نسنسة

نسنسة @nsns_5

عضوة جديدة

قوت القلوب

ملتقى الإيمان

عنوان الخطبة : قوت القلوب.
﴿ الأولى ﴾
أخي الكريم ..
ألا يشعر أحدنا بوحشة في صدره ، وضيق في نفسه ؟
ألا تمر بك ساعات غلبك الخوف فيها على المستقبل وما يخفيه ؟
ألا يشعر أحدنا بشعث وقسوة في قلبه وغفلة في نفسه ؟
ألم نشعر بسآمة من وسائل التواصل الاجتماعي ، من واتساب وفيس وتويتر وغيرها ؟
هلا تسألنا ماذا أصاب القلوب ودهى النفوس ؟
لماذا نعيش وحشة في قلوبنا ؟
لماذا هذا الفتور الإيماني، والجفاف الروحي ؟
لماذا أعرضنا عن القرآن وقراءته والخلوة به ؟
أسئلة لا نهاية لها أجد نفسي مصظراً لبثّها وكشفها فهي داء خطير والسكوت عنها بلاء عظيم .
هل تعرف أخي الكريم .. ماذا فقدنا ؟
فقدنا الأنس بالله والحياة الطيبة، والراحة النفسية، حُرمنا لذة العبادة تشعبت بنا الدنيا ..
أصبحنا مشغولين بفوضى العالم على حساب فوضى أرواحنا .
ترى الواحد منّا عاكف عكوف قوم إبراهيم على تماثيلهم، يتابع القريب والبعيد والغثّ والسمين، فاستحوذت على نفوسنا وأوقاتنا وقلوبنا وبيوتنا وأولادنا بل وأمهاتنا وآباءنا وسائل التواصل الاجتماعي فغدا القلب في شعث والنفس في غفلة والروح في جفوة .
 
