كشكول معلمة الورقة الثانية (( أول قفزة ))

الطالبات والمعلمات


كانت الأيام الأولى من التدريس كمن يحمل أثقالا ويمشي على صفحة المياه , تجبره تلك الأثقال أن يغوص ويغوص حتى يبتلع كل ملوحة البحر ويتفاقم عطشه , وإن تخفف من هذه الأثقال فلن يستطيع أن يهرب من لومه لنفسه لأنه فعل ذلك !!!!!!
ومهما توحدت الهموم في عالم التدريس , ومهما تلاقت الهمم لتذليلها يبقى هناك ظلال لأيد تحمل عوائقا على الأكتاف لا تأبه أن تخالط الشمس بغيومها القاتمة .
والخطى الأولى دائما خطى متسرعة وقد تغرس بذورها في أرض الحلم ولا تجني إلا خيالا .
وردية هي تلك الأزهار التي قمت أنا وصديقتي بزرعها سويا .رسائلها العطرية كانت بريدا تقرؤه العيون المحيطة عجبا من صداقة سريعة نمت .مع وهج الشمس وازدهت
سامية....
صديقة من وطن آخر
احتوت ابنة السبعة عشر عاما في ظلالها وهي معلمة في الثلاثين
اختلاف الطباع , واختلاف الممشى , واختلاف السن ذللت .
كانت كالبناء الشامخ يحتوي كل القاطنين , ومع استمرار طلوع الشمس التي تسكب فتنة الأشعة في القلوب فلا ترى إلا الضياء استمرت تلك الصداقة نلوذ إليها ساعة نضب الدنيا من الفيء.
وبما أني علمت أن سطورنا الأولى كمعلمات صغار السن وفقراء التجربة لا بد لها من قلم أحمر ممن يكبرونا فكانت دفاتري في أحضان صديقتي دائما .... تضني اقلامها وتوقفها رهن إشارتي
تضني أوقاتها وتصرفها وقفا ورهن ضيق وقتي

ولم أكن أعلم أن سطوري الأولى ستكتبها صديقتي عبارات سلب لحرية تفكير وحرية تصويب ..
كان استحواذا كضريبة لاحتواء وكانت روحي القوية المناضلة ترفض قيودا حتى ولو كانت من شبكة حريرية من نسج الأصدقاء
فابتدأ الصدام
زاويتي كانت حادة , أخلص منها دائما بجرح وزواياها كانت كل علم الهندسة من نظريات وفرضيات وبراهين , على قدر ما اتنازل .على قدر ما أحظى من اسباب الرضا المتنزل علي
ولم أرض بهذه المعادلة فالصداقة بالنسبة لي أخذ وعطاء
والحب بالنسبة لي طود شامخ ألجأ إليه عند تنامي رمضاء الحياة
فقررت التمرد على مفروضها لتكون ردة الفعل أسوأ مما توقعت فاليوم كان الجو مكفهرا يمتليء بغربان سود تحيط بساحة المدرسة وتحوم في سمائها
وأتت صديقتي تحمل لي أمرا عجابا

