كلمات في الصميم

الملتقى العام

مشكلة في دعائنا

يستغرب عندما نسمع العديد من الأحبة الغيورين يدعون في محننا المتكررة في القنوت وغيره بالنصر للأمة وبالهزيمة لأعدائها بدون أن يدعون بوضوح عن إصلاح الأمة لحالها مع الله, وذلك لكي تتذكر الأمة وتعمل للتوبة من الذنوب والعودة إلى الله والتي هي أهم أسباب استجابة الدعاء. وحتى يكون ذلك حافزاً ومذكراً لكل الأمة لتحقيق أسباب وشروط النصر الذي سيمكنها من إيقاف ذبح الأعداء لأبنائها والانتصار لهم.
وإن مما يتعين على المسلمين عندما يدعون الله في محنهم أن يدعوه وهم مقبلين بتوبة واستغفار وتذلل وخضوع وأوبة. ويتعيــــــــن على الأئمة أن يذكروا المسلمين بذلك, ولعل بدء صلاة الاستسقاء بالتذكير بالتوبة وما يتعين على الإمام من تذكير المسلمين بها خير شاهد على ذلك .
ومن يتأمل واقع أمتنا الحالي ودعاءها المتكرر طلباً للنصر, ويتأمل آداب الدعاء وأسباب قبوله يدرك أن أحد أهم أسباب تأخر الاستجابة هو واقع أمتنا المرير في البعد عن حقيقة دينها والتزام أوامره في كل الأمور.

ليتنا تحمسنا لهذة المقاطعة الاهم:-

تحمس المسلمون للمقاطعــة الإقتصادية تحمساً كبيراً من تأثرهم وغيرتهم,...

ولــــــو أن هؤلاء الغيورين تذكَّـــروا وذُكِّــــــــــروا بتركيز قضية العودة والتوبة ومقاطعـــــــــــــــة الذنوب!! وعلاقتها بعـز الأمة ونصرهـا لحصــل توجه طيب في الأمة نحو ذلك بإذن الله .

والذنـوب هي أســــاس كـــل البلايا والذل والهوان والضعف والتخبط والتشتت الذي نعيشه.

فلنقاطـــــــــــــع ولنذكــــــر أيها الغيورون.




تنبيه لا بــــــــد منه :-


لا شك في أن أمتنا ابتعدت عن التطبيق الكامل للدين في أمور كثيرة عديدة ومن أصغر الأمور إلى أكبرها, لكن الصغائر تحتاج إلى تنبيه خاص لأنها قليلا ما تذكر وينبه عليها , و لكثرة انتشارها وتمادي المسلمين في التساهل بها, حتى أن الكثير من المسلمين ممن نحسبهم من أهل الخير والفضل سلموا من الوقوع في الكبائر إلا أنهم مصابون بداء الإصرار على الصغائر . وهذا خطير من جوانب عديدة,

فعلماء الأمة أوضحوا قاعدة مهمة يجب الانتباه لها وهي أن الصغائر تصبح مع الإصـــــــرار كبائر كما قال ابن عباس رضي الله عنه: ( لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار ) .

ولشيخ الإسلام ابن القيــــــــــــم كلام هـــــــــــــــــام عن هذا الجانب في مواضع متفرقة في مدارج السالكين,فمما قالــــــــه وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء,وعــــــدم المبالاة,وترك الخوف ما يلحقهــــــــــــــا بالكبائر.بل يجعلها في أعلى رتبها ) وقــــــــال: (فالإصرار على المعصية معصية أخرى. والقعود عن تدارك الفارط من المعصية إصرار ورضى بها وطمأنينة إليها. وذلك علامة الهلاك . وأشـــــد من هذا كله المجــــــــــــــاهرة بالذنب, مع تيقـــــن نظـــر الــرب جل جلاله مـــن فوق عـرشـــه). ولعـــــــل من اقرب الأمثلة لأحد هذه الصغائر التي انتشرت بين المسلمين انتشارا رهيبا النـــــــــــــــــــظر إلى صور النساء المتبرجات في الشاشات ( مذيعاتٍ كـــــن أو ممثلات ) وفــي الجرائد والمجلات.



ومن جانب آخر فإن الذنوب بشكل عام تعظم في عصرنا هذا ويشتد خطرها وأثرها نظرا لحساسية الظروف التي تعيشها أمتنا حاليا والتي تزيد وجوب الإنابة والتوبة سواء كانت ذنوبا كبيرة أو صغيرة , وقـــد يدخل هذا ضمن ما تقرر عند أهل العلم من أن الذنوب تعظم بحسب الزمان والمكان الذي تعمل فيه .

إن أمتنا التي لـــــــــــم تفق.....تحتاج أكثر ما تحتاج إلى!! :-

(( إن أمتنا تحتاج إلى التفاؤل ولكنهـــــــــــــــا.....



تحتــــاج أكثر ما تحتاج إلى من يهـــزها بقوة لتستيقظ من نومها العميق وبُعدها,



تحتــــاج أكثر من التفاؤل إلى من يحذرها من حدوث مآسٍ وعقوبات أخرى من الجبار سبحانه لها فهــــــــــــي:



لم تفق وترجع إلى الله وهي في أشد مآسيها وذلها وهوانها,

لم تعد ولم تتب من المعاصي() وهي ترى المسلمين يذبحون ذبح النعاج بما فيهم أطفالهم!!! الأبرياء,

لم تعد() وهي تسمع بآلافٍ !!!! من أخواتهن يغتصبن!!!! .

لم تعد ولم تتب وهي ترى الأعداء يتربصون بها من كل جانب!!

