كتــاب حكـم رطوبـه للدكتورهـ رقية المحارب

ملتقى الإيمان

المقدمة

حكم الرطوبة

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله أمابعد:
مما يشكل على النساء مسائل الطاهرة ويحترن فيها ويقعن كيرا في الوسواس أو الأخطاء إما بسبب الجهل أو بسبب عدم الاهتمام.
وإن كانت مسائل الحيض والاستحاضة والنفاس جل استفتاء ومدار اهتمامهن الفقهي فهو بلا ريب مدعاة للبحث ولاستقصاء بيد أن أكثر هذه المسائل مبسوطة في الكتب القديمة والحديثة, وفي المسائل من الأدلة ما يجليها فلا يجعل في النفس شك مادامت مستندة على دليل شرعي صحيح, والذي تجدر الإشارة أن أكثر أسئلة النساء في هذا العصر عن الرطوبة التي تخرج من القبل.
والسؤال عن نجاستها ونقضها للوضوء, فالحمد لله الذي شرح صدري للكتابة في الموضوع, سيما وقد كنت عرضت المسألة على فضيلة الشيخ محمد ناصر الألباني رحمه الله قبل أكثر من أربع سنوات فوافقني وأيد ما اخترته من رأي.


أهمية الموضوع

لا تخلو مسلمة من الحاجة لمعرفة هذه المسألة, لأنه أمر يصيب جميع النساء وهو خلقة فطر النساء عليها وليست مرضا ولا عيبا ولا نادرا لان سطح المهبل كأي سطح مخاطي آخر بالجسم يجب أن يظل رطبا وتختلف كمية الإفراز باختلاف أفراد النساء فقول أن بعض النساء يصبهن وبعضهن لا يصيبهن غير صحيح فالذي يصيب بعضا دون بعض هو السيلان المرضي المسمى بالسيلان الأبيض وهذا النوع يصحبه حكة ورائحة كريهه وأحيانا يختلط بصديد أو يكون داميا أو مصفر اللون,
ولأن المرأة يجب أن تكون طاهرة لتؤدي الصلاة فلا بد من معرفة حكم هذا السائل فهي إذا كانت تجهل حكمة ربما أعادت الصلاة وربما أصابها الوسواس, فلذا ينبغي أن يعلم حكم هذه الرطوبة بالدليل الشرعي على أصول سلفنا الصالح.
ويخرج من المرأة سوائل من غير السبيلين كالمخاط واللعاب والدمع والعرق والرطوبة ويخرج منها سوائل من السبيلين وهي نجسة ناقضة للوضوء, والسبيل هو مخرج الحدث من بول أو غائط, وقد حدد الشافعي مخارج الحدث المعتاد وهي الدبر في الرجل والمرأة وذكر الرجل, وقبل المرأة الذي هو مخرج الحدث والمرأة لها في القبل مخرجان: مخرج البول ( وهو مخرج الحدث ) ومخرج الولد وهو المتصل بالرحم.
حكم الرطوبة الخارجة من الرحم: هل هي نجسة ؟
إن الرطوبة الخارجة من المرأة لا تخرج من مخرج البول بل هي من مخرج أخر متصل بالرحم وهي لا تخرج من الرحم أيضا بل من غدد تفرزها في قناة المهبل. ( وهي غير نجسة ولو كانت نجسة لفرض أهل العلم غسله فرطوبته كرطوبة الفم والأنف والعرق والخارج من البدن ).
الترجيح:
لما كانت الرطوبة ليس فيها نص صريح يحتج به أحد, فالرطوبة تخرج في أي وقت بلا سبب دافع لغسل أو وضوء وهو الشهوة قلت أو كثرت.
• الرطوبة الخارجة من المرأة أشبه بالعرق والمخاط والبصاق فلو قيست عليه لكان ألصق بها.
