف يواجه آلامه ؟؟...
فأصبح يجلس تحت شعاع المصباح يذكر ابنه وزوجته ويستمر في ذرف الدموع الحارة حتى يبزغ الفجر...
حتى أخذ الحُزن منه مبلغه ...
وسيطرت الهموم على قلبه...
فقرر قرارا مصيريا يُنهي حياته...
لقد قرر الانتحار...
وكان جالسا على كرسيه وتحت مصباحه...
لكنه في قراره كان موقنا أنها كانت تلك المرة الأخيرة التي يجلس في هذا المكان...
فأخذ يُطل طلته الأخيرة على منزله مُتذكرا كل اللحظات الجميلة التي قضاها ...
تذكر حين كان ابنه يلهو بألعابه ...
تذكر زوجته حين كانت تستقبله عند العودة من عمله...
بأبهى حُلّه ...
تعانقه ُمغدقة عليه كل حب...
وأدفئ حنان...
تذكرهما وسالت دموعه الحارة على خديه...
وهو يجهز كرسي انتحاره ...
وحبل مشنقته...
صعد فوق الكرسي ...
وأمسك بالحبل وقدميه ترتعش...
وقلبه معلّق بابنه وزجته ...
وحينما كان مستعدا للموت ...
توهم أن الباب يُطرق...
فل يُلقي له بالا ...
لكنه استمر في الطرق...
فنزل من على كرسيه ...
لعله يجد بصيص أمل يعيد له الحياة ...
وفتح الباب...
ويا للهول ...
يا للمفاجأة...
إنها زوجته...
لم يصدق عينيه ...
فقال لها : كيف لا زلت على قيد الحياة ...
فردت عليه بكل تعجب : وهل تعرفني أصلا؟!...
أنا توأمة زوجتك جئت لزيارتها ...
فتيقن أنها لم تكن زوجته ...
فأخبرته قضتها قائلة ...
كنت أنا وأختي - التي هي زوجتك - توأم نعيش في منزلنا مع والدنا ووالدتنا...
وعند بلوغنا العشرين من عمرنا...
توفي والدانا في حادث مروري...
أنا قررت أن أكمل دراستي في الخارج...
أما أختي فأصرت على المكوث داخل البلاد ...
والآن أكملت دراستي وعدت للوطن..
سألت عنها ...
فقالوا لي أن هذا هو منزلها وأنت هو زوجها...
فأين هي؟؟
طأطأ الرجل رأسه ...
وعلى خديه دموع حارة...
وأخرها بقصته ...
لم تتحمل الأخت الخبر ...
فسقطت مغشيا عليها...
ساعدها الرجل...
ومكث يراقبها وهي نائمة ...
حتى شكّ في شكّه ...
كم تشبه أختها ...
فقرر أن يبدأ حياته من جديد ...
لعلها تكون مثل أختها...
عندما استيقظت ...
أخبرها أنه يريد الزواج منها ...
صُعقت ...
تفاجأت ...
لكنها في ألأخير قبِلت...
تزوجا ببعض ...
تهنى الرجل في حياته ...
وأنجبا أطفالا...
وعاشا في سعادة غامرة...
قد تكون قصة من نسج خيالي...
لكنها تعلمنا أن لا يأس في الحياة
"فلا تدع اليأس يهزمك ...
لا تدعه يعزلك عن الأمل ..."
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
أم أحسن واحد
•
قصه لطيفه
وطني أجمل :** & ** لا إله إلا الله ,, محمد رسول الله** & ** لا إله إلا الله ,, محمد رسول الله
شكرآ عزيزتي - عسولة الجنوب على المشاركه
الصفحة الأخيرة