شاقني يانجد عطرٌٌ ٌ من ثراك
000000000 000000000شاقني الليل وبدرٌ ٌ في سماكِ
شاقني الفجرٌ ندياً حين يصحو
000000000000000000يوقظ الطير ليشدو في رباكِ
شاقني النجم مضيئاً حين يسري
0000000000000000000يوقظ الشوق لنسمات مساكِ
كفكفي الدمع عيوني ليس يجدي
000000000000000000000فكفاكِ الدمع عيني كفاكِ
حين ودعتكِ نجدٌ ٌضاع قلبي
00000000000000000000ضل يانجد أسيرأً في حماكِ
انتِ شعري وغنائي انتِ فني
0000000000000000000أنتِ من ذوبتِ وجداً من رآكِ
فيكِ يانجدٌ سأبكي وأٌغني
00000000000000000000وأشٌمٌ الأرض ماأحلى ثراك
فاخبري الكون أيا نجدٌ بأني
000000000000000000000عاشقٌ ٌ صبٌ ٌ وعيناهٌ فداكِ
واذكري يانجدٌ قلباً ضاع مني
000000000000000000ومضى يسري مساءً في سماكِ

غربة الاسلام @ghrb_alaslam
شاعرة الواحة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

نــــور
•
روووووووعة يا غربتنا
حقا رائعة
تعجز الكلمات أن توفيها حقها
لا أملك إلا أن أقول لك
استمري والله معك
حقا رائعة
تعجز الكلمات أن توفيها حقها
لا أملك إلا أن أقول لك
استمري والله معك


الوائلي
•
كعادتك أختي غربة الإسلام تغيبين ثم تأتين بالروائع .
كان ولا يزال الحنين للأوطان من أعذب الشعر ، مهج أضناها الفراق ، وأرواح أنهكها الشوق والحنين . ويبقى شعر الحنين للأوطان عذبا رقراقاً ، يلامس شغاف القلوب .
يقول ابن قتيبة : إن المقصد في المقدمة الطللية ، إنما ابتدأ فيه الشاعرُ بذكر الديار والدمن والآثار ؛ فبكى وأبكى ، واستوقف الصحب ؛ ليجعل ذلك سبباً لذكر أهلها الظاعنين عنها .. ثم وصل ذلك بالنسيب فشكا شدة الوجد وألم الفراق وفرط الصبابة والشوق ؛ ليميل نحوه القلوب ، ويصرف إليه الوجوه ، فإذا استوثق من الإصغاء إليه والاستماع له ، عقب بما يجاب .. فرحل في شعره ذاكراً النصب والسهر وسرى الليل والنجوم الغائرة ...
يقول الأستاذ صلاح الشريف :إلا أنه يمكن القول إن المقدمة الطللية ، جاءت انعكاساً طبيعياً لعمق العلاقة بين الإنسان والمكان . إنه المكان الذي يمثل المنزل والمسكن والمأوى والذكرى والأهل والأحباب .. إنه يمثل - باختصار - ماضي الإنسان وشريط حياته ، ومسلسل أيامه وذكرياته .. إنه التاريخ إذن . والعودة إلى التاريخ وفتح صفحاته ، تعني العودة إلى المكان الذي تركتَ ، والمنزل الذي هجرتَ ، والوجوه التي ألفتَ والقلوبَ التي أحببت . إنه التحول والرحيل .. إنه الزوال والفناء في عالم لا يعرف البقاء إلا لقيوم الأرض والسماء ! فكل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام .
وهذا هو السر الذي ظل هاجساً ، وأرقاً ماثلاً في شعور الشاعر الجاهلي وعقله ؛ حتى ترجمه نقشاً شعرياً فريداً ، وطقساً فنياً ، وبعداً جمالياً ، دبَّج به مطالع القصيدة العربية ردحاً من الزمن
ومن روائع تلك الأشعار التي سطرت الحنين للأوطان طللية امرىء القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
كأني غداة البين يوم تحمـــلوا
لدى سمــرات الحي ناقف حنظل
وقوفا بها صحبي عليَّ مطيــهم
يقـــولون لا تهلك أسى وتجمّل
وإن شفائي عبرة مهــــراقة
فهل عند رسْم دارس من معــوّل
الحنين .. تعريفه وأقسامه وخصائصه
يعرف الحنين ، على أنه : كل ذكرى كانت لذيذة وممتعة في وقتها ، ثم صارت مع تطاول العهد والزمن مرّة المذاق ، يحن إليها المتذكر، وفي نفسه حسرة الانقضاء والفوت..
وينقسم الحنين إلى عدة أقسام هي : الحنين إلى الديار ، والحنين إلى المرأة ، والحنين إلى الأهل والأحباب ، والحنين إلى الوطن . وهذا الأخير قد عُرف واشتهر في عصرنا الحديث ، وبالأخص في فترات الاستعمار ، أوائل القرن العشرين ، والفترات التي تلتها من عهود الاستعباد الوطني !! .
ومن خصائص هذا الفن أن يكون الخطاب المتعلق به رقيقاً سهلاً ، خفيفاً وعذباً ، طافح الحسرة ، بيّن التّفجّع ، جياش العاطفة ، مشوباً باللوعة والألم .
الحنين في الشعر العربي
فرضت الصحراء القاحلة على الإنسان العربي نمطاً معيشياً قاسياً ، نمطاً كان التقلب في فيافي الأرض ، والتوغل في أحشائها ؛ والسير في أرجائها ؛ طلباً للغيث وسعياً وراء الكلأ ، ونجاةً بالنفس من أفون حرب هوجاء ، ذهب ضحيتها كثير من الشعراء كطرفة بن العبد ، وعبيد بن الأبرص ، والمنخل اليشكري . كان كل ذلك قانوناً وعرفاً سارياً ، الأمر الذي أدى إلى ظهور شعور لا يستطيع الإنسان أن يتحمله أو يطيقه ، إنه شعور الفراق والبعاد .
وقديماً أراد الحطيئة السفر ، فقالت له زوجته : متى الرجوع ؟ فأنشد :
عدي السنين إذا ما ارتحلت لرجعتي ودعي الشهورَ فإنهنَّ قصارُ
فأنشدته :
اذكر صبابتنا إليك وشوقنا وارحم بناتك إنهنَّ صغارُ
فما كان منه إلا أن حطَّ رحله ولم يخرج ! .
لكنَّ شعراءَ كثيرين لم يحطوا رحالهم ، بل لم يقنعوا بالإياب ؛ حتى طوفوا مشارق الأرض ومغاربها . كقول امرئ القيس :
لقد طوفتُ في الآفاق حتى قنعت من الغنيمة بالإياب
وفي هذا التطواف نجد الشاعرَ عينه ، يندب غربته على ضفاف عالم آخر ، ضفاف سفْح جبل يقال له عسيب ، وقد تربع على قمته شيء اسمه الموت . وفي هذه المرة ، يجد الشاعر نفسه وجهاً لوجه أمام هذا الوحش . فماذا عسى أن تسفر عنه هذه المواجهة ؟ قال :
أجارتنا إن المزار قــريب
وإني مقيم ما أقــام عسـيب
أجارتنا إنا غــريبان هاهنا
وكل غريب للغـريب نسيبُ
فإن تصلينا فالقــرابة بيننا
وإن تصرمينا فالغـريب غريب
أجـارتنا ما فات ليس يؤوب
وما هـو آت في الزمان قريب
وليس غريباً من تناءت دياره
ولكنَّ من وارى الترابُ غريب
وإلى الأعشى حيث الرقة وشدة الوله ، وأنين الفراق ، وقسوة الوداع ، فهو يقول في فاتحة معلقته :
ودع هريرة إن الركب مرتحل
وهل تطـــيق وداعا أيها الرجل؟
غراء فرعاء مصقول عوارضها
تمشي الهوينا كما يمشي الوجِي الوحِلُ
