فيضٌ وعِطرْ

فيضٌ وعِطرْ @fyd_oaatr

فريق الإدارة والمحتوى

كبيشـــة ( الرهينــــــــــــــة ) نساء في القرآن

الأسرة والمجتمع



عند ظهور فجر الإسلام
...
كانت لاتزال بعض الأعراف الجاهلية سائدة ..
ومعظم تلك العادات قيدت المرأة وأوقعتها تحت طائلة الظلم وألغت شخصيتها
وقد عانت منها النساء المسلمات كثيراً ...
وفي كل حالة منها كانت المرأة تلجأ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
طالبة الإنصاف ورفع الظلم ، والرسول الكريم لاينطق عن الهوى ،
فكان ينتظر حكم الله في كل مسألة ..
****

وهكذا تنزلت الآيات المباركة تباعاً مع كل حادثة ..
بتشريع عادل يرتكز على قاعدة الإسلام
ألغى كل قوانين الجاهلية الظالمة .

****
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ
لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ ...)
19 البقرة
هذه الأيات الكريمة نزلت تحمل البشرى لامرأة مؤمنة عاشت في العهد النبوي
أنقذتها وجميع النساء اللاتي عايشن ظروفاً مماثلة ..
وقصتها تبين لنا كيف أن الإسلام كرم المرأة ، ومنحها حقوقها ، ورفع قدرها
وأوجد لها التشريع المناسب الذي يحفظ كرامتها وإنسانيتها ..



انحسر الظلام وغمر ضوء الشمس أفق المدينة المنورة ..
ورشت عسجدها على البيوت البسيطة القابعة في سكينة
وهناك داخل جدران أحد البيوت عاشت امرأة تدعى ( كبيشة بنت معن )
حياة هادئة سعيدة مع زوجها الطيب المحب (عاصم بن الأسلت ).
وعاصمٌ هذا... كان قد تزوج قبل كبيشة مرات ورزقه الله بولد
من آخر امرأة تزوجها قبلها ..
أما كبيشة فقد كانت أغلى أمنية لها .. أن يهب الله لها ولداً من زوجها عاصم
ذلك الرجل طيب العشرة .. قانع النفس ..
ولم تتحقق أمنيتها تلك .. لذا كانت تحس بشيء يقتنص من سعادتها
غير أن عاصم كان راضياً بما قسم له .. محباً لعشرة كبيشة
قانعاً بما لديه .

****
وتشاء إرادة الله أن تموت أم ولده الصغير والتي كانت تعيش بين ظهراني أهلها
فأسرع عاصم إلى قومها طالباً منهم أن يأخذ ابنه في رعايته ...
فوافقوا ، واشترطوا عليه أن تحسن زوجته معاملة الغلام
فوعدهم بأنها ستنزله في نفسها منزلة الإبن الحبيب !.
شعرت كبيشة بوجود الصبي في البيت أن السعادة قد جمعت لها أطرافها ..
فقرت عينها .. وشكرت الله تعالى على هذا العطاء ..
فكان الصبي ابناً. لكبيشة لم تلده .. وهدية من السماء لم تتوقعها ..
حضنته بحنانها ، وخصته بما يشتهيه..
و بما يحبه من أنواع الطعام .. وأغدقت عليه الرعاية ..
فعززت هذه المعاملة أواصر المحبة بينها وزوجها،
وعاش الجميع في سعادة !.





ولكن الحياة لاتستقر على حال فكما يقال :

إذا قيل تم ... آذن بنقصان ..!!
فما لبثت الأيام أن دارت دورتها .. ومرض عاصم مرضاً شديداً ..
ولم تقصر كبيشة في رعايته والسهر إلى جواره ،
وقلبها في خشية من فقد زوجها الحبيب ..
ومما ينتظرها بعده ....!!
كانت الأفكار السوداوية والقلق يتآكلانها :
ماذا تصنع بدونه وهو الحامي والمعيل ؟
وهل تطيب الحياة بغير وجوده ؟
وكيف ستربي هذا الصغير وترعاه إذا حم القضاء ونزل البلاء؟!
وقوانين الجاهلية وأعرافها لاترحم النساء ؟ !!

****
اما عاصم .. فقد كان يذكرها دائماً بولده ،
وهو على فراش المرض .. بصوته الواهن المتقطع :
_ كبيشة ..! أوصيك بالولد خيراً .. لاتفرطي بوصيتي !
فكانت تؤكد له والدموع تنهمر من عينيها :
_ هو ولدي ياعاصم ولن أفرط فيه فأرح نفسك ولا تقلق ..
وعسى الله أن يمن عليك بالشفاء .. فنعود كما كنا.




وفي ليلة ليست ببعيدة صعدت روح عاصم إلى خالقها ..
وهو مطمئن على زوجته وولده ..
فقد ترك لهما من المال مايكفيهما لسنوات طوال .

****
ولكن كان هناك من يترصد موت عاصم لينقض على تركته ..
فما هي إلا أياماً قلائل ..
حتى جاءت اللحظة التى كانت تخشاها كبيشة..
فقد اندفع إبن زوجها من إمرأة أخرى تزوجها منذ عهد بعيد ..
إلى داخل البيت وبيده أحد ثيابه
ثم مالبث أن طرح عليها ثوبه .. !! فصارت رهينته..!!


