ذِكْرُ اللهِ عزَّ وجل قوت للقلوب ، وقرَّة للعيون ، وسرور للنفوس ، به تُجلب النِعَم وتُدفع النِقَم ؛ فهو نعمة عظمى ومنحة كبرى ، له لذَّة لا يُدركها إلاَّ من ذاقها ، عبَّر عنها أحدهم فقال : " والله إنا لفي لذَّةٍ لو عَلِمَ بها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف " .
و الحياة في رحاب الذكر ؛ ألا هي حياة اللسان ، وتتمثل هذه الحياة في الوصيَّة الغالية التي وصَّى بها الحبيب صلَّى الله عليه وسلَّم أحد أصحابه قائلاً : " لا يزال لسانك رطباً بذكر الله " رواه الترمذي .. وقال صلَّى الله عليه وسلَّم : " أحبُّ الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطبٌ من ذكر الله " رواه ابن حبان والطبراني عن معاذ .
والرطوبة في الزرع علامة على النضارة والاخضرار والحياة ، ورطوبة اللسان علامة على استمرار مقوِّمات الحياة له ، وعكس الرطوبة اليَبَس والجمود ، وهو يعني التحجُّر والموت والقساوة .
ومن مظاهر الحياة في رحاب الذكر حياة العينين ، وعلامة هذه الحياة الدمع من خشية الله . كما ذكر صلَّى الله عليه وسلَّم من السبعة الذين يظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلاَّ ظِلُّه " ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " .
ولكن الإنسان من طبعه الغفلة والنسيان . وما أتعسه إذا نسي ربه ؛ فيكون الجزاء من جنس العمل كما أخبر تعالى { نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ } ؛ وما أقساها عقوبة ! وما أشده جزاء ! فيا شقاء من نسيه الله ؛ فلن يكون له ذِكْرٌ في الأرض ولا في الملأ الأعلى ؛ فهو من الضائعين في الدنيا والآخرة .
ولذلك قال تعالى : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } .. فنسيان آيات الله في الدنيا سبب لنسيان العبد في الآخرة . والأشد من ذلك أن يُنسي اللهُ العبدَ نفسه ؛ ولذلك حذَّر سبحانه وتعالى عباده فقال : { وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ } .
استقصاء الذاكرين
في ظل هذه الحياة وماديتها الطاغية على المسلم أن يقف مع نفسه ويراجع حاله مع ربه ؛ حتى لا ينسيه الشيطان ذكر ربه فيكون من الهالكين . وهذه دعوة للوقوف مع النفس يعرض فيها كلٌ منا نفسه على هذه الأسئلة . ويجيب عليها بصدق بينه وبين نفسه .
فإن كانت إجابته " نعم " فهو على خير فليحمد الله تعالى وليزدد مما هو فيه ، وإن كانت الإجابة " أحيانا " فقد أوشك على الخطر فليحذر أن يقع فيه ، وإن كانت الإجابة " لا " فهو على خطر فليأخذ نفسه بالحزم قبل أن يصبح في عداد الضائعين المنسيين :
السؤال الأول : هل لك ورد قرآني ثابت تحافظ عليه ؟ .
السؤال الثاني : هل تحرص على معرفة معاني ما تقرأ من آيات لتعيها ؟ ..
السؤال الثالث : هل تدمع عيناك في أثناء التلاوة رغبة ورهبة ؟ .
السؤال الرابع : هل تحرص على الأذكار المأثورات ؟ .
السؤال الخامس : هل لك ورد من الذكر والاستغفار ؟ .
السؤال السادس : هل تذكر أنك ذكرت الله خاليا ففاضت عيناك ؟ .
السؤال السابع : أتذكر أنك أقدمت على معصية فذكرت الله فأقلعت عنها ؟ .
السؤال الثامن : هل لك نصيب من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة يوم الجمعة ؟ .
السؤال التاسع : هل تستغفر الله كل يوم من ذنوبك ؟ .
السؤال العاشر : هل أصابتك مصيبة فقلت " إنا لله وإنا إليهراجعون " ؟ .
السؤال الحادي عشر : هل تتذكَّر هذا الدعاء إذا خِفْتَ على نفسك الرياء " اللهُمَّ إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا أعلمه ، وأستغفرك لما لا أعلمه " ؟ .
السؤال الثاني عشر : هل تسعى لتزويد غَرْسِك في الجنة بالإكثار من قول : " سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم " ؟ .
السؤال الثالث عشر : هل تحرص على أن تقول بعد الوضوء : " أشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " ؟ .
السؤال الرابع عشر : هل تحرص على الجلوس بعد صلاة الفجر في جماعة تذكر الله حتى شروق الشمس ؟ .
السؤال الخامس عشر : هل تتذكر إخوانك المؤمنين في ذكرك فتستغفر لهم ؟ .
إخواني الأحبة .. لا تحرموا أنفسكم من أطيب ما في هذه الدنيا . وليس فيها أطيب من ذكر الله تعالى . واحذروا أن يطلع الله عليكم فيكتبكم في عداد من نسوا الله فنسيهم ـ نعوذ بالله من ذلك .
( نقلاً عن موقع : إسلام أون لاين )

غربة مؤمن @ghrb_momn
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

كل الأمل
•
جزاك الله خيراً



الصفحة الأخيرة