• وقد بحثت في كتب السنة فلم أجد دليلا ينص على نجاسة الرطوبة لا مرفوعا ولا موقفا, ولم يقل بذلك أحد من الصحابة ولا من التابعين ولامن أتباعهم وأدلة الطهارة كثيرة,
منها:
• أولا: أن الأصل في الأشياء الطهارة إلا أن يجي ء دليل يفيد عدمها, وهذه قاعدة استدل بها شيخ الإسلام ابن تيميه على طهارة المني
فقال أن الأصل في الأعيان الطهارة فيجب القضاء بطهارته يأتي مايو جب القول بأنه نجس, وقد بحثنا مايو جب القول بأنه نجس, وقد بحثنا وسبرنا فلم نجد لذلك أصلا, فعلم أن كل ما لا يمكن الاحتراز عن ملابسته معفو عنه.
وقلت هذا ينطبق على الرطوبة سواء بسواء بل هي أكثر حاجة لهذا الحكم, فالمني يخرج في حالات معلومة فلو أمكن الاحتراز منه مع صعوبته في حال قلة الثياب والفرش فلا يمكن الاحتراز من الرطوبة ولو كثرت الثياب والفرش. فكيف يتصور أن الشر ع يأمر بالاحتراز من الرطوبة وهي أشد إصابة للمرأة ولاتعرف نزولها لا بشهوة ولا بغيرها فقد تصيبها وهي نائمة أو منشغلة فلا تشعر وقد تكون قليلة جدا وقد تزيد فالاحتراز عن ملابستها أعسر والعفو عنها أولى.
ثانيا: أنها لو كانت نجسة لبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته ونساء المؤمنين ولو كان يخفى عليهن طهارتها لسألن عن ذلك وهن اللاتي لا يمنعهن الحياء من التفقه في الدين. وهن أحرص على دينهن منا على ديننا, أفيكون نساء عصرنا أحرص منهن ؟
ولايمكن أن يقال أنهن يعلمن نجاستها لذلك لم يسألن عن ألاستحاضة والصفرة والكدرة والأحتلام وهو أشهر وأظهر في النجاسة وذلك لوجود أوصاف مشتركة مع الحيض .
ثالثا: أنه ثبت أن نساء الصحابة لم يكن يحترزن من الرطوبة ولم يكن يغسلن ثيابهن إلا مما علمت نجاسته يدل على ذلك مارواه البخاري البخاري في كتاب الحيض _باب غسل دم الحيض _ عن أسماء بنت أبي بكر قالت: سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيض كيف تصنع ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيض فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصلي فيه ).
فهن لم يدعن السؤال عن الدم يصيب الثوب اكتفاء بمعرفة حكم الحيض ونجاسته, فكيف يدعن السؤال عن الرطوبة تصيب الثوب.
فلو كن يحترزن منها. أو في أنفسهن من طهارتها شك لسألن عن كيفية غسلها. ومن المعلوم أن نساء الصحابة ليس لهن من الثياب إلا ما يلبسن وليس لهن ثياب مخصوصة للصلاة تحرزها من الرطوبة التي تخرج سائر اليوم فكيف يأمر من يرى نجاسة الرطوبة في عصرنا هذا بالتحفظ بالحفاظات يغيرنها عند كل صلاة.
أخرج البخاري في صحيحة باب: هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( ماكان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه فإذا أصلبه شيء من دم قالت بريقها فقصعته بظفرها ). فلما لم يكن لهن إلا ثوب واحد وكن لا يغسلنهن من دم الحيض دل على أنهن لا يحترزن مما سواه.


