كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ
كثيرة هي الآيات القرآنية التي نقف أمامها طويلاً بخشوع وتدبر وننظر إليها نظرة المتأمل, وخاصة تلك التي تحمل في طياتها إعجازا علميًا أو بيانيًا، أتى العلم الحديث، ليكشف خفاياها، ويزيل اللثام عن بعض ما احتوته من حقائق ومعلومات، تظهر عظمة الخالق، وإبداع صنعه في خلق جسم الإنسان, ومن هذه الآيات التي كثيرًا ما تدارستها قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً} ، ودارت في مخيلتي أسئلة كثيرة حول حال أهل النار، وعذاب الله تعالى الذي استحق عليهم، وعن تخصيص جلد الإنسان في هذه الآية، دون غيره من أعضاء الجسم وما قصد الله تعالى من كلمة 'نضجت'؟
ولماذا تتبدل الجلود بجلود سواها؟ وكثير غيرها من الأسئلة التي دفعتني إلى دراسة هذا الموضوع عن كثب، وعدم المرور أمام هذه الآية الكريمة، دون تدقيق في مقصودها ومعانيها، إلى أن وقفت على بعض ما احتوته من أسرار وإبداع تصويري محكم، كيف لا؟ وهي كغيرها من آيات القرآن، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو المنزل من لدن حكيم عليم.
يجدر بنا قبل أن نخوض في الحديث عن أسرار هذه الآية الكريمة، أن نقف أمام بعض الحقائق العلمية، التي تخص جلد الإنسان، وهو الجزء الذي يشهد مسرحًا لحدوث بعض العمليات، التي تقود في النهاية، إلى تغييرات تشريحية ووظيفية، نتيجة لتعرضه إلى عملية الاحتراق بالنار.
يتكون جلد الإنسان من طبقتين تشريحيتين رئيستين هما: البشرة Dermis والأدمة Epidermis, وتتفرع بالمقابل كل من هاتين الطبقتين إلى طبقات أخرى أدق، إذ تنقسم البشرة - وهي الجزء السطحي الظاهر من جلد الإنسان - إلى أربع طبقات تتوزع خلالها خلايا الجلد في نسق دقيق يبلغ 0.1 ملليمتر, أما الأدمة -وهي الجزء الذي يلي البشرة - فتنقسم بدورها إلى طبقتين دقيقتين ولكل منهما خلاياها الخاصة، وهذه الطبقة ذات سماكة أكبر من البشرة، إذ إن سماكتها قد تصل إلى 3 ملليمترات في بعض أجزاء الجسم.
يدخل في تكوين الجلد تشريحيًا بعض الأجزاء التي تعرف بملحقات الجلد appendages skin, وتضم كلاً من: الأظفار، والشعر، والغدد الدهنية والعرقية، والأوعية الدموية، وأخيرًا العضلات الجلدية، ولكل ملحق منها وظيفته الخاصة به، ويزن جلد الإنسان البالغ قرابة أربعة كليو جرامات ويمثل قرابة 8% من كتلة الجسم الوزنية، وتبلغ مساحته 1.2 إلى 2.2 متر مربع.
ما وظيفة جلد الإنسان؟
لعل القليل منا يعلم أن لجلد الإنسان وظائف هامة، تجعله أحد أهم أعضاء الجسم اللازمة لاستمرار حياة الجسم بصورة طبيعية، ولعله من الضروري أن نذكر، أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش من غير جلد، وذلك لأنه يعمل حاجزًا يقي جسم صاحبه، من دخول الجراثيم والكائنات المجهرية الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة، ولذلك فإن الجلد يعد خط الدفاع الأول أمام هجوم هذه الكائنات الضارة، التي يمكن لها غزو الجسم في حال عدم تغليف الجلد له، وبالتالي إصابته بالكثير من الأمراض الالتهابية. وعلى الجانب الآخر، فإن جسم الإنسان يحوي كميات كبيرة من السوائل الهامة، التي يقف الجلد حائلاً أمام تبخرها، ما يضمن عدم خروجها من محيط الجسم وبيئته الداخلية، وبالتالي تتم المحافظة على رطوبة الجسم، وعدم إصابته بالجفاف.
ومن وظائف الجلد الأخرى: تنظيم درجة حرارة الجسم عند حدود طبيعية، إذ يعمل الجلد بآليات معقدة، تدخل في تنظيمها العديد من أعضاء الجسم الأخرى، على ضبط درجة الحرارة عند حدود طبيعية، حتى يتمكن الجسم من القيام بتفاعلاته الحيوية بشكل دقيق. ويؤدي اضطراب درجة حرارة الجسم ـ بزيادة أو نقصان ـ إلى تأثيرات خطيرة قد تقود إلى الوفاة في نهاية المطاف. كما أن للجلد دورًا هامًا في صناعة بعض الفيتامينات المهمة وأهمها: فيتامين 'د', وله كذلك دور في تنظيم ضغط دم الجسم.
ما أسباب حروق الجلد؟
هناك العديد من مصادر الحرارة التي تحيط بنا، وتتفاوت تلك المصادر ما بين خفيف أو متوسط أو شديد التأثير، وذلك حسب قوة المصدر الحراري، ومدى تعرض الجسم إليه، ويمكن لنا تقسيم مسببات الحروق الجلدية الناتجة عن تعرض الجسم إلى مصدر حراري إلى الأسباب التالية:
1ـ الحروق الناتجة عن السوائل المغلية، مثل الماء وزيت الطهي المغليين، وهذه الحروق أكثر حدوثًا لدى الأطفال.
2ـ حروق النار، وهذه تمثل أعلى نسبة للحروق الناتجة عن مصادر الحرارة.
3ـ الحروق الناتجة عن التيارات الكهربائية، وبطاريات الطاقة المختلفة، وهذه قد يكون لها تأثير قاتل، في حال ملامسة الجسم للطاقة ذات الجهد المرتفع، التي سرعان ما تنتشر لتصيب العديد من أعضاء الجسم الداخلية بالإضافة إلى الجلد.
4ـ الحروق الكيميائية مثل تلك الناتجة عن ملامسة الجلد للأحماض أو المواد القاعدية، وأكثر ما تُشاهَد هذه الحروق في المصانع التي تعتمد في صناعتها على هذه المواد.
هل جميع حروق الجلد ذات خطورة واحدة؟
تعتمد خطورة الحروق بصورة عامة، على مساحة سطح الجلد المحروقة، وعلى عمق الحرق، ومدى تخريبه لأنسجة الجلد والجسم، وبناءً على ذلك، فإن إصابة جزء صغير من الجلد أقل خطرًا وتأثيرًا من إصابة الجزء الأكبر منه، وقد فصل العلماء المختصون الحديث عن خطورة الحروق، بتصنيفها - أيًّا كان مسببها من مصادر الحرارة - إلى المجموعات التالية:
1ـ حرق كبير، وهنا يصاب أكثر من 30% من مساحة سطح الجلد، وهو أخطر أنواع الحروق على الإطلاق.
2ـ حرق متوسط يصيب بين 15 إلى 30% من مجمل سطح الجلد.
3ـ حرق خفيف، وهنا يصاب جزء صغير من الجلد، يعادل 15% أو أقل من المساحة الكلية للجلد.
وهناك تصنيف آخر للحروق، يعتمد على سماكة الجزء المحروق من الجلد، ومدى طبقتيه - البشرة والأدمة - التي سبق الحديث عنهما، وهنا يتم تصنيف الحروق إلى:
1ـ حروق سطحية تصيب طبقة البشرة فقط، وهذه تتماثل للشفاء بسرعة في حال تقديم العلاج المناسب، وتعرف هذه الحروق بحروق الدرجة الأولى.
2ـ حروق عميقة، وهذه تصيب طبقة البشرة، ويتعدى تأثيرها ليصل إلى طبقة الأدمة، وهي بالطبع ذات خطورة أكبر من سابقتها، وفي هذه الحروق، قد يتأثر جزء صغير فقط من الأدمة، وهنا يكتسب الحرق صفة الدرجة الثانية.
3ـ وفي حروق أشد خطورة يتأثر كامل طبقتي الأدمة والبشرة ليعرف الحرق بذلك أنه من الدرجة الثالثة.
وقد تصل الإصابة إلى ما دون الأدمة من الأنسجة وأجزاء الجسم، وهذه أخطر الأنواع على الإطلاق، وتسميه بعض المراجع بحرق الدرجة الرابعة.
ما هي مضاعفات الحروق؟
كغيرها من الإصابات المختلفة، التي يتعرض لها جسم الإنسان فإن للحروق مضاعفات عديدة تتراوح خطورتها بين الخفيفة والشديدة والقاتلة، ويمكن لنا تقسيم هذه المضاعفات إلى مضاعفات موضعية وأخرى عامة.
يقصد بالمضاعفات الموضعية تلك التي تحدث في موضع الحرق أي في المكان الذي تعرض له الجلد إلى مصدر الحرارة، ومن أمثلتها: التهاب الجلد، والنزيف، وتشوه الجلد، وتساقط الشعر، والإصابة ببعض أنواع سرطان الجلد, 'وهذه قد تحدث بعد سنوات طويلة من الإصابة بالحرق', أما المضاعفات العامة، فتحدث في أي جزء من أجزاء الجسم، وليس بالضرورة أن يكون هذا الجزء قد تعرض بصورة مباشرة إلى المصدر الحراري، فقد تتأثر بعض أعضاء الجسم الداخلية نتيجة لهذا الحرق، ومن أمثلة هذه التأثيرات: الاختناق الناتج عن الأبخرة والغازات المصاحبة للاحتراق، وفشل الكلى، وقرحة المعدة، وتجرثم الدم - وهذه أخطر المضاعفات على الإطلاق، وتعني انتشار الجراثيم من المكان المصاب إلى أجزاء الجسم المختلفة عن طريق الدورة الدموية لجسم - وفشل القلب وفقدان سوائل الجسم، واضطراب نظام معادنه وأملاحه، وإصابة الجسم بالصدمة SHOCK, وهي حالة مرضية خطيرة تؤدي إلى تدهور سريع في وظائف الجسم وأجهزته المختلفة.
كيف تتم معالجة مصاب الحروق؟
سبق لنا القول: إن إصابة الجسم بأن حرق كان ـ مهما كان مسببه ـ يؤدي إلى تعرض الجسم إلى العديد من المضاعفات والمخاطر، وللتخفيف من حدة هذا التأثير السلبي للحرق على جلد الإنسان، يجب الإسراع في تقديم الإسعاف والعلاج اللازمين إلى الشخص المصاب.
تعتمد النقطة الأولى في برنامج المعالجة، على إبعاد المصاب عن المصدر الحراري، وتجريده من ثيابه التي تأثرت بذلك المصدر، وذلك لأن بقاء الثياب المحترقة، في تماس مباشرةً مع الجلد، يؤدي إلى المزيد من تخريب الأنسجة وزيادة تفاعلها مع الحرارة.
وتأتي الخطورة الثانية بصب كميات كبيرة من الماء فوق الأجزاء المحروقة، ولهذا الماء دور كبير في تخفيف حدة الألم، وإنعاش الأجزاء المصابة، ثم يتم تغطية الأماكن المحروقة بثوب نظيف، وتتم هذه الإجراءات كنوع من الإسعافات الأولية التي تجري في مكان حدوث الإصابة، ويتم بعدها نقل المريض إلى أقرب مستشفى متخصص في معالجة الحروق، حيث يتم تخفيف الألم بإعطاء الأدوية المسكنة، ثم يتم تقييم حالة المريض العامة، وتحديد نسبة حرقه، والبدء بالمعالجة النوعية المتخصصة للحرق.
