طالبة تدريب عملي تسأل :
كيف اكون معلمة ناجحة ؟
الإجابة: أ/ نيفين السويفي
المصدر اون لاين .
سوف أبدأ كلامي معك ببشرى وبتوضيح ضروري، أما البشرى فهي تتلخص في إحساسي -بل يقيني العميق- أنك سوف تصبحين يومًا ما معلمة متميزة حقًّا، تلعب دورًا بارزًا في بناء جيل صالح، ويرجع يقيني هذا إلى اهتمامك الصادق وإخلاصك في معرفة مبادئ التدريس حتى قبل دخول هذا المضمار "الصعب"، ولكنه مع ذلك "الممتع" إذا ما عرفت أسراره.
أختي الكريمة.. لكل مهنة صنفان من العاملين فيها والمنخرطين في صفوفها: صنف يؤديها؛ لأن أداءها واجب عليه مفروض عليه، وصنف يؤديها؛ لأنه يستمتع بحق بهذا العمل؛ لأنه أحب مهنته فأصبحت جزءاً من شخصيته، بحيث تفجِّر مهنته إبداعاته، وتشعل بداخله طاقات التفكير والتجديد المستمر، فيعيش بها ولها برضى وسعادة ورغبة من المزيد من العطاء.. باختصار هناك صنف يؤدي عمله "بإحسان"، فكوني دومًا من هؤلاء، ولا تقلقي فكل البدايات صعبة، ولكن البداية الصحيحة ضامن أساسي للاستمرار الموفق الناجح.
ومن هذه النقطة أنطلق إلى "التوضيح الضروري"، فبداية لا بد -أختي الحبيبة- أن تدركي أن النقاط الأربع التي وردت في سؤالك الطيب هي في الأصل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا، ولا يصح أبدًا الفصل بينهم:
- كيف أساعد تلاميذي على حب الدراسة؟
- كيف أساعدهم على عدم الخوف من المدرسة؟
- كيف أجعل الدراسة أكثر مرحًا؟
- كيف أتفاعل مع تلاميذي؟
ويمكن تلخيص النقاط الأربع في سؤال واحد: كيف أكون معلِّمة ناجحة؟.. فالمعلمة الناجحة يحبها التلاميذ فيحبون المادة التي تقوم بتدريسها، وما المادة إلا جزء من الدراسة بصورة عامة، وإن أحب المرء شيئًا وارتبط به عاطفيًّا لم يخَف ولم يهرب منه، بل على العكس أقبل عليه إقبال العاشق على معشوقته.
أما المرح والتفاعل فهما سمتا المعلمة المبدعة الخلاقة الدؤوبة، وبالتالي الناجحة.
ولذلك لن أفصل في توضيح كل نقطة على حدة، فكما اتفقنا هي كلها نقاط مرتبطة ببعضها.. وحتى أكون أكثر وضوحًا أشرح لك الآتي:
هل هناك فصل حقيقي بين حب الدراسة والتقرب إلى التلاميذ؟ لا أبدًا.. فالأولى تؤدي إلى الثانية والثانية تؤدي إلى الأولى.. فمتى نجحت في أن يحب تلاميذي المادة التي أدرسها كان ذلك دليلاً على تقربهم مني وعلاقتي الوطيدة معهم، ويوم أن أقيم علاقة طيبة وثيقة معهم كان هذا مقدمة لحبهم لما يدرسون.
إذن الفصل بين العلاقة الإنسانية التي تربطني بهم والمادة الجافة التي أقوم بتدريسها غير صحيح.. فأنا كمعلمة إن فهمت الأمور بصورة صحيحة أدركت أن المادة التي أقوم بتدريسها -أيًّا كانت- هي وسيلة لغرس القيم، والمبادئ، والأخلاق، وحتى لتشكيل وجدان وفكر "عجينتي".
مثلاً إن كان درس القراءة يتحدث عن "الصحبة الطيبة" فيمكن أن أستغل ذلك في جذب الأمثلة الطيبة للعلاقة الإنسانية بين الصحابة -رضي الله عنهم جميعًا- التي فاقت مجرد الصحبة فارتقت لتسمو إلى الأخوة في الله تعالى، ثم المحبة في الله -عز وجل-، ثم أنزل الواقع بالمؤاخاة بين التلاميذ، والأهم متابعة هذه المؤاخاة بسؤالهم من قام بواجبات علاقته الجديدة، فسأل عن أخيه وساعده وأعانه.. هذا مجرد مثال.
