نصر

نصر @nsr_1

محرر في عالم حواء

قواعد فقهية متفرقة ( للفائدة)

الملتقى العام

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد:

القواعد الفقهية:هي حكم أغلبي ينطبق على معظم الجزئيات.

تعريف اخر:هو جملة من العلم في الفقة يندرج تحتها مسائل كثيرة.

فوائدها:

1- اختصار المسائل الكثيرة في جملة واحدة:

فلو أن المتفقة أو طالب العلم أو المفتي أراد أن يتتبع جميع الجزئيات لكل مسألة أو لكل قاعدة قبل أن يرجع الى القواعد فانه لن يستطيع أن يحيط بكل المسائل فاذا عرف قاعدة واحدة مثل قاعدة لاواجب مع العجز فسيعرف ماينطبق تحتها من الفرعيات أو التي يسميها علماء القواعد الفقهية الفروع وتبعا لهذا الاختصار يأتي اختصار الوقت الذي قد كثرت اضاعته عند بعض طلبة العلم والدعاة.

2- ضبط المسائل الفقهية الكثيرة في باب واحد أو في أبواب متفرقة:

فلو أن طالب العلم أو الداعية أو المفتي أراد أن يتتبع كل مسألة فرعية مااستطاع الا أن يضبطها في باب واحد، ففيه اختصار للمسائل، واختصار للوقت، وضبط للمسائل، لأن طالب العلم قد ينسى التفاصيل الشرعية في مثلا مسألة التخفيفات في الشريعة فيتذكر قاعدة المشقة تجلب التيسير وأن من خلال هذه القاعدة تخفيف الشريعة بالنقص أو الانتقال الى بدل مثل من لم يستطع أن يصوم فانه ينتقل الى مابعده أو من لم يستطع على جزئية من الكفارات ينتقل الى مابعدها الى اخره مما هو معلوم.

3- حتى يقيس الفقية كل مسألة جديدة من المسائل الجديدة على المسائل السابقة و يدخلها في القاعدة:

فمثلا اذا عرف المفتي أو طالب العلم أن الأصل في الحيوانات الحل الا ماورد الشرع بتحريمه وهي قاعدة معروفة، فلو نشأ عندنا حيوان لايعرف هل هو حرام أم حلال فالأصل الحل.



**نشأ هذا العلم سنة 200 للهجرة وهي مستمدة من القران والسنة والاجماع وربما من قواعد مهذبة أو مختصرة من عموم الشريعة، وقد يلتبس بالقواعد الفقهية علم مقاصد الشريعة:

مثال/ من مقاصد الشريعة الاجتماع والائتلاف، يقول الشاطبي في الاعتصام والموافقات:" كل مسألة سببت الفرقة والبغض والتناحر بين المسلمين فليست من مسائل الاسلام في شئ". وهذه تنزل على كل مسألة من المسائل ان سببت تراشق بالعبارات أو النبز بالألقاب أو الذم أو السخرية أو الاشتباك بالأيدي أو التقاتل، فاعلم أن هذه المسألة ليست من مسائل الاسلام في شئ.



من أمثلة القواعد المستمدة من القران:

قاعدة "أحل الله البيع وحرم الربا" وهذه قاعدة نص عليها بعض العلماء وهي أن كل بيع فهو حلال وكل ربا فهو حرام.

من أمثلة القواعد المستمدة من السنة:

1- قوله صلى الله عليه وسلم:" الخراج بالضمان" رواه الخمسة وفيه اختلاف لكن تلقاه العلماء بالقبول كما ذكر الطحاوي عن هذا الحديث وله شواهد يرتقي بها الى الحسن.

2- قوله صلى الله عليه وسلم:" لاضرر ولاضرار" يعني لايجوز أن توقع الضرر ابتداءا ولا أن تقابل الضرر الواقع عليك بالاضرار بالناس. وهذا الحديث رواه أحمد وابن ماجة (للتوسع فيه انظر كلام الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين النووية).