هل تنقض الوضوء؟

في نواقص الوضوء لم أجد من تكلم عن الرطوبة بإسهاب أوعدها من نواقض الوضوء بدليل من كتاب أوسنه أو إجماع بل ولا بقول صحابي ولا تابعي ولا بقول أحد الأئمة.
• قياس الرطوبة على سلس البول لا يسوغ وليس بدليل لأمور:
• جرت العادة على قياس النادر على الشائع والقليل على الكثير, وليس العكس. فالرطوبة كثيرة يعم بها البلاء والسلس حالة نادرة مرضية تخص القليل.
• أن القياس يكون فيما يجمع بينهما أوصاف مشتركة والأوصاف هنا مختلفة,
فالرطوبة طاهرة والبول نجس والبول مستقذر خبيث و أمرنا بالتنزه منه, ولم يؤمر بالتنزه من الرطوبة بل سماها الله طهارة حيث قال: ( وسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )
فسمى الله نزول الرطوبة طهارة وجعلها علامة على زوار نجاسة الحيض, ولو كانت نجاسة لما كان بين إتيان النساء في القبل أو الدبر كبير فرق, وهذا ممنوع بالشرع والعقل. والرطوبة معتادة وطبيعية والسلس مرض وغير معتاد.
3) قياس الرطوبة على الريح الخارجة من الدبر أيضا لا يصح لأختلاف المخرج. فهلا قيست على الريح الخارجة من القبل فالأوصاف مشتركة أكثر فهما جميعا طاهران وتخرج من مخرج طاهر فكان ينبغي أن تلحق الرطوبة بالريح الخارجة من القبل. وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن الريح التي مخرجها القبل لا تنقض الوضوء ومنهم فضيلة شيخنا ابن عثيمين رحمه الله حيث قال فيها: ( هذا لا ينقض الوضوء, لأنه لا يخرج من محل نجس كالريح التي تخرج من الدبر ).
القائلون بعدم نقض الرطوبة للوضوء:
الذي يفهم من ترك العلماء لذكر الرطوبة من نواقض الوضوء أنهم لا يرونها ناقضا وليس العكس, فلو كانوا يرونها ناقضا لذكروها من النواقض ولو كان العلم بها مشتهرا كما صنعوا في البول والغائط وغيرهما.
ومما يمكن أن يستدل به على عدم نقض الرطوبة للوضوء أمور:
1) إنه لم يرد فيها نص واحد ولا صحيح ولاحسن بل ولاضعيف ولاقول صحابي, ولم يلزم العلماء أحدا من النساء بالوضوء لكل صلاة كحال المستحاضة.
ولو علمت النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يلزمهن الوضوء لكل صلاة بسبب الرطوبة لما كان لسؤالهن عن الاستحاضة معنى, فإنهن لم يسألن عن الأستحاضة غلا أنهن لم يكن يتوضأن منها لكل صلاة.
2) إن نساء الصحابة كسائر النساء في الفطرة والخلقة, وليس كما زعم بعضهم أن الرطوبة شيء حادث في هذا الزمان أو أنه يصيب نسبة من النساء, ولا يصيب الجميع, بل هو شيء لازم لصحة المرأة وسلامه رحمها كحال الدمع في العين والمخاط في الأنف واللعاب في الأنف, ولو قيل إن هذه الأمور حادثة وليس منها فيما سبق لم يوافق على ذلك أحد, والنساء أعرف بهذا غير أن نسبة الرطوبة تتفاوت كميتها تبعا للطبيعة كالعرق والدمع فبعض الناس يعرق كثيرا وآخر يعرق قليلا وليس احد لا يعرق أبدا ولوكان ذلك لصار مرضا.
3) كانت الصحابيات يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وربما كن صفا أو أكثر وربما صلى بالأعراف أو الأنفال أو الصافات أو المؤمنون, ويطيل الركوع والسجود ولم يرو أن بعضهن انفصلت عن الصلاة وذهبت لتغيد وضوءها فالأيام كثيرة والفروض أكثر,
وحرصهن على الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم مستمر وبلا ريب أنه تنزل من واحدة أو أكثر هذه الرطوبة أثناء الصلاة كما يصيبنا نحن في صلاة التراويح أو غيرها, ولم يستفسرن عن ذلك ولو كان الأمر مشروعا والوضوء واجبا وقد تركن السؤال ظنا منهن بالطهارة فمستحيل أن لا ينزل الوحي في شأنهن.
4) إن تكليف المرأة بالوضوء لكل صلاة لأجل الرطوبة إن كانت مستمرة أو إعادتها للوضوء إذا كانت متقطعة شاق, وأي مشقة, وهو أكثر مشقة من سؤر الهرة الطوافة بالبيت حتى جعل سؤرها طاهرا, وهي من السباع ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلل طهارة الهرة بمشقة الاحتراز حيث يقول:" إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات ".
5) إن الله تعالى سمى الحيض أذى وماسواه فهو طاهر فقال: ( وسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) لبقرة 222
6) أخرج البخاري في كتاب الحيض _ باب الصفرة والقدرة في غير أيام الحيض عن أم عطية قالت: "كنا لا نعد الصفرة والقدرة شيئا " قلت: فلأن كن ليعددن الصفرة شيئا فلان لا يعددن الرطوبة شيئا أولى. وقولها لا نعد الكدرة والصفرة شيئا من الحيض ولاتعد الصفرة والكدرة موجبة لشيء من الغسل أو وضوء ولو كانت توجب وضوءا لبينت ذلك.
7) أن جعل الرطوبة من نواقض الوضوء مع خلوه من الدليل يحرج النساء " وما جعل عليكم في الدين مكن حرج" الحج 78.
وإلزام النساء بما لم يلزمهن به الله ولا رسوله كلفة وشدة وإن هذا الدين يسر.


والله أسال أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذه المعلومات أخذت من كتيب "حكم الرطوبة " كتبته: رقية بنت محمد المحارب.؟ جزاها الله خيرا الأستاذ المساعد بكلية التربية بالرياض.
ملاحظة هامة:
الرطوبة هنا المقصود بها الإفرازات التي لا تخرج بشهوة؛ أما تلك التي تخرج بشهوة (المني والمذي) فالحكم فيها يختلف. وللاستزادة يمكن الاطلاع على كتاب حكم الرطوبة لدكتوره رقية المحارب
25
37K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

شموووووع ورديه
بنــــــــااات صدقوني هاكتــاب مرهـ حلو ومفيــد لو أني ماعنيـت من هالموضوع وجاني وساوس بسبته ماكان نزلــته بس أنا أحس فعلا فيه نســاء كثيير يعااانون من هالموضوع ومو عارفين الحكم وياليت يقرآآه أكبر عدد من نسااء يااااااارب
شغاف القلب
شغاف القلب
جزاك الله خير فعلا هالموضوع كان متعبني وشاغل بالي
شموووووع ورديه
شغاف القلـــب
من جــد الموضوع هذا متعـب كثيـــر من البنــات بس فعلا أرتحت من قريت هالكلام
النماص وبس
النماص وبس
جزاك الله خيراً أختاه موضوع مفيد جداً
شموووووع ورديه
النماص وبس وأياك بعد أن شالله