
الاستشفاء بفاتحة الكتاب
الاستشفاء بفاتحة الكتاب
قال الله تعالى:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِالْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِالدِّينِ إياك نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهدِنَا الصِّرَاطَ المستقيم صِرَاطَالَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ] الفاتحة].
خلق الله الإنسان ضعيفا لتقوى صلته بالقوي المتينسبحانه، فيطلبه عند الضعف ويستعين به عند العجز، ويستبين به الطريق عند التيه، بليذكره في شدته ورخائه كما يذكره في شدته وحاجته، وكان من ضعف الإنسان انزعاج قلبهواضطرابه ووحشته، فجعل الله في ذكره سبحانه الطمأنينة والسكينة وراحة الّنفس، كماقال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِاللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُالرعد : 28]، والقرآنمن ذكر الله، كما قال الله عز وجل: وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌأَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَالأنبياء : 50]، بل هو أصلالذكر،ولذلك ذكره الله معرفا بالألف والّلام في قوله: إنَّا نَحْنُنَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَالحجر : 9].
ولماكان ذكر الله شفاء للقلوب، ولمّا كان القرآن أصل الذكر وأفضله، جعل الله عز وجلالقرآن كله شفاء للمؤمنين، فقال: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَاهُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّخَسَاراًالإسراء : 82]، و(من) هنا للجنس وليست للتبعيض، قاله ابن الجوزيفي (منتخب قرة العيون النواظر في الوجوه والنظائر) عند كلامه على كلمة (من)، وقالابن القيم في زاد المعاد(4/177): ( ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافعمجربة، فما الظن بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام ، كفضل الله على خلقه،الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة والنور الهادي والرحمة العامة الذي لو أنزلعلى جبل لتصدع من عظمته و جلالته، قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَالْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُالظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراًالإسراء : 82]، و (من) هنا لبيان الجنس لالتبعيض، هذا أصح القولين.)، لأن القرآن كله شفاء، بدليل قول الله تعالى: َلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْآيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءوَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًىأُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ فصلت : 44]،وقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْوَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَيونس : 57].
أنواع الأمراض:
قال ابن القيمفي الزاد(4/5_7): (المرض نوعان: مرضالقلوبومرضالأبدان، وهما مذكوران في القرآن.
ومرضالقلوب نوعان:مرضشبهة وشك، ومرضشهوة وغيّ، وكلاهما في القرآن، قال تعالى في مرض الشبهة: فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُمعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَالبقرة : 10] وقال تعالى: وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَاعِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَأُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَا يَرْتَابَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِيقُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاًكَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُجُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِالمدّثر : 31] وقال تعالى في حق من دعي إلى تحكيم القرآن والسنة فأبى وأعرض: وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَافَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِمُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَاللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَالنور : 48: 49: 50]، فهذا مرض الشبهات والشكوك.
الموضوع الأصلى من هنا: شبكة و منتديات بيت الرقية الشرعية http://www.all-ruqyaa.com/vb/showthread.php?t=8573
الموضوع الأصلى من هنا: شبكة و منتديات بيت الرقية الشرعية http://www.all-ruqyaa.com/vb/showthread.php?t=8573
وأما مرض الشهوات، فقال تعالى: يانِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِاتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِمَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاًالأحزاب : 32]...
فأما طبالقلوب فمسلّم إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ولا سبيل إلى حصوله إلا من جهتهموعلى أيديهم، فإن صلاح القلوب أن تكون عارفة بربّها وفاطرها، وبأسمائه وصفاتهوأفعاله وأحكامه، وأن تكون مؤثرة لمرضاته ومحابه، متجنبة لمناهيه ومساخطه، ولا صحةلها ولا حياة البتة إلا بذلك، ولا سبيل إلى تلقيه إلا من جهة الرّسل، وما يظن منحصول صحة القلب بدون إتباعهم فغاط ممّن يظن ذلك، وإنما حياة نفسه البهيميةالشهوانية وصحتها وقوتها، وحياة قلبه وصحته وقوته عن ذلك بمعزل، ومن لم يميّز بينهذا وهذا فليبك على حياة قلبه، فإنه من الأموات ،وعلى نوره، فإنه منغمس في بحارالظلمات).

شفاء سورة الفاتحةللقلوب:
بعد أن عرفنا أن الله عز وجل جعل الشفاء في كتابه الكريم كله، فليعلم أن الله خص سورا وآيات من كتابه في خاصية الشفاء والتأثير، منها سورةالفاتحة، فقد ذكر الله فيها المنعم عليهم أصحاب الصراط المستقيم الذين عرفوا الحقوعملوا به، وقابلهم بمن انحرف عن ذلك، وهم أمتان: اليهود الذين عرفوا الحق وتركواالعمل به بسبب مرض الشهوات خاصة وإن كانوا لا يسلمون من الشبهات، والنصارى الذينضلوا عن معرفة الحق بسبب الشبهات خاصة وإن كانوا لا يسامون من الشهوات، قال ابنالقيم رحمه الله:في"مدارج السالكين"(1/52_55): (( فأما اشتمالها على شفاءالقلوب، فإنها اشتملت عليه أتمّ اشتمال، فإن مدار اعتلال القلوب وأسقامها علىأصلين: فساد العلم، و فساد القصد،ويترتب عليها داءانقاتلان، وهماالضلال والغضب، فالضلال نتيجة فساد العلم،والغضب نتيجة فساد القصد، وهذان المرضان هما ملاك أمراض القلوب جميعها، فهدايةالصراط المستقيم تتضمن الشفاء من الضلال ، ولذلك كان سؤال الهداية أفرض دعاء على كلعبد وأوجبه عليه كلّ يوم وليلة في كلّ صلاة، لشدة ضرورته وفاقته إلى الهدايةالمطلوبة ، ولا يقوم غير السؤال مقامه...)).
وقال في " زادالمعاد"(4_178): (( و بالجملة ما تضمنته الفاتحة من إخلاص العبودية والثناء علىالله، و تفويض الأمر كله إليه والاستعانة به والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم كلها، وهي الهداية التي تجلب النعم وتدفع النقم ، من أعظم الأدوية الشافية الكافية، وقدقيل أن موضع الرقية منها: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُالفاتحة : 5] ولا ريب أن هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء، فإنفيهما من عموم التفويض والتوكل والالتجاء والاستعانة والافتقاروالطلب...)).
بعد أن عرفنا أن الله عز وجل جعل الشفاء في كتابه الكريم كله، فليعلم أن الله خص سورا وآيات من كتابه في خاصية الشفاء والتأثير، منها سورةالفاتحة، فقد ذكر الله فيها المنعم عليهم أصحاب الصراط المستقيم الذين عرفوا الحقوعملوا به، وقابلهم بمن انحرف عن ذلك، وهم أمتان: اليهود الذين عرفوا الحق وتركواالعمل به بسبب مرض الشهوات خاصة وإن كانوا لا يسلمون من الشبهات، والنصارى الذينضلوا عن معرفة الحق بسبب الشبهات خاصة وإن كانوا لا يسامون من الشهوات، قال ابنالقيم رحمه الله:في"مدارج السالكين"(1/52_55): (( فأما اشتمالها على شفاءالقلوب، فإنها اشتملت عليه أتمّ اشتمال، فإن مدار اعتلال القلوب وأسقامها علىأصلين: فساد العلم، و فساد القصد،ويترتب عليها داءانقاتلان، وهماالضلال والغضب، فالضلال نتيجة فساد العلم،والغضب نتيجة فساد القصد، وهذان المرضان هما ملاك أمراض القلوب جميعها، فهدايةالصراط المستقيم تتضمن الشفاء من الضلال ، ولذلك كان سؤال الهداية أفرض دعاء على كلعبد وأوجبه عليه كلّ يوم وليلة في كلّ صلاة، لشدة ضرورته وفاقته إلى الهدايةالمطلوبة ، ولا يقوم غير السؤال مقامه...)).
وقال في " زادالمعاد"(4_178): (( و بالجملة ما تضمنته الفاتحة من إخلاص العبودية والثناء علىالله، و تفويض الأمر كله إليه والاستعانة به والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم كلها، وهي الهداية التي تجلب النعم وتدفع النقم ، من أعظم الأدوية الشافية الكافية، وقدقيل أن موضع الرقية منها: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُالفاتحة : 5] ولا ريب أن هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء، فإنفيهما من عموم التفويض والتوكل والالتجاء والاستعانة والافتقاروالطلب...)).

اللهم صلى على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 0
ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة فما الظن بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة والنور الهادي والرحمة العامة الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته . قال تعالى : وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين و " من " ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض هذا أصح القولين كقوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما وكلهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات فما الظن بفاتحة الكتاب التي لم ينزل في القرآن ولا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلها المتضمنة لجميع معاني كتب الله المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب - تعالى - ومجامعها و هي الله والرب والرحمن وإثبات المعاد وذكر التوحيدين
توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية وذكر الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة وطلب الهداية وتخصيصه سبحانه بذلك وذكر أفضل الدعاء على الإطلاق وأنفعه وأفرضه وما العباد أحوج شيء إليه وهو الهداية إلى صراطه المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته - بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه إلى الممات ويتضمن ذكر أصناف الخلائق وانقسامهم إلى منعم عليه بمعرفة الحق والعمل به ومحبته وإيثاره ومغضوب عليه بعدوله عن الحق بعد معرفته له وضال بعدم معرفته له .
وهؤلاء أقسام الخليقة مع تضمنها لإثبات القدر والشرع والأسماء والصفات والمعاد والنبوات وتزكية النفوس وإصلاح القلوب وذكر عدل الله وإحسانه والرد على جميع أهل البدع والباطل كما ذكرنا ذلك في كتابنا الكبير " مدارج السالكين " في شرحها . وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يستشفى بها من الأدواء ويرقى بها اللديغ .
وبالجملة فما تضمنته الفاتحة من إخلاص العبودية والثناء على الله وتفويض الأمر كله إليه والاستعانة به والتوكل عليه وسؤاله مجامع النعم كلها وهي الهداية التي تجلب النعم وتدفع النقم من أعظم الأدوية الشافية الكافية .
وقد قيل إن موضع الرقية منها : إياك نعبد وإياك نستعين ولا ريب أن هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء فإن فيهما من عموم التفويض والتوكل والالتجاء والاستعانة والافتقار والطلب والجمع بين أعلى الغايات وهي عبادة الرب وحده وأشرف الوسائل وهي الاستعانة به على عبادته ما ليس في غيرها ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه وفقدت الطبيب والدواء فكنت أتعالج بها آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مرارا ثم أشربه فوجدت بذلك البرء التام ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع بها غاية الانتفاع .
فصل
وفي تأثير الرقى بالفاتحة وغيرها في علاج ذوات السموم سر بديع فإن ذوات السموم أثرت بكيفيات نفوسها الخبيثة كما تقدم وسلاحها حماتها التي تلدغ بها وهي لا تلدغ حتى تغضب فإذا غضبت ثار فيها السم فتقذفه بآلتها وقد جعل الله سبحانه لكل داء دواء ولكل شيء ضدا ونفس الراقي تفعل في نفس المرقي فيقع بين نفسيهما فعل وانفعال كما يقع بين الداء والدواء فتقوى نفس الراقي وقوته بالرقية على ذلك الداء فيدفعه بإذن الله ومدار تأثير الأدوية والأدواء على الفعل والانفعال وهو كما يقع بين الداء والدواء الطبيعيين يقع بين الداء والدواء الروحانيين والروحاني والطبيعي وفي النفث والتفل استعانة بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشر للرقية والذكر والدعاء فإن الرقية تخرج من قلب الراقي وفمه فإذا صاحبها شيء من أجزاء باطنه من الريق والهواء والنفس كانت أتم تأثيرا وأقوى فعلا ونفوذا ويحصل بالازدواج بينهما كيفية مؤثرة شبيهة بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدويةوفي هديه صلى الله عليه وسلم في رقية اللديغ بالفاتحة
أخرجا في " الصحيحين " من حديث أبي سعيد الخدري قال ا نطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا : يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء ؟ فقال بعضهم نعم والله إني لأرقي ولكن استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما أنشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة قال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم اقتسموا فقال الذي رقى : لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك فقال " وما يدريك أنها رقية ؟ " ثم قال قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما
وقد روى ابن ماجه في " سننه " من حديث علي قال قال رسول الله خير الدواء القرآن
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة فما الظن بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة والنور الهادي والرحمة العامة الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته . قال تعالى : وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين و " من " ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض هذا أصح القولين كقوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما وكلهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات فما الظن بفاتحة الكتاب التي لم ينزل في القرآن ولا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلها المتضمنة لجميع معاني كتب الله المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب - تعالى - ومجامعها و هي الله والرب والرحمن وإثبات المعاد وذكر التوحيدين
توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية وذكر الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة وطلب الهداية وتخصيصه سبحانه بذلك وذكر أفضل الدعاء على الإطلاق وأنفعه وأفرضه وما العباد أحوج شيء إليه وهو الهداية إلى صراطه المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته - بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه إلى الممات ويتضمن ذكر أصناف الخلائق وانقسامهم إلى منعم عليه بمعرفة الحق والعمل به ومحبته وإيثاره ومغضوب عليه بعدوله عن الحق بعد معرفته له وضال بعدم معرفته له .
وهؤلاء أقسام الخليقة مع تضمنها لإثبات القدر والشرع والأسماء والصفات والمعاد والنبوات وتزكية النفوس وإصلاح القلوب وذكر عدل الله وإحسانه والرد على جميع أهل البدع والباطل كما ذكرنا ذلك في كتابنا الكبير " مدارج السالكين " في شرحها . وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يستشفى بها من الأدواء ويرقى بها اللديغ .
وبالجملة فما تضمنته الفاتحة من إخلاص العبودية والثناء على الله وتفويض الأمر كله إليه والاستعانة به والتوكل عليه وسؤاله مجامع النعم كلها وهي الهداية التي تجلب النعم وتدفع النقم من أعظم الأدوية الشافية الكافية .
وقد قيل إن موضع الرقية منها : إياك نعبد وإياك نستعين ولا ريب أن هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء فإن فيهما من عموم التفويض والتوكل والالتجاء والاستعانة والافتقار والطلب والجمع بين أعلى الغايات وهي عبادة الرب وحده وأشرف الوسائل وهي الاستعانة به على عبادته ما ليس في غيرها ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه وفقدت الطبيب والدواء فكنت أتعالج بها آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مرارا ثم أشربه فوجدت بذلك البرء التام ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع بها غاية الانتفاع .
فصل
وفي تأثير الرقى بالفاتحة وغيرها في علاج ذوات السموم سر بديع فإن ذوات السموم أثرت بكيفيات نفوسها الخبيثة كما تقدم وسلاحها حماتها التي تلدغ بها وهي لا تلدغ حتى تغضب فإذا غضبت ثار فيها السم فتقذفه بآلتها وقد جعل الله سبحانه لكل داء دواء ولكل شيء ضدا ونفس الراقي تفعل في نفس المرقي فيقع بين نفسيهما فعل وانفعال كما يقع بين الداء والدواء فتقوى نفس الراقي وقوته بالرقية على ذلك الداء فيدفعه بإذن الله ومدار تأثير الأدوية والأدواء على الفعل والانفعال وهو كما يقع بين الداء والدواء الطبيعيين يقع بين الداء والدواء الروحانيين والروحاني والطبيعي وفي النفث والتفل استعانة بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشر للرقية والذكر والدعاء فإن الرقية تخرج من قلب الراقي وفمه فإذا صاحبها شيء من أجزاء باطنه من الريق والهواء والنفس كانت أتم تأثيرا وأقوى فعلا ونفوذا ويحصل بالازدواج بينهما كيفية مؤثرة شبيهة بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدويةوفي هديه صلى الله عليه وسلم في رقية اللديغ بالفاتحة
أخرجا في " الصحيحين " من حديث أبي سعيد الخدري قال ا نطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا : يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء ؟ فقال بعضهم نعم والله إني لأرقي ولكن استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما أنشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة قال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم اقتسموا فقال الذي رقى : لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك فقال " وما يدريك أنها رقية ؟ " ثم قال قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما
وقد روى ابن ماجه في " سننه " من حديث علي قال قال رسول الله خير الدواء القرآن
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

طريقة الرقية:
فكما جاءت في الأحاديث الصحاح.
وضع اليد على مكان الألم، والقراءة بالآيات والأدعية التي وردت الرقية بها، ثم النفخ مباشرة على موضع الألم، وأن تكون قراءة متأنية بخشوع وخضوع. وإن كانت الرقية للذات فينفخ في يديه ثم يمسح بهما موضع الألم.
ومما يرقى به من الآيات والأدعية الآتي:
فالآيات التي يرقى بها من المرض الحسي والمعنوي، هي الفاتحة، وآية الكرسي، وآخر سورة البقرة، والمعوذتان قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس.
وأما الأدعية فإن رقيته صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا} البخاري ورقية جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ} مسلم وكان عليه الصلاة والسلام يعلم الرقية بقوله {ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ} وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ} البخاري. ولعل المسلم أن يكتفي في الرقية بما اكتفى به النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا}
وأما من لم يقتنع بقدرته على الرقية فليبحث عن راقي تتوفر فيه هذه الصفات:
طهارة القلب وصفاء العقيدة وحسن النية والتمسك بما شرع جل وعلا، وأول تلك العلامات وأعلاها سماحة الخلق، وبشاشة الوجه، والحرص على نفع الغير، وعدم استغلال حاجة المرضى و عدم امتهان الرقية كمهنة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
فكما جاءت في الأحاديث الصحاح.
وضع اليد على مكان الألم، والقراءة بالآيات والأدعية التي وردت الرقية بها، ثم النفخ مباشرة على موضع الألم، وأن تكون قراءة متأنية بخشوع وخضوع. وإن كانت الرقية للذات فينفخ في يديه ثم يمسح بهما موضع الألم.
ومما يرقى به من الآيات والأدعية الآتي:
فالآيات التي يرقى بها من المرض الحسي والمعنوي، هي الفاتحة، وآية الكرسي، وآخر سورة البقرة، والمعوذتان قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس.
وأما الأدعية فإن رقيته صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا} البخاري ورقية جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ} مسلم وكان عليه الصلاة والسلام يعلم الرقية بقوله {ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ} وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ} البخاري. ولعل المسلم أن يكتفي في الرقية بما اكتفى به النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا}
وأما من لم يقتنع بقدرته على الرقية فليبحث عن راقي تتوفر فيه هذه الصفات:
طهارة القلب وصفاء العقيدة وحسن النية والتمسك بما شرع جل وعلا، وأول تلك العلامات وأعلاها سماحة الخلق، وبشاشة الوجه، والحرص على نفع الغير، وعدم استغلال حاجة المرضى و عدم امتهان الرقية كمهنة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الصفحة الأخيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سورة الفاتحة
من الأحاديث الصحيحة التي وردت بفضل سورة الفاتحة :
1) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
(( بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال : هذا باب من السماء فتح اليوم ، لم يفتح قط إلا اليوم ، فنزل منه ملك فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض ، لم ينزل قط إلا اليوم ، فسلم وقال : أبشر بنورين أوتيتهما ، لم يؤتهما نبي قبلك ؛ فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة {البقرة} ، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته )) ..
..
2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها. وإنها سبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيته )) ..
..
3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : {الحمد لله رب العالمين} ، قال الله : حمدني عبدي . فإذا قال : { الرحمن الرحيم } ، قال : اثنى علي عبدي . فإذا قال : {مالك يوم الدين} ، قال مجدني عبدي.وإذا قال:{إياك نعبد وإياك نستعين} ، قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل . فإذا قال : {اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} ، قال : هذا لعبدي . ولعبدي ماسأل )) ..
..
4) عن أبي سعيد الخدري قال : عن أبي سعيد الخدري قال :
(( كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت إن سيد الحي سليم وإن نفرنا غيب فهل منكم راق فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقية فرقاه فبرأ فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا فلما رجع قلنا له أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي قال لا ما رقيت إلا بأم الكتاب قلنا لا تحدثوا شيئا حتى نأتي أو نسأل النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال وما كان يدريه أنها رقية اقسموا واضربوا لي بسهم )) ..
..