أدرك أن ما سأقوله الآن أنت تحفظينه من أيام الكلية، ولكن لا بأس بسرد الأمثلة التطبيقية على "الكلام النظري" الذي درسناه في الكتب. "لكل مادة مدخلها الوجداني والمعرفي والعملي، ولا بد أن يستكمل الدرس العناصر الثلاثة دون إخلال".
كلام جميل، ولكن يبقى السؤال الصعب: كيف؟
(1) المدخل الوجداني:
تذكري دومًا: أن لكل شيء (أقصد هنا ندرسه لأولادنا الأحباء) مقدمة ونتيجة.
اسألي نفسك أثناء التحضير للدرس: ماذا سأفعل قبل الحصة؟ وماذا سأفعل بعدها؟
قبل الدرس هناك ما يُسمَّى بالمدخل، أو التمهيد، أو المقدمة.
بعد الدرس هناك ما يسمَّى بالمنتج أو Project /Production.
وإليك شيء من التفصيل المصحوب بالأمثلة:
أولاً: قبل الدرس: التمهيد الوجداني:
ما أقصده هنا ليس قبل دخول الفصل نفسه، ولكن أقصد قبل الشروع في شرح المادة نفسها، هناك تمهيد ومقدمة وجدانية ضرورية هدفها شد الانتباه والتحضير النفسي لما سوف يأتي. إنها عملية إعداد نفسي ووجداني للتلاميذ تهدف إلى تشويقهم وإثارة حواسهم إلى أقصى حد، بحيث تكون جوارحهم، حواسهم، ذهنهم معك، ويكونون مستعدين تمام الاستعداد للانطلاق معك إلى آفاق الدرس الجديد.
عملية التمهيد هذه تحتاج إلى قرابة 5 دقائق، ويُفترض ألا ينفق أكثر من ذلك.
كيف يتم ذلك؟ هناك عدة طرق:
* إطلاق سؤال غريب لافت للانتباه:
سافرت مع والدتك على متن سفينة، ثم طلبت منك أن تلقي نفسك من السفينة مدعية أن ذلك هدفه إنقاذ باقي الركاب...(كمدخل لقصة سيدنا يونس أو نوح عليهما السلام).
* إحضار صورة ترتبط (بصورة غير قريبة) من الموضوع:
صورة لحرب في القرون الوسطى (ملابس محارب).
.
* إحضار أشياء مادية محسوسة:
كوب من الماء.
(كمقدمة لدرس الوضوء، فيكون الكلام حول أهمية الماء. تخيل العالم بدون ماء...).
* الإشارة إلى شيء خارج الفصل.
انظروا إلى ذلك الكهل الماشي متكئًا على عصاه في الشارع.
(كمقدمة لدرس التراحم أو صلة الرحم...).
ملحوظة: هذه الأمثلة بالنسبة للتلاميذ الأكبر سنًّا (الصف الرابع الابتدائي).
ويصحب هذه المقدمة أو "التمهيد النفسي" أمر في غاية الأهمية وذو أثر بالغ في سير العلاقة بين المعلمة والتلاميذ طوال مدة الحصة كلها.
- وهذا الأمر هو، الهيئة والشكل الخارجي للمعلمة، وليس المقصود بذلك ملابسها وإن كان لهندامها أثر طيب في احترامها وبناء تصور إيجابي عنها، ولكن المقصود هو بالتحديد طريقة وقفتها، استقامتها لحظة دخول الحصة، نظرة العين، فلا يجوز بالمرة إنزال العين من على أوجه التلاميذ، حتى يكون التركيز البصري منصرف بالكلية إلى التلاميذ، إلى عيونهم وملامح وجوههم التي تمثل بالنسبة للمدرسة المجسّ العملي لمدى تقبلهم لما يقال ومدى استيعابهم.
- الفم: الذي تعلوه الابتسامة، فلا يجوز أن تفارق الابتسامة الطيبة شفتيك إلا في حالة واحدة وهي الرغبة في إبراز الغضب، فإن اعتاد التلاميذ ابتسامتك وفقدوها بسبب مشاكسة هنا أو سوء أدب هناك أدركوا دونما صراخ أو علو صوت أو حتى تفوه بكلمة خطأهم وفداحته من مجرد انقلاب وجهك من حالة الابتسام المعهودة إلى ما دونها.
- ملامح الوجه تتغير بحسب الحاجة ووفق ردود فعل محسوبة بدقة.
- استخدام الأيدي أثناء الشرح وهذا في غاية الأهمية، فعلى المعلمة أن تدرك أن الدرس لا يُشرح كلامًا فقط، ولكن من أولى الوسائل المساعدة للشرح حسن استخدام الأيدي.