كأنَّ مشيتها من بيت جـارتها
مرّ الســـحابة لا ريث ولا عجلُ
إلى أن يقول :
قالت هريرة لمَّا جئتُ زائرها
ويلي عليك وويلي منك يا رجلُ
أما عنترة فقد أشجت عواطفه حمامة باكية ، وأضرمت نار الشوق والولع في قلبه ؛ حتى قال :
أمن بكاء حمـــامة في أيكة
ذرفتَ دموعك فوق ظهر المحمل
كالدر أو فضض الجُمان تقطعت
منه عقـــائد سلكه لم يوصل
وكما أن الحمام هيجه ، فالنسيم العليل من صوبها أطربه ، فيترنم ، قائلاً :
حييتَ من طلل تقادم عهده
أقوى وأقفر بعد أمِّ الهيثم
ولقد نزلت فلا تظـني غيره
مني بمنزلة المحـب المكرم
ويقول : في معلقته الشهيرة :
هل غادر الشعراء من متردم
أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي
وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي
إلى أن يقول :
ولقد ذكرتك والرماح نواهل
مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددتُ تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المبتسم
وهكذا يرقى حنين الشاعر إلى أعلى درجة من درجات الرقة والنعومة والرومانسية R OMANTICISM ؛ لا بل يكون كل هذا الشعور الجمالي الراقي في معركة حامية الوطيس ، لا يعلو فيها سوى صليل السيوف وقعقعة الرماح ، بيد أن عنترة أراد أن يعلوَ فيها صوتُ الحب وصوت الجمال ، الممتزج بمشاعر الشوق والحنين إلى الحبيب ! .
ولله درّه من شاعر حين قال :
يا طائر البان قد هيــجت أشجاني
وزدتني طـــرباً يا طائر البان
إن كنتَ تندب إلفاً قد فجـعتَ به
فقد شجاك الذي بالبين أشجاني
زدني من النوح أسعدني على حزني
حتى ترى عجباً من فيض أجفاني
وقف لتنظر ما بي لا تكن عجــلاً
واحذر لنفسك من أنفاس نيراني
وطر لعلك في أرض الحــجاز ترى
ركباً على عـالج أو دون نعمان
يسري بجــارية تنهل أدمــعها
شوقاً إلى وطــن ناءٍ وجيران
ناشدتك الله يا طـير الحمــام إذا
رأيت يوماً حمـول القوم فانعاني
وقل طــريحاً تركناه وقـد فنيت
دموعه وهو يبكـي بالدم القاني
فهل هناك أجمل وأمتع وأروع من هذا الحنين الساري والأنين الدافئ ؟ إنها قمة الشاعرية المتدفقة من شاعر مطبوع ، رقيق النفس عفيف ، عرف معنى الحب والإخلاص له .
وإذا غادرنا عنترة ورومانسيته إلى أبي العتاهية وآهاته .. إلى مَنْ سُرقت إرادته ، وكبلت حريته وراء قضبان اليأس والحرمان باسم الخليفة الراشد ! وهو يبعث برسالة عاجلة من سجن الرشيد ، يبث فيها شدة الشوق والوجد إلى أم عياله التي حُرم رؤيتها:
من لقلب متيم مشـــتاق
شفه الشوق بعد طول الفراق
طال شوقي إلى قعــيدة بيتي
ليت شعري فهل لنا من تلاق
هي حظي قد اقتصرت عليها
من ذوات العقود والأطـواق
جمع الله عــاجلا بك شملي
من قريب وفكـني من وثاقي
أما مجنون ليلى ، فله طريقته الخاصة في الحنين والشوق إلى الحبيب ، فهو فعلاً يقول :
أمـرُّ على الديار ديار ليلى
أقبل ذا الجدار وذا الجـدار
وما حب الديار شغـفـن قلبي
ولكن حب من سكن الديار
لقد بلغ به الحنين والشوق مبلغاً ، حتى إن قبلاته ستخرق الحجر ؛ لتصل إلى الحبيب الذي يقطن داخلها . وهذه القبلات التي أرسلها شاعرنا ، تمثل تعبيراً صارخاً للحب وهيامه . إنه درس في قيم العشق التي يجب على المحبين تعلمها !! .
