كارثة .. كـــارثة .. من لهـــــــــــــا

بسم الله الرحمن الرحيم




د. نورة خالد السعد


انشغل العالم بكارثة إعصار كاترينا وتدميره مدناً أمريكية وتشريد مواطنيها وموت عشرة آلاف منهم وما يقارب المليون لاجئ في الاستاد الرياضي المغطى.. والكوارث الطبيعية لا تفرق بين دول غنية وأخرى فقيرة..
وتابعت القنوات العربية هذه الكارثة وغابت عن المشاهدة كارثة النيجر الدولة المسلمة التي تواجه المجاعة من جراء الجفاف وأسراب الجراد والمعاناة هناك تطال ثلاثة ملايين مسلم افريقي من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال والآف منهم لقوا حتفهم والكارثة ازدادت سوءاً منذ اعلان طلب المعونة من دول العالم ومن المنظمات العالمية وكان ذلك في شهر ابريل عام 2004م ولم تسهم في هذه المعونة على المستوى الدولي سوى دولة المغرب وماليزيا وبقية المساعدات من منظمات إغاثة دولية وأيضاً لجنة مسلمي افريقيا التي يرأسها الدكتور عبدالرحمن السميط.. فهناك في النيجر ثلاثة ملايين شخص يواجهون خطر المجاعة منهم 800 ألف طفل!! وكما نشر ان هناك طفلة عمرها شهران سارت بها والدتها مسافة عشرين كيلو متراً إلى ان وصلت بها إلى مركز إغاثة فقدم لها الطعام والدواء ولكنها توفيت بعد أربع ساعات ومثلها عديدون يموتون قبل وصول أهاليهم إلى مراكز الإغاثة.
.. رغم هذه الكارثة وهذا الموت المحدق بهم من كل جانب لم نشاهد أي تغطية إعلامية عن مأساة هذا الشعب المسلم ما عدا قناة المجد حيث تم اللقاء مع أحد المسؤولين السعوديين عن برامج إغاثة تحدثوا معه عن هذه المأساة وأيضاً كان هناك لقاء هاتفي مع د. عبدالرحمن السميط ولم يكن واضحاً تحدثوا عن هذه الكارثة التي تستوجب حالة استنفار على مستوى الدول الإسلامية والعربية ومنظماتها الإغاثية.. فمن يقدم الدواء والطعام هناك معظمهم من منظمات وجماعات تنصيرية.

ومنذ العام الماضي طلبت حكومة النيجر من الأمم المتحدة خمسة وعشرين ألف طن من المعونات الغذائية لم يصل منها سوى 700 طن حتى الآن.. من الجوع هناك أكلوا أوراق الشجر!! هل يمكن أن نتخيل هذا وموائدنا تزدحم بالمأكولات بل وصناديق القمامة لدينا متخمة ببواقي الطعام الذي لم تمتد إليه يد!! خصوصاً مع موسم حفلات الزواج هنا وفي معظم دول الخليج.

.. كما نشر في جريدة الرياض يوم الأحد 30/7/1426ه أن وزير شؤون البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة النيجيرية قدم اقتراحاً إلى الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بإنشاء صندوق خاص لمكافحة المجاعة في النيجر بمبلغ 20 مليون دولار لتتمكن الحكومة من شراء الذرة من الولايات المتحدة الأمريكية والهند لتوزيعها في المناطق المنكوبة وقد سبق لدولته أن طلبت المساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية!! وأيضاً من الأمم المتحدة وقد قام الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان مؤخراً بزيارة النيجر للوقوف على حجم كارثة المجاعة هناك.. ولا أعلم ان كان السيد كوفي عنان قد طالب بتقديم المساعدة للنيجر أم لا؟؟ ولكن ما شاهدناه منذ يومين هو مطالبته دول العالم بتقديم المساعدة لضحايا إعصار كاترينا في ولايات نيو أورليانز والمسيسيبي!!.

ان البعد الإنساني في الاستنفار لمساعدة ضحايا الكوارث لا حدود له.. ولكن مجاعة وكوارث النيجر منذ عامين تقريباً ولم نجد من يسلط عليها الضوء ويطالب الشعوب المسلمة بالمساعدة وتقديم العون المالي والمادي لهؤلاء المسلمين وأطفالهم.. فهل تتحرك جموع مسلمة لمساعدتهم خصوصاً أن مواقع وقنوات استلام التبرعات موجودة ولجنة مسلمي أفريقيا خير وسيط لتقديم هذه المساعدات ومن إيجابيات شبكة الانترنت تغطيتها للحدث أفضل من الصحف التي لم نقرأ أي تغطية عن هذه الكارثة التي تحيق بشعب مسلم وتغيّب أطفالاً عن الحياة من الجوع والمرض.. هناك 2988 قرية مهددة بالمجاعة ويسكنها 3,253,648 شخصاً ورغم نداء الاستغاثة للمجتمع الدولي إلا ان التجاوب كان لا يرقى لمستوى الكارثة وكما قال يان إيجلاند المسؤول في الأمم المتحدة إن هناك تغاضياً عن أزمة المجاعة التي تستفحل في النيجر واتهم المجتمع الدولي باللامبالاة.

وقال إن حوالي 150,000 طفل سيموتون ان لم تصل المساعدات اليهم.. وذكر أن النيجر هو المثل الحي للقضايا العاجلة التي تهمل من قبل المجتمع الدولي على الرغم من كل التحذيرات التي اطلقت..
وخاطب ضمائر الشعوب في الغرب قائلاً: ينفق الأوروبيون 10 مليارات دولار لشراء الآيس كريم سنوياً، بينما ينفق الأمريكيون 35 ملياراً للغرض نفسه لذلك فالمساعدات التي وصلت إلى الآن وهي 30 مليون دولار ليست كافية.
.. ويبدو أنه لا يعرف كم يصرف في دول الخليج على شراء الآيس كريم وأنواع الشوكولاته والزهور المستوردة بل وكم يبتلعه جوف الأرض من (ذبائح حفلات الزواج)!! ولا ننسى تبرع احدى دول الخليج بمائة مليون دولار لضحايا إعصار كاترينا!! بينما النيجر من عامين وهي ترسل نداءات الاستغاثة!! عشرات الآلاف من الأطفال هناك يموتون يومياً من الجوع.. فهل من مغيث بعد الله؟! انهم في حاجة ماسة للطعام والدواء فما نشر من صور للأطفال هي هياكل بشرية مغطاه باللحم!! ما أحوجهم لمساعدتنا وعوننا.. فهل نتحرك ونلبي النداء ونقدم من مال الله لدينا ما يقينا من النار ويكون صدقة جارية وكفالة يتيم وإطعام جائع.. وإعانة محتاج؟

المصدر
http://www.alriyadh.com/2005/09/06/article92224.html