مثال: شرح الفيضان وتدفقه في قصة سيدنا نوح -عليه السلام- يكون بالأيدي وكذا وقوف ابنه أعلى الجبل..
- الحركة: تكون هادئة، سلسة: خطوتان للأمام وواحدة للخلف بدون عصبية، تفادي الوقوف في مكان ثابت. لا يُسمح لي كمعلمة بالوقوف وظهري للتلاميذ أبدًا إلا في حالة الرغبة في إعطاء التلاميذ هدنة لمدة ثوانٍ أو دقيقة؛ ليرتاحوا من عناء النظر إلى عيني طوال الوقت، وهذا مناسب عند الفصل بين فكرتين أو درسين أو للبدء بأسلوب جديد في الشرح، ساعتها فقط
أعطي التلاميذ ظهري مدعية مسح ما كُتب على "السبورة".
ثانيًا: بعد الدرس: (المنتج):
يُعتبر في غاية الأهمية تفهيم الصغار: ما الهدف مما يدرسونه؟ لماذا يدرسون هذا الدرس أو ذاك. والكلام في حد ذاته قد لا يكفي، ولكن لا بد –لأهمية ذلك- ابتكار أساليب مشوقة لربط التلاميذ بما درسوه. فما أهمية دروس التراحم أو التكافل بين المسلمين أو الإحسان إلى الجار إن ظلت هذه الأمور مصمتة صماء في كتب مدرسية؟ الهدف هو تعليم الأولاد أن هذه أمور حياتية شُرعت لتطبق وليس لتُدرس فقط.
مثال: بعد الانتهاء من شرح التراحم بين المسلمين، يطلب من كل تلميذ ابتكار هدية بسيطة ليهاديها إلى صديقه. ولتكن بطاقة تهنئة، أو قص صورة جميلة، أو كتابة خطاب يعبِّر فيها الصغير عن مشاعره اتجاه صديقه.
وحتى لا يداخل التلاميذ أي نوع من الملل لا بد أن يتنوع المنتج الخاص بكل درس وليكن مرة مسرحية، رسم، لوحة، صحيفة، كتابة خطية، مشروع مصغَّر: بناء سفينة من أعواد الآيس كريم بعد الانتهاء من درس سفينة نوح، زرع نبات الفول بعد درس "نعم الله تعالى"، تصوير الزهور والورود، حفظ نشيد من خارج المنهج المدرسي، ولكنه مرتبط بما جاء فيه... إلخ، والأفكار نهر لا ينضب.
في هذه الحالة سيصبح للدرس معنى ومغزى، سيرتبط التلاميذ بما يدرسون عن حب ورغبة في معرفة المزيد، ويتحقق شرط التشويق والإثارة.
أختي الفاضلة..
أنت في تحدٍّ مع وسائل ترفيهية وتعليمية غاية في الإبهار: الإنترنت، التلفاز، الفيديو، الأقراص الممغنطة، ولكن لا تنسي.. فبالإخلاص، والصدق، وحسن التوكل على الله تعالى بعد الأخذ بالأسباب سوف تستحوذين على قلوب وألباب أبنائك؛ فهم فعلاً لا قولاً أبناؤك فأحسني تربيتهم.
أعانك الله تعالى، ونحن معك.
إشراق 55 @ashrak_55
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
إشراق 55
•
شكراً لمرورك الكريم الغالية سائرة إلى المعالي ووفقك الله إلى ما يحبه ويرضاه ونفعنا وإياك بالعلم النافع والعمل الصالح وجزيت خيراً . :26: :26:
شكرا ......... شكرا ............. شكرا .............
على الموضوع الرائع والمميز .............
تسلمين ويعطيك العافية ....
:27:
على الموضوع الرائع والمميز .............
تسلمين ويعطيك العافية ....
:27:
الصفحة الأخيرة
سنة أولى تدريس
أ/ نيفين السويفي - خبيرة تربوية
صعوبات عديدة يواجهها المعلم في عامه الدراسي الأول
عندما خضت هذه التجربة - تجربة التدريس - لأول مرة منذ ما يقرب من 16 عامًا لم أجد مَن يمدُّ لي يد العون بالنصيحة أو المشورة، فكان لزامًا عليَّ أن أخوض التجربة بمفردي، أتعلم من أخطائي ومن ملاحظتي لمن حولي.
مرَّت الأيام وتعاقبت السنون، تعاملت خلالها مع كافة المراحل السنية، ومع مختلف الجنسيات في أكثر من بلد. اختلفت أسماء التلاميذ، جنسياتهم، ملامحهم، وحتى سلوكياتهم ومستوياتهم الدراسية، ولكن حبي لكل منهم، وإحساسي بالمسؤولية تجاههم، واقتناعي بضرورة العطاء اللامحدود لم تتغير. اكتسبت خبرة - ولله الحمد - والخبرة نعمة من نعم الله علينا، لا يحسُّ بها إلا المعلم في سنته الأولى، حيث يواجه العديد من الصعوبات والعقبات؛ فيتمنى أن يجد من يمدُّه بالمشورة أو بفيض من سابق خبرته.
ولأن لكل نعمة شكرا واجبا رأيت أنه من واجبي نقل خبرتي في التدريس بين أيديكم، علَّها تفيد معلمة في المشرق أو معلم في أقاصي شمال الكرة الأرضية.
مع التلاميذ في اليوم الأول
الحصة الأولى هي نقطة الانطلاق، فكما أن الجندي في الميدان يتأكد من حسن اختياره لمكان المدفع؛ لتبلغ القذيفة الهدف المحدد، فيقوم في سبيل ذلك بعدد من القياسات والترتيبات والاستعدادات، على كل مدرس أو معلم أن يحسن الاستعداد لليوم الأول؛ "فالانطباع الأول" عن هذا الوافد الجديد له أبعد الأثر في تحديد ملامح العلاقة بين الطرفين.
فاللقاء الأول مع التلاميذ لا بد وأن يحقِّق هدفين محددين:
أولاً: ما يمكن أن نسميه "تذويب الثلوج".
ثانيًا: تحديد صريح وواضح لأسس وقواعد العلاقة بين الطرفين.
سياسة "تذويب الثلوج"
ابتسامة المعلم للتلاميذ تزيل رهبتهم
تذويب الثلوج تعني ببساطة إزالة كافة أنواع التوجس والقلق التي يستقبل بها التلاميذ معلمهم الجديد. ولا يتم ذلك إلا من خلال "السلوك العام" الذي سيتحرك به المعلم في لقائه الأول، فالابتسامة، والحركة المستمرة وسط الطلاب، مع حسن استخدام ملامح الوجه المعبِّرة عن أحاسيس الود واللطف، والاستخدام الهادئ لليدين مع الحزم في نبرة الصوت.
* وهذه بعض من أدوات تطبيق هذه السياسة:
الوجه: لا بد أنه تعلوه الابتسامة الصافية، مهما حدث، ومهما كان سلوك التلاميذ مستفزًّا، فالهدوء في التعامل مع الحزم في نبرات الصوت هو بديل الصراخ وعلو الصوت. حذارِ من علو الصوت، إنه الطريق إلى قطع وشائج الود بين المدرس والتلاميذ.
العين: لا بد من توزيع النظرات بالتساوي، على أن تتحول النظرات إلى سمة النظرة الحادة القاسية مع رؤية الخطأ دون النطق بكلمة: "هذا خطأ".
الكلام: عليه منذ اليوم الأول أن يكون واضحًا وحازمًا دون قسوة يمكن اللجوء إلى شيء من المرونة في نبرة الصوت وصيغة الكلام بعد الشهر الأول، ولكن ليس قبل ذلك.
الشكل العام: له أبعد الأثر في التأثير على التلاميذ؛ ولذا لا بد من التأكد من حسن المظهر الخارجي، لا بد أن تكون الملابس نظيفة، ثم كيِّها في هذا الصباح، لونها مريح. وينصح للمدرسات لبس ملابس "رسمية" في طبعها كالسترات أو "البالطو"؛ لأنها تعطي انطباعًا مقبولاً عند غالبية التلاميذ، أما الألوان المزركشة أو الفاتحة فتعطي الانطباع بأن الشخصية تميل إلى التسيب وعدم الانضباط.
إدارة اللقاء الأول
يدخل المدرس مستقيم القوام مبتسمًا متأملاً في وجوه كل من حوله، حيث يبدأ بالتعريف بنفسه، ولكن دون الدخول في التفاصيل الشخصية، حيث يفضل الاكتفاء بالاسم، الحالة الاجتماعية، والمادة التي سوف يدرسها للتلاميذ.
ثم يطلب من كل تلميذ أن يعرِّف نفسه، وهناك طريقتان (يختار المدرس/ المدرسة ما يراه مناسبًا): إما أن يقوم ويعرف نفسه أو يكتب اسمه على ورقة توضع أمامه حتى يتسنى للمدرس قراءتها طوال الحصة الأولى. على ألا تتعدى فترة التعارف المتبادل ثلث الحصة.
توقيع الميثاق المشترك
العودة إلى المدرسة .. بوردة
هