الحلم ..
والصبر على الأذى ..
والعفو عند المقدرة ..
من أفضل الخصال التي يحبها الله في عباده ..
والحلم من بين سائر الأخلاق .. يتبوأ منزلة السيادة..
.....
والحليم ... هو الذي يحتمل أسباب الغضب ويضبط انفعالاته..
فلا يتعجل بالعقوبة عند المقدرة ..
بل يصبر ويتأنى ، ويحبس نفسه حتى تخضع لسلطان العقل ،
وتطمئن إليه .
.....
قال تعالى في دعوة إلى التحلي بالحلم :
(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ .
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} فصلت 33 - 35 .
.....
ولو تساءلنا : من هم الذين بلغوا الذروة في الحلم ..؟
لكان الجواب : إن أحق المتصفين به هم الرسل عليهم السلام.
.....
فهذا نوح عليه السلام دعا قومه إلى عبادة الله ..
فجعلوا أصابعهم في آذانهم استكباراً عليه وإصراراً على الكفر
وقالوا عنه {مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ} ..
فحَلَم عليهم ألف سنة إلا خمسين عاما..
.....
وهذا سيدنا إبراهيم قد أثنى الله تعالى عليه بقوله :
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ التوبة١١٤
وفي آية أخرى :
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ﴾ هود٧٥
للصوق الحلم في طبعه ، ولزومه في خلقه .
.....
وسيدنا موسى رماه قومه بالجنون ..
وتحدوه بالسحر وائتمروا عليه ليقتلوه ..
فحلم عليهم فبرأه الله مما قالوا، وكان عند الله وجيها..
.....
ووصف القرآن الكريم سيدنا إسماعيل بـ (الحليم) ..
وهو وصف مناسب جداً ..
فإن الحلم هو العقل ، وكمال الرأي ، المتضمن كمال الصبر ..
وذلك كله يتضح في موقف إسماعيل ..
عندما أخبره أبوه إبراهيم بتلقي رؤيا الأمر الإلهي بذبحه ..
حين قال لأبيه قولا يدل على كمال عقله ، وكمال صبره :
(قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ)
.....
أما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..
فقد لاقى من الأذى والسخرية من قومه مالاقى ..
فلم يؤذ نبي مثل ماأوذي ..
وهذه صور متفرقة في مسيرة دعوته تبين لنا ذلك :
.....
ففي الطائف تعرض لشخصه الكريم السفهاء والغلمان بالحجارة ..
حتى دميت قدماه ..
فجلس يدعو الله .. و هناك يبعث الله إليه ملك الجبال فيقول له :
إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت،
فماذا كان رده الكريم .. ؟؟
كان جواباً يدل على منتهى الحلم :
( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده
لا يشرك به شيئا ) .
.....
وحادثة أخرى تدل على سعة حلمه ..
حين أتاه أعرابي وكان في مجلسه مع الصحابة ..
فجذبه بردائه جذبة شديدة تركت أثرها في عنقه، قائلاً: يا محمد ..!
مرّ لي من مال الله الذي عندك..
فلم يعاقبه الرسول ، ولم يزدجره .. بل أمر له بعطاء ..!
.....
وشمل النبي الكريم الجميع بحلمه دون استثناء ..
فهذا خادمه أنس بن مالك يشهد بذلك فيقول :
(خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين
فما قال لي أف قط ..!!)
ألا ماأعظم حلمك يارسول الله ..! وما أكرم خلقك ..!!
****
تعريفات في الحلم ~
يقول أبو حامد الغزالي :
(الحليم هو من لا يستفزُّه غضبٌ، ولا يعتريه غيظ ولا انتقام مع الاقتدار)
.....
وقيل لقيس بن عاصم: ما الحلم؟
قال: أن تصل من قطعك، وتعطي من حرَمك، وتعفو عمن ظلمك..
....
وأعم ماقيل في تفسيره :
الحلم بأنه إمساك النفس عن الاستشاطة في الغضب ..
وملك الجوارح عند اتقاد جمرة الشر ..
والسكوت عند الأحوال المُحرّكة للانقام ..
والتثبت في ترك تعجيل إنفاد الحكم ..
لما في عواقب ذلك من وقوع الندم ..
لا سيما مع تمكن القدرة ، وتحكم القوة ،
فإن ذلك آية الرحمة وسعة الصدر وعلو الهمة و مكارم الأخلاق .
مواقف لأهل الحلم ~
قال رجل لأخيه الحليم :
إن فلاناً قد شتمك ..
فقال له : إن كنت صادقاً فيما تقول فأسأل الله أن يغفرها لي
وإن كنت كاذباً في قولك فأسأل الله أن يغفرها لك ..
.....
قال ابو ذر لغلامه :
لّم أرسلت الشاة على علف الفرس ؟
قال : أردت أن أغيظك .
قال له : لأجمعن مع الغيظ أجراً ،
اذهب ..! أنت حرَّ لوجه الله .
****
الحلم ، والتحلم ماالفرق بينهما ؟
جاء في الحديث:
(إنما العلم بالتعلم ..
وإنما الحلم بالتحلم..
وإنما الكرم بالتكرم ..)
.....
أي أن هناك حلم أصيل , وهناك حلم متصنع..
و كرم أصيل, و كرم متصنع ..
و علم حقيقي, وعلم بالتعلم ..
***
عــــزيــــــزتــــي :
إن طريقك إلى أن تكون حليمة..
أن تتصنعي الحلم ....
وكيف ذلك ..؟؟
أن تكظمي غيظك ، وتسيطري على أعصابك .
كما أن طريقك إلى أن تكوني كريمة ..
أن تعودي نفسك على إنفاق المال في وجوه الخير ..
.....
والله تعالى إذا رأى عبده مسيطراً على نزواته وأهوائه ..
منحه الأصالة في خلقه ..
ومكّن الحلم والكرم في نفسه .
.....
وقد ورد في الآثر :
(من عمل بما علم, أورثه الله علم ما لم يعلم )
فإذا أردنا الخلق الأصيل, نبدأ بتصنع هذا الخلق,
ونحكم أعصابنا ..
:
إذا لم يكن الحلم طبع فيك أصيل ..
فاكتسبيه ..
ثم عودي نفسك أن تمارسيه في سلوكك ..
حتى يتأصل فيك ويصبح جزءا منك ..
:
أما إذا كنت بطبعك بعيدة عن الغضب..
تفكرين بهدوء وعقلانية ...
تستمعين بمنطقية وتحكمين بتروي..
تتخذين قراراتك بعيداً عن الانفعالات ..
وتقفين موقفاً عادلاً في أية قضية ..
لا تحيدي , لا تظلمي , لا تبالغي , لا تحابي...
فهنيئاً لك ...!
لأنك حليمة ..!
.....
فيضٌ وعِطرْ @fyd_oaatr
فريق الإدارة والمحتوى
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
﷽ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ ".
المحامية نون :ماشاء الله يافيض موضوع جزيل بالفائدة ... تحدثتي عن صفه رائعة تسمو بصاحبها وتوقره ... اخسنت واجدت وبارك الله في سعيك .... وجعلنا من اهل الحلم في جميع مواقف حياتنا .. دمت بكل خيرماشاء الله يافيض موضوع جزيل بالفائدة ... تحدثتي عن صفه رائعة تسمو بصاحبها وتوقره ... اخسنت واجدت...
حياك الله نون الغالية :
ممتنة لمشاركتك ولكلماتك الرائعة
بارك الله بك .
وجزاك خيراً .
ممتنة لمشاركتك ولكلماتك الرائعة
بارك الله بك .
وجزاك خيراً .
الصفحة الأخيرة
تحدثتي عن صفه رائعة تسمو بصاحبها وتوقره ...
اخسنت واجدت وبارك الله في سعيك ....
وجعلنا من اهل الحلم في جميع مواقف حياتنا ..
دمت بكل خير