يتبع


__________________
3
772

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

صباح الضامن
صباح الضامن

الجزء الثاني
أتت صديقتي بالأمر التالي
_ يا صديقات قالت وهي منتصرة .ما رأيكن أن نقيم عيد ميلاد لصديقتنا الفلانية ؟
وتساءلتُ
وبصوت خافت لم أجرؤ على رفعه
- ولم ؟
- نريد أن نسعدها . سنقيم لها حفلا لم تحلم به
, أنت افعلي كذا وانت كذا وابتدأت بتوزيع المهام بنبرة عسكرية قيادية مع قليل من المرح المصطنع لجلب الإيجاب
وحرت فالصديقة ذات الحفل طيبة والجميع عرف بالأمر فكيف سيكون موقفي إن تخلفت
ولم أستطع اتخاذ موقف محدد كانت النفس ملقاة في مزدحم شديد , إن وافقت خالفت فطرتي ومعتقدي
وإن رفضت فقدت صداقاتي وشيء ما في داخلي كان يدعوني للرفض وشعرت بالذنب لأني ما أردت الرفض بسبب معتقدي ولكن لأني أريد التمرد عليها
وخالطني هم كبير لعدم نقاء التوجه وتوقفت عن التفكير
.جلست في بيتي أرقب نفسي التي لا تجد للاضطراب منفذا , كل ما فعلته هو الجلوس وكلمات أفترضها في نفسي مزقا مزقا لاتجد جملا مفيدة تستقر فيها
ولكني لم أذهب للحفل !!!!!
وفي صباح اليوم التالي
كانت كارثة تلك المواجهة
- لم لم تأت ؟ سألتني صديقتي
وصمت .كادت الدموع الفتية ان تفر من عيني ولم أدر أهي ضعف أم ضيق أم غضب ؟ غير أني ابتلعتها وقلت
- لم يعجبني ما حدث
لا أوافق عليه
وكأني فتحت على نفسي نيران غضبها فانبرت قائلة :
- فقط أعجبك عندما أتينا لمنزلك يوم ميلادك
وقامت من مكانها ودعت الجميع صارخة و غجرية المفردات كانت سهاما موجهة في نهاري
- فليأت الجميع ولينظر المحترمة لا يعجبها ان نحتفل بميلاد غير ميلادها . تعارض الحفل لأنه ليس لها وعندما يكون لحضرتها توافق
وقاطعتها مضطربة وصوتي لا يكاد يظهر أنا لم أدع أحدا أنت جمعتهم وكنت في بيتي
- حقا .حقا .قالت صديقتي
لم لم تطردينا إذن
لم لم تفصحي عن رأيك في ذاك الوقت

وابتدأت الوجوه تخلع ألأقنعة وابتدأت الهمزات واللمزات وصرت لقمة سائغة لشر حضر ومائدة فرشت كنت طبقا سهل الالتهام فيها
.و ارتطمت ابنة السابعة عشر في اولى قفزاتها في دنيا الكبار بالحقيقة .
كم هي الأخطاء التي رنتكبها عندما تكون الزاوية التي تنطلق منها خطانا ضيقة فتضيق مساحة الثقة في القفز على أرض صلبة فنتعثر
كان يجب أن أعلم أن منطلقي وزاويتي التي أقفز منها هي الأصح
كان يجب الحسم
كان يجب الوقوف بصدق وقوة مع المبدأ الصحيح بلا مجاملة . ولا تفنن ولا تصنع ولا مراءاة
كان يجب أن تكون في أرواحنا وهممنا أشعة وهاجة تتضرم قوة , تتضرم ثقة بأن ما تقارفه ما دام من عقيدتك فهو ما يجب أن يكون توقيعك وآثارك في الخطى
سقيت دنياي بدموعي ذاك اليوم
ولكنها أزهرت فيما بعد عندما حسمت موقفي أن أبتعد عنها
وأبتعد عن أرضها المليئة بما لا أحلم
فثورة فكري كانت تهديدا لطودها
وثبات رأيي كان يرجرج بنيانها

وأنا لست من مفرداتها المناطة على حوائط زمانها
بل كنت مفردة تمردت على استحواذ وتعلمت الثبات على المبدأ في أولى قفزاتها ............
سكارلت
سكارلت
حقا ... كثير من الامور نعارضها ونرفض مجرد التفكير فيها والاسباب شخصية بحتة

ولكن جميــــــــــل أن نصل الى مرحلة وخز الضمير ومحاسبة النفس ومواجهتها

بوركت أستاذتنا الفاضلة
صباح الضامن
صباح الضامن
جزاك الله خيرا يا سكارلت



ان البدايات في عالم التدريس تحدد النهج الذي ستستمر عليه المعلمة فمن اراد الله بها خيرا بصرها بالصواب

اشكر لك مرورك يا غالية