بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد :
كان النبي عليه السلام هديه في قراءته للقرآن , يقطعها ويقف عند كل آية فيقول ((الحمد لله رب العالمين , ويقف : الرحمن الرحيم , ويقف : مالك يوم الدين )) رواه أحمد في المسند
وذكر الزهري أن قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت آية آية و وهذا الأفضل و الوقوف على رؤوس الآيات وإن تعلقت بما بعدها وذهب بعض القرَاء إلى تتبع الأغراض والمقاصد , والوقوف عند انتهائها , وإتباع هدي النبي عليه السلام وسنته أولى .
وكان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها , وقام بآية يردّدُها حتى الصباح ) حديث صحيح , والآية التي كان يرددها هي قوله تعالى (( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ))
وقد أختلف الناس ُ في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة , او السرعة مع كثرة القراءة : أيهما أفضل ؟ على قولين .
فذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما إلى أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها , وأحتج أرباب هذا القول بأن المقصود من القراءة فهمه وتدبره , والفقه فيه والعمل به وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه , كما قال بعض السلف : نزل القرآن ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملا , ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به و والعاملون بما فيه وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب . وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه , فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم .
قالوا : ولأن الإيمان أفضل الأعمال , وفهم القرآن وتدبره هو الذي يثمر الإيمان , وأما مجرد التلاوة من غير فهم ولا تدبر , فيفعلها البرُّ والفاجر , والمؤمن والمنافق , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ((وَمَثَل المُنَافِقِ الذَّي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمثَل ِالرَّيْحَانَةِ , رِيحُها طيِّبٌ , وطَعْمُها مُرّ )) رواه البخاري
وقال أصحاب الشافعي رحمه الله : كثرة القراءة أفضل , واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ الله ,فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ بِعَشْرِ أَمْثَالِها, لاَ أَقُولُ الم حَرْفٌ , وَلكِنْ أَلِف حَرْفٌ , وَلاَمٌ حَرْفٌ ,وَمِيمٌ حَرْفٌ )) رواه الترمذي وصححه
قالوا : ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة , وذكروا آثاراً عن كثير من السلف في كثرة القراءة .
والصواب في المسألة أن يقال : إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجلّ وأرفع قدراً , وثواب كثرة القراءة أكثرُ عدداً , فالأول كمن تصدّق بجوهرة عظيمة أو أعتق عبداً قيمته نفيسة جداً , والثاني : كمن تصدّق بعدد كثير من الدراهم , أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة , وفي (( صحيح البخاري )) عن قتادة قال : سألت أنساً عن قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : كان يمدٌّ مدّا.
وقال شعبة : حدثنا أبو حمزة , قال: قلت لابن عباس :إني رجل سريعُ القراءة , وربما قرأتُ القرآن في ليلة مرة أو مرتين , فقال ابن عباس : لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إِلِيّ من أن أفعل ذَلِك الذي تفعل , فإن كنت فاعلاً ولا بد , فاقرأ قراءَةً تُسْمعُ أُذُنَيك , ويعيها قلبك .
وقال ابن مسعود : لا تَهُذُّوا القرآن هذَّ الشَّعْرِ , ولاتَنْثُروه نثْر الدَّقل , وَقِفُوا عِند عَجَائِبه , وَ حرِّكوا بِهِ القُلوبَ , ولا يَكُنْ هَمُّ أَحَدكُمْ آخِرَ السُّورة .
وقال عبد الله أيضاً: إذا سمعت الله يقول { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } فأصغِ لها سمعك , فإنه خيرٌ تُؤمر به , أو شرٌ تُصرف عنه .
جزا الله الكاتبة : أم عمار خيرا
منقول للفائدةمن كتاب زاد المعاد/ج1 ص 326إلى 329بتصرف يسير
همسااااات صاااادقة @hmsaaaaat_saaaadk
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
وجعله في موازين حسناتك