كن صديق القلوب
كثيرون أولئك الذين نتعرف عليهم ،ونقيم علاقات معهم، لكن الذين نتخذهم أصدقاء قليلون والقليلون جداً هم خلّص الأصدقاء، وهم أولئك الذين يشكلون بالنسبة إلينا السند الحقيقي بعد لطف الله تعالى
ومعونته في مواجهة الصعاب وتبديد الآلآم والأحزان وبلوغ الأمنيات...وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( الناس كإبل مئة لا تكاد تجد فيها راحلة )...البخاري
صفوة الأصدقاء قد لا تشكل أكثر من واحد في المئة من معارفنا .
الصديق رقم (واحد) إنسان نشعر بعدم الحرج إذا أفضينا إليه بالحديث عن أنفسنا ومشكلاتنا الخاصة ، كما نشعر أنه لا يمكن أن يشمت بنا ،ولا يمكن إلا أن يتفاعل معنا ،وكأن المشكلة مشكلته .
وهو إنسان يفاجئنا دائما بأنه يعمل من أجلنا دون أن نعلم ودون أن يعلم أحد.
الأصدقاء يوفرون لنا أشكالاً من الهناء والأمن والتواصل والدعم المعنوي ،وهذا يشكل شيئاً مهماً في الحياة الطيبة .وهم يحولون بيننا وبين العديد من الأزمات النفسية ، بل إنه قد ثبت أن كثيراً من
الاضطرابات الذهنية ينشأ بسبب ما يواجهه المرء من أزمات ومشكلات مع القليل من الدعم الاجتماعي والمساندة الأخوة .
علينا إذا وجدنا الصديق الصدوق أن نحرص على أخوتة، وألا نفرط بسهولة بصداقته، وعلينا إلى جانب ذلك أن نصارحه بالأثر الطيب الذي يتركه في حياتنا وبالمشاعر الدافئة ومشاعر الإعزاز والتقدير
التي نكنها له .وهذا يؤكد للصديق أن التضحيات التي يقوم بها من أجل صديقه وقعت في موقعها , وهي موضع عرفان وتقدير .
وقد قال عليه الصلاة والسلام :- ( إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليعلمه فإنه أبقى في الألفه وأثبت في المودة ).... اسناده صحيح .
قال أحدهم : - قال لي جاري : صديق عند الضيق هو ما أود أن أكون وقت الشده سألجأ إليك , وعند الحاجه ستجدني صادقاً معك ومخلصاً لك . فكرت قليلاً ثم وضعت يدي في يده ,
وقلت له : - أيها الصديق أنت قد لا تعرف المعنى العميق لهذه العباره ( الصديق هو ما يحتاج إليه القلب في كل وقت , وليس في أوقات الشده فحسب . )
بعض الناس حرموا أنفسهم من السعاده التي توفرها الصداقه العميقه لأنهم لا يثقون بغيرهم , ولا يثق غيرهم بهم , انهم لا يثقون بغيرهم بسبب ما لديهم من سوء ظن , ولا يثق غيرهم بهم بسبب سوء
فعالهم , او بسبب سيطره الحسابات النفعيه عليهم , فهم يريدون أن يتخذوا من الصداقه بقرةً حلوباً تدر عليهم المنافع , هؤلاء الناس يشعرون بالغربة والوحشه ولو كانوا يحيون بين اهلهم وذويهم .
من كتاب عش هانئاً أ.د.عبدالكريم بكار
