scson

scson @scson

ثمرة اسرة حواء الناضجة

كتب لا تصلح لأطفالنا ...

الأمومة والطفل

قبل أن تبهرك الرسومات الملوَّنة والطباعة الفاخرة والأسماء الرنّانة؛ حاول أن تقرأ كتاب طفلك قبل أن تقدمه له كهدية أو مكافأة على تفوقه.
فبعض هذه الكتب يساعد على انتشار اللغة المبتذلة بين الأطفال وبعضها يرسي تقاليد غير تقاليدنا الإسلامية و العربية حيث أنه مترجم دون تحرير ثقافي، والبعض الآخر يعلمهم الكذب والعنف.

فقد كشفت دراسة علمية للدكتورة/ سمية مظلوم بكلية آداب المنوفية (مصر) -تقدمت بها إلى المؤتمر البيئي السابع للطفل المصري- عن بعض السلبيات في كتب ومجلات الأطفال، والسبب هو عدم وجود جهة رقابية تفحص أو تراجع أي مجلة أو كتاب جديد قبل أن يصدر للأطفال؛ سواء من ناحية اللغة أو المضمون أو الرسم والإخراج ونوعية الورق المستخدم، والنتيجة أنه يمكن لأي ناشر -هدفه الأول الربح- أن ينشر كتبًا تضر بثقافة وذوق وأخلاقيات الطفل العربي.
** فخلال النصف الثاني من القرن العشرين ظهرت بمصر 11 "دورية للأطفال" أغلبها من توكيلات تجارية؛ أربعة منها مترجمة مثل (تان تان، ميكي، ميكي جيب، سوبر ميكي)، وأكثر ما ينشر مترجم وليس مؤلفًا، وأسماؤها وموضوعاتها أجنبية، وهناك سيل من الكتب البوليسية والجريمة والألغاز ، بينما ابتعدت هذه الكتب عن ترجمة الروائع الأدبية و القصص التراثية مثل تبسيط كليلة و دمنة ، واقتصرت على أعمال تثير الخيال المريض والغرائز.. ويتلقى الطفل العربي هذه الأعمال مثلما يتلقاها الطفل الأجنبي بدون أي تغيير وكأنه لا فرق بين الاثنين.
** وتشير الرسالة إلى أن ما يدفع بعض الناشرين إلى ترجمة أدب الأطفال الغربي هو أن كُتّابنا ما زالوا يكتبون عن الشخصيات التاريخية والإسلامية أو الأساطير الفرعونية وأساطير الحضارات القديمة أو القصص الشعبي وقصص الحيوان بأسلوب غير مشوق و لا يجذب الطفل في عصر سريع الإيقاع و دون فنون إخراجية حديثة أضحت أساسية لإستثارة عين ووعي الطفل، أما القصص التي تتناول الحياة المعاصرة و آفاقها و تحدياتها التي يعيشها الأطفال برؤية عربية فتكاد تكون غير موجودة على الساحة و الإبداع نادرة.
** وتذكر الدراسة نماذج من الكتب المترجمة التي تقدم أنماطًا من السلوك تصطدم مع تقاليدنا، ففي عدد من ميكي جيب نجد تاك وتيك صديقين (وهما بالطبع من الحيوانات مثل باقي شخصيات مجلة ميكي) تاك يحب لولا، ويفاجأ بأن صديقه (تيك) يتنزه معها فيدبر تاك لتيك مقلبًا ويخرج هو مع لولا بدلاً منه، وعندما يتفقان على أن يتركاها تختار بينهما يأتي (بسبس) المتسابق الثالث وتذهب معه.
** وتعلق الدكتورة سمية بأن القصة هنا غير تربوية لأنها تقدم سلوكًا مناقضًا لتقاليدنا، ونجد ذلك أيضًا في شخصيات ميكي، فالصديقة أو (الجيرل فيرند) شيء مسلم به، فميكي صديقته ميمي، ومحفوظ وبطوط يتنافسان على حب زيزي!!
** وتكشف الدراسة عن أن الكُتّاب الكبار أنفسهم يقعون في نفس هذا المأزق، ففي قصة (صديقي فوق الشجرة) -التي ترجمها الكاتب المصري الكبير "عبد التواب يوسف" ونشرتها دار المعارف المصرية عن القصة الفائزة بجائزة أندرسون العالمية في أدب الأطفال لعام 1990م للكاتب النرويجي " يوجن"- بالرغم من شاعرية القصة وتصويرها للاحتياجات النفسية التي يتطلبها الآباء من الأبناء والأبناء من الآباء إلا أن القصة تضم أشياء كثيرة ضد تقاليدنا وعرفنا، فهي تحكي عن أب وأم يذهبان لبيتهما الريفي في العطلة الصيفية ويفاجآن بأن هناك شخصًا كان يستخدم بيتهما في غيابهما، فهناك أشياء تكتشفها الابنة (في العاشرة من عمرها) في حديقتهم. وتبدأ صداقتها مع صبي -في الثانية عشرة- وتحضر له حذاءاً، وطعاماً من الثلاجة دون أن تخبر والديها، وتتحير الشرطة والجيران فيمن يأخذ الأشياء ولا تذكر لهم الابنة شيئًا عن كل ما يسألونها عنه، وهو بدوره يأخذ الأشياء من بيوت الجيران ويسميها استعارة، ويبرّر ذلك بمشاجرات والديه التي دفعته لترك المنزل.
** وتعلق الدكتورة سمية: إن هذه القصة تتعارض مع الكثير من تقاليدنا.. فليس من الواجب التعاطف مع شخص اقتحم منزلنا في غيابنا، وليس من العرف أن تتسلل البنت في منتصف الليل لتجلس مع صديقها فوق الشجرة عدة مرات، ولا ينبغي أن نقدم لأطفالنا نموذجًا لطفلة تصر على الصمت وتترك والديها يكاد يطير عقلهما، مما يحدث بسبب خوفهما الشديد عليها. وتضم القصة فقرات كان يمكن عدم ترجمتها مثل (.. كانت يداه بين الأغصان خضراء.. بلون ورق الشجر… وكانت أصابعها بيضاء.. ووضعت أصابعها في يده.. التقى الأبيض والأخضر.. وضع يده فوق شعرها.. ومس إصبعه أرنبة أنفها …الخ)!!، وعندما تروي القصة أن الصبي سرق لحومًا وخبزًا من بيوت الجيران لأنه كان جائعًا لا تذكر أن هذا السلوك خطأ.
المجلات واللغة البذيئة
