قنبلة التركيبة السكانية:"الوافدون يحتلون الخليج" - "سمّن كلبك يأكلك" !

الملتقى العام





هناك سؤال غائب .. فالوزير يتحدث وكأنما وزارة العمل مغلوبة على أمرها .. كيف دخل الـ 9 ملايين إلى البلاد؟

من الذي أدخلهم أصلاً .. و سمح بتنامي العدد إلى هذا الحد ؟

هل دخلت تلك الأعداد خفية أو عنوة رغم أنف وزارات العمل؟

من الذي يوظف الوافدين ألسنا نحن من يوظفهم؟

لا أقصد الشركات فقط (وهي مملوكة أو مكفولة من قبل المواطنين) بل أقصد نحن كأفراد.

أليس لكل بيت من بيوتنا خادمة أو سائق أو طباخ ؟

أليست الغالبية الساحقة من تلك العمالة الوافدة هم من العمالة غير الماهرة المسخرة في الأعمال الوضيعة التي نأنف عن ممارسة الكثير منها؟

لقد أصبح في مقابل كل مواطن أو عائلة مواطنة جيش من الخدم أو أصحاب المهن الصغيرة التي تخدمه.

وعلى كل من كان جاداً في الشكوى من تضخم اعداد الوافدين أن يبدأ بنفسه:

- لا داعي لاستجلاب خادمة أو سائق
- عليه أن يقوم بغسيل وكي ملابسه بنفسه.
-عليه أن يعتني بحديقته وينظف سيارته بنفسه.

وأما على صعيد أوسع فإننا بحاجة إلى عمال نظافة وبناء من أبناء البلاد إلخ.
نعم إن هذا الكلام يبدو تعجيزياً و لكنه الواقع الذي لا بد من علاجه قبل أن يتسع الرتق على الراقع.

ولكن في المقابل هناك من أبناء بلادنا من حملة الماجستير من اضطر للسفر للعمل في الخارج لأنه لايجد عملاً في بلده الذي يعمل فيه أناس من أكثر من 80 جنسية من جنسيات الأرض! وهناك حالات أغرب أصبح فيها المواطن وافداً في بلاده، ولكن السؤال الواجب طرحه ما هو السبب في هذه المآسي؟

جذور المشكلة

إن المشكلة ليست بهذه البساطة.

إن من التبسيط الساذج أن ننظر إلى المشكلة باعتبارها مشكلة 9 ملايين أو 4 ملايين أو مليوني وافد من المتشردين شذاذ الآفاق احتلوا ديارنا في غفلة من الزمن ونهبوا خيراتنا ، وأنه يمكن بجرة قلم طردهم لكي تعود الحياة إلى صفائها وتتطهر البلاد من رجسهم.

لابد أن نعترف بأن البلاد قد احتاجت لعمالة وافدة في مرحلة من المراحل ولكن في ظل غياب التخطيط أصبحنا نعتمد أكثر مما ينبغي على تلك العمالة، على نحو قد يعرض بعض البلدان لخطر الشلل التام في حال وقوع حرب أو كارثة أدت إلى فرار مفاجئ للعناصر الوافدة.

كما أن التنمية غير المتوازنة وغير المدروسة قد خلقت بنية تحتية ضخمة ربما لا تتناسب مع اعداد السكان ويتطلب الحفاظ عليها المزيد من الاعتماد على العمالة الوافدة.

لابد أن نعترف أيضاً بأن العمالة الوافدة مع تأثيرها السلبي على العمالة المحلية قد أصبحت الشماعة التي تغسل بها بعض الوزارات يدها من وزر تقصيرها في تعليم وتدريب وتنمية الكفاءات المحلية.

ومن جهة اخرى لابد أن نتحرر من النظرة العنصرية للعمالة الوافدة وكأنهم جميعاً لصوص وشحاذون وقراصنة جاءوا لينهبوا الثروات ويعيشوا عالة على خيرات النفط الذي من الله به علينا.

لا بد أن نعترف بوجود علاقة منفعة متبادلة وأن الكثير من أولئك الوافدين هم من اصحاب الخبرات التي خسرتها أوطانها واجتذبتها عروض العمل المغرية لدينا، وأنه شئنا أم أبينا فإن المساكن والبنايات التي نسكنها قد عجنت خرسانتها بعرق الهنود والآسيويين الذين يتكبر عليهم البعض.