يا كرام .. قلوبنا بحاجة إلى تدبر في آية، وسجدة في ظلمة، ودمعة في خلوة، وصدقة في سر.
قلوبنا بحاجة إلى نفس مطمئنة، وحياة طيبة، قلوبنا بحاجة إلى سعادة نفس، وراحة قلب.
لقد أصبح الكثير منّا يشعر بالملل الدائم، والفراغ الفاحش.
أصبحنا نعاني من القلق، والأرق، والطفش، والضنك، والاكتئاب؟
ازدحمت دور الأمراض النفسية، توافد الناس على أبواب الرقاة، والمقرئين،
فشت الأمراض الشيطانية من مس، وهم، وغم، وعين، وسحر، وصرع
چ ﰈ  ﰉ  ﰊ   ﰋ  ﰌ      ﰍﰎ  ﰏ  ﰐ     ﰑ  ﰒ  ﰓ  ﰔ   چ الرعد: 28
أما علمتم أن الحديد يصدأ والقلوب تصدأ، وأنّ الزرع يظمأ والقلوب تظمأ، والأبدان تمرض والقلوب تمرض، وصدأ القلب ومرضه بالغفلة والذنب ، وحلاوته وصحته بالإستغفار والذكر.
فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكبا على قلبه وصدره بحسب غفلته ، وذكر الله قوت القلوب وحياة النفوس وغذاء الأرواح وزاد الطريق
قال أبو الدرداء t قال رسول الله r (أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: مَا شَيْءٌ أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه الألباني .
طعم السعادة وراحة العيش وطمأنينة القلب ، وانشراح الصدر ، ونور الوجه موصولة بالذاكرين الله كثيرا والذاكرات .
فذكر الله يا أهل الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج أيسر عباده على من يسرها الله عليه فأجره عظيم وجهده قليل .
ذكر الله تعالى يتميز به الحي من الميت والمؤمن من المنافق.
الذكر هو العبادة المطلوبة بلا حد ينتهي إليه قال الله تعالى چ ﯺ  ﯻ  ﯼ  ﯽ  ﯾ  ﯿ  ﰀ        ﰁ  چ الأحزاب: 41
قال البغوي يرحمه الله في تفسيره قال ابن عباس (لَمْ يَفْرِضِ الله تعالى فريضة على عباده إِلَّا جَعَلَ لَهَا حَدًّا مَعْلُومًا أعذر أهلها في حال العذر غير الذِّكْرُ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَدًّا يُنْتَهَى إِلَيْهِ، وَلَمْ يَعْذُرْ أَحَدًا فِي تَرْكِهِ إِلَّا مَغْلُوبًا على عقله فلذلك أمرهم بِهِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، فَقَالَ:
چ ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ   ﮜﮝ  چ النساء: 103 .
ولازِم  بـابَـهُ قـرعـاً عَسَاهُ​​​​سـيـفـتحُ  بابَهُ لكَ إن قَرَعتا
وأَكْـثِرْ ذكرَهُ في الأرضِ دَأباً​​​لِـتُـذْكَرَ في السماءِ إذا ذَكَرتا
تقول عائشة <: «كَانَ النَّبِيُّ r يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» متفق عليه .
قال ابن القيم ~ ( لم تستثني حاله من حالاته وهذا يدل على أنه يذكر الله في حال طهارته وجنابته ) الوابل الصيب من الكلم الطيب (1/67) .
وفي الصحيحين تقول عائشة < : «كَانَ رَسُولُ اللهِ r يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ» .
وها هي عائشة < تقول عن نفسها: «إِنِّي لَأَقْرَأُ حِزْبِي، أَوْ عَامَّةَ حِزْبِي وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ عَلَى فِرَاشِي» المصنف في الأحاديث والآثار (2/241) رقم 8571 .
الذكر ليس ساعة مناجاة محدودة في الصباح والمساء وفي المسجد أو المحراب ثم ينقلب العبد غافلا ساهيا يعبث بالشهوات والمحرمات ويغدو في المعاصي واللغو والغيبة والآفات .
الذاكر لله هو الذي يراقب ربه في كل حال وحيثما كان فإذا ظلم نفسه ذكر الله .
الذاكر إذا مسّه طائف من الشيطان ذكر الله .
الذاكر إذا دعته امرأة ذات منصب وجمال ذكر الله .
الذاكر إذا زلت به القدم فزل وضل ذكر الله .
ذكر الله تعالى يجيء للإنسان في حال فراغه إذا ضعفت النفس وسرح الفكر وضرب القلب في ميادين التيه والوهم فيذكر العبد ربه يذكر من خلقه ؟ من رزقه ؟ من ربّاه ؟ من ستره ؟ من أكرمه ؟ من كساه وأواه ؟ فإذا ذكر ربه أحس بطمأنيّنة ورقّة في قلبه، ودمعة في عينه لعلّه أن يكتب في ديوان السبعة الذين يظلهم الله في ظله، رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ) متفق عليه .
تقول عائشة < كما في شعب الإيمان للبيهقي وحسنه الألباني في صحيح الجامع أن النبيr قال : " مَا مِنْ سَاعَةٍ تَمُرُّ بِابْنِ آدَمَ لَمْ يَذْكُرِ اللهَ فِيهَا إِلَّا تَحَسَّرَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
ويقول مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ t: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ عَمَلًا قَطُّ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ» رواه أحمد في المسند وصححه الألباني .
