الدموع لغة البشر العالمية تتخاطب بها العيون..
ولا يحتاج فهمها إلى ترجمة ...فهي لغة الفرح .. ولغة الحزن ....
لغة تحقيق الأحلام والانتصارات ..
ولغة الخذلان والانكسارات ..
وأحيانا حين تشتد عبرة الحزن ، تبتسم الشفاه رفقاً بالقلب ..
ولطفاً بمن يشهد الدموع ..
«إذا رأيت كثرة دموعي في ابتسامة
فاعلم ان الدمع من كثرة الآلام .. يبتسم»
****
فأجأك السرور بحضور غير متوقع لغائب عزيز ..
أو تحقيق أمل قد يئست منه ..
أو نجاح ولد .. أو هبوط نعمة ..أوسماع خبر فاجأ قلبك بالفرح ..
رد فعلك اللاإرادي في كثير من الحالات التي تضيء القلب بهجة وسرورا
هو انهمار دموع الفرح الباردة تقر بها عيناك..
فإذا كنت سعيدة رخية البال نامت عيناك مستقرة لاستقرار قلبك .
وشعوره بالسلام والطمأنينة ..
......... .........
فقرة العين هي استقرارها لانتفاء القلق وحلول الأمان..
واستقرار العين ملازم لاستقرار القلب وشعوره بالطمأنينة
لو أردت النوم وقلبك غير مستقر وقلق فقد يجافي النوم عينيك
ولكن إذا كنت سعيدة رخية البال نامت عيناك وهي مستقرة براحة قلبك
****
و البكاء ..!ما أنواعــــــــــــــــــــــه ؟
قال يزيد بن ميسرة رحمه الله :
" البكاء من سبعة أشياء :
البكاء من الفرح ، والبكاء من الحزن ،
والفزع ، والرياء ، والوجع ، والشكر ،
وبكاء من خشية الله تعالى .. فذلك الذي تُطفِئ الدمعة منها
أمثال البحور من النار.
****
ومن القــــــــرآن ( موسى قرّة العيــــــــــــــــــــــن ) :
أحزن فراق موسى أمَّه، وأصبح قلبها فارغاً إلا منه..
خوفاًوإشفاقاً وشوقاً إليه
فرَدّه الله إليها؛ حيث رفض الرضيع أن يلقم من غير ثدي أمّه،
فقرت به عيناها وا طمأن قلبها
لسلامته ونجاته من القتل على يد فرعون، ومن الغرق في البحر
وكان ذلك إنفاذاً لوعد الله إيّاها بأن يُعيده إليها:
(فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ..).
..........
وهذه آسيا امرأة فرعون وقد وقع بصرها على الرضيع موسى
فهفا قلبها إليه وخفق بحبه فاحتضنته بسرور وحنان اجتاحا كيانها
وتوسلت فرعون أن لايقتله تحقيقاً لأمر كان قطعه ..
في قتل كل وليد لبني إسرائيل
شافعة بقولها :
( قرّت عين لي ولك ..
لاتقتلوه ! عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ..
وهم لايشعرون ).
عسى أن تقر به أعيننا .. أنت وأنا فيكون ولداً لنا ، ومبعث سرور وفخر
أدخلت في حديثها فرعون لتطري قلبه و تحبب إليه موسى
فيستجيب لرجاءها ..
وذكر أن فرعون أجابها : أما لك فنعم ، وأما لي فلا ..
فكان كذلك لها .. وله لم يكن!
وأقر الله بموسى عيناها فكان لها في الدنيا مصدر السعادة..
وأحبته حباً شديداً ، فلم يزل لها بمنزلة الولد الشفيق حتى كبر
ونبأه الله وأرسله ، فكانت من أول المبادرين بالإيمان .
و في الآخرة بلغت رفعة ، وعلو شأن ، واختصاص منزلة ،وقرة عين ٍلاتنقطع !
****
مريم وقرة العيــــــــــــن ~
كانت مريم عليها السلام مضطربةً خائفةً وحيدة
حين فاجأها المخاض عند نخلة في هضبة لجآت إليها لتضع حملها ..
وكان يتردد في ذهنها ماذا سيقول عنها قومها حين تعود ..
وهي تحمل ولداًوليس لها بعل ؟ !
وهي الشريفة العفيفة المنقطعة لعبادة الله في محرابها المستوحد ؟!