سمّن كلبك يأكلك

وأخيراً نأتي إلى عنوان المقال. يبدو أننا قد استمرأنا النعمة حتى ظننا بأن النعمة التي جاءتنا قد جاءت بكدنا وذكائنا لا بفضل الله كما قال قارون الذي حكى عنه القرآن قوله:

" إنما أوتيته على علم عندي"

لقد أسكرت النعمة بعضنا فاعتقد بأنه يمن على الوافدين بأجورهم وكأنها صدقات، وأنه هو المتفضل عليهم وكأنهم يتقاضونها دون عمل وعرق مع أن الواقع شاهد على آلاف الهنود الذين تستغلهم الشركات كعمالة سخرة تعمل على مدار الساعة في مقابل 300 (ريال، درهم، 30 دينار) شهرياً ربما يتأخر سدادها عدة أشهر.

لقد أصبح بعضنا يحتقر العرق الهندي تحديداً والآسيويين من فلبينيين وأندونيسيين ،وكأنهم عبيد أو كائنات نجسة دون منزلة البشر ونسي أن أجداده في بعض أراضينا كانوا أيام الفقر يسافرون إلى الهند مغتربين طلباً للقمة العيش. إن النعم دوّارة والأيام دول ولو حل الكبر محل الشكر فإنني أخشى أن يبدل الله هذه النعمة.

نعم إن هناك خللاً في التركيبة السكانية وفي أمور أخرى أعمق أثراً دفع ثمنه الكثير من ابناء البلاد الأصليين، ولكننا نلاحظ بأن البعض يؤمن بمنطق لا نجد له اثراً في كتاب الله و لافي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو منطق مفاده أن النعمة التي تخرج في بلاده هي من حق أبناء البلد فقط وقد رزقها الله لهم وهي مسماة بأسمائهم فلا يجوز لدخيل أن يشاركهم في هذا الخير ولو في مقابل أعمال وخدمات ضخمة. ولا يختلف هذا المنطق كثيراً عن منطق أصحاب الجنة الذين حكى القرآن قصتهم في صورة القلم، إذ استكثروا تلك الثمرات التي كان أبوهم يوزعها على الفقراء (الأغراب) ، واعتبروها سبباً في نقصان الرزق،وقرروا ما رواه عنهم القرآن في قوله تعالى:

"فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين "

فكانت النتيجة العقاب المفاجئ من الله:

"فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم "

فندموا بعد فوات الأوان كما جاء في قوله تعالى:

"قالوا سبحان ربنا انا كنا ظالمين"

أجل إن هذه النعمة هي بلاء فهل ننجح في الاختبار أم نندم بعد فوات الأوان؟


إن الحق وسط بين إفراط وتفريط .. ولكن النظرة العنصرية والعصبية الضيقة جعلت البعض منا يتحدث عن الوافدين من فقراء المسلمين بنفس أسلوب المنافق عبدالله ابن أبي بن سلول، الذي أبدى قلقه من وضع التركيبة السكانية بالمدينة، واشتكى من أن الوافدين من مكة (المسلمون المهاجرون) قد زاحموهم في الخيرات فقال عبارته المشهورة :

قد نافرونا و كاثرونا في بلادنا والله ما أعدنا و جلابيب قريش إلا كما قيل "سمن كلبك يأكلك" أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل !

هناك مشكلة تركيبة سكانية لا بد من حلها .. ولكن العنصرية الجاهلية إذا دخلت في النفوس أفسدت على الإنسان آخرته فكما جاء في الحديث الشريف، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"

وعرّف الكبر في حديث آخر بأنه "غمط الناس" (أي احتقار الناس). نسأل الله أن يطهر قلوبنا من الكبر وحب الدنيا.
88
6K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ابيسة
ابيسة
بارك الله بك اختي ام عبدالله

تضايقت كثيرا من العنوان ...

و لكن اثلج صدري المقال ..

بارك الله بك اختي...

و قر عينك بولدك ...

تقبلي ودي:26:
عيوشه
عيوشه
مقاله رائعه جدا
سلمت يداك اختي
-ورد
-ورد
جزاك الله خير

كثيرون يغفلون ان مانحن فيه من خير انما هو ابتلاء

الشر والخير يبتلى الله بهم عباده
إسواره
إسواره
جزاك الله خير

كثيرون يغفلون ان مانحن فيه من خير انما هو ابتلاء

الشر والخير يبتلى الله بهم عباده
الساطعة المميزة
لا يمكنك مشاهدة هذا التعليق لانتهاكه شروط الاستخدام.
*****************