لا إله إلا الله كم من ساعات بل أوقات وأعمار تمر في غفلة ونسيان وتحت أسر أجهزة تقنية استحوذت على أنفس أوقاتنا 38
فطوبى لمن ذكر الله في ليله ونهاره، وفي برّه وبحره، وفي صحته وسقمه، وفي سره وعلانيته .
والله إن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى .
والله إن في القلب شعثا لا يلمه إلا ذكر الله  .
والله إن في القلب ظلمة لا تنكشف إلا بذكر الله .
والله إن في القلب ضعفا لا يقوى إلا بذكر الله  .
ذكر الله يكسو الوجه نضرة في الدنيا ونورا في الآخرة .
قال بعض السلف مرّ محمد بن سيرين يرحمه الله في السوق فما رآه أحد إلاّ ذكر الله .
وكان أيوب السختياني إذا دخل السوق، ورآه أهل السوق سبحوا وهللوا وكبروا؛ لما يرون على وجهه من أنوار الطاعة والعبادة .
والله يا عباد الله ما طابت الدنيا ولا طابت الآخرة إلا بعفوه ولا طابت الجنة إلا برؤيته .
فاللسان الغافل عن ذكر الله كالعين العمياء والأذن الصماء واليد الشلاء .
هل علمت أن الجبال والقفار تتباهى وتستبشر بمن يذكر الله عليها قال عبدالله بن مسعود t : " إِنَّ الْجَبَلَ يُنَادِي الْجَبَلَ بِاسْمِهِ يَا فُلَانُ هَلْ مَرَّ بِكَ الْيَوْمَ لِلَّهِ ذَاكِرٌ اسْتِبْشَارًا بِذِكْرِ اللهِ " شعب الإيمان (2/72) .
يقول يحي بن معاذ الرازي ( يا غفول يا جهول لو سمعت صرير الأقلام وهي تكتب اسمك عند ذكرك لمولاك لمتّ شوقا إلى مولاك .
فمن ذكر الله ذكره الله يقول أَبو هُرَيْرَةَ t : قَالَ رَسُولُ اللهِ r : « يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ،ِ» متفق عليه .
لذا كان r لا يفتر عن ذكر الله طرفة عين فيذكر الله في كل أحيانه .
وهكذا عاش السلف فهذا حسان بن عطية يرحمه الله كان إذا صلى العصر جلس يذكر الله في المسجد حتى تغيب الشمس .
وقيل لعمير بن هانئ يرحمه الله ما نرى لسانك يفتر عن ذكر الله فكم تسبح كل يوم قال مائة ألف تسبيحة إلا أن تخطئ الأصابع .
وكان أبو هريرة رضي الله عنه يسبح كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة ) .
وكان ابن تيمية يرحمه الله يقول لتلميذه الوفي ابن القيم يرحمه الله لا أترك الذكر إلا بنية إجمام النفس وإراحتها لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر).
(الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) .
فو الله لا يهنأ العيش ولا يتذوق العبد السعادة إلا من عاش مع الله واطمأن بذكر الله .
ونحن مكلفون ومطالبون أن نذكر الله كثيرا لماذا ؟
لأن الإنسان في هذه الدنيا تشغله مطالب نفسه ومطالب أهله وولده ، تشغله المظاهر الخلابة والحركة الدؤوبة، تستحوذ عليه الشهوات والمغريات التي لا نهاية لها فالذكر لله تعالى هو النور في الظلمة والإنشراح في الضيق ومن أحب شيئا أكثر من ذكره .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ......
﴿ الثانية ﴾
يقول عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ t : خَرَجْنَا فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ r يُصَلِّي لَنَا، قَالَ: فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: قُلْ فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: قُلْ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، قَالَ: قُلْ، فَقُلْتُ، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
هذه وقاية حسية ومعنوية لأمراض القلوب والأبدان فأذكار الصباح والمساء، والطعام والشراب والمنام والإستيقاظ والدخول والخروج وقاية بإذن الله من حمى الضنك وكورونا وشياطين الإنس والجن .
فإِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ) متفق عليه .
إذا أصبحت وإذا أمسيت فتحصن بأذكار الصباح والمساء وحصّن أهل بيتك وأولادك وأحفظها وحافظ عليها، فأذكار للخلاء، واللباس، والصحّة، والسقم، أذكار للدنيا وهمومها ، والديون ومغارمها، أذكار للنكاح، والمولود، والمفقود ، أذكار للرزق، والمعاش .
أوراد، وأذكار، ودعوات مقرونة بتعاطي الأسباب، والكدح المشروع في طلبها فحافظ على الأذكار والأوراد أدبار الصلوات، وفي الصباح والمساء، وفي الخلوات، ففي القلب خلة وفاقه لا يسدّها شيء إلا ذكر الله تعالى .
2
355

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ليتك تعود لوفاك
ليتك تعود لوفاك
جزاك الله خير
اور 22
اور 22
جزاك الله خير