والصلاة والســـلامـ على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين
أخواتي الغاليات طبتن وطاب ممشاكن وتبوأتن من الجنـــة مقعـــدا أمــــا بعــــد
إلى كل من تقرأ كتاب الله
إلى كل من تعلم و تتعلم كتاب الله
إلى كل من تحفظ كتاب الله
أهديك هذا الموضوع المهم لكي تكوني على بصيرة من أمر هذا العلم الشريف...ألا و هو العلم بكتاب الباري جل شأنه و تقدست أسماؤه...
نبـــدأ بـــأسم الله
فهــو خيــر معيــن
إن تعليم و تعلم كتاب الله هو تعلم شامل ل :
كيفية التلاوة.
و كيفية تدبر معاني الآيات الكريمة.
و مما يتعلق بهذه الشمولية : أن نتعلم ما يتعلق بأحكام التلاوة, و منها :
"سجدات التلاوة, و هي السجدات التي سجدها الرسول صلى الله عليه و سلم بعد قراءته لآيات محددة."
و برغم أن عدد هذه السجدات يسير,
إلا أن السجدة بحد ذاتها,
بما تمثله من عبودية و تذلل و تعظيم لله عز و جل, من جهة,
و بكونها مما فعله المصطفى صلى الله عليه و سلم, من جهة أخرى,
بالإضافة إلى دخولها ضمن الأحكام الفقهية –التي ينبغي أن نحرص فيها أشد الحرص على تتبع أقوال العلماء-
حافز لأن نوليها اهتماما يتمثل في الحرص على التزود بمعلومات صحيحة و شاملة عما يحيط بسجدة التلاوة من أحكام, و ما ورد فيها من آثار....
و مما نراه في الواقع أن هذا الموضوع تطرح حوله الكثير من التساؤلات,
فلا بد إذا من الإعداد لهذه الوقفة,
فثمة معلومات حول سجود التلاوة هامة و مفيدة و لطيفة, علينا أن نكون على إلمام بها ...
فهلمي نرى....
ما هي الأمور التي ينبغي أن نتعلمها فيما يتعلق بسجود التلاوة؟
أولا : فضله :
"شرع سجود التلاوة للقارئ و المستمع طاعة للرحمان و مخالفة للشيطان" منهاج التلاوةص 25
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
سجود القرآن نوعان :1
* خبر عن أهل السجود و مدح لهم
مثاله قوله تعالى : "و إذا تتلى عليهم آيات الرحمان خروا سجدا و بكيا"مريــــــــ58ــم
* أمر به و ذم على تركه :
مثاله قوله تعالى : "فاسجدوا لله و اعبدوا" النجــــ62ــم
و قوله : "و إذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا و ما الرحمان أنسجد لما تأمرنا به و زادهم نفورا"الفرقـــــ60ــان
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد, اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله – و في رواية: يا ويلي- أمر ابن آدم بالسجود فسجد, فله الجنة, و أمرت بالسجود فأبيت, فلي النار". صحيح مسلم
قال ابن القيم :
سجدات القرآن إخبار من الله تعالى عن سجود مخلوقاته, فسن للتالي و المستمع أن يتشبه بها عند تلاوته آية السجدة أو سماعها, و بعض السجدات أوامر, فيسجد عند تلاوتها بطريق أولى.
و قال النووي رحمه الله في توضيح الأحكام من بلوغ المرام :
أجمع العلماء على إثبات سجود التلاوة, فقد شرعه الله تعالى و رسوله عبودية و قربة إليه, و خضوعا لعظمته, و تذللا بين يديه عند تلاوة آيات السجود و استماعها.
و من الأفكار الجميلة –بالنسبة لمعلمات كتاب الله تعالى- أن بعض المعلمات إذا كان لديها في مقرر اليوم سجدة تلاوة, تكتب على السبورة آية تحث على السجود, أو تكتب حديث أبي هريرة السابق ذكره أو غير, فهذا فيه تذكير للطالبات و تحفيز تشكر عليه المعلمة.
الموضوع لم ينته بعد.....
المرجو من أخواتي الكريمات عدم الرد إلى حين الإنتهاء من الطرح...
حتى لا يضيع الموضوع بين الردود,و لتتم الإستفادة......
لكن بدل الرد الآن, أسألكن دعوة بظهر الغيب :) :26: :) .
