كلمة مواساة لأختي المسلمة !

عندما تسلك المرأة طريق الالتزام بدين الله فإنها ترتقي مرتقى صعبا طالما عانى منه الرجال وتعبوا من وعورته وطوله . فمن رجل قتل في سبيل الله , إلى آخر يبذل وقته وماله وجهده في تعليم الناس العلم , إلى مجاهد بالكلمة يقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم , إلى عابد زاهد ورع تقي يقوم الليل ويصوم النهار ... إلى غير هؤلاء من الصالحين المصلحين .

وتأفف من هذا الطريق كثير من الناس فنكصوا على أعقابهم وتولوا هاربين لما رأوا وعورته ومشقة السير فيه .

والمرأة الملتزمة اليوم تعيش واقعا سيئا جدا في كثير من البلدان الإسلامية فضلا عن البلدان الكافرة ؛ فالشهوات تتخطفها من كل مكان , وإبليس وأعوانه يقفون لها كل مرصد , حتى تحقق اليوم ما وعد به يوم أخذ عهدا على نفسه أنه سيأتي البشر عن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ومن تحتهم ومن بين أيديهم ومن كل مكان ما استطاع إلى ذلك سبيلا .

وإن مما يؤلم المرأة اليوم أن الهرم قد انقلب سواء عند الرجال أو عند النساء : فعلى قمة الهرم يتربع المغنون والمغنيات , والساقطون والساقطات , ودعاة السفور والفتنة .. بينما النساء العفيفات الطاهرات المؤمنات المحجبات أصبحن متخلفات رجعيات وأصبحن رمزا للتطرف الذي ينبغي أن يحارب . ففي تركيا تطرد المحجبة من الكلية , وفي تونس تعتقل بتهمة الإرهاب , وفي فرنسا تحرم من دخول المدرسة . وأينما ذهبت المحجبة تلاحقها كلمات السخرية والاستهزاء التي تحزن الرجل وتغضبه , فكيف بالمرأة .؟!

أصبح للسفور والمجون والثورة على الدين والأخلاق رموز تتحرك على الأرض ويشار لهن بالبنان على أنهن قدوات للبنات , وفتحت لهن الصحف أبوابها وصفحاتها الأولى : فاليوم الفنانة فلانة صورت فلما في أسبانيا , وغدا المطربة العلانية رزقت بطفل , وثالثة أحبت مغنيا أو ممثلا , ورابعة طلقها زوجها أو تخلى عنها صديقها , وتستمر الجرائد في ملاحقهن وتبرزهن على أنهن الطبقة العليا من المجتمع والتي يجب أن يعرف الناس دقائق أخبارها فضلا عن الأمور الكبيرة فيها ..

وبالمقابل رميت المرأة الطاهرة العفيفة بكل نقيصة وتهمة , ولم يكتفِ هؤلاء بملاحقتها في دول الكفر , فلحقوها حتى في عقر دارها في كثير من الدول الإسلامية .

أختي المسلمة :

إن مما يحزننا ويحزنكِ أن حجابكِ قد أصبح في بعض الأحيان مدعاة لسخرية البعض منكِ .
وإن مما يحز في النفس أن تسمعي تعليقا ساخرا وأنتِ تمشين في مدرسة أو كلية أو سوق أو غيره , وتعرفين أن هناك من يستهزئ بشكلكِ , ويضحك منه .
بل قد يصل الأمر لأعظم من هذا وتصل إلى مواجهة بينكِ وبين كثير مِنْ مَنْ ترين من النساء والرجال حولك , وكل هذا بسبب التزامكِ بالدين وبالحجاب .

وهنا تتدخل الفطرة البشرية التي أودعها الله في قلب كل إنسان , وقد يصل الحال بكِ إلى الحزن والأسى لما يفعله البعض بكِ .. فإذا وصلت بك الحال إلى هذا فتذكري قول الله عز وجل :

{ إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون * وإذا مروا بهم يتغامزون * وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين * وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون * وما أرسلوا عليهم حافظين * فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الأرائك ينظرون * هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون }

هؤلاء هم الكفار , وهؤلاء هم الفجار .. يضحكون منكِ ومن حجابك ومن تمسكك بدينك , ويوم القيامة تضحكين منهم – إن شاء الله - .

ألا يكفيكِ أن يصفكِ الله بالإيمان ويصفهم بالكفر ؟؟

ألا يكفيكِ أن يعدكِ الله بأن تكون لكِ الجنة ولهم النار ؟

ألا ترين أنهم وهم يستهزئون بك .. أنهم في دار الدنيا الفانية , وأنك وأنت تردين
لهم استهزاءهم وسخريتهم تكونين في دار الخلد ؟؟

ألم تسمعي وتقرأي عن سير الأنبياء والصديقين والصالحين الذين نشروا بالمناشير , وقتلوا , وصلبوا , وأوذوا ؟! .. أو لم تسمعي عن سير فرعون وهامان وأبي جهل وأبي لهب وأمية بن خلف وغيرهم من الجبابرة والطغاة وعن سخريتهم وعدائهم للمسلمين ؟؟ أفلا يسرك أن تكوني مع الأنبياء والصالحين في الجنة بينما من يستهزئ بك يكون مع أولئك في النار ؟

أختي المسلمة :

إن الدنيا دار بلاء وامتحان , للرجال وللنساء .. وربنا عز وجل يقول : { أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } ..

فاصبري واحتسبي وكوني من الصادقين .... ويوم القيامة يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

بقلم الأخ الفاضل: الحماد