
موهومةٌ هي تلك القلوب
التي تخجل من سقوط دمعتها،
وتلوذ بالصمت السحيق ..
فالبكاء زفير لركام الحزن
المتكدس في ثقوب القلب..
فالحزن محطة استشعار
تجعلنا نراقب مراحل نمو بذرة الأمل
فوق سفوح ذاتنا المتعرجة،
ونستمتع بارتشاف لحظات الانتصار
رشفة تلو الأخرى..!
فالحزن الطبيعي
أن نتألم.. ونبكي
في لحظة ضعف مُباغته
ونقوم بفلترة لانفعالاتنا،
والتخلص من ترسباتها السلبية
من خلال البكاء..
أما ما يُدخلنا في دائرة الاكتئاب
فهو بالخط العريض: مرض عُضال
يحتاج لاستئصال
ولا تنفع معه مُسكنات التخدير..!
فالحزن.. دعوة للفضفضة
لا تحتمل التأجيل
فدعوا الآخرين يفضفضون بأحزانهم،
ويغردون بأفراحهم،
ولا تجبروهم أن يواروا دموعوهم
خلف ستار القوة الزائفة..!
دعوا القلوب المُرهفة
تبوح عن خلجاتها
فحيزنا الافتراضي واسع..
فهناك قلوبٍ لا ترى قزامة حزنها
إلا حينما ترى ابتلاءات الآخرين،
وهناك قلوبٍ لاتصحو من سُبات غفلتها
إلا بعد أن تهتز أعماقها
من قرع أجراس التنبيه.
فليس خطأً أن نفضفض
ونزور مدائن البوح
ولكن الخطأ
أن نجهل قوانين الفضفضة
وننبش بمقابر الوجع
الساكن بين أرصفة القلب،
ونعبث بأعدادات الماضي المُختزلة
في ذاكرة الشقاء الراحل،
ونتخطى الخطوط الحمراء الشائكة
فيما يتعلق بأسرار غرفة النوم،
ونكون كتاباً مفتوحاً في أيدي العابثين بمشاعرنا..
فلا تجعلنا أحزاننا نُخطئ بحق أنفسنا
ونحطم قفل خصوصياتنا،
ونفضح خبايا عالمنا الخاص..
فعندما تضيق أنفاسكِ
وتكوني بحاجة ماسة لملاذٍ يحتضن أحزانكِ ومشاكلكِ
فإياكِ أن تُبعثري كل أوراقكِ،
وأن تتجردي من وشاح الغموض في أبسط خصوصياتكِ،
فهناك تفاصيل دقيقة وحساسة في حياتنا
فقط هي ملكنا
ولا يحق للآخرين الإطلاع عليها وكشف ستارها،
فلا تسمحي لفضولهم أن يغوص في عمق محيطها
فتفقد سور أمانها
وتُصيبكِ شظايا أذاها..!
أختي الحبيبة:
عندما لا تجدي تلك المرآة الصادقة
التي تعكس ضوء صداقتها على جدار قلبكِ النازف
توجهي لصديقكِ الوفي ( القلم )
أو افتحي جوالكِ أو لابتوبكِ الخاص
واتجهي لمفكرة الـــ ( word )
وفرغي مخزون ألمكِ بالكتابة
اكتبي بهدوء أو بإنفعال لا يهم
المهم أن تتدفق مشاعركِ فوق أديم البوح بعفوية
وتتخلصي من ندبات الحزن المستبدة،
ومن ثم قومي بحفظ ( فضفضتكِ )
وعودي لفتحها وقراءتها بعد يومين أو ثلاثة
ستجدين أن نظرتكِ للمشكلة قد تغيرت بشكلٍ جذري
ولم تعد معقدة كما كنتِ تنظرين إليها وقت ضيقكِ
بل ستجدينها جداً بسيطة
ولا تحتاج لحلول
أو حتى لنصيحة عابرة
فتستكين روحكِ الحائرة
ويتبدد حزنكِ الثائر..
فعند الألم يتضخم نفورنا من الأمل
وتتسع رقعة مشاكلنا رغم حدود ضررها،
ويُداهم العقل سُبات عميق
فنكون بحاجة للفضفضة
حتى لا تموت حكاياتنا
وسط زنزانة الصمت
وتتجمد احاسيسنا في عمق دموعنا.!
ومضة:
مناجاة الخالق
والتذلل بين يديه،
وانسكاب دموع الرجاء
فضفضة لا تحتاج لقوانين
ومحاكاة عقول بشرية..
يقول الشاعر:
إِذَا أَرْهَقَتْكَ هُمُومُ الْحَيَــاةِ *** وَمَسَّكَ مِنْهَا عَظِيمُ الضَّـرَرْ
وَذُقْتَ الْأَمَرَّيْنِ حَتَّى بَكَيْـتَ *** وَضَجَّ فُؤادُكَ حَتَّى انْفَجَـرْ
وَسُدَّتْ بِوَجْهِكَ كُلُّ الدُّرُوبِ *** وَأَوْشَكْتَ تَسْقُطُ بَيْنَ الْحُفَرْ
فَيَمِّمْ إِلَى اللهِ فِي لَهْفَـــةٍ *** وَبُثَّ الشَّكَاةَ لِرَبِّ الْبَشَـرْ.
حضوركِ اندلاق عطر
وقواميس زهر.!
أنرتِ الروح يا حبيبة قلب توتو
وشكراً لكِ يا ذوق.!