كم نفتقدك اليوم يا أبا سليمان ...!!!

الملتقى العام





كن كالصحابة في زهد وفي ورعٍ القوم هم ما لهم في الناس أشباهُ


عُبَّاد ليل إذا جنَّ الظلام بهم كم عابد دمعه في الخد أجراهُ


وأُسْدُ غابٍِ إذا نادى الجهاد بهم هبوا إلى الموت يستجدون رؤياهُ


يا رب فابعث لنا من مثلهم نفراً يشيِّدوا لنا مجداً أضعناهُ






خـــــــــــــالد بن الولـــــــــــيد رضي الله عنه

قال عنه صلى الله عليه وسلم ( نعم عبدالله. وأخو العشيرة، خالد ابن الوليد، سيف من سيوف الله سلّه الله على


الكفار والمنافقين"..






ان روح أبا سليمان وريحانه ليوجدان دائما وابدا، حيث تصهل الخيل، وتلتمع الأسنّة،

وتخفق رايات التوحيد فوق الجيوش

المسلمة..

وانه ليقول:

" ما ليلة يهدى اليّ فيها عروس، أو أبشّر فيها بوليد، بأحبّ اليّ من ليلة شديدة الجليد، في سريّة من المهاجرين،

أصبح بهم المشركين"..





إسلامه رضي الله عنه


لقد خلا يوما الى نفسه، وأدار خواطره الرشيدة على الدين الجديد الذي تزداد راياته كل يوما تألقا وارتفاعا، وتمنّى على


الله علام الغيوب أن يمدّ اليه من الهدى بسبب.. والتمعت في فؤاده الذكي بشائر اليقين، فقال:



" والله لقد استقام المنسم....


وان الرجل لرسول..


فحتى متى..؟؟


أذهب والله، فأسلم"..


ولنصغ اليه رضي الله عنه وهو يحدثنا عن مسيره المبارك الى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعن رحلته من مكة

الى المدينة ليأخذ مكانه في قافلة المؤمنين:


".. وددت لو أجد من أصاحب، فلقيت عثمان بن طلحة، فذكرت له الذي أريد فأسرع الاجابة، وخرجنا جميعا فأدلجنا

سحرا.. فلما كنا بالسهل اذا عمرو بن العاص، فقال مرحبا يا قوم،

قلنا: وبك..

قال: أين مسيركم؟ فأخبرناه، وأخبرنا أيضا أنه يريد النبي ليسلم.

فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان..فلما اطّلعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت

عليه بالنبوّة فردّ على السلام بوجه طلق، فأسلمت وشهدت شهادة الحق..

فقال الرسول: قد كنت أرى لك عقلا رجوت ألا يسلمك الا الى خير..

وبايعت رسول الله وقلت: استغفر لي كل ما أوضعت فيه من صدّ عن سبيل الله..

فقال: ان الاسلام يجبّ ما كان قبله..

قلت: يا رسول الله على ذلك..

فقال: اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صدّ عن سبيلك.

وتقدّم عمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة، فأسلما وبايعا رسول الله"...






بطولات أبا سليمان في معركة مؤتة


لقد كانوا أبطال غزوة مؤتة بأرض الشام.. تلك الغزوة التي حشد لها الروم مائتي ألف مقاتل، والتي أبلى المسلمون

فيها بلاء منقطع النظير..

وتذكرون العبارة الجليلة الآسية التي نعى بها الرسول صلى الله عليه وسلم قادة المعركة الثلاثة حين قال:

" أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا.

ثم أخذها جعفر فقاتل بها، حتى قتل شهيدا..

ثم أخذها عبدالله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا".


" ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله، ففتح الله علي يديه".


فمن كان هذا البطل..؟



لقد كان خالد بن الوليد.. الذي سارع الى غزوة مؤتة جنديا عاديا تحت قيادة القواد الثلاثة الذين جعلهم الرسول على

الجيش: زيد، وجعفر وعبدالله ابن رواحة، والذين استشهدوا بنفس الترتيب على ارض المعركة الضارية..

وبعد سقوط آخر القواد شهيدا، سارع الى اللواء ثابت بن أقرم فحمله بيمينه ورفعه عاليا وسط الجيش المسلم حتى لا

تبعثر الفوضى صفوفه..


ولم يكد ثابت يحمل الراية حتى توجه بها مسرعا الى خالد بن الوليد، قائلا له:


" خذ اللواء يا أبا سليمان"...

ولم يجد خالد من حقّه وهو حديث العهد بالاسلام أن يقود قوما فيهم الأنصار والمهاجرون الذين سبقوه بالاسلام..

أدب وتواضع وعرفان ومزايا هو لها اهل وبها جدير!!

هنالك قال مجيبا ثابت بن أقرم:

" لا آخذ اللواء، أنت أحق به.. لك سن وقد شهدت بدرا"..

وأجابه ثابت:" خذه، فأنت أدرى بالقتال مني، ووالله ما أخذته الا لك".

ثم نادى في المسلمين: اترضون امرة خالد..؟

قالوا: نعم..

واعتلى العبقري جواده. ودفع الراية بيمينه الى الأمام كأنما يقرع أبوابا مغلقة آن لها أن تفتح على طريق طويل لاحب

سيقطعه البطل وثبا..

في حياة الرسول وبعد مماته، حتى تبلغ المقادير بعبقريته الخارقة أمرا كان مقدورا...

ولّي خالد امارة الجيش بعد أن كان مصير المعركة قد تحدد. فضحايا المسلمين كثيرون، وجناحهم مهيض.. وجيش الروم

في كثرته الساحقة كاسح، ظافر مدمدم..

ولم يكن بوسع أية كفاية حربية أن تغير من المصير شيئا، فتجعل المغلوب غالبا، والغالب مغلوبا..


وكان العمل الوحيد الذي ينتظر عبقريا لكي ينجزه، هو وقف الخسائر في جيش الاسلام، والخروج ببقيته سالما، أي

الانسحاب الوقائي الذي يحول دون هلاك بقية القوة المقاتلة على أرض المعركة.


بيد أن انسحابا كهذا كان من الاستحالة بمكان..


ولكن، اذا كان صحيحا أنه لا مستحيل على القلب الشجاع فمن أشجع قلبا من خالد، ومن أروع عبقرية وأنفذ بصيرة..؟؟!



هنالك تقدم سيف الله يرمق أرض القتال الواسعة بعينين كعيني الصقر، ويدير الخطط في بديهته بسرعة الضوء..

ويقسم جيشه، والقتال دائر، الى مجموعات، ثم يكل الى كل مجموعة بمهامها.. وراح يستعمل فنّه المعجز ودهاءه

البليغ حتى فتح في صفوف الروم ثغرة فسيحة واسعة، خرج منها جيش المسلمين كله سليما معافى. بعد أن نجا


بسبب من عبقرية بطل الاسلام من كارثة ماحقة ما كان لها من زوال...!!


وفي هذه المعركة أنعم الرسول على خالد بهذا اللقب العظيم..






والله لأشفين وساوسهم بخالد


جنّد الصدّيق أبو بكر جيوشا عديدة، واختار لامارتها نفرا من القادة المهرة، أبو عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، ويزيد

بن أبي سفيان، ثم معاوية بن أبي سفيان..

وعندما نمت أخبار هذه الجيوش الى امبراطور الروم نصح وزراءه وقوّاده بمصالحة المسلمين، وعدم الدخول معهم في


حرب خاسرة..

بيد أن وزراءه وقوّاده أصرّوا على القتال وقالوا:


" والله لنشغلنّ أبا بكر على أن يورد خيله الى أرضنا"..


وأعدوا للقتال جيشا بلغ قوامه مائتي ألف مقاتل، وأ{بعين ألفا.


وأرسل قادة المسلمين الى الخليفة بالصورة الرهيبة للموقف فقال أبو بكر:


" والله لأشفينّ وساوسهم بخالد"..!!!


وتلقى ترياق الوساوس.. وساوس التمرّد والعدوان والشرك، تلقى أمر الخليفة بالزحف الى الشام، ليكون أميرا على

جيوش الاسلام التي سبقته اليها..


وما اسرع ما امتثل خالد وأطلع، فترك على العراق المثنّى بن الحارثة وسار مع قواته التي اختارها حتى وصل مواقع

المسلمين بأرض الشام، وأنجز بعبقريته الباهرة تنظيم الجيش المسلم وتنسيق مواقعه في وقت وجيز، وبين يدي

المعركة واللقاء، وقف في المقاتلين خطيبا فقال بعد أن حمد ربه وأثنى عليه:


" ان هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي..


أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم، وتعالوا نتعاور الامارة، فيكون أحدنا اليوم أميرا، والآخر غدا، والآخر بعد غد، حتى


يتأمّر كلكم"...

هذا يوم من أيام الله..


ما أروعها من بداية..!!


لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي..


وهذه أكثر روعة وأوفى ورعا!!



ولم تنقص القائد العظيم الفطنة المفعمة بالايثار، فعلى الرغم من أن الخليفة وضعه على رأس الجيش بكل أمرائه،


فانه لم يشا أن يكون عونا للشيطان على أنفس أصحابه، فتنازل لهم عن حقه الدائم في الامارة وجعلها دولة بينهم..


اليوم أمير، وغدا أمير ثان.. وبعد غد أمير آخر..وهكذا..


كان جيش الروم بأعداده وبعتاده، شيئا بالغ الرهبة..


لقد أدرك قوّاد الروم أن الزمن في صالح المسلمين، وأن تطاول القتال وتكاثر المعارك يهيئان لهم النصر دائما، من أجل

ذلك قرروا أن يحشدوا كل قواهم في معركة واحدة يجهزون خلالها على العرب حيث لا يبقى لهم بعدها وجود، وما من


شك أن المسلمين أحسّوا يوم ذاك من الرهبة والخطر ما ملأ نفوسهم المقدامة قلقا وخوفا..


ولكن ايمانهم كان يخفّ لخدمتهم في مثل تلك الظلمات الحالكات، فاذا فجر الأمل والنصر يغمرهم بسناه..!!



ومهما يكن بأس الروم وجيوشهم، فقد قال أبو بكر، وهو بالرجال جدّ خبير:


" خالد لها".!!


وقال:" والله، لأشفينّ وساوسهم بخالد".



وقبيل بدء القتال طلب قائد الروم أن يبرز اليه خالد ليقول له بضع كلمات ..


وبرز اليه خالد، حيث تواجها فوق جواديهما في الفراغ الفاصل بين الجيشين..


وقال ماهان قائد الروم يخاطب خالدا"


" قد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم الا الجوع والجهد..


فان شئتم، أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير، وكسوة، وطعاما، وترجعون الى بلادكم، وفي العام القادم أبعث اليكم

بمثلها".!!

وضغط خالد الرجل والبطل على أسنانه، وأدرك ما في كلمات قائد الروم من سوء الأدب..


وقرر أن يرد عليه بجواب مناسب، فقال له:


" انه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت، ولكننا قوم نشرب الدماء، وقد علمت أنه لا دم أشهى وأطيب من دم الروم،

فجئنا لذلك"..!!


ولوة البطل زمام جواده عائدا الى صفوف جيشه. ورفع اللواء عاليا مؤذنا بالقتال..


" الله أكبر"


" هبّي رياح الجنة"..


كان جيشه يندفع كالقذيفة المصبوبة.


ودار قتال ليس لضراوته نظير..


وأقبل الروم في فيالق كالجبال..


وبدا لهم من المسلمين ما لم يكونوا يحتسبون..


ورسم المسلمون صورا تبهر الألباب من فدائيتهم وثباتهم..


فهذا أحدهم يقترب من أبي عبيدة بن الجرّاح رضي الله عنه والقتال دائر ويقول:


" اني قد عزمت على الشهادة، فهل لك من حاجة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغها له حين ألقاه"؟؟


فيجيب أبو عبيدة:


" نعم قل له: يا رسول الله انا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا".


ويندفع الرجل كالسهم المقذوف.. يندفع وسط الهول مشتاقا الى مصرعه ومضجعه.. يضرب بسيفه، ويضرب بآلاف

السيوف حتى يرتفع شهيدا..!!

وهكذا، حتى.. جادت أرواح أكثرهم ظامئة.. ولكن أنضر ما تكون تفانيا وايثارا..!!






ومات خالد فلا نامت أعين الجبناء


كانت مأساة حياة البطل أن يموت البطل على فراشه..!!


هنالك قال ودموعه تنسال من عينيه:


" لقد شهدت كذا، وكذا زحفا، وما في جسدي موضع الا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، أو رمية سهم..


ثم هأنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء"..!


كلمات لا يجيد النطق بها في مثل هذا الموطن، الا مثل هذا الرجل، وحين كان يستقبل لحظات الرحيل، شرع يملي


وصيّته..


أتجرون الى من أوصى..؟


الى عمر بن الخطاب ..!!


أتدرون ما تركته..؟


فرسه وسلاحه..!!


ثم ماذا؟؟


لا شيء قط ، مما يقتني الناس ويمتلكون..!!


ذلك أنه لم يكن يستحوذ عليه وهو حيّ، سوى اقتناء النصر وامتلاك الظفر على أعداء الحق.


وما كان في متاع الدنيا جميعه ما يستحوذ على حرصه..


شيء واحد، كان يحرص عليه في شغف واستماتة.. تلك هي قلنسوته"..


سقطت منه يوم اليرموك. فأضنى نفسه والناس في البحث عنها.. فلما عوتب في ذلك قال:


" ان فيها بعضا من شعر ناصية رسول الله واني أتافاءل بها، وأستنصر".



وأخيرا، خرج جثمان البطل من داره محمولا على أعناق أصحابه ورمقته أم البطل الراحل بعينين اختلط فيهما بريق


العزم بغاشية الحزن فقالت تودّعه:


أنت خير من ألف ألف من القوم اذا ما كبت وجوه الرجال


أشجاع..؟ فأنت أشجع من ليث غضنفر يذود عن أشبال


أجواد..؟ فأنت أجود من سيل غامر يسيل بين الجبال



وسمعها عمر فازداد قلبه خفقا.. ودمعه دفقا.. وقال:


" صدقت..


والله ان كان لكذلك".


وثوى البطل في مرقده..


ووقف أصحابه في خشوع، والدنيا من حولهم هاجعة، خاشعة، صامتة..


لم يقطع الصمت المهيب سوى صهيل فرس جاءت تركض _كما نتخيلها_ بعد أن خلعت رسنها، وقطعت شوارع المدينة


وثبا وراء جثمان


صاحبها، يقودها عبيره وأريجه..




واذ بلغت الجمع الصامت والقبر الرطب لوت برأسها كالراية، وصهيلها يصدح.. تماما مثلما كانت تصنع والبطل فوق


ظهرها، يهدّ عروش فارس والروم، ويشفي وساوس الوثنية والبغي، ويزيح من طريق الاسلام كل قوى التقهقر


والشرك...


وراحت وعيناها على القبر لا تزيغان تعلو برأسها وتهبط، ملوّحة لسيدها وبطلها مؤدية له تحية الوداع..!!


ثم وقفت ساكنة ورأسها مرتفع.. وجبهتها عالية.. ولكن من مآقيها تسيل دموع غزار وكبار..!!


لقد وقفها خالد مع سلاحه في سبيل الله..


ولكن هل سيقدر فارس على أن يمتطي صهوتها بعد خالد..؟؟


وهل ستذلل ظهرها لأحد سواه..؟؟


ايه يا بطل كل نصر..


ويا فجر كل ليلة..


لقد كنت تعلو بروح جيشك على أهوال الزحف بقولك لجندك:


" عند الصباح يحمد القوم السرى"..



حتى ذهبت عنك مثلا..


وهأأنتذا، قد أتممت مسراك..


فلصباحك الحمد أبا سليمان..!!


ولذكراك المجد، والعطر، والخلد، يا خالد..!!


ودعنا.. نردد مع أمير المؤمنين عمر كلماته العذاب الرطاب التي ودّعك بها ورثاك:


" رحم الله أبا سليمان


ما عند الله خير مما كان فيه


ولقد عاش حميدا

ومات سعيدا






واليوم كيف حال أمتنا بعد رحيلك يا أبا سليمان .....؟؟؟

الأقصى مازال في الأسر يئن ويشتكي

نسينا الأندلس ونسينا سمر قند وبخارى ....

تكالبت علينا الأمم وضاع عزنا ومجدنا وأصبحنا أمة منقادة بعد أن كنا أمة قائدة

هل من عودة ياأبا سليمان فإن جيوش الروم تنهى وتأمر....



تفضلي هنا





اللهم إجمعنا مع حبيبنا المصطفى وصحابته الكرام في الفردوس الأعلى من الجنه .... يارب ....يارب
35
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

أم عبدالرحمن علي
ما اجمل الموضوع سلمت يمينك
نسائم الاقصى
نسائم الاقصى
ما اجمل الموضوع سلمت يمينك
ما اجمل الموضوع سلمت يمينك
ما أجمل مرورك أختي الكريمه

بارك الله فيك
حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
اللهم اجمعنا بنبينا وصحبه والمسلمين اجمعين

بوركت حبيبتنا على ماسطرت...

ننتظر المزيد..
نور البرق
نور البرق
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك
LuLlA AlgOoRy
LuLlA AlgOoRy
جزاك الله خير##وجعلها في ميزان اعمالك