****
لقد كان في عرف العرب فى الجاهلية أن المرأة إذا مات زوجها تصبح ارثاً..
من حق إبن الزوج بعد موت أبيه!! وإن لم يوجد لديه ولد فقريبه ..!!
وحينما يلقي عليها ثوبه ..تصبح له .. يصنع بها مايشاء
فيمنعها من الناس ، ويحدد إقامتها ويخيرها بين أن يسجنها حتى تموت
أو تعطيه مالها ..
وإن أعجبه حسنها تزوجها ..
وفي كل الأحوال لاخيار للمرأة ولا حول ..
وهكذا أصبحت كُبيشة رهينة..!


****
ولكن هذه المرأة المؤمنة لم تستسلم للظلم الذي حاق بها ..
وأخذت تفكر في أن الإسلام جاء فحرم وأد الأنثى الذي كان من عادات الجاهلية
وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبشر المسلمين والمسلمات بفضل الله ..
فلا فرق بين رجل وامرأة من صالحات الأعمال عند الله ..
وأيقنت أن الله سيجد لها فرجاً ومخرجا من شدتها ..
وقررت أن تلجأ إلى الرسول الكريم وتشكو له أمرها ..

وقفت كبيشة أمام الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت :
يارسول الله لقد ظلمت بعد موت زوجي ..
فلا أنا ورثت ماتركه لي ..
ولا أنا تركت لأتزوج .. وغدوت رهينة بلا معيل ولا فرج ..
فماذا أصنع ؟؟

****
أطرق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يفكر ، ثم قال لها:
يا كبيشة ..! اذهبي وإجلسي في بيتك حتى يأتي أمر الله.
فقد كان رسول الله لاينطق فى حكم جديد إلا بوحى من الله عز وجل ..



ولم يطل إنتظار «كبيشة» في بيتها طويلاً،
فقد حكم الله فيها وفي أمثالها ..
فنزل قوله تعالى :
*( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ ...) 19 البقرة
ليرد للمرأة كرامتها وينصرها ضد العادات والتقاليد الجاهلية ..
ويبين أن لها حقاً في الميراث 
وينهي مسألة الإستيلاء على رزقها وميراثها رغماً عنها..

ويعطيها أهليتها المالية الخاصة ويحرر لها ذمتها المالية ...


وبذلك كان الإسلام أول من أرسى مبدأ احترام حقوق المرأة

وقدرها ... كبنت وزوجة وأم ..
وحقق لها العدالة ... ورفع عنها سيف الظلم .


7
652

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

تغريد حائل
تغريد حائل
فيض البيان
وعطر الإبداع:
طرحكِ قيّم
وسطوركِ تُسافر بنّا لعالم السمو والطهر
بقصصٍ ذات عبرة وقيّمة..!
أجدتِ فيضنا الحبيبة..
فجودي بانسكاب الألق في ربوع الاجتماعية
فما زلنّا دون حد الارتواء،
وفي قمة العطش لعذوبة قلمكِ الباسق..!
رعاكِ الله!!
حنين المصرى
حنين المصرى
رائعة يافيض ... نعم الإسلام أعطى المرأة حقوقا لم يعطها أحد من المتشدقين بالتمدين إلا عن قريب .. ولا زالت مع الأسف تنتقص بعض حقوقها الشرعية تحت وطأة العادات والتقاليد ... شكرا لقلمك المعطاء حبيبتي ودمت بود وحب دائمين اختى الغاليه
المحامية نون
المحامية نون
جزاك الله خيرا يا فيض على هذا الطرح الرائع والقصة التي انتصر فيها الحق ونالت المرٲة حقوقها بفضل دين الاسلام. ....دين العدل ...الذي انصف كل شئ ....شكرا. لتلك الفائدة وبارك الله فيك وزادك من فضله
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
فيض البيان وعطر الإبداع: طرحكِ قيّم وسطوركِ تُسافر بنّا لعالم السمو والطهر بقصصٍ ذات عبرة وقيّمة..! أجدتِ فيضنا الحبيبة.. فجودي بانسكاب الألق في ربوع الاجتماعية فما زلنّا دون حد الارتواء، وفي قمة العطش لعذوبة قلمكِ الباسق..! رعاكِ الله!!
فيض البيان وعطر الإبداع: طرحكِ قيّم وسطوركِ تُسافر بنّا لعالم السمو والطهر بقصصٍ ذات عبرة...
تغريد البيان :
شكراً لتدفق حروفك بالجمال والثناء ..!
ولك التقدير والاعجاب على جهودك المتواصلة
في كل حيز ..
وعلى عطائك المتدفق ..
وتفانيك المستمر ..
وحسن تقديرك ..
جزاك الله خيرا ، وبارك بك .
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
رائعة يافيض ... نعم الإسلام أعطى المرأة حقوقا لم يعطها أحد من المتشدقين بالتمدين إلا عن قريب .. ولا زالت مع الأسف تنتقص بعض حقوقها الشرعية تحت وطأة العادات والتقاليد ... شكرا لقلمك المعطاء حبيبتي ودمت بود وحب دائمين اختى الغاليه
رائعة يافيض ... نعم الإسلام أعطى المرأة حقوقا لم يعطها أحد من المتشدقين بالتمدين إلا عن قريب .....
حنين الغالية :
جميل مشاركتك هنا وإضافتك الصادقة .،!
كل ماقلته صحيح ..!
بارك الله حرفك الرقيق شاعرتنا !