قديماً حكت الجدات لصغار الحفيدات فصولا من قصص ألف ليلة وليلة ، ونتفاً
مما كان يروى في مقاهي العهد القديم في مطلع القرن العشرين
من حكايات أبو زيد الهلالي ، وفارس بني حمدان
حيث يعقد الراوي مجلسه في صدر المقهى وهو يحمل الربابة
ويشرع في رواية قصص الأبطال في لحن صوتٍ ممطوط مطوحاً رأسه يميناً وشمالاً
معبراً عن كل موقفٍ بالصوت والحركة ثم يجري عوده على الربابة بين فصول الرواية
لينبعث أنينها معلناً أن فصلاً منها قد انتهى وفصلاً آخر يوشك أن يبتدىء ..
فيستريح الطير الذي ظل مرفرفاً على رؤوس الندامى ..
وتنفرج أسارير الإصغاء والترقب وتتحرك بعض الأجساد
التي كانت مسمّرة على المقاعد الخشبية المتهالكة
بينما تبقي الأجساد المنهكة ملازمة مكانها تعيش حلم الرواية ، وتترقب النهاية !
ويمضي الزمان ويطير البساط السحري في سرعة هائلة ويختفي طيف الراوي التقليدي ،
وصورة الجدة العتيقة ،
وتصبح المرئيات عالم الروايات المتجسد تلتقطها الحواس صوتاً وصورة
وتتبدل كان ياماكان إلى " دراما حديثة..."
والبيوت العربية حيث تجتمع الأسرة حول الموقد الفحمي وإبريق الشاي
لترتشف الحكايا التراثية ،
والمقاهي القديمة التي تنيرها ذبالة فانوس عجوز وتقرقر فيها ( الأرجيلة )
وتصغي الجدران الراشحة والأفواه المغفرة دهشة ..
إلى شاشات تلفزيون وأجهزة تقنياتٍ حديثة .. وأنوار ..! تحيل غاشية الليل إلى نهار ..!
بين بدايات القرن العشرين ،
وأوائل القرن الحادي والعشرين يمتد جسر طويلٌ من السنين !
نخرج فيه من كهف الغائبين ..لندخل في غيابة الحاضرين
ولا زال القلب الحاضر يمضغ عشق الروايات ، وتكبله قيود القصص ،
ويمتلكه فضول التجول والتغلغل في دهاليز القصور ، وأروقة الجواري ،
وأوكار الدسائس والمؤامرات ،
ويشدّ ذلك كله فيه شوق الإنتظار ، ولهفة الترقب ! وحين يقترب الأوان ..
يهيءُ الجسد والفكر المكان ، ويعود الطير يرفرف على الرؤوس المسمّرة
ولكن بين براءة الماضي وسذاجة حكاياته ، وعوالق الحاضر وتشابك معالمه بون شاسع ،
وفضاءٌ واسع .. وطفرة خيال شهقت على أرض الواقع ...!
خبر الساعة الآن : هل نزلت الحلقة الجديدة من ( مسلسل........ ) ؟
وللحديث .... بقيّة ..!!.بحثٌ واستطلاع .!. ونفثات يراع ..!!
ربما كنت أنا الوحيدة في جمهرة كبيرة من الناس لم تتابع - الدراما الحديثة -خاصة وباقي سلسلة الدراما التركية عامة !
ربما هناك علة ما نأت بي أو جعلتني أعاف ماأدمن عليه غالبية الناس ؟! لست أدري !!
ولأرضي تساؤلي وأُسكن حيرتي
أجريت استطلاعاً سريعاً في محيط الأقارب النسائي
وسؤالي الوحيد كان : ماالذي شدك إلى هذا المسلسل وجعلك تتابعينه بشغف
وتنتظري ( ساعة الصفر ) التي تحين كل أسبوع
لتتلقفي الحلقة الجديدة بجهازك بعد أن تعرض من إحدى القنوات التركية ؟
ولم أقتنع بالجواب تماماً ..!
فالجميع ربط سبب الإعجاب بالفتوحات الإسلامية
التي جرت في عهد سليمان القانوني والتي أرست قواعد الإمبراطورية العثمانية !
أهذا فقط ؟ هي الحمية للإسلام إذن !!
مع أن حواراتهم كانت تتناول بإسهاب
شخوص المسلسل فتلك( هيام ) حسناء ذكية ..
وتلك جميلة ولكن وجهها جامد التعبير ..!!
وهذه المجوهرات ماأروعها ! وتلكم الثياب ماأبدعها !
أما السلطان سليمان فحدث ولا حرج عن كل شيءٍ إلا عن فتوحاته !
لازال في داخل بعض الأناث قيد الجواري يتوجع للحاضر اشتياقاً
يعترف أن هنالك أنثى عتيقة لبست ثوباً جديداً لكنها ظلت في أعماقها كما هي تشتهي ضعف الجواري رغم انكسار القيد !
لذا كان للفئة الناعمة النصيب الأكبرفي الإنبهار
ولربما لو زاد الميل لوقعت في زمن السلطان افتراضياً..!
خرجت من استطلاعي بفكرة واضحة تقول أن الدراما التركية قد تسللت إلى العالم
العربي في شكلٍ يشبه الغزو الثقافي خاصة بعد دبلجتها إلى اللغة العربية ،
وأنها تشكل الآن قوة جديدة للتسويق والترويح السياحي ..!
ولكن المثير في الأمر أن العرب لايتابعون الأحداث الدرامية فقط ،
بل إن الكثير منهم " مبهور " بالناحية الفنية من التصوير والإخراج والملابس والديكور وجمال البيوت والقصور التاريخية ، والطبيعة التركية الخلابة ! ..
وأن الكثير أيضاً قد غير خط سير رحلاته السنوية لترسي على تركيا ..
وأن الكثير حقاً بات متلهفاً إلى زيارة الأماكن التي شاهدها
من خلال الشاشة الصغيرة ليستعيد أحداث القصص .التي عاشها !
و...هكذا قفز بنا الزمن من كان ياماكان حيث الوقت ثمين والسهر قليل
والمتع صافية نادرة تقطر ببساطة القلوب ..
حيث الحكايات تجري على لسان رطب حي !
والمكان يشع بالدفء والأجساد مستسلمة لخدر الخيال
الذي يطير بها فوق السحاب مع الجني الطيب الذي يسكن المصباح ..!
إلى زمن مسلسل ( القرن الرائع ) والذي حرفه الخيال العربي إلى ( ...... )!
وهم بهذه الدراما روجوا لبلادهم ولكن ظلموا السلطان ..!!!
سليمان القانوني ~ ظلموه بما صوروه به .. الدراما ..
- نبذة منقولة تلقي بعض الضوء على شخصية هذا الفاتح -
* هو أكثر سلاطين المسلمين جهاداً وغزواً فى أوروبا ,
*وصلت جيوش المسلمين فى عهده إلى قلب أوروبا عند أسوار فيينا
مرتين !! , *مجدد جهاد الأمة فى القرن العاشر , أقام السنّة وأحيا الملّة وقمع البدعة والروافض .
* صاحب انتصار المسلمين فى معركة موهاكس التى كانت من أيام الله الخالدة وتُعد غرة المعارك الإسلامية فى شرق أوروبا.
* بعد معركة نيكوبوليس فتح القسطنطينية.
* وهو أعظم سلاطين الدولة العثمانية وأكثرهم هيبة ورهبة فى قلوب النصارى وأشدهم خطرا عليهم , وكان من خيار ملوك الأرض !!.