كوب البرتقال

الأدب النبطي والفصيح

أصوب عيني فأرى كوباً مترعاً بعصير البرتقال ، مندى بحبات البرودة التي ما إن تتكور حتى تذوبها حرارة أنفاسي المتقطعة فتسيل راسمة خطوطا باتجاه الأرض
أمد يدي نحوه فتتعانق حرارة يدي ببرودة الثلج المتراكم داخل الكوب مختلطاً باللون البرتقال ، أتلمظ أهفو لارتشافه ، متخيلاً السعرات الحرارية التي ستملؤني بنشاطها فور تدفقه في عروقي .
أنسحب بيدي متسائلاً والرغبة والاشتهاء يعملان في داخلي عملهما ،ويكتب في مخيلتي استفهام عريض ؟ أتظن أن هذا الكوب مملوء لك ؟ ليس من حقك أن تطوقه بأناملك ، ولا أن تسافر به نحو فمك ، ناهيك أن تسكبه في جوفك لتبرد به أواراً يشتد بداخلك !
تعود عيناي ترمقان لونه الأصفر يتخلله بياض الثلج الساكن في قعره و المتصاعد في أفقه ، وخيوط الندى تحيط به ، إنه يبدو لذيذاً سائغاً للشاربين ، إنه يروي عطشاً تكابده مهجتي .
تلمع فكرة ٌ هناك بعيداً حيث الشباك مفتوح على الشارع العام، أقوم لتوي أجر خطاي وعيناي تتسمران هنا ، ويداي ترتجفان ، أفركهما ببعض لأوجد جواً من التناسي ،أطل برأسي من تلك النافذة ، أجيل نظري في المارة من بشر ومركبات ، ذاكرتي ليست معي ، مع رغبتي ، هنالك على الطاولة حيث يقتعدها كوب البرتقال ، أتصفح بعيني شخوصاً ذاهبة وأخرى آيبة ، أحاول أن أقترف صوراً ذهنية تنسيني ، ترحل بي بعيداً ، أحاول فأمسك بأطراف قصص متخيلة سرعان ما تتحلل ويرتسم أمامي كوب البرتقال .
وفجأة ً أرى لوناً داكناً في الأفق ! ما الذي يظهر هنالك ؟ طائرة نفاثة ؟ أم ماذا
وقليلاً ثم أتبين ، أنه سحاب مركوم ، إنه نذير عاصفة أو بشير غيث عميم ، في الأسفل حيث الشارع ضجيج الأشياء ، أصوات حطام المخلفات يرتطم ببعض وبأسوار المنازل ، خفضت رأسي للأعلى منجذباً للمشاهدة المرعوبة ، أبطأت فلم أرفع رأسي إلا حين فاجأتني لفحة من ريح شديدة ، يا ألله ، هبة عاصفة قوية أطاحت بي ، ارتميت على بعض الأثاث ، وقعت على خاصرتي ، التويت ، نهضت بإعياء وأنا أتحسس التراب يملأ وجهي ويتسرب لعيني ، نفضت جسمي من آثاره ، هجأت تلك الهبة وأنا أقف وبعد لحظة تذكرت ، ارتسم في ذهني كوبي المفضل ، وداهمني سؤال ، لقد سمعت وقع زجاج أثناء هجوم العاصفة ، هرعت للخلف ، صدمني المشهد ، زجاج متكسر ، بقايا لون أصفر تضمخ به سطح الطاولة ملأت أسفاً وانكساراً ، ازدادت الحرقة ، تضاعفت اللوعة والأسى ، لكني لم أجد أبرد على قلبي ساعة إذ ٍ من ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) قدر الله وما شاء فعل .

تحياتي ،،
7
738

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ام اليزيد
ام اليزيد
أسلوب سهل
وسرد متسلسل
وكلمات معبرة
وموهبة بارزة
وتررد أضاع لحظة جميلة من المتعة التي كان لابد من التقلب فيها
لكن
متعة الرضا بالقدر
تفوق كل لذة






شفاه الحب
هل هذا من إبداعك الشخصي ؟
عاشفة الضباب
عاشفة الضباب

شفاه الحب
تسلمين على القصه المعبره
لك ودي
بلورة دلع
بلورة دلع
يسلمووووووووووو إبداع رائع

مشكوووووووورة
mesadah
mesadah
ارى انك تملكين قلما رائعا لاتهملية بوركت
أسيرة حواء
أسيرة حواء
موهبة مميزة وتصويرمبتكر
نعم