وقد علمنا أن فقدان سوائل الجسم، يعد من أخطر مضاعفات مريض الحروق، وذلك لأن سوائل الجسم تتبخر وتخرج بحرية عبر أجزاء الجلد المصابة، ولذلك فإن تعويض السوائل المفقودة من الجسم، يعد حجر الأساس الأهم في خطة الحروق العلاجية، وتتفاوت كمية السوائل المعطاة من مريض لآخر، وذلك حسب عمره ووزنه وشدة إصابته ومساحة إصابته بالحرق. وبعد تعويض سوائل الجسم، يتم مراقبة المريض، ومتابعة حالته الصحية إلى أن يتماثل للشفاء، وقد تحتاج بعض الحالات المصابة بحرق عميق إلى تدخل جراحي. وتختلف العملية الجراحية المطلوبة من حالة إلى أخرى، إلا أن أكثر عمليتين جراحيتين، يتم إجراؤهما في قسم جراحة الحروق هما: إزالة أجزاء الجلد الميت Es charectomy, لأن بقاء هذه الأجزاء، قد يؤدي إلى انتشار الالتهاب ووصوله إلى الدورة الدموية في الجسم, وبالتالي وصوله إلى أعضاء أخرى سليمة، والعملية الأخرى هي: تطعيم الجلد Grafteng التي يقصد بها أخذ جزء من الجلد السليم، ووضعه مكان الجلد المصاب، حتى تتم تغطية المناطق المكشوفة بهذا الجلد الجديد المزروع. وأخيرًا فإنه يجب توقع حدوث أية مضاعفات نتيجة إصابة الجسم بالحروق - وخاصة العميقة منها - وبالتالي يجب التعامل مع كل واحدة منها على حدة، وبمرور الوقت، قد تظهر بعض التشوهات نتيجة الحروق العميقة، وهذه تستدعي تدخلاً جراحيًا في وقت لاحق.
وقفة مع حال أهل النار في الآية الكريمة:
سنقف بعض الوقت، مع الألفاظ الكريمة التي وردت في هذه الآية التي تصور بعض وقائع أهل النار، وشيئًا مما يتعرضون له من العذاب، وهم الذين استحق عليهم وعيد الله تعالى، بتعذيبهم في جهنم، نتيجة كفرهم وعصيانهم. وفي حقيقة الأمر، فإنه حتى نعطي الآية بعض حقها من الشرح، وإيضاح ما احتوته من أسرار وإعجاز، يترتب علينا الوقوف أمام كل كلمة تضمنتها هذه الآية، وسوف نرى أن كل لفظ من ألفاظها، يحمل في طياته الكثير من المعاني والإشارات التي يكشف عنها العلم الحديث.
وردت في الآية الكريمة كلمة 'كلما', وهي لفظ يدل على استمرار حدوث الفعل، وعدم توقفه عند حد معين، بمعنى أن فعل الحرق وتأثيره على الجلد، دائم لا ينقطع، فكلما نضج الجلد، بدل جلدًا غيره، وهكذا يستمر شريط طويل، من عملية الاحتراق التي يتلوها نضج وتبديل، دون أن تقف هذه العملية عند مرحلة معينة، أو زمن ما، فتغدو العملية ذات بداية لا نهاية لها إلى أن يشاء الله.
ثم تأتي الكلمة التالية في سياق الآية الكريمة وهي 'نضجت', وهنا ورد اللفظ مصورًا للحالة التي يكون عليها الجلد المحروق بعد فترة من بداية احتراقه، فمن المعروف أن عملية النضج، لا تحدث بسرعة، أي أنه يسبقها مرور وقت ليس بالقصير، ولا يقف العذاب خلال هذه المدة, بل إن الألم يبدأ من لحظة تلامس النار مع الجلد، ويزيد هذا الألم تدريجيًا، ليتدرج الحرق من الدرجة الأولى، مرورًا بالثانية، فالثالثة، وهي أعمق درجات الحرق، ولم تذكر الآية الكريمة، المدة المطلوبة حتى تتم عملية النضج، إلا أننا لو أردنا أن نتخيلها من منظورنا نحن أهل الدنيا، لفهمنا قطعًا، أنها تحتاج إلى بعض الوقت الذي لا يعلمه أحد إلا الله، وهكذا تستمر عملية الحرق، وتتخرب خلايا الجلد وأنسجته تدريجيًا، إلى أن يصل الأمر بالجلد إلى مرحلة تأثير النار المحرقة، فيعقب ذلك مرحلة جديدة، تحدث بقدرة الله تعالى، وهي تبدل الجلد، وذلك بأن تتكاثر خلايا الجلد من جديد، ما يؤدي إلى تكون جلد آخر غير الذي احترق حتى نضج، ويخضع هذا الجلد الجديد، لعملية تعذيب أخرى بالنار، وهكذا تحدث عملية تسلسل متكررة، بدايتها في احتراق الجلد تدريجيًا، إلى أن يصل إلى مرحلة النضج التام، الذي يتلوه تساقط للجلد المحروق، وهذا بدوره يليه الجلد المحروق، بظهور آخر يحل محله.
وهكذا تستمر هذه العملية، إلى أن يأذن الله تعالى بخروج العصاة من النار، بعد أن ينالهم ما شاء الله من العذاب، كل بقدر عصيانه، فيتغمدهم الله برحمته التي وسعت كل شيء فيخرجهم من النار، ويصب عليهم من أنهار الجنة ونعيمها، ما يغسل عنهم آثار العذاب وبقايا الاحتراق، فيصير مصيرهم إلى الجنة، وينادي المنادي: يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويبقى الكافر على الطرف الآخر، في دوامة من العذاب لا تنتهي, فما أن يخرج من دورة احتراق، حتى يدخل في أخرى، وينادي المنادي: يا أهل النار، خلود بلا موت، كما جاء في الحديث الشريف.
ويختم الله تعالى قوله الكريم مصورًا ذلك المشهد بقوله: {لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} وهنا يظهر إعجاز بياني ومدلول علمي آخران؛ إذ ثبت عمليًا، أن جلد الإنسان الطبيعي، يحتوي على الكثير من نهايات الأعصاب الحسية، وهي التي تسبب شعور الجسم بالألم، لأن تعرض هذه الأعصاب، إلى مصدر الألم أو الحرارة، يؤدي إلى إرسال إشارات عصبية إلى الدماغ والجهاز العصبي في جسم الإنسان، ما يؤدي إلى الشعور بالألم. وفي حال إصابة الأعصاب بمرض ما - والمثال الذي يهمنا هنا هو احتراق أعصاب الجلد - فإن هذه الوظيفة تتعطل، وبالتالي يفقد الشعور بالألم تدريجيًا، ولولا عملية تبدل الجلد، وظهور أعصاب جديدة به، لفقد أهل النار الشعور بالألم، حينما تنضج جلودهم لأول مرة، ولغدت عملية التعذيب قصيرة وذات نهاية ستأتي حتمًا ـ وإن طال انتظارها ـ إلا أن قدرة الله تعالى، أبت إلا أن يتبدل الجلد، بغية أن يذوق أهل النار المزيد من العذاب الذي لا يقف لحظة واحدة، جراء ما اقترفوه من التفريط في جنب الله.
وهكذا وقفنا مع آية كريمة، وردت في كتاب الله في حق حال أهل النار، وما يصيبهم فيها من العذاب، ورأينا ما في الآية من فصاحة وبيان لغوي واختيار دقيق للألفاظ، التي أحكمت في وصف حالة الجلد المعذب، وما يعتريه من تغيرات وتبدل من حال إلى أخرى ليذوق أهل النار الخزي والعذاب، وقانا الله من ذلك.
زائرة
كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَاب
1
746
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
ننتظر المزيد