قال عبد الرحمن بن مهدي : رأيت سفيان الثوري رحمه الله تعالى في المنام -بعض المنامات التي ترى للصالحين لا بأس من حكايتها، إذا لم يرد فيها مخالفات شرعية، فبعض المنامات أو الرؤى التي رآها صالحون لأناس صالحين، كان السلف رحمهم الله يدرجونها في كتبهم، ويكتبونها وينشرونها، لأنها تؤثر، الرؤيا الصالحة عاجل بشرى المؤمن- فقال عبد الرحمن بن مهدي وهو من كبار أئمة الدين: رأيت سفيان الثوري رحمه الله تعالى في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: لم يكن إلا أن وضعت في لحدي حتى وقفت بين يدي الله تبارك وتعالى، فحاسبني حساباً يسيراً، ثم أمر بي إلى الجنة، فبينا أنا أدور بين أشجارها وأنهارها لا أسمع حساً ولا حركةً إذ سمعت قائلاً يقول: سفيان بن سعيد ؟ فقلت: سفيان بن سعيد ، فقال: تحفظ أنك آثرت الله عز وجل على هواك يوماً؟ فقلت: إي والله، فأخذني النثار من كل جانب -النثار في اللغة: هو ما يرش على العروس في ليلة العرس من الزينة، أو الذهب، أو الزهور، إلى آخر ذلك.
نسأل الله تعالى أن تكون هذه من الرؤى الصالحة التي رئيت لـسفيان الثوري رحمه الله، فإنه كان من المجاهدين في الله حق جهاده في العلم والتقوى، ونال الإمامة في الدين.
يقول ابن القيم رحمه الله في حديث: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) كيف نالوا هذا الظل؟ يقول: إذا تأملت السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله وجدتهم نالوا ذلك الظل بمخالفة الهوى
كيفية علاج الهوى استمع
إن مالت إلى الشهوات فألجمها بلجام التقوى، فإن رفعت نفسها بعين العجب؛ فذكرها حقارة أصلها ومهانته أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ فإنك والله ما لم تجد مرارة الدواء في حلقك؛ لم تقدر على ذرة من العافية في بدنك، النفس المريضة كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث.
والمعلوم المشاهد أنه متى قوي عزم المجاهدة للنفس؛ لانت له بلا حرب، ولما قويت مجاهدة النبي صلى الله عليه وسلم تعدت إلى كل من تعدى، فأسلم قرينه صلوات الله وسلامه عليه، والفاروق رضي الله عنه، يشيد به المصطفى صلى الله عليه وسلم: {إيه يا بن الخطاب! والله ما رآك الشيطان في فج إلا سلك فجاً غير فجك }.
، وما ارتقيت درجة مجاهدة النفس ومحاسبتها، أتروم حينها الحصاد وأنت لم تبذر بعد؟! فإن النفس لن ترضى إذا لم تروض؛ لأنها سبع عقور، وإنما يراد الصيد لا العضود وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى إن النفس إذا كانت تهوى وتشتهي، والمرء ينهاها ويزجرها كان نهيه إياها عبادة لله تعالى يثاب عليها، يقول صلى الله عليه وسلم: {المجاهد من جاهد نفسه } رواه الترمذي ، وقال: حسن صحيح.
والمرء إلى جهاد نفسه أحوج منه إلى جهاد الكفار، فإن هذا فرض كفاية، وجهاد النفس فرض عين، ومن جاهد النفس لا يكون محموداً فيه إلا إذا غَلَب، وأما المجاهد نفسه فإذا غُلِب كان مذموماً ملوما، ولهذا يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: {ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب } رواه البخاري ومسلم .
قال مالك بن دينار : رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكان لها قائداً.
عباد الله: اتقوا الله واعلموا أن محاسبة النفس ميدان جهاد لا يحتاج إلى جيوش ولا مجنزرات، ولكنه يحتاج إلى جيش الهمة والعزيمة؛ ولا بد لنا -معشر المسلمين- من معركة مع أنفسنا؛ لنصلح بعد ذلك للمعركة مع أعدائنا، ولنتذكر قول ربنا: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ .
2
علاج غلبة النفس والهوى
666 بدون اسم @666_bdon_asm
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
666 بدون اسم
•
يارب اسعد من ترفع الموضوع
الصفحة الأخيرة