ويذهب به الحنين والشوق إلى الحبيب قائلاً :
إليك عني فإني هــــائم وصِبُ
أمَا ترى الجسم قد أوى به العطب
لله قـــــلبي ماذا قد أتيح له
حر الصبابة والأوجـاع والوصب
ضاقت عليَّ بــلاد الله ما رحبت
يا للرجال فهل في الأرض مضطرب
البين يؤلمني والشـــوق يحرجني
والدار نازحة والشمل منشــعب
كيف السبيل إلى ليلى وقد حجبت
عهدي بها زمناً ما دونها حــجب
ويقول :
فؤادي بين أضلاعي غريب
ينادي من يحب فلا يجيب
أحاط به البلاء فكل يوم
تقارعه الصبابة والنحيب
لقد جلب البلاء عليّ قلبي
فقلبي مذ علمت به جلوب
وإن تكن القلوب كمثل قلبي
فلا كانت إذاً تلك القلوب
أما أبو فراس الحمْداني ، فقد سمع هديل حمامة على شجرة عالية ، قرب سجنه في بلاد الروم ؛ فذكر حاله في الأسر وبعده عن الوطن ، وكيف أنه لا يذرف الدمع ، بينما تلك الحمامة طليقة ، تهدل وكأنها تنوح ، فقال :
أقول وقد ناحت بقــربي حمامة
أيا جارتا ، لو تشعـرين بحالي
معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى
ولا خطرت منكِ الهمومُ ببال
أتحمل محزون الفـــؤاد قوادم
على غصن نائي المسافة عـال
أيا جارتا ما أنصـف الدهر بيننا
تعالي أقاسمك الهمــوم تعالي
أيضحك مأسـورٌ وتبكي طليقة
ويسكت محزون ويندب سال
لقد كنتُ أولى منك بالدمع مقلة
ولكن دمعي في الحوادث غال
ويقول :
يا طول شوقي إذا قالوا : الرحيل غدا
لا فـــرق الله فيما بيننا أبدا
يا من أصافيه في قـــرب وفي بعد
ومن أخالصه إن غاب أو شهدا
راع الفــراق فؤاداً كنتَ تؤنسه
وذر بين الجفون الدمع والسهدا
ولا ننسى المتنبي ، وهو يقول :
ما الشوق مقتنعاً مني بذا الكمد
حتى أكون بلا قلب ولا كبد
ولا الديار التي كان الحبيب بها
تشكو إليَّ ولا أشكو إلى أحد
ما زال كل هزيم الودْق ينحــلها
والسقم ينحلني حتى حكت جسدي
وكلما فاض دمعي غاض مصطبري
كأن ما سال من جـفنيَّ من جلدي
وينشد عند خروجه من مصر متحسراً نادماً :
عيد بأية حال عـــدت يا عيد
بما مضى أم لأمـر فيك تجديد
أما الأحــــبة فالبيداء دونهم
فليت دونك بيـداً دونها بيد
لم يترك الدهر من قلبي ولا كبدي
شيئاً تتيمه عـين ولا جـيد
يا ساقييَّ أخمْرٌ في كــؤوسكما
أم في كؤوسكما همٌّ وتسهيد
أصخرة أنا مـــالي لا تحركني
هذي المدام ولا هذي الأغاريد
ويقول :
قد علم البــــين منا البينَ أجفانا
تدمى وألَّف في ذا القلب أحزانا
وهكذا كنتُ في أهــلي وفي وطني
إن النفــيس غريب حيثما كانا
قد كنت أشفق من دمعي على بصري
فاليوم كل عــزيز بعدكم هانا
أما ابن زيدون الذي اكتوى بنار الهجر ، ونار السجن ، ونار البعد عن الوطن فيقول :
أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
إن الزمان الذي ما زال يضحكنا
أنساً بقربهمُ قد عاد يبكينا
إلى أن يقول :
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا
يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حالت لفقدكم أيامنا فغدت
سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا
كان ولا يزال الحنين للأوطان من أعذب الشعر ، مهج أضناها الفراق ، وأرواح أنهكها الشوق والحنين . ويبقى شعر الحنين للأوطان عذبا رقراقاً ، يلامس شغاف القلوب .