** وتشير الدراسة إلى أن الكتب والمجلات المخصصة للأطفال التي بدأت تغزو الأسواق في السنوات الأخيرة أصبحت تمثيلاً للابتذال اللغوي، فبعض أسماء السلاسل هي أسماء أجنبية مثل: فلاش- سماش- زووم، مما يدل على عدم التمسك والاعتزاز بلغتنا القومية والميل إلى التقليد من أجل التقليد.
** ويقدم مؤلف فلاش وسماش -الصادرتين عن المؤسسة العربية الحديثة عدة أشخاص من المشاغبين والراسبين والحاقدين، حتى اسم حاتم الطائي -رمز الكرم والشعر- يتحول إلى حاتم 2000 التلميذ الفاشل الذي يترك دروسه وينشغل بمشروعات ليكسب النقود بأية طريقة، ومن الشخصيات الأخرى في السلسلة فايق الرايق، لماضة، شلاطة، كوتو موتو ، هذا إلى جانب استخدام اللغة العامية الدارجة واستخدام كلمات مبتذلة ترتبط بفئة معيّنة من الناس يستخدمونها، ومن المفروض أن لا يستخدمها شخص متعلم مثل:.. يع يع.. يا نهار أسود.. عيشة تقرف.. ملظلظلة.. وغيرها.
** ومؤلفو هذه السلسلة يبتعدون عن هدف هام وأساسي من أهداف أدب الأطفال ألا وهو تنمية القدرات اللغوية والارتقاء باللغة، وما نجده في كتبهم من تشويه وهبوط للغة، والمفروض أن ما يتلقاه الطفل في هذه المرحلة المبكرة من حياته يترسخ فيه وينمو معه، بل إن هذه الألفاظ المبتذلة ستصبح جزءاً من قاموس القارئ اللغوي نفسه، وكم نحن بعيدون الآن عن ذلك المستوى الراقي والمهذَّب والفصيح الذي كان يكتب به كامل الكيلاني وحرصه على اللغة العربية وتدرجه في الثروة اللغوية التي يقدمها للأطفال حسب أعمارهم، و يعقوب الشاروني الذي يحسن التطواف بالطفل في آداب العالم الراقية مع ربطه بهويته.
الجريمة وتعلم العنف
** وفي إصدارات الأطفال الأخرى نجد أن الحديث عن الجريمة والعنف يكاد يكون عاملاً مشتركًا فيها جميعًا، ونلاحظ حتى تكرار كلمة الضرب وكأنها توضح بالتفصيل كيف يتعامل البطل مع خصمه ويقاتله، ونجد البطل في قصة أخرى يقيده أعداؤه على دائرة خشبية لتقع عليه الصخور وتمزقه.هذا العنف المنتشر في كتب الأطفال يشجع ويزرع العنف في أبنائنا على المدى الطويل.
** ويعلق كاتب الأطفال يعقوب الشاروني في كتابه (تنمية عادة القراءة عند الأطفال) على الواقع الفعلي لمجلات وكتب الأطفال بقوله: إنه في العالم العربي توجد الكثير من المجلات المترجمة التي لا تهدف إلا إلى زيادة التوزيع على حساب أية قيم أو معرفة يهمنا أن نغرسها في أطفالنا! بل هي غالبًا ما تنمي قيمًا ضارة، ومضادة لقيم مجتمعنا، وحتى لو غضضنا الطرف عما ينشر بتلك المجلات أحيانًا مما لا يلائم أطفالنا، فهي على أي الأحوال لا تتبنى ما يهمنا أن نغرسه في أطفالنا، ولا تؤكد على العادات والقيم التي لا بد للطفل العربي أن يعايشها في مجلته التي يطالعها كل أسبوع. **
وفي النهاية نحن لا ندعو إلى عدم الانفتاح على ما يكتب للأطفال في العالم أو إلى حظر الترجمة أو الانفتاح على ثقافة غيرنا؛ ولكنها دعوة للتروي.. والتدقيق.. والانتقاء.. لكل ما نقدمه لأطفالنا
منقــــــــــول
4
660

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

التوت الزاكي
التوت الزاكي
بارك الله فيك وفي منقولك اختي..
فعلا الرقابة مهمة جدا على الكتب بالنسبة للاطفال....
فالكتاب سلاح ذو حدين..يمكن ان يساعد في اصلاح الاطفال..ويمكن ان يحتوي على افكار هدامه ..
لهذا فمسؤولية الآباء كبيرة..تجاه تلك المراقبة..
وفقتِ للخير غاليتي..
ضحى أحمد
ضحى أحمد
والله مقالة قيمة جدا

جزاك الله اختي كل خير
$دمـــــوع الشوق$
جزاك الله خير
scson
scson
التوت الزاكي..
اشكرك اختي على مرورك وتعقيبك..
واهلاً بك دائماً..

أم عتريسه..
اهلاً بمرورك..

$دمـــــوع الشوق$
اشكرك اختي على المرور..