"سجود التلاوة سنة للقارئ و المستمع" فقه السنة( 1/220)
فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ "و النجم" بمكة فسجد فيها, و سجد من كان معه...الحديث" صحيح البخاري, و عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : "قرأت على النبي صلى الله عليه و سلم "والنجم" فلم يسجد فيها " صحيح البخاري
عن عمر رضي الله عنه أنه "قرأيوم الجمعة على المنبر بسورة النحل, حتى إذا جاء السجدة, نزل فسجد و سجد الناس, حتى إذا كانت الجمعة القابلة, قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال : ( يا أيها الناس إنما نمر بالسجود, فمن سجد فقد أصاب, و من لم يسجد فلا إثم عليه , و لم يسجد عمر رضي الله عنه"صحيح البخاري
ثالثا : وقته :
"يرى الجمهور أنه يستحب السجود عقب قراءة آية السجدة أو سماعها, فإن أخر السجود لم يسقط ما لم يطل الفصل, فإن طال فإنه يفوت و لا يقضى"فقه السنة(1/224)
رابعا : شروطه :
هل تشترط الطهارة لسجود التلاوة؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
"لا تشترط لها شروط الصلاة, بل تجوز على غير طهارة كما كان ابن عمر رضي الله عنه يسجد على غير طهارة, لكن هي بشروط الصلاة أفضل, و لا ينبغي أن يخل يذلك إلا لعذر, فالسجود بلا طهارة خير من الإخلال به
و قد ترجم البخاري فقال : (باب سجدة المسلمين مع المشركين) و المشرك نجس ليس له وضوء, و ذكر سجود النبي عليه الصلاة و السلام بالنجم لما سجد, وسجد معه المسلمون و المشركون...."مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (23/166)
قال ابن حزم رحمه الله :
"ويسجد لها في الصلاة الفريضة و التطوع, و في غير الصلاة في كل وقت, و عند طلوع الشمس و غروبها و استوائها, إلى القبلة و إلى غير القبلة, و على طهارة و على غير طهارة"الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب و السنة المطهرة (2/185)
و قال الشوكاني رحمه الله :
"ليس في أحاديث سجود التلاوة ما يدل على اعتبار أن يكون الساجد متوضئا, و قد كان يسجد معه صلى الله عليه و سلم من حضر تلاوته, و لم ينقل أنه أمر أحدا منهم بالوضوءو و يبعد أن يكونوا جميعا متوضئين..."نيل الأوطار (3/104)
و سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء السؤال التالي :
إذا مر القارئ على آية سجدة, فهل يلزمه أن يكون على طهارة أثناء السجود أم لا؟ و هل يشرع لسجود التلاوة استقبال القبلة للقارئ و المستمعين أم لا؟
فأتى الجواب:
"من أهل العلم من يرى أنه صلاة, و يبني على ذلك اشتراط الطهارة, و استقبال القبلة, و التكبير عندالسجود و عند الرفع منه, و السلام, و منهم من يرى أنه عبادة و لكن ليس كالصلاة, و يبني على ذلك عدم اشتراط الطهارة و التوجه إلى القبلة و غير ذلك مما سبق, و هذا القول أرجح, لأننا لا نعلم دليلا على اشتراط الطهارةو استقبال القبلة, لكن متى تيسر استقبال القبلة حين السجود و أن يكون على طهارة, فهو أولى خروجا من خلاف العلماء"فتاوى اللجنة الدائمة (4/146) بتصرف.
قال الشيخ عبد الرحمان السعدي رحمه الله : سجود التلاوة إذا فعل خارج الصلاة فالصحيح أنه لا يجب فيه تكبير و لا تسليم, و لا يشترط فيه الطهارة, و لا استقبال القبلة, و لكنه بشروط الصلاة أفضل" توضيح الأحكام من بلوغ المرام.
خامسا : الذكر الوارد فيه:
إن سجدة التلاوة سنة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا بد أن نتبع فيها ما ورد من الأذكار التي صحت عنه صلى الله عليه و سلم فلنتعلم ما يقال في سجود التلاوة لنكون على بينة.
قال الإمام النووي رحمه الله:
"إذا سجد للتلاوة استحب أن يقول في سجوده ما يقال في سجود الصلاة"الأذكار النووية
يضاف إلى ذلك أدعية أخرى نصت عليها الأحاديث الشريفة, و ذلك مثل:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كنت عند النبي صلى الله عليه و سلمفأتاه رجل فقال : إني رأيت البارحة, فيما يرى النائم, كأني أصلي إلى أصل شجرة, فقرأت السجدة, فسجدت الشجرة لسجودي, فسمعتها تقول :
اللهم احطط عني بها وزرا, واكتب لي بها أجرا, و اجعلها لي عندك دحرا.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فرأيت النبي صلى الله عليه و سلم قرأ السجدة فسجد, فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة" السلسلة الصحيحة
و في رواية أخرى : "اللهم اكتب لي بها عندك أجرا, وضع عني بها وزرا, واجعلها لي عندك دحرا, و تقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داوود"رواه الترميذي و حسنه الألباني
و عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول في سجود القرآن بالليل :
"سجد وجهي للذي خلقه, وشق سمعه و بصره, بحوله و قوته" رواه الترميذي و حسنه الألباني
يتبع....