اضطرب قلبها وزاغ بصرها وفقدت السكينة والطمأنينة فهتفت في جزع :
( ياليتني متّ قبل هذا وكنت نسياً منسيّا) .. !
فنادها جبريل من مكان منخفض عنها أن لاتحزن ولا تخاف فالله يرعاها
وقد اجرى لها نهراً في متناولها وأثمر لها النخلة .. تهزها ..
فيتساقط عليها رطبا جني الثمر ..
ومن العجب أ ن تطاوعها النخلة فتستطيع وهي الضعيفة أن تهزها
وهذا غير ممكن في الواقع ولكنه فضل الله على مريم :
( فكلي واشربي وقري عيناً) لاتخافي وكلي واشربي فالله يرعاك ..!
هنالك استقرت عيناها بعد قلق واطمأن قلبها
ففاضت عيناها بدموع السكينة الباردة !
****
(وجُعِلَتْ قُرَّةُ عيني في الصَّلاةِ) ~
في دوام ذِكر الله، ومَحبّته ..
في الوقوف بين يدي الله والتفرغ لعبادته ومناجاته ..
كانت قرة عين الرسول ومستراح قلبه والتزود بالسكينة ،
وهدوء النفس واستقرار العين طمأنينة ورضا ..
ولذا كان عليه الصلاة والسلام كلما استجد جديد مما يرهق القلب
ويقلق الروح ينادي : أرحنا بها يابلال ..!
فيستريح قلبه وتقرّعيناه .
****
قرة العين والنعيم ~
قد تقول وانت تدعو لعزيز : أقرّ الله عينك !
أي أنعم الله عليك بما يرضيك
ويقالُ : فلاناًفي قرة من العين .. أي في رغد وهناء من العيش .
ولكن..! قرة العين الحقيقية ..
والتي يعجز عن تصويرها وتفسيرها عقل الإنسان هي الجنة !
حيث لاعينٌ رأت ْ ، ولا أذنٌ سمعتْ ، ولا خطر على قلب بشر ..
وكيف تتصورالعين ، أو تسمع الأذن ، مايتجاوز حدود ..
الإدراك البشري المحاط بسياج المادة ؟!!
...................
(فلا تعلم نفس ماأخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )
هنالك تكون العين مستقرة ، والقلب آمناً ،
ومواكب النعيم تتوالى ، والعطاء الإلهي لاينفذ ،
بل يتجدد بفيضوضات المباهج ومسرات القلوب ..
كيف لاتقر العين وقد انجلت أنوار رؤية وجه الكريم في قرارها
فتعلقت بالنظر إليه ونالت مافاق كل أنواع النعيم ..
ما تطيب به أنفسهم، وتُسَرُّ به أرواحهم؛
فسعادة الجنّة لا شقاء بعدها ..
وهذا النعيم الموعود لا يخطر على بالٍ، ولا يعلم به مَلك ، ولا نبي
****
والخاتمة قرة عين ~
وهي هذا الدعاء لرسول الله وقرة عين المحبين عليه الصلاة والسلام :
(اللهمَّ بعِلْمِكَ الغيبَ وقُدْرَتِكَ عَلَى الخلَقِ،
أحْيِني ما علِمْتَ الحياةَ خيرًا لِي،
وتَوَفَّنِي إذا عَلِمْتَ الوفَاةَ خيرًا لي،
اللهمَّ إِنَّي أسألُكَ خشْيَتَكَ في الغيبِ والشهادَةِ،
وأسأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا والغضَبِ،
وأسألُكَ القصدَ في الفقرِ والغِنَى،
وأسألُكَ نعيمًا لَا ينفَدُ،
وأسالُكَ قُرَّةَ عينٍ لا تنقَطِعُ،
وأسألُكَ الرِّضَى بعدَ القضاءِ،
وأسألُكَ برْدَ العيشِ بعدَ الموْتِ،
وأسألُكَ لذَّةَ النظرِ إلى وجهِكَ،
والشوْقَ إلى لقائِكَ في غيرِ ضراءَ مُضِرَّةٍ،
ولا فتنةٍ مُضِلَّةٍ، اللهم زيِّنَّا بزينَةِ الإيمانِ،
واجعلنا هُداةً مهتدين )
بما يحبه ويرضاه
سلمت يداك اختي الحبيبة فيض على هذا الطرح القيم
به من الراحة والجمال ما يضفي طراوة على القلب
سلمت يداك مرة اخري
ودمت بود وحب دائمين فيض واحة الأدب الرقراق وعطرها