
عندما تعتاد على الظلام، لن ترى
للمصباح أيَّ أهمية، وستنسجم مع العتمة،
إلى أن تصبحان شيئًا واحدًا..
حينها لن يهزمك صمت الليل، ولا
الوحدة بعد رحيل الراحلين، وعندما يذهبون،
ستقول هل من مزيد!! ستعتاد ذهابهم
ومجيئهم، وستعرف أنهم لا يجيئون لأجلك...
بل لغرضٍ ما يقطن في نفوسهم.. وإن
حزنت، وبكيت على ما أشعلوه من نيرانٍ
في غاباتك المطيرة، وسكنوا هم وطيورهم
الجارحة في هضابك، سرقوا أشجارك المثمرة..
دمروا كهوفك الحالكة.. أخذوا خفافيشك
والبوم.. سرقوا حتى النجوم.. سرقوا أنفاسك
المدوية، وبساتينك البديعة، وعيناك الحالمة..
سرقوا حتى ابتسامتك وأبدلوها بدموع
وفيرة، جعلوا عيناك صحراء قاحلة، بعدما
سكنها الربيع، جعلوك تسير بعصا، وأنت الذي
يهتدي طريقه بالنجوم.
رموا نجوم سمائك بالحجارة إلى أن تفتّتت،
جعلوا سمائك بلا نجوم، وهجموا على القمر
ودمروه، إلى أن صرت أنت والظلام واحد...
لا نور لك ولا سماء مقمرة.. أنت غرفة
بلا مصباح، وأوراق عمرك يأسرها الحبر الذي
لم يهتدي للكتابة، بفضل ظلامك.. أوراقك
كلها تغرق في حبرٍ أبكم لا يعرف الكلام..
أجدتِ!