يقول ابن قتيبة : إن المقصد في المقدمة الطللية ، إنما ابتدأ فيه الشاعرُ بذكر الديار والدمن والآثار ؛ فبكى وأبكى ، واستوقف الصحب ؛ ليجعل ذلك سبباً لذكر أهلها الظاعنين عنها .. ثم وصل ذلك بالنسيب فشكا شدة الوجد وألم الفراق وفرط الصبابة والشوق ؛ ليميل نحوه القلوب ، ويصرف إليه الوجوه ، فإذا استوثق من الإصغاء إليه والاستماع له ، عقب بما يجاب .. فرحل في شعره ذاكراً النصب والسهر وسرى الليل والنجوم الغائرة ...
يقول الأستاذ صلاح الشريف :إلا أنه يمكن القول إن المقدمة الطللية ، جاءت انعكاساً طبيعياً لعمق العلاقة بين الإنسان والمكان . إنه المكان الذي يمثل المنزل والمسكن والمأوى والذكرى والأهل والأحباب .. إنه يمثل - باختصار - ماضي الإنسان وشريط حياته ، ومسلسل أيامه وذكرياته .. إنه التاريخ إذن . والعودة إلى التاريخ وفتح صفحاته ، تعني العودة إلى المكان الذي تركتَ ، والمنزل الذي هجرتَ ، والوجوه التي ألفتَ والقلوبَ التي أحببت . إنه التحول والرحيل .. إنه الزوال والفناء في عالم لا يعرف البقاء إلا لقيوم الأرض والسماء ! فكل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام .
وهذا هو السر الذي ظل هاجساً ، وأرقاً ماثلاً في شعور الشاعر الجاهلي وعقله ؛ حتى ترجمه نقشاً شعرياً فريداً ، وطقساً فنياً ، وبعداً جمالياً ، دبَّج به مطالع القصيدة العربية ردحاً من الزمن
ومن روائع تلك الأشعار التي سطرت الحنين للأوطان طللية امرىء القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
كأني غداة البين يوم تحمـــلوا
لدى سمــرات الحي ناقف حنظل
وقوفا بها صحبي عليَّ مطيــهم
يقـــولون لا تهلك أسى وتجمّل
وإن شفائي عبرة مهــــراقة
فهل عند رسْم دارس من معــوّل
الحنين .. تعريفه وأقسامه وخصائصه
يعرف الحنين ، على أنه : كل ذكرى كانت لذيذة وممتعة في وقتها ، ثم صارت مع تطاول العهد والزمن مرّة المذاق ، يحن إليها المتذكر، وفي نفسه حسرة الانقضاء والفوت..
وينقسم الحنين إلى عدة أقسام هي : الحنين إلى الديار ، والحنين إلى المرأة ، والحنين إلى الأهل والأحباب ، والحنين إلى الوطن . وهذا الأخير قد عُرف واشتهر في عصرنا الحديث ، وبالأخص في فترات الاستعمار ، أوائل القرن العشرين ، والفترات التي تلتها من عهود الاستعباد الوطني !! .
ومن خصائص هذا الفن أن يكون الخطاب المتعلق به رقيقاً سهلاً ، خفيفاً وعذباً ، طافح الحسرة ، بيّن التّفجّع ، جياش العاطفة ، مشوباً باللوعة والألم .
الحنين في الشعر العربي
فرضت الصحراء القاحلة على الإنسان العربي نمطاً معيشياً قاسياً ، نمطاً كان التقلب في فيافي الأرض ، والتوغل في أحشائها ؛ والسير في أرجائها ؛ طلباً للغيث وسعياً وراء الكلأ ، ونجاةً بالنفس من أفون حرب هوجاء ، ذهب ضحيتها كثير من الشعراء كطرفة بن العبد ، وعبيد بن الأبرص ، والمنخل اليشكري . كان كل ذلك قانوناً وعرفاً سارياً ، الأمر الذي أدى إلى ظهور شعور لا يستطيع الإنسان أن يتحمله أو يطيقه ، إنه شعور الفراق والبعاد .
وقديماً أراد الحطيئة السفر ، فقالت له زوجته : متى الرجوع ؟ فأنشد :
عدي السنين إذا ما ارتحلت لرجعتي ودعي الشهورَ فإنهنَّ قصارُ
فأنشدته :
اذكر صبابتنا إليك وشوقنا وارحم بناتك إنهنَّ صغارُ
فما كان منه إلا أن حطَّ رحله ولم يخرج ! .
لكنَّ شعراءَ كثيرين لم يحطوا رحالهم ، بل لم يقنعوا بالإياب ؛ حتى طوفوا مشارق الأرض ومغاربها . كقول امرئ القيس :
لقد طوفتُ في الآفاق حتى قنعت من الغنيمة بالإياب
وفي هذا التطواف نجد الشاعرَ عينه ، يندب غربته على ضفاف عالم آخر ، ضفاف سفْح جبل يقال له عسيب ، وقد تربع على قمته شيء اسمه الموت . وفي هذه المرة ، يجد الشاعر نفسه وجهاً لوجه أمام هذا الوحش . فماذا عسى أن تسفر عنه هذه المواجهة ؟ قال :
أجارتنا إن المزار قــريب
وإني مقيم ما أقــام عسـيب
أجارتنا إنا غــريبان هاهنا
وكل غريب للغـريب نسيبُ
فإن تصلينا فالقــرابة بيننا
وإن تصرمينا فالغـريب غريب
أجـارتنا ما فات ليس يؤوب
وما هـو آت في الزمان قريب
وليس غريباً من تناءت دياره
ولكنَّ من وارى الترابُ غريب
وإلى الأعشى حيث الرقة وشدة الوله ، وأنين الفراق ، وقسوة الوداع ، فهو يقول في فاتحة معلقته :
ودع هريرة إن الركب مرتحل
وهل تطـــيق وداعا أيها الرجل؟
غراء فرعاء مصقول عوارضها
تمشي الهوينا كما يمشي الوجِي الوحِلُ
كأنَّ مشيتها من بيت جـارتها
مرّ الســـحابة لا ريث ولا عجلُ
إلى أن يقول :
قالت هريرة لمَّا جئتُ زائرها
ويلي عليك وويلي منك يا رجلُ
أما عنترة فقد أشجت عواطفه حمامة باكية ، وأضرمت نار الشوق والولع في قلبه ؛ حتى قال :
أمن بكاء حمـــامة في أيكة
ذرفتَ دموعك فوق ظهر المحمل
كالدر أو فضض الجُمان تقطعت
منه عقـــائد سلكه لم يوصل
وكما أن الحمام هيجه ، فالنسيم العليل من صوبها أطربه ، فيترنم ، قائلاً :
حييتَ من طلل تقادم عهده
أقوى وأقفر بعد أمِّ الهيثم
ولقد نزلت فلا تظـني غيره
مني بمنزلة المحـب المكرم
ويقول : في معلقته الشهيرة :
هل غادر الشعراء من متردم
أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي
وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي
إلى أن يقول :
ولقد ذكرتك والرماح نواهل
مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددتُ تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المبتسم
وهكذا يرقى حنين الشاعر إلى أعلى درجة من درجات الرقة والنعومة والرومانسية R OMANTICISM ؛ لا بل يكون كل هذا الشعور الجمالي الراقي في معركة حامية الوطيس ، لا يعلو فيها سوى صليل السيوف وقعقعة الرماح ، بيد أن عنترة أراد أن يعلوَ فيها صوتُ الحب وصوت الجمال ، الممتزج بمشاعر الشوق والحنين إلى الحبيب ! .
ولله درّه من شاعر حين قال :
يا طائر البان قد هيــجت أشجاني
وزدتني طـــرباً يا طائر البان
إن كنتَ تندب إلفاً قد فجـعتَ به
فقد شجاك الذي بالبين أشجاني
زدني من النوح أسعدني على حزني
حتى ترى عجباً من فيض أجفاني
وقف لتنظر ما بي لا تكن عجــلاً
واحذر لنفسك من أنفاس نيراني
وطر لعلك في أرض الحــجاز ترى
ركباً على عـالج أو دون نعمان
يسري بجــارية تنهل أدمــعها
شوقاً إلى وطــن ناءٍ وجيران
ناشدتك الله يا طـير الحمــام إذا
رأيت يوماً حمـول القوم فانعاني
وقل طــريحاً تركناه وقـد فنيت
دموعه وهو يبكـي بالدم القاني
فهل هناك أجمل وأمتع وأروع من هذا الحنين الساري والأنين الدافئ ؟ إنها قمة الشاعرية المتدفقة من شاعر مطبوع ، رقيق النفس عفيف ، عرف معنى الحب والإخلاص له .
وإذا غادرنا عنترة ورومانسيته إلى أبي العتاهية وآهاته .. إلى مَنْ سُرقت إرادته ، وكبلت حريته وراء قضبان اليأس والحرمان باسم الخليفة الراشد ! وهو يبعث برسالة عاجلة من سجن الرشيد ، يبث فيها شدة الشوق والوجد إلى أم عياله التي حُرم رؤيتها:
من لقلب متيم مشـــتاق
شفه الشوق بعد طول الفراق
طال شوقي إلى قعــيدة بيتي
ليت شعري فهل لنا من تلاق
هي حظي قد اقتصرت عليها
من ذوات العقود والأطـواق
جمع الله عــاجلا بك شملي
من قريب وفكـني من وثاقي
أما مجنون ليلى ، فله طريقته الخاصة في الحنين والشوق إلى الحبيب ، فهو فعلاً يقول :
أمـرُّ على الديار ديار ليلى
أقبل ذا الجدار وذا الجـدار
وما حب الديار شغـفـن قلبي
ولكن حب من سكن الديار
لقد بلغ به الحنين والشوق مبلغاً ، حتى إن قبلاته ستخرق الحجر ؛ لتصل إلى الحبيب الذي يقطن داخلها . وهذه القبلات التي أرسلها شاعرنا ، تمثل تعبيراً صارخاً للحب وهيامه . إنه درس في قيم العشق التي يجب على المحبين تعلمها !! .
