كنزٌ ثمين وفكرة رائعة .. ولكن !!! ( الجزء 1 ) ...

ملتقى الإيمان

وما فتيء الزمـــانُ يـــدور حـتى مضى بالمجد قومٌ آخرونـا
وأصبح لا يُرى في الركب قومي وقـد عـــاشوا أئمّته سنينــا
وآلـمـني وآلـــــــــــم كـــلّ حـــــرٍّ سؤال الدهر أين المسلمونا

تعاني البشرية اليوم من تحوّل المسلم إلى إنسان عادي ليس له رقماً صحيحاً في هذه الدنيا ، إنسان غير مؤهل للرقي لا بنفسه ولا بمن حوله ، فعاشت الأمة على جانب الطريق تنظر في السائرين ولا تشارك في المسيرة ، فأصبحنا نُقادُ ولا نقود .

وأصبح عندنا وهمٌ وخللٌ اسمه ( انتظار البطل أو الفرج ) دون عمل شيء ، فالناس ترمُق الشخص الذي تُناط به الآمال في الخروج من التيه ، وغابت عن أذهان الكثيرين منّا حقيقةٌ أساسيةٌ وهي : أنّنا نستطيع أنْ نوجد مجتمعاً أقوى من مجموع أفراده وذلك ببدء الإصلاح على الصعيد الشخصي ، وما لم نفعل ذلك فإنّ الغد لن يكون أفضل من اليوم .

لقد أثبت التاريخ أنّ الإنسان لا يمكن له أن يقيم حضارةً أو يصنع مستقبلاً ما لم يغيّر من نفسه ابتداءً ثم يسير جاداً في طريق التغيير حتى يغير من هم وما حوله .

إنها ببساطة سنة الله في الحياة ، قال تعالى :  إنّ الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم  ( الرعد / 11 ) ...

لقد أحببتُ أن أنقل لكم المقدمة السابقة من سلسلة ( هندسة الحياة – د. علي الحمادي ) وكتاب ( صناعة القائد – أ. فيصل باشراحيل ) لأنها تلخِّص لنا الواقع الذي نعيشه مع ذكر الحل الوحيد لتغيير هذا الواقع والمذكور في قوله تعالى :  إنّ الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم  ...

يقول ستيفن كوفي : " لتتعايش مع التغيير وتجني من ورائه أفضل النتائج فأنت بحاجة لمبادئ لا تقبل التغيير " ...
ولن نجد المبادئ الثابتة غير القابلة للتغيير إلا في مصدرين هما : كتاب الله  وسنة الحبيب محمد  .
قَالَ رسول الله  : ( تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تمَسَّكْتُمْ بِهِمَا : كِتَابَ الله وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ ) موطأ الإمام مالك .

ولكن نجاح أي تغيير متوقف على التحضير المسبق له ، وبدون مثل هذا التحضير لن نصل إلى نتيجة مُرضية .
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إنّ السفينة لا تجري على اليبسِ

كتب د. صلاح الراشد في كتابه ( كيف تخطط لحياتك ؟ ) : " إنّ أيّ إنسان يود أن يغير أو يحسّن من وضع معين لابد له من معرفة وضعه الحالي أولاً ، ومن ثم ما يود الوصول إليه .
إنّ تشخيص الواقع وتحديد الطموح ووضع خطة انتقالية تلك هي الاستراتيجية الصحيحة للتغيير " .
" إنّ عملية التغيير ليست عملية عشوائية بل هي عملية تخطيطية واضحة الأهداف والمعالم " .. * د. طارق السويدان *

إذن .. لدينا كنزٌ ثمين يحوي مبادئ ثابتة غير قابلة للتغيير هو القرآن والسنة ، ولدينا فكرة رائعة منتشرة في الكثير من المنتديات وهي الدعوة إلى نصرة النبي  باتباع سنته وإحياء السنن النبوية في حياتنا ، ولدينا إدراك لواقعنا كأمة ومجتمعات وأفراد ، ولدينا الرغبة في تغيير هذا الواقع ولكن ينقصنا تحديد الهدف الذي نريد تحقيقه من خلال هذه الفكرة ، وينقصنا الخطة التي يجب أن نسير وفقها لتحقيق هذا الهدف .

بدايةً .. دعونا نتفق على الهدف الذي نرغب في تحقيقه من خلال فكرة ( نصرة النبي  باتباع سنته وإحياء السنن النبوية في حياتنا ) .

ليكن هدفنا هو تغيير وتأهيل أنفسنا بحيث نصبح أفراداً نمتاز بالاستقامة والتوازن والفاعلية اللازمة للقيام بدور مؤثر وفعَّال في تغيير وتنمية المجتمع لقوله تعالى :  إنّ الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم  .

نحتاج الاستقامة لأننا مسلمون .
قال تعالى :  إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ  ( فصلت / 30 ) ، ومعنى الاستقامة هنا : أي عملوا بطاعتِهِ ولزِموا سنة نبيهِ  .
وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك ، قال : ( قُلْ آمَنْتُ بِالله ثُمَّ اسْتَقِمْ ) مسند الإمام أحمد .

ونحتاج التوازن بين جوانب حياتنا المختلفة ( الجانب الروحي – الجانب الشخصي – الجانب الاجتماعي ) لأن الله  قال :  وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ .......  ( القصص / 77 ) ..
وقد آخى النبيُّ  بينَ سَلمانَ وأبي الدَّرداءِ ، فزارَ سَلمانُ أبا الدَّرْداء ، فرأى أمَّ الدَّرداءِ متَبذِّلةً فقال لها : ما شأنُك ؟
قالت : أخوكَ أبو الدَّرداءِ ليسَ لهُ حاجةٌ في الدُّنيا .
فجاءَ أبو الدَّرداءِ فصنَعَ لهُ طَعاماً ، فقال له : كل ، قال : فإني صائمٌ ، قال : ما أنا بِآكِلٍ حتى تَأْكُلَ . قال : فَأَكلَ . فلمّا كان الليلُ ذَهبَ أبو الدرداءِ يقومُ ، قال : نَمْ ، فنام . ثم ذَهبَ يقومُ ، فقال : نَمْ . فلمّا كانَ مِن آخِرِ الليلِ قال سَلمانُ : قُمِ الآنَ ، فصَلَّيا .
فقال له سَلمانُ : إِنَّ لِربِّك عليكَ حقاً ، ولنفْسِكَ عليكَ حقاً ، ولأهلِكَ عليكَ حقاً فأعْطِ كلَّ ذي حَقّ حقَّه.
فأتى النبي  فذَكرَ ذلكَ له ، فقال له النبي  : ( صَدَقَ سَلمانُ ) رواه البخاري ..

ونحتاج الفاعلية لأننا مستخلفون في الأرض ومُطالبون بعمارتها .
قال تعالى :  هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا  ( هود / 61 ) .
وقَالَ النبيُّ  : ( إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ....... ) رواه مسلم .
والإنسان الفعَّال هو الذي يتعلَّم ويُعلِّم ، يفكِّر ويخطط ، يبني ويصنع ويُنتج ويساهم في تنمية المجتمع .

سأتوقف عند هذا الحد وسأترك الحديث عن طبيعة الخطة التي سنسير وفقها للجزء الثاني من هذا الموضوع بإذن الله تعالى ولكن أتمنى أن أقرأ آراءكم في الموضوع والهدف الذي طرحته في هذا الجزء .
3
361

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حكايه صبر
حكايه صبر
احمد في قلبي
احمد في قلبي
wrrrd
wrrrd
جزاك الله خير