
هناك مثل يقول : الدنيا دوارة وكما تدين تدانولكن أغلب البشر لا يعتبرون ولا ينظرون للغد الذي سيأتي لهم بنتيجة أفعالهم في الماضي .
وقد روى "اليافعيُّ" في كتابه "مرآة الجنان
"، أن الوزير ابن الزَّيات كانَ ظَلوماً قاسياً، وأنه جعلَ للمساجين من خُصُومِهِ صندوقاً ضيقاً، في جوانبِهِ مسامير، يضعهم فيه حشراً، فإذا أرادَ المسجونُ أن يتحركَ جرحته المسامير في أنحاءِ جسده، ولم يكُنْ قد سبقه إلى هذا الصنف من العذابِ أحد من الناس!وكانَ إذا قالَ له أحدُ المساجين: أيُّها الوزير، ارحمني!يقولُ له: الرحمةُ خَوَرٌ في الطَّبع!
ثم دارتْ الأيام، وغضبَ الخليفةُ المُتَوَكِّلُ على ابنِ الزيات، وأمرَ به أن يُحبسَ في الصندوقِ الذي كانَ يحبسُ به الناس.فقالَ للخليفة: يا أمير المؤمنين، ارحمنيفقالَ له المُتَوَكِّل: الرحمةُ خَوَرٌ في الطَّبع!ولبثَ ابن الزيات أربعين يوماً في الصندوق، ثم مات!
إنَّ من سُننِ اللهِ في الدُنيا أنه جَعَلَها دوَّارة،
وكل إنسان سيشربُ من الكأسِ التي سقى منها غيره، الإساءة إساءة،
والإحسان إحساناً،
من كَسَرَ كُسِرَ،
ومن جَبَرَ جُبِرَ!
ومن قسا قُسِّيَ عليه،
ومن لانَ ألانَ الله له القلوب، بل والصخر،
وما حُفِظَتْ دعسة إبراهيم عليه السلام في المقامِ إلا لأنه ألانَ قلبه لله فألانَ اللهُ تعالى الصخرَ تحتَ قدميه، وإلا إنه ما جرتْ العادة أن تنحفرَ أقدام الناسِ في الصخور!
نحن حين نُعاملُ الناس اليوم فإننا نختارُ الناس الذين سيُعاملوننا غداً،
ما نحن إلا زُرَّاع نحصدُ ما زرعناه، كيلاً بكيل،
ولا أحد أعدل ولا أوفى من الله!
خرجَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم متستراً رفقة أبي بكرٍ إلى المدينة، فعادَ إلى مكة ودخلَها في وضحِ النهارِ من أبوابِها الأربعة، جزاءً وفاقاً، وهذه بتلك!
وما كانَ إبراهيمُ عليه السلام أول من يُكسى يوم القيامة من الخلائق إلا بثيابه التي احترقتْ في النار، جزاءً وفاقاً وهذه بتلك!
وما امتدَّتْ أيدي إخوة يُوسف تطلبُ الصدقة إلا لأنها باعته من قبل فقبضتْ ثمنه، سواءً بسواء،
وهذه بتلك!
أحسِنوا سُقيا الناس اليوم تُحسنون مشاربكم غداً،
فالأم التي تربي ابنتها على الأنانية ستكون ابنتها أول من يجحد معها ويقسو عليها
الزوجة التي تتعامل بقسوة مع أم زوجها سيرزقها الله بولد ترد لها زوجته المستقبلية ما فعلته في الماضي
الابن الذي يقسو على أبويه وأهله ويقطع صلة رحمهم بهم سيرزقه الله بولد لا يبره ويقطع صلته به
من أعان ظالم على ظلمه سيسلط الله عليه من يظلمه ومن يعينه على ظلمه له
ومن جبر بخاطر مسكين او محتاج او ساهم في فك ضيق سيرزقه الله بمن يفك ضيقه ويجبر بخاطره .
وهذه بتلك
فأنت من يحدد ما سيحدث لك مستقبلا من معاملتك في حاضرك .
هو كتاب تخطه بيديك اليوم لتقرأه غدا .. فلا تتعجب مما ستقرؤه لأنه صنيعة يديك .