ويذهب به الحنين والشوق إلى الحبيب قائلاً :
إليك عني فإني هــــائم وصِبُ
أمَا ترى الجسم قد أوى به العطب
لله قـــــلبي ماذا قد أتيح له
حر الصبابة والأوجـاع والوصب
ضاقت عليَّ بــلاد الله ما رحبت
يا للرجال فهل في الأرض مضطرب
البين يؤلمني والشـــوق يحرجني
والدار نازحة والشمل منشــعب
كيف السبيل إلى ليلى وقد حجبت
عهدي بها زمناً ما دونها حــجب
ويقول :
فؤادي بين أضلاعي غريب
ينادي من يحب فلا يجيب
أحاط به البلاء فكل يوم
تقارعه الصبابة والنحيب
لقد جلب البلاء عليّ قلبي
فقلبي مذ علمت به جلوب
وإن تكن القلوب كمثل قلبي
فلا كانت إذاً تلك القلوب
أما أبو فراس الحمْداني ، فقد سمع هديل حمامة على شجرة عالية ، قرب سجنه في بلاد الروم ؛ فذكر حاله في الأسر وبعده عن الوطن ، وكيف أنه لا يذرف الدمع ، بينما تلك الحمامة طليقة ، تهدل وكأنها تنوح ، فقال :
أقول وقد ناحت بقــربي حمامة
أيا جارتا ، لو تشعـرين بحالي
معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى
ولا خطرت منكِ الهمومُ ببال
أتحمل محزون الفـــؤاد قوادم
على غصن نائي المسافة عـال
أيا جارتا ما أنصـف الدهر بيننا
تعالي أقاسمك الهمــوم تعالي
أيضحك مأسـورٌ وتبكي طليقة
ويسكت محزون ويندب سال
لقد كنتُ أولى منك بالدمع مقلة
ولكن دمعي في الحوادث غال
ويقول :
يا طول شوقي إذا قالوا : الرحيل غدا
لا فـــرق الله فيما بيننا أبدا
يا من أصافيه في قـــرب وفي بعد
ومن أخالصه إن غاب أو شهدا
راع الفــراق فؤاداً كنتَ تؤنسه
وذر بين الجفون الدمع والسهدا
ولا ننسى المتنبي ، وهو يقول :
ما الشوق مقتنعاً مني بذا الكمد
حتى أكون بلا قلب ولا كبد
ولا الديار التي كان الحبيب بها
تشكو إليَّ ولا أشكو إلى أحد
ما زال كل هزيم الودْق ينحــلها
والسقم ينحلني حتى حكت جسدي
وكلما فاض دمعي غاض مصطبري
كأن ما سال من جـفنيَّ من جلدي
وينشد عند خروجه من مصر متحسراً نادماً :
عيد بأية حال عـــدت يا عيد
بما مضى أم لأمـر فيك تجديد
أما الأحــــبة فالبيداء دونهم
فليت دونك بيـداً دونها بيد
لم يترك الدهر من قلبي ولا كبدي
شيئاً تتيمه عـين ولا جـيد
يا ساقييَّ أخمْرٌ في كــؤوسكما
أم في كؤوسكما همٌّ وتسهيد
أصخرة أنا مـــالي لا تحركني
هذي المدام ولا هذي الأغاريد
ويقول :
قد علم البــــين منا البينَ أجفانا
تدمى وألَّف في ذا القلب أحزانا
وهكذا كنتُ في أهــلي وفي وطني
إن النفــيس غريب حيثما كانا
قد كنت أشفق من دمعي على بصري
فاليوم كل عــزيز بعدكم هانا
أما ابن زيدون الذي اكتوى بنار الهجر ، ونار السجن ، ونار البعد عن الوطن فيقول :
أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
إن الزمان الذي ما زال يضحكنا
أنساً بقربهمُ قد عاد يبكينا
إلى أن يقول :
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا
يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حالت لفقدكم أيامنا فغدت
سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا

عطاء
•
عبير الشوق قد فاحَا
..ولقلوبنا قد استباحا
حنينا قد غشى وطنا
فما زاده إلا انشراحا
رائعة كعادتك..ياغربةالإسلام..أعجز عن الثناء..
**أخي الأديب ,,,,جزاك الله خيراً على إثرائك للموضوع..جعله الله في موازين حسناتك..
..ولقلوبنا قد استباحا
حنينا قد غشى وطنا
فما زاده إلا انشراحا
رائعة كعادتك..ياغربةالإسلام..أعجز عن الثناء..
**أخي الأديب ,,,,جزاك الله خيراً على إثرائك للموضوع..جعله الله في موازين حسناتك..
الصفحة الأخيرة
000000000000000000000فكفاكِ الدمع عينيّ كفاكِ
حين ودعتكِ نجدٌ ٌضاع قلبي
00000000000000000000ضل يانجد أسيرأً في حماكِ
.................
:27: :26: