تفسير الايات من سورة النمل منمن تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)
اتمنى لكن وقت ممتع مع كتاب الله الكريم و هذه الآيات و تفسيرها
{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ}
أي: قل الحمد لله الذي يستحق كمال الحمد والمدح والثناء لكمال أوصافه
وجميل معروفه وهباته وعدله وحكمته في عقوبته المكذبين وتعذيب الظالمين، وسلم أيضا على عباده الذين تخيرهم واصطفاهم على العالمين من الأنبياء والمرسلين وصفوة الله من العالمين،
وذلك لرفع ذكرهم وتنويها بقدرهم وسلامتهم من الشر والأدناس، وسلامة ما قالوه في ربهم من النقائص والعيوب.
{آللَّهُ خَيْرٌ أمَا يُشْرِكُونَ} وهذا استفهام قد تقرر وعرف، أي: الله الرب العظيم كامل الأوصاف عظيم الألطاف خير أم الأصنام والأوثان التي عبدوها معه، وهي ناقصة من كل وجه،
لا تنفع ولا تضر ولا تملك لأنفسها ولا لعابديها مثقال ذرة من الخير فالله خير مما يشركون.
ثم ذكر تفاصيل ما به يعرف ويتعين أنه الإله المعبود وأن عبادته هي الحق وعبادة

{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}
أي: أمن خلق السماوات وما فيها من الشمس والقمر والنجوم والملائكة والأرض وما فيها من جبال وبحار وأنهار وأشجار وغير ذلك.
{وَأَنْزَلَ لَكُمْ} أي: لأجلكم {مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ} أي: بساتين {ذَاتَ بَهْجَةٍ} أي: حسن منظر من كثرة أشجارها وتنوعها وحسن ثمارها،
{مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا} لولا منة الله عليكم بإنزال المطر.
{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} فعل هذه الأفعال حتى يعبد معه ويشرك به؟ {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} به غيره ويسوون به سواه مع علمهم أنه وحده خالق العالم العلوي والسفلي ومنزل الرزق.

{أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}
أي: هل الأصنام والأوثان الناقصة من كل وجه التي لا فعل منها ولا رزق ولا نفع خير؟
أم الله الذي {جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا} يستقر عليها العباد ويتمكنون من السكنى والحرث والبناء والذهاب والإياب.
{وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا} أي: جعل في خلال الأرض أنهارا ينتفع بها العباد في زروعهم وأشجارهم، وشربهم وشرب مواشيهم.
{وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ} أي: جبالا ترسيها وتثبتها لئلا تميد وتكون أوتادا لها لئلا تضطرب. {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ} البحر المالح والبحر العذب {حَاجِزًا} يمنع من اختلاطهما فتفوت المنفعة المقصودة من كل منهما بل جعل بينهما حاجزا من الأرض،
جعل مجرى الأنهار في الأرض مبعدة عن البحار فيحصل منها مقاصدها ومصالحها،
{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} فعل ذلك حتى يعدل به الله ويشرك به معه.
{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فيشركون بالله تقليدا لرؤسائهم وإلا فلو علموا حق العلم لم يشركوا به شيئا.

{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}
أي: هل يجيب المضطرب الذي أقلقته الكروب وتعسر عليه المطلوب واضطر للخلاص مما هو فيه إلا الله وحده؟
ومن يكشف السوء أي: البلاء والشر والنقمة إلا الله وحده؟ ومن يجعلكم خلفاء الأرض يمكنكم منها ويمد لكم بالرزق ويوصل إليكم نعمه وتكونون خلفاء من قبلكم كما أنه سيميتكم ويأتي بقوم بعدكم أإله مع الله يفعل هذه الأفعال؟
لا أحد يفعل مع الله شيئا من ذلك حتى بإقراركم أيها المشركون،
ولهذا كانوا إذا مسهم الضر دعوا الله مخلصين له الدين لعلمهم أنه وحده المقتدر على دفعه وإزالته،
{قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} أي: قليل تذكركم وتدبركم للأمور التي إذا تذكرتموها ادَّكرتم ورجعتم إلى الهدى،
ولكن الغفلة والإعراض شامل لكم فلذلك ما أرعويتم ولا اهتديتم.

{أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}
أي: من هو الذي يهديكم حين تكونون في ظلمات البر والبحر،
حيث لا دليل ولا معلم يرى ولا وسيلة إلى النجاة إلا هدايته لكم،
وتيسيره الطريق وجعل ما جعل لكم من الأسباب التي تهتدون بها،
{وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}
أي: بين يدي المطر، فيرسلها فتثير السحاب ثم تؤلفه ثم تجمعه ثم تلقحه ثم تدره،
فيستبشر بذلك العباد قبل نزول المطر.
{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} فعل ذلك؟ أم هو وحده الذي انفرد به؟ فلم أشركتم معه غيره وعبدتم سواه؟
{تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} تعاظم وتنزه وتقدس عن شركهم وتسويتهم به غيره.

{أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
أي: من هو الذي يبدأ الخلق وينشئ المخلوقات ويبتدئ خلقها، ثم يعيد الخلق يوم البعث والنشور؟
ومن يرزقكم من السماء والأرض بالمطر والنبات؟. {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} يفعل ذلك ويقدر عليه؟
{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} أي: حجتكم ودليلكم على ما قلتم {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
وإلا فبتقدير أنكم تقولون: إن الأصنام لها مشاركة له في شيء من ذلك فذلك مجرد دعوى صدقوها بالبرهان،
وإلا فاعرفوا أنكم مبطلون لا حجة لكم،
فارجعوا إلى الأدلة اليقينية والبراهين القطعية الدالة على أن الله هو المتفرد بجميع التصرفات وأنه المستحق أن تصرف له جميع أنواع العبادات.

و اللي يتسمع الايات بصوت الشيخ الدوسري في توقيعي
في الفلاش
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته