
أختي الغالية...
ها هي شمسنا تسطع من جديد على الأخت الربانية التي جعلت حياتهت مُسَخّـرة لخدمة هذا الدين، وخدمة أهله، وقوتها الفاضلة، الأخت الربانية الذي لا تتعجرف، ولا تتكبر، ولا تتطاول على غيرها، بل ترى نفسها ترف كالعلم الشامخ على القلوب الظامئة المشتاقة للنهل من ينابيع المحبة والخيرات.. فمن الأخت الربانية حقاً؟
الأخت الربانية الذي لا تبتغي كلمة الشكر من الآخرين، ولا الأجر من البشر من وراء ما تقوم به من أعمال، إنما تبتغي الأجر من ربها عز وجل، الأجر الذي يجعل كفة حسناتها تطغى على كفة سيئاتها، ولكن في الوقت ذاته تحذر من بعض النفوس الضعيفة التي تسعى لنشر دعوة الله، ولكن من خلال بعض الأساليب غير المستساغة، تلك النفوس التي لا همّ لها إلا تطوير ذاتها من خلال الآخرين، أو من خلال العمل المتناغم مع أفكارها الطموحة التي تسعى من خلالها إلى كسب الشهرة، أو تجميع الأموال دون الالتفات لمسوغات إخلاص النية والصدق مع الله.
فالربانية هي .. تجرد وخُلق.. روحانية وعمل..
الأخت الربانية هي الذي لا تهتم بصغائر الأمور، ولا تلتفت لدنايا النفوس، بل تهتم بالمعالي التي ترفع من إطار طموحاتها الإيمانية فتزيدها قرباً إلى الله تعالى.. الربانية هي التي تحرص على حضور حلقات العلم، والتزود من معين الإيمان، وتُقبل على الله تعالى بالفرائض التي افترضها عليها بالقدر الذي لا يشق على النفس، حتى لا تسأم، فقليل دائم خير من كثير منقطع، فيقوم بالعمل وبالفرائض بالقدر الذي لا يتسبب في التقصير بالحقوق المفروضة.
الأخت الربانية هي التي لا تهمـها الحياة الزائلة، ولا رغد العيش، بل تعيش العيشة السوية الهنيئة التي تحيا في إطارها دون مد يد الحاجة لأحد أياً كان، فلا تكون كمن تلهث وراء المديح من الكلمات والشهرة والمال، وتنسى دعوتها، ودعوة الناس للخير، فيبيت عقلها يفكر في الدنيا بصورة تجارية بعيدة عن مصداقية العمل الدعوي التطوعي في هذه الحياة التي تحتاج أنموذجاً يُحتذى به في الحياة، وبعد الممات.
* وسائل للربانية *
أختي الكريمة:
كوني مع الله في جميع أحوالك .. بذكره في الغدو والآصال، لا تتساهلي في الذِكـر فهو الباب الذي تلجي من خلاله للتوبة والاستغفار الدائم، فاذكري الله كثيراً، وادخلي في دائرة المئات بل الألوف بالذكر والاستغفار، وليكن قدوتك في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، والسلف الصالح، فالذكر ميدان خصب لكسب الأجـر، وتضاعفه في ميزان الحسنات.
و عليك بأذكار الصباح والمساء، وقراءة كتاب الله الكريم الذي لا يجب ألا يمر يوم دون أن تطيل النظر فيه، فهي عبادة في حد ذاتها، وهو الذي تجيش منه المعاني المتآلفة العذبة التي تعطر بريحها كل أنف، وتتساقط الدموع من الأجفان عندما تقرأ آياته، فتغتسل النفس من أدرانها وترق القلوب.
ثم احذري - كل الحذر - من أن تقبلي على أي عمل دون أن تعرفي حكم الله تعالى فيه، فربما كان موطن شبهة يجـرك للويلات، والشبهات الآثمة، فكما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ).. وكوني حكيمة في التكلم عن العلماء، فتحدثي عنهم بأدب فإن لحوم العلماء مسمومة، واللبيب من يعرف كيف يتأدب معهم، حتى وإن اجتهدوا باجتهاد لا يتناسب مع رأي بعض العلماء الآخرين.
أختي الحبيبة:
تذكري أن الربانية ثقافة، وخُلق، وروحانية، وعمل، فسلمي نفسك للأقدار مع الأخذ بالأسباب، وراقبي الله تعالى حيثما كنت، وأتبعي السيئة الحسنة تمحها، واصبري على ما ابتلاك الله تعالى به، وتأدبي مع الله في الدعاء، وعليك بالإلحاح فيه فهو الطريق لصفاء النفس، وتحقيق رغباتها، وتذكري أن مرجع الأمور إلى الله تعالى، ولا يستطيع أي كائن أن يمنع عنك رزقك، أو أن يسلبك حقك، ولا تنسي بأي حال أن تكوني مُعلمة، وخادمة لإخوانك فتعملي على قضاء حوائجهم، ثم في نهاية المطاف تكون لك خلوات إيمانية مع الله تعالى، تستذكري فيها ما قمتَ به طوال اليوم لتري نفسك عقب ذلك:
هل ارتقيت إلى مرتبة "الربانية"؟ وهل أصبحت "ربانية" بمعنى الكلمة

اللهم اجعلنا من "الربانيين" الذين يعرفونك حق معرفتك، ويقومون بواجباتك.. يا من يُرجع الأمر كله إليه.
منقول بتصرف..
موضوع جــــــــــــدا رائــــــــــــع
جعله الله في ميزان حسناتك.