قد يتبادر إلى الأذهان سؤال :
هل يستطيع أحد البشر من أن يتحدث عن الخالق سبحانه ..؟!
:
والجواب :
لاأحد يستطيع ذلك ... إلا الأنبياء ..!
....
ونضرب مثلاً لذلك نبينا يعقوب ..
حين يتوجه لبنيه بالحديث قائلاً :
( وأعلم من الله مالا تعلمون )..
اعلم ما لاتعرفونه جميعاً ياإبنائي فقد اختصني الله بالعلم .
:
إن يعقوب يعلم ما أوحي إليه ، ومافتحه الله عليه من علم ..
( لذو علم لما علمناه )..
عطاء من الله لن يصل إليه بشر باجتهاد شخصي ..
لكن الله تعالى يهبه لمن يختاره ..
وأولئك هم الأنبياء .. !!
هم وحدهم الذين يستطيعون التحدث عن الله
وإن تحدثوا نطقوا صدقاً وقالوا حقاً ..
:
والأنبياء درجات في تلقي العلم الإلهي ..
وكلما زاد الله نبيه علماً ، كان حديثه أكمل وأعلى ...
( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ..
منهم من كلّم الله ، ورفع بعضهم درجات )..
:
درجات من المقام والعلم والمعرفة ..
وعلى هذا القياس ...
فكلما كانت درجة النبي أعلى .. كان علمه بالله أكثر
إن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..
بلغ أعلى درجات الانبياء علماً بالله تعالى ..
فحين خاطب يعقوب بنيه وبين لهم..
أنه يعلم من الله مالا يعلمونه هم ..!
كان لسان الحقيقة المحمدية ينطق..
أنه فاق جميع الأنبياء والرسل.. علماًبالله تعالى...
فإن تحدث ، وكشف عن غيوب لاسبيل إلى علمها عن الله ..
فلأن الله أطلعه عليها واختصه بعلمها :
(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ..
إلا من ارتضى من رسول ٍ ...)
:
وإليكن قطرة في بحر علم النبي صلى الله عليه وسلم ..
فلنتأمل بهذا الحديث :
( يمين الله ملأى سحّاءُ ، لايغيضها الليل والنهار ..
ارأيتم ماأنفق منذ خلق السماوات والأرض
فإنه لم يغض مافي يمينه
وبيده الأخرى الميزان يرفع ويخفض ). صحيح البخاري
:
عطاء الله .. كرم الله ..بحر الجود الإلهي ممتد ..
منذ الأزل .. إلى الأبد يجري ويسري دون انقطاع ..
ويمينه مبسوطة لعباده ..
والعباد يعيشون وينعمون في بحر نعمه ..
وفي ظل رحمته... يغرفون ويسبحون ..
ولا ينقص من بحر جوده شيئا .
:
( يمين الله ملأى...)
معاني هذه الحروف غزيرة لايحيط العقل بها فهماً
يذوقها القلب تذوقاً ، ويمتلئ بها ..
هي تظهر لنا أن عطاء الله مطلق يعم جميع خلقه ..
على جميع مراتبهم ..
كلهم يسبح في بحر جوده ..
كلهم يسبّحوا له ويحتويهم فيضه ..
وكلهم عبيده الله الرافلين في نعمه.
إن يمين الله تجري ( سحّاء )
تصب الخير صباً .. !
:
وكما البحر وما يزخر فيه من حياة..
وما يحتويه من كنوز ..
لم تنقص منه مع ذلك قطرة . .!
كذلك لاينقص السح الدائم في الليل والنهار
وعلى مدى الأزمان ..
من عطاء الله لخلقه أبداً .
:
( وبيده الاخرى الميزان ، يرفع ويخفض )
يرفع من يشاء من خلقه .. ويخفض من يشاء ..
يوسّع ويضيق على من يشاء من عباده ..
ويداول الأيام بين الناس ..
وهذا التقلب يسري بحكم الله ..
ووفق نظام عام موزون ..
لايقلب أحوال البشر لمجرد التقليب ..
بل لحكمة ولسبب .. والأمر كله سر ..
والعلم عند الله .
:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
حين يتحدث عن الله .. فإنما يتحدث من أعلى أفق ..
بالنسبة إلى جميع الأنبياء والمرسلين ..
وبالنسبة لجميع الخلق ..
:
فإن كان موسى عليه السلام كلّم ربه ..
وهو على جبل الطور ..
فإن محمداً بلغ الأفق الأعلى ..
قريباً ... قريباً من رب العلى ..
( وهو بالأفق الأعلى ،
ثم دنا فتدلى ،
فكان قاب قوسين .. أو أدنى ).
فهم الحقائق العُلى واستقرت في قلبه ..
وعلمه الله من علمه مالم يسرّه لبشر ..
ثم حين كان الرسول يريد أن يدرك الناس ...
ويفهموا شيئاً من الحقائق الربانية التي سمح الله بها
كان يدني من عقول البشر ..
ويتبسط إلى أفهامهم ..
:
حديث واحد أدلى به نبينا الكريم عن الله تعالى ..
وكم من أحاديث ربانية...
جمع فيها نبينا الحقائق فاوعى ..!
فليت الناس كلهم يدركون مفهوم وحقيقة المنزلة العلى ..
التي ماكانت لبشر أن يحظى بها ..
غير من اصطفاه الله ليطلعه على ماباح به وحيه ..
عن ذات العزة والجلال ..
وهو قاب قوسين أو أدنى
وذلك هو المصطفى صلى الله عليه وسلم .
صلوات الله وسلامه على انبياءه
...
اللهم صل وسلم على نبينا محمد ..