**القواعد الفقهية كثيرة جدا تصل الى المئات ولكن اختلف العلماء في أصول هذه القواعد الى كم قاعدة ترجع؟ وأرجع العلماء هذه القواعد جميعا المنثورة في الشريعة الى خمس قواعد تسمى القواعد الكلية الكبرى المتفق عليها بين أصحاب المذاهب وقد يحكي بعض العلماء الاجماع على الاتفاق عليها. وتسمى القواعد الكبرى التي يرجع كل الفقة اليها كما أن مدار الأحاديث النبوية على أربعة أحاديث أو ثلاثة عليها مدار الاسلام كما هو معلوم أيضا عند من يدرس أو يبتدئ بدراسة الأربعين النووية ويعرف كلام العلماء في حديث انما الأعمال بالنيات وأنه ثلث الاسلام ثم أحاديث بعده معلومه في بابها.











والقواعد الكلية الكبرى هي:

1- الأمور بمقاصدها.

2- اليقين لايزول بالشك.

3- العادة محكمة: يعني يرجع الى العرف عندما ينعدم النص.

4- المشقة تجلب التيسير.

5- لاضرر ولاضرار.





والقواعد الفرعية التي تتبع احدى هذه القواعد الكلية:

1-لاواجب مع العجز:

قال تعالى:"فاتقوا الله ماستطعتم" وقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة:" اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه مااستطعتم".

فالوجوب يتعلق بالاستطاعة والعاجز يسقط عنه الواجب أحيانا الى بدل وأحيانا الى غير بدل.

الأمثلة/

أ- في الصوم العاجز عنه له تفاصيل وأحكام ينتقل من الصوم الى اطعام ان كان مريضا مرضا لا يرجى برؤه، أما ان كان مريضا مرضا يرجى برؤه فانه ينتظر حتى يبرأ.

ب- وفي الصلاة من لم يستطع أن يصلي قائما يصلي قاعدا فان لم يستطع قاعدا فعلى جنب جاء في البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنه.

ج- في الحج من لم يستطع أن يأتي بأي واجب عليه من واجبات الحج فانه يسقط عنه أحيانا له بدل وأحيانا ليس له بدل.

د- في الوضوء من لم يستطع أن يأتي بالواجب عليه ينتقل الى ماسواه كما لو كان الانسان في بدنه حروق أو جروح لايستطيع أن يبلغها الماء أو يمسها الماء فانه يتيمم.

ه- المبيت بمنى هو واجب كما هو قول أكثر أهل العلم وهو الصواب فيما يتعلق بالوجوب لأنه صلى الله عليه وسلم رخص للعباس بن عبد المطلب أن يبيت خارج منى لأجل سقاية الحاج وهذه في الصحيحين عن ابن عمر لكن قد يعجز الانسان عن هذا كما لو كانت منى مكتظة بالناس والانسان لايستطيع أن يستأجر ولايسكن ولايجلس في الرصيف ولايبقى بين الناس في الطريق فهو يذهب الى ماشاء ولايلزمه أن يجلس عند اخر خيمة من خيام منى ولا يلزمه أن يجلس في نهاية اتصال الخيام وان كان يفتي به بعض أهل العلم لكن القول بعدم لزوم البقاء عند اخر خيمة كذلك يفتي به بعض أهل العلم فبما أن البقاء في منى واجب ولم يستطع الانسان عن تحصيل الواجب ينتقل الى ماشاء ولو ذهب الى الطائف أو الى جدة لابأس عليه في ذلك والله أعلم.

2-الاحرام عقد لازم لاخروج منه الا بأداء الأفعال:

سواءا كان هذا في حج أو في عمرة ومعنى لازم يعني لايفسخ الا بالأداء الشرعي للحج والعمرة.

والدليل قوله تعالى:"وأتموا الحج والعمرة لله".

واتفق أهل العلم على أن من شرع في الحج أو العمرة أنه يجب عليه اتمامها وأنه لايجوز له أن ينبذ الاحرام ولايفسخ الاحرام وأنه يجب عليه الاكمال وهذا بالاتفاق بلا خلاف وهذا بالنسبة للمكلف أما بالنسبة للصغير الذي يعقد له الاحرام ولايستطيع وليه أن يتم له الحج والعمرة أو هما معا يجوز له أن يفسخ عنه الاحرام مجانا (يعني بلا فدية) وليس على وليه شئ وهذا قول أبي حنيفة وترجيح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله الجميع لأن الصغير أصلا لم يكلف بالحج والعمرة فهو غير مخاطب بقوله تعالى :"وأتموا الحج والعمرة لله" فاذا دخل فيه ابتداءا جاز له أن يرجع عنها بدون فدية –وهذا فيما يتعلق بالحج والعمرة- أن من دخل فيهما ولو تطوعا ولو نفلا أو مستحبا وجب عليه الاتمام وأما ماعداهما من العبادات من صلاة أو صيام أو ارادة الوقف أوعزل المال لأجل الصدقة فان هذا لايلزم الشروع به ولو صلى الانسان النفل ويلحق بجماعة أخرى ان كان يريد الجماعة وهو فرد.