لم تعد ولم تتب وهي ترى العالم يعيش في قمم من الضياع والتعاسة والكفر

والضلال, وهي المسؤولة عن تبليغه طريق النجاة...أولاً :بتمثلهــا هي نفسها الإسلام

حقيقة وصدقاً (فهو الأهم لنشر الدين), وثانياً: بتبليغها الإسلام بكــل عزم وهمة.


إن أمتنا التي لـــــــــــم تفق( ) ولــــــم تعد وهي ترى كل هذه البلايا....

تحتاج أكثر ما تحتاج إلى من يخوفها من حصول مثل ما حصل لإخوانهم عليهم.

وإذا أردنا أن نخفف بعض إحباطاتها فليُـصاحــــــب ذلك تذكيرٌ بالطريق والوسيلة التي بحصولها وبالبدء بتحقيقها نتفاءل التفاؤل الحقيقي الذي يكون تفـــاؤلا مفيداًً لا أمانـــــــــــي قــــد تضر أكثر مما تفيد ((.



----------------------------------------------------------------------------------------

1- أمثلة المعاصي والانحرافات التي وقعت فيها الأمة وجاهرت الجبار بها واستمرأتها (وكأنها حلال) وأصرت عليها وانتشرت فيها كثيرة وفي جوانب متنوعة عديدة,....ولكن لا أجد مثلاً أوضــح على ذلك –كما يبدو لي- مثل قضية إصرار الأمة -سواءً المنفذين أو المشاهدين- على قبول واستمراء المنكرات التي تأتي بها القنوات ووسائل الإعلام وتساهلها بعرضها ورؤيتها (خاصـةً مع معرفة الكثير بحرمتها) وإن كان ذلك مجرد النظر إلى المرأة المتبرجة مذيعـةً كانت أو غير ذلك (وهذا من باب ضرب المثل بالأقل وإلا فإن هذه الوسائل يعرض فيها أكثر من ذلك بكثير, ويعرض في كثير منها ما يشيب له الرأس مما يفسد المجتمع دينياً وأخلاقياً). وعلينا أن لا نستهين بهذا الجانب فخطر وأثر الانحراف في هذه الوسائل عظيم الأثر على فكر وقيم وسلوك وتوجهات واهتمامات وتربية أي مجتمع حتى لو غض الطرف عن جانب المعاصي المباشرة المتحققة بالنظر لها. وهي -بتعويدها الأمة على استسهال المعصية- تهيؤها للتمادي في معاصٍ أخرى في شتى المجالات.


2- لا يخلــو المسلم من الذنوب فهذا من طبيعة النفس البشرية, ولكن الخطورة على الفرد والأمة تكمن في الإصــرار عليها والمجاهــــــرة بها,... وخطـر الذنوب وأثرها على الفرد والمجتمعات والأمة بشكل عام فصله علماء ودعاة الأمة في السابق والحاضر. ومن أفضل الكتب الحديثة – حسب إطلاعي- التي كتبت عن الذنوب وأثرها كتاب"المعاصي وأثرها على الفرد والمجتمع" للشيخ حامد المصلح.

3- لا تعني هذه العبارات فقدان الأمل في الأمة, بل إن الأمل في الخير الكامن فيها هو ما يدفع لكتابة مثل هذه الكلمات, ولا يُـنـكـر أن الأحداث غيرت العديد من المسلمين,.. ولكن بشكل عام فإن الغفلة لا زالت مستمرة والاستيقاظ المأمول لم يحصل حتى الآن.

المأســـاة الأكبــــــــر :-

ويحسن أن ننبه إلى أن سبب استمرار مآسينا وهو ُبعد الأمة عن حقيقة دينها هو بحد ذاته أكبـــــــــر مأساةٍ تعيشها الأمة. فنحن نؤمن بأن هدفنا في الحياة هو تحقيق عبوديتنا لله وتطبيق دينه وتحكيم أوامره ونشر الإسلام في أرجاء الأرض لكي ننقذ به البشرية المتخبطة التعيسة, ونحن نؤمن بالله وعظمته وجزائه وجنته وناره....؛ فتخلينا وعدم صدقنا في تحقيق هدفنا في الوجود وعدم استعدادنا القوي لكي ننجي أنفسنا في يوم الدين يوم السؤال والحساب والجزاء هو أكبــــــر مأساةٍ ومصيبة نعيشها.


معصيتك تضــر الأمـــــة بأكملها :-

** وإن علـــــــــى الذين يستهينون بالمنكرات والأوامر الشرعية صغيرة كانت أو كبيرة وسط هذا الواقع المؤلم الخطير الذي تعيشه الأمة أن ينتبهــــــــــــــــــــوا إلى أن تقصيرهم لا يعود بالضرر على أنفسهم هم فقط , بل يعـــــــود على الأمة بأكملها, فيكونون مــــــــن أسباب انهزامها وتأخر نصرها وبعد فرجها من كربها العظيم الذي تعيشه !!.... وأجزم أنهم لحبهم لدينهم وأمتهم لا يرضون ذلك ولكن هل بــــــــــــــــــــدؤوا بالعمل والتغيير!!؟.

** ومن المؤلـــــــــــم أنه وعلى الرغــــــم من الأحداث الأخيرة الخطيرة التي نعيشها فإن الكثير من المسلمين أفرادا ومجتمعات لا زالــــــــــــوا في بعد عن التطبيق الحقيقي الكامل لأحكام الشرع . والإصـــــــــــرار على المعاصي والمجاهــــــــــــــرة بها لا زال قائماً وواضحاً...

قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ الأنفال:27]



منقـــــــــــــــــول
0
550

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️