كوني زوجة لا أماً.

الملتقى العام

كوني زوجة لا أماً.


كثيراً ما تهرب إلى الماضي ..تستصحب جميل أيام مضت وتسترجع عذب المعاني وحلو الليالي وتحن إلى نسمة عبير تنسيها شقاء النهار ..تغفو وتنام ..ثم تصحو ..لتطلق للعبرات سبيلها ويبدأ ذلك الأنين المحزن.

أنين تردده الرياح وتبكي له الأمواج تذبل أورق الورد معه كمداً وألماً ..دموع تنساب على الوجنات حملت معها قهراً وظلماً ..دموع تصاحبها الذكريات وتتراقص عليها آهات السنين.

صبابة قد نضبت ومشاعر كفنها زوج وولد ..أمسى ذلك البيت مقبرة موحشة ساكنة ..لا يهتف فيها صوت ولا يتراء في جوانبها شبح ولا يلمح نور في أرجائها.

لم تتجاوز عقدها الثالث ولكن كل من راها لم يشك أنها في خريف العمر في الخمسين .جسد قد ضعف ..أماني تحطمت .روح تاهت ونفس قد أضناها التعب شحب اللون وهزلت الرؤى زوجة برتبة أم ,فهي أم لأولادها وأم لزوجها الكل يريد يستقي من النبع ويقطف من ثمر البستان ..لا أراهم إلا استغلوا المسكينة واستعبدوها .. وهي قد استرسلت مع أهوائهم وانقادت لأمزجتهم حتى نالوا منها .

.استحالت المسكينة إلى أرضية تطؤها أمزجة متعكرة وتدوسها أو يتعاهدها ولو بنظرة أو حتى كلمة أو حتى ابتسامة كم جرحها الزوج بكلمة وكم أهانها بنظرة وكم قتلها بتصرفات رعناء.

وكم أكثر عيها الصغار بطلباتهم ورغباتهم فهي بين زوج لا يرحم و أولاد ما استشعروا عظم هذه الإنسانة وأهمية وجودها في حياتهم ,أقول لها ولأمثالها العمر واحد والحياة لا تتكرر ,فلا تنسي نصيبك من الدنيا , أعطي لنفسك مساحات من كل ما تهو بسلطان نفسك فيما أباحه الله .

خصصي وقتاً لهواياتك إذا عدمت من يدللك فدللي نفسك ..كافئيها إذا عز المكافئ وشاع الجحود .

هي ليست دعوة للتنصل من الحقوق والهروب من الالتزامات ..هي وقفة مع النفس حتى لا ينضب النبع ولا ينقطع العطاء.


*د.خالد المنيف
0
305

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️