هذه أمثلة مالايجب عند أكثر أهل العلم اتمامه واكماله وهي كل العبادات ماعدا الحج والعمرة بالاتفاق وأما باقي العبادات فلا يجب بعد الشروع في شئ منها الاتمام وفي بعض المسائل والجزئيات خلاف بين بعض أهل المذاهب لكن هذا في الأعم الأغلب الذي يسمى في الجملة هذا قول أكثر أهل العلم. وأما ماجاء في سنن الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال لحفصة وعائشة لما أفطرتا في يوم تطوع :"اقضيا يوما مكانه" فانه ضعيف قد ضعفه الامام الترمذي بعد مارواه.





3-النية اذا تجردت عن العمل لاتكون مؤثرة في الأمور الدنيوية:

يخرج من هذا اذا كانت النية متجردة عن العمل في الأمور الأخروية فان الانسان يؤجر عليها بمجرد النية كما في صحيح البخاري عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم قال:"ان الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة". فالنية في الأمور الدنيوية لاتؤثر الا بعمل ومثال هذا اذا طلق الانسان أو باع بنيته فانه لاأثر للنية أبدا في هذا الباب فزوجته باقية والبيع يكون في ملكه مازال لم ينتقل عن ملكه الى غيره لأن النية فقط وحدها لاتؤثر في الأمور الدنيوية انما أثرها في الأمور الأخروية.

4-اذا شرع الانسان في عبادة ثم طرأ عليه عذر هل يتم عنه النائب أم لا؟

الأمثلة/

أ- اذا بدأ الانسان في الأذان ثم انقطع بسبب سعلة أو مرض أو لم يستطع أن يتم. اختلف أهل العلم اذا أتى بعده

شخص هل يكمل الأذان من حيث وقف المؤذن أو يعيد؟ على قولين لأهل العلم.

ب- اذا خطب الامام الخطبة الأولى ثم عذر وقام عنه غيره هل يتم الخطبة أو يعيدها؟ أيضا هذه محتمله. أما بالنسبة للصلاة فانه يتم اذا أقام بعده شخصا يصلي بالناس كما لو صلى الامام وكان في الركعة الأولى أو الثانية أو أي جزء من أجزاء الصلاة ثم طرأ عليه عذر وأناب أحدا فان النائب يكمل من حيث وقف الامام حتى لو كان الامام قد دخل الصلاة وهو على غير طهارة بلا فرق خلافا لبعض الحنابلة الذين يفرقون بين من طرأ عليه العذر وبين من كان قد دخل الصلاة وهو على غير طهارة فالقضية لافرق لأنه لايلزم المأموم ولو يكلف الله الناس أنهم يسألون كل امام تقدم بهم هل هو على وضوء أم لا؟ فهذا فيه تنطع فدل على أن الأمر مبناه على التيسير والتخفيف لا على التنطع والتشديد فاذا انقطع عن الصلاة أو طرأ عليه عذر فانه يخرج من الصلاة وينيب عنه.

ج- من كانت عليه أيام صيام فصام بعضها ولم يستطع أن يكمل الباقي أو مات فان الذي يصوم عنه سواءا كان وليه أو غيره يكمل.

5-الأصل براءة الذمة:

هذه قاعدة فرعية تابعة للقاعدة الكبرى اليقين لايزول بالشك وهذه قاعدة مهمة ومعناها أن الانسان بريء من أي تكليف بعبادة أو مطالبة بمال أو بدين أو بالزام أو التزام حتى يثبت عليه بيقين, فمن ادعى أن له على شخص مال أو أي التزام فانه بقوله لايقبل الا بدليل لقوله صلى الله عليه وسلم:"البينة على المدعي واليمين على من أنكر".

6- اذا تعارضت مفسدتان ولابد أن تقع احداهما على المكلف فان له أن يرتكب أخفهما عليه:

مثال/ اذا كان الانسان عنده ميتة مأكوله اللحم وعنده حمار ميت فانه يقدم المأكولة اللحم لأن أصله طاهر وطرأت عليه النجاسة أما الحمار فان أصله نجس مطلقا. فلهذا يقدم الانسان اذا اضطر لأكل ميتة أن يأكل مأكولة اللحم ثم ينتقل الى الميتة التي فيها خلاف مثل الضبع ثم الى غير مأكول اللحم مثل الحمار وكان أصله حلال ثم حرم يوم خيبر في الصحيحين عن أنس, ثم السباع (وهذا ان كانت المفسدتان لابد أن تقع احداهما فله أن يختار أخفهما).

ولذلك قال بعض علماء السلف: ليس الفقية الذي يعرف الخير من الشر لكن الفقية الذي يعرف خير الشرين(يعني أخف الشرين) وخير الخيرين (يعني أفضل الخيرين).

مثال اخر/ يجوز شق بطن المرأة اذا كان في بطنها جنين يخشى عليه من الموت وجرح بني ادم غير مأذون به أصلا ولكن جاز لمصلحة أعظم وخشية مفسدة الموت على المرأة أو على الجنين نفسه.



*قواعد تتعلق بالكلام*

7- إعمال الكلام أولى من إهماله:

يعني اذا ورد عندك نصان عن الله عز وجل أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم أو آية أوحديث في ظاهرهما التعارض ولاتستطيع أن تهمل أحدهما فالواجب أولا التوفيق بينهما كما يقول صاحب المراقي:

الجمع واجب متى ما أمكنا والا فللأخير نسخ بينا

فالواجب على طالب العلم أولا أن يجمع بأي طريقة من طرق الجمع سواءا من طريق الاسناد أو من طريق المتن أو من مرجح خارجي, وهذا يسمى علم التعارض والترجيح أو التمانع والترجيح عند علماء أصول الفقة. لكن نتكلم عن قضية الكلام فعندك قوله تعالى كلام وقوله صلى الله عليه وسلم كلام فان عملت بأحد النصين تكون قد أهملت أحدهما, فان عدم الجمع تعمل بترجيح أحدهما على الاخر, ولكن الأصل أن تعمل بهما جميعا.

مثال اخر في التفسير/ قد يكون عندك في تفسير الآية الواحدة أكثر من تفسير للسلف فخلاصة تفاسير السلف ومن بعدهم كما فصله واختصرها ابن تيمية في أمرين اما أن يكون اختلاف تنوع أو اختلاف تضاد. مثل قوله تعالى:" ثم لتسألن يومئذ عن النعيم", فبعض أهل العلم قالوا النعيم هو الماء البارد وبعضهم قال الظل وبعضهم قال نعمة الاسلام والايمان والقران. فهذه التفاسير غير متعارضة لأن المفسرين المتقدمين يعنون بذلك مجرد المثال, فمن أهم النعم الماء البارد كما ورد في بعض الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه أوى الى بستان أحد من الأنصار فقدم لهم ماءا باردا وجلسوا بالظل فقال صلى الله عليه وسلم:" ثم لتسألن يومئذ عن النعيم". وبعض أهل العلم رأى أن أعظم نعمة هي نعمة الاسلام والايمان وبعضهم رأى أنها بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم الى اخره من التفاسير التي هي من باب المثال أو التنوع ليس من باب التضاد, ولكن التضاد الذي يجعلنا لانستطيع أن نجمع بينهما ربما يكون نادر أو قليل أو غير موجود أصلا في بعض الايات, والأصل في الكلام الحقيقة ولايصار الى المجاز الا بدليل فاذا قلت مثلا رأيت أسدا فالأصل أنك رأيت أسدا حقيقيا, ولكن اذا قال الانسان رأيت أسدا يخطب فالمراد به المجاز. وهذا علم الحقيقة والمجاز معروف عند علماء البلاغة وتسمى المحسنات البديعية وهي من مسائل وأبواب أصول الفقة فاذا لم تستطع أن تأخذ الكلام على حقيقته فخذه على مجازه مثل قوله تعالى:" واسأل القرية"فكل عاقل يعرف أن المراد اسأل أهل القرية.

8- الأصل في الكلام المطلق أنه على إطلاقه حتى يرد دليل على تقييده:

فاذا ورد اليك كلام تجعله مطلقا ولاتأخذ الحيثيات ومفهوم الكلام والذي يسمى عن بعض الناس ظاهرية في الفهم أو سطحية في الفهم عند بعض المفكرين.

مثال/ لو أوصى شخص الى شخص وأعطاه مالا لشراء سيارة نوعها كذا فله أن يشتري من أي لون لكن لو قيده بلون وموديل معين فعليه أن يتقيد بما أوصاه به الوكيل أو المنيب فلو اختلفوا عند القاضي على من الصواب, فيرجع الى أصل الاطلاق فالقضية مبناها على الثقة وابراء الذمة والتحرز والتحري فيسألهما القاضي فاذا قال صاحب المال للوكيل فان كان قد أطلق فيحمل الكلام على اطلاقه والا فعل ماقيده به.

9- إذا زال المانع عاد الممنوع:

المانع عند المناطقة وهم علماء المنطق: مايلزم من وجوده العدم. فمثلا الصغر والجنون من الموانع في تسليم المال لأحدهما فلا يسلم المال للصغير والمجنون ( المال الذي به قوامه) فاذا زال السفة أعطي أحدهم ماله كما قال تعالى:" فان انستم منهم رشدا فادفعوا اليهم أموالهم".

كذلك المانع من وجوب اتمام الصلاة السفر, وكذلك المانع من وجوب الصوم في رمضان السفر, فاذا زال المانع للوجوب وجب الاتمام والصيام, وكذلك الجنون والصغر والحيض والنفاس والكفر فهذه تسمى موانع التكليف عند علماء القواعد الفقهية أو موانع الأهلية. فاذا زالت هذه الموانع وجب الالتزام بالحكم.

10- الأجر والضمان لايجتمعان:

مثال/رجل غصب مالا (كمن استأجر سيارة ولم يرجعها) ثم قبض عليه فانه لايجب عليه دفع الأجرة للمدة التي كانت فيها السلعة عنده وهذا اذا تلفت السيارة أما اذا ردها كاملة فانه يردها مع أجرة الغصب.

مثال اخر/ السارق اذا قطعت يده فانه لايضمن المسروق فيكفيه حدا أنه قطعت يده.

11- البدل لايقع في الحدود:

أي من وجب عليه حد أو جلد فانه لايسقط عنه الحد بدفع مال أيا كان المال أو اذا تبرع عنه أحد فانه لايسقط عنه الحد فلايقتل غير القاتل ولايجلد غير الشارب ولايرجم غير الزاني. وقد غضب صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد كما في الصحيحين لما قال :" أتشفع في حد من حدود الله ".

12- العقود تصح بكل مادل على مقصودها من قول أو فعل:

وهذه من قواعد شيخ الاسلام ابن تيمية. فكل عقد بين طرفين من بيع أو وقف أو إجارة أو نكاح فانه يصح بكل لفظ يفهمه أحد المتعاقدين ولم يكلف الله عز وجل الناس أن يقول أحد المتبايعين للاخر " بعت" والاخر يقول "اشتريت" وهذا لم يرد به نص لامن كتاب الله تعالى ولامن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وان كان قد اشترطه بعض الحنابلة وهذا الذي ساروا عليه في زاد المستقنع ولكنه ليس بصواب . وحتى البيع بالمعاطاة بدون لفظ فجائز وهذا قول ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو قول بعض أهل العلم من أرباب المذاهب. وحتى اجراء العقد باللغة الأجنبية يجوز وحتى بالكتابة والمراسلات ان وجدت الاثباتات. وهذا كله مما يدل على يسر الشريعة وتخفيفها ولكن بعض الحنابلة منعوا وشددوا في قضية النكاح وهو أنه لابد أن يكون بلفظ أنكحت أو زوجت ويقول وليها قبلت أو زوجتكها وعللوا بذلك أن النكاح عبادة وليس مجرد مباح فقط والعبادات لاتصح الا بالألفاظ الشرعية وبناءا عليه عندهم لايجوز أن يكون باللغة الأجنبية وبناءا عليه أيضا عندهم ( أي عند الحنابلة) فيما يتعلق بالعبادات أنها لاتكون بغير اللفظ العربي مثل الأذان وخطبة الجمعة وهذه القولية تحتاج لتفصيل أما القران فلايجوز باتفاق العلماء أن يترجم ترجمة حرفية لأنه متعبد بتلاوته وبألفاظه وحروفه. وأما بالنسبة للأذان فلايجوز أن يكون بغير العربية , وأما خطبة الجمعة ففيها خلاف ولكن الذي أفتى به بعض أهل العلم ومنهم العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى أنه يجوز أن يخطب الانسان بغير العربية لأنه لو خطب بالعربية في بلد لايحسنونها فانهم لن يستفيدوا من الخطبة.

وأما الحنابلة فألحقوا النكاح بالعبادات فلذلك استحب بعضهم أن يكون في المسجد وفي مساء الجمعة أي قبل المغرب وأن يكون في الأماكن الفاضلة مثل الحرمين, ولكن هذا لادليل عليه فالنكاح يجوز بأي لغة وحتى بدون لفظ ويكون العقد بالعربية احتراما لقول من قال بذلك من العلماء. وأما بالنسبة لباقي العقود أيا كانت فيجوز أن تعقد بغير العربية أو بأي قول أو فعل أو إشارة أو رسالة تعقد بها هذه العقود.

13- الأصل في الشروط من أحد المتعاقدين الصحة والجواز:

وهذه من قواعد شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى , فكل شرط اشترطه أحد المتعاقدين في المعاملات أو في النكاح فانه جائز ولو كان مائة شرط والدليل مافي البخاري عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :" المسلمون عند شروطهم" . وكذلك في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها في حديث بريرة لما خطب على المنبر وقال :" كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وان كان مائة شرط". والذي سبب ابطال الشروط في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها أنها ليست في كتاب الله أنها معارضة لكتاب الله. والذي يمنع كون الشرط غير مقبول اذا كان معارضا لكلام الله عز وجل أو لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في سنته فدل على أن الشروط وان كثرت تجوز وهذا قول المالكية والحنابلة أن الانسان اذا باع بيعا أو عقد عقدا له أن يشترط مائة شرط.

مثاله/ لو أنه اشترى حطبا من بائع واشترط نقله وانزاله وترتيبه في البيت فهذه الثلاثة شروط كلها تجوز.

ويقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: ليس في الفقهاء أكثر تصحيحا للشروط من الامام أحمد. ومع ذلك فالحنابلة في كتبهم يمنعون أكثر من شرط ( يعني لايجيزون أكثر من شرط واحد). والرواية الأخرى عن الامام أحمد أن جميع الشروط جائزة.

14- المأمور به أعظم من المنهي عنه:

مثال/ معصية ابليس كانت مخالفة أمر ولم يتب الله جل وعلا عليه وعاقبه ولعنه وطرده وجعل جهنم مأواه أما بالنسبة لادم فانه ارتكب النهي وتاب الله جل وعلا عليه . فدل على أن مخالفة الأمر أعظم عند الله تعالى من ارتكاب النهي.

فالذي يترك الصلاة أعظم عند الله تعالى ممن يأتي بجميع الكبائر ولابد من معرفة الأمر قد يكون مستحب وقد يكون واجب وقد يكون ركن. لكن لو كان عندك أمر ونهي على درجة واحدة أي الأمر واجب والنهي محرم فالذي يترك الأمر أعظم عند الله جل وعلا ممن يرتكب النهي.

15- إذا اجتمعت عبادتان من جنس واحد دخلت احداهما في الأخرى:

وهي العبادات التي من جنس واحد وليس بينهما تعارض.

مثال/ اذا اجتمع عيد وجمعة في يوم واحد فالقول الذي ذهب اليه بعض أهل العلم بناءا على الأدلة الشرعية أن من حضر العيد وصلى العيد ولو لم يستمع فانه تسقط عنه الجمعة ويصلي ظهرا غير مقصورة ولاتسقط عنه الظهر ولاالجمعة وان صلى الجمعة فهو أفضل وأكمل, ولم يقل أحد بالقصر وأما بالنسبة لسقوط الجمعة والظهر وأن العيد يكتفى به عن الجمعة والظهر فهذا قول عن بعض السلف, وهذا قول شاذ مردود للاجماع الذي عليه أهل العلم أن الصلوات في كل يوم وليلة خمس صلوات فهذه سبب لاسقاط فرض بنفل أو مستحب وان كان احتج به بعض أهل العلم بوجوب صلاة العيد على كل مسلم بأنها تسقط الجمعة وعند التعارض لايسقط الواجب الا واجب مثله أو أعلى منه فدل على وجوب صلاة العيد على قول عند بعض العلماء وهو قول أبي حنيفة وترجيح ابن تيمية وله وجة وقوة لأنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يخرجو الحيض وذوات الخدور أن يشهدن الخير ودعوة المسلمين( في الصحيحين عن أم عطية).

مثال اخر/ اذا اجتمع حدث أصغر وأكبر فان الغسل يكفي عن الوضوء بشرط المضمضة والاستنشاق, والمضمضة والاستنشاق يتبعان الوضوء مطلقا, وهذه رواية عن الامام أحمد وهو الصواب.

مثال اخر/ غسل الجنابة والجمعة يكفي لهما غسل واحد . وماورد عن بعض السلف من إيجاب غسلين فهذا مخالف للقاعدة التي فيها من مقاصد الشريعة أن كل مااجتمع أمران متشابهان أحدهما أعلى من الآخر يدخل الأصغر في الأكبر.

مثال اخر/شخص عليه أكثر من كفارة لعمل واحد من جنس واحد فان جميع هذه الكفارات للعمل المحدد الواحد يدخل بعضها في بعض وتكفيه كفارة واحدة الا اذا كفر عن ذنبه أو فدى كما في الحج ثم ارتكب نفس المحظور فانه يفدي مرة ثانية.

مثال اخر/ اذا سهى المصلي أكثر من مرة فانه يسجد سجدتين قبل السلام ويكتفي بهما عن كل سهو في الصلاة. وهذا العمل عليه عند أهل العلم, وأما ماجاء في الترمذي :" لكل سهو سجدتان" فهذا ضعيف ضعفه الامام الترمذي.

مثال اخر/ تكبيرة الاحرام تكفي عن تكبيرة الركوع. مثل اذا دخل المأموم مع الامام وهو راكع, لكن يجب على المأموم أن ينوي الأكبر وهو الركن وهو تكبيرة الاحرام وتكون تكبيرة الركوع تبع. وان كبر تكبيرتين تكبيرة الاحرام ثم تكبيرة الركوع سواءا برفع اليدين أو بدون بالنسبة للركوع فانه أفضل وأكمل، فيأتي بالركن ثم الواجب وان اكتفى بتكبيرة واحدة ينوي بها التكبيرة الكبرى وهي تكبيرة الاحرام.

16- المفضول قد يصبح فاضلا لمصلحة راجحة:

ذكرها ابن تيمية في فتاويه.

إن معرفة الأولى والأفضل وتقديم الأوجب هو المطلوب، بل الترتيب بين الأولويات يعد من أسباب نجاح العمل عند الاداريين وهي مأخوذة من قواعد فقهية.

مثال/ قراءة القران أفضل من الذكر ولكن أذكار الصلاة البعدية أفضل من قراءة القران لأن كل عبادة في موضعها أفضل من غيرها.

مثال اخر/ الصلاة في المنزل أفضل فيما يتعلق بالنوافل ولكن قد يعرض للإنسان إن أجل الصلاة النافلة الى البيت شغل أو نسيان أو تثاقل فالصلاة في حقة في المسجد أفضل.

ومن هذا أيضا ترك المفضول أو يعمل به تأليفا للقلوب فيما يتعلق بترك القنوت مطلقا حتى قنوت النوازل فلا تقنت عند قوم لايرون القنوت وهم الحنفية فان القنوت عندهم لايشرع بحال من الأحوال إلا في قنوت الوتر ومن العلماء من يرى القنوت مطلقا في كل فجر وهو قول الشافعية وبعض المالكية والصواب قول أهل الحديث، قول الامام أحمد وغيره أن قنوت النوازل ان نزلت في المسلمين نازلة أما قنوت الوتر فالأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يقنت فاذا كنت عند قوم من مذهب أبي حنيفة فلاتقنت عندهم أو اذا كانوا لايرون الجهر بالتأمين فلاتؤمن أو المالكية يرون أن الامام فقط يقول آمين بعد الفاتحة والمأموم لا يؤمن وكذلك رفع اليدين في تكبيرة الاحرام باتفاق المذاهب الأربعة سنة لكن باقي التكبيرات الثلاث عند الأئمة الثلاثة تشرع أما عند أبي حنيفة فلا يشرع الا التكبير الأول ( يعني رفع اليدين مع التكبير الأول وماعداه فليس بمشروع).

وكذلك الامام أحيانا يجهر بالبسملة قبل الفاتحة في القراءة الجهرية كالركعة الأولى وفي الثانية اذا كان معه قوم على مذهب الامام الشافعي ولابأس أيضا أن يجهر أحيانا وهذا قول ابن تيمية وابن القيم وقبلهما الامام أحمد رحم الله الجميع.

17- العبادة التي تفوت مقدمة على العبادة التي لاتفوت:

أحيانا قد تكلف بعمل دعوي أو عملي موسمي ( في وقته) يكون في حقك القيام به أفضل من عمل عظيم جدا في نفس الوقت, والذي جعله أفضل كون هذا الوقت هو وقته.

مثال/ اذا سمع المسلم المؤذن يؤذن وهو يقرأ القرآن فالأفضل هو الترديد مع المؤذن لأن عبادة ترديد الأذان تفوت بمجرد سكوت المؤذن الا من ترك ترديد الأذان لعذر أو كان يصلي النافلة مثلا كما في يوم الجمعة فله أن يردد وهو يصلي على قول ابن تيمية. وعند ابن تيمية قاعدة في الصلاة أن كل ذكر طرأ سببه أثناء الصلاة فانك تتلفظ به. مثاله من عطس أثناء الصلاة فانه يحمد الله وهو يصلي حتى وهو راكع لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة القرآن وهو راكع أو ساجد فقط وماعداه فقل ماشئت واذا سمع الانسان المؤذن وهو يصلي النافلة فلا بأس أن يردد معه، ولكن لو لم يردد ورجح القول الثاني وأراد أن ينشغل بالصلاة فانه يردد الأذان بعد أن ينتهي.

وكذلك تشميت العاطس مقدم على قراءة القران وان لم يكن هناك تعارض، لكن هناك بعض الناس قد يترك تشميت العاطس بحجة انشغاله بقراءة القرآن.

والطواف للغريب القادم من خارج مكة أفضل من الصلاة في مكة وهذا قول ابن عباس وأما بالنسبة للمقيم في مكة فصلاته للتراويح أفضل من طوافه والله أعلم.

18- ماكان من شعائر الإسلام الظاهرة فالقيام به يعتبر واجبا:

إما وجوبا عينيا على كل فرد أو يكون فرض كفاية. والشعائر الظاهرة: هي شعارات الإسلام وهي العبادات التي لا تخفى على أحد مثل الأذان وصلاة الجماعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأضحية وصلاة العيد.

19- كل نجس هو محرم الأكل وليس كل محرم الأكل نجسا:

النجس مثل البول والغائط ودم الحيض فهذه جميعا لا يجوز أكلها, وأما التداوي بأبوال الإبل فالأبوال والأرواث من حيوان مأكول اللحم طاهرة عند جمهور أهل العلم بل يقول ابن تيمية: لا أعلم قائلا يقول بتنجيس أرواث وأبوال مأكولة اللحم مثل الابل والبقر والغنم.

فالنجاسات جميعا لا يجوز أكله مطلقا. وجميع الدماء المنهمرة بعد الذبح نجسة وهذا ضابط في المطاعم والمشروبات فالتداوي في أي دم منهمر نجس والله عز وجل لم يجعل الشفاء فيما حرم علينا وهذه قاعدة قالها صلى الله عليه وسلم.

والأمثلة على أن ليس كل محرم الأكل نجسا هو جميع الحيوانات التي لا يؤكل لحمها, والسم محرم الأكل وليس بنجس, والحصا محرم الأكل, والتراب محرم الأكل لكنه طاهر, والطعام المسروق أيضا, والمغصوب محرم الأكل لكن لا يعد من النجاسات فلا تلازم بين النجاسة وتحريم الأكل.





والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلىآله وصحبه أجمعين




موقع الشيخ عبدالسلام العييري
4
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حفنة ضوء
حفنة ضوء
جزاك الله خير أخي ...
وبارك الله فيك ....
نصر
نصر
الاخت فرس بيضا شكراً على المرور ...
عاشقة الصداقة
بارك الله فيك ونفع بك امة المسلمين ..
نصر
نصر
الاخت عاشقة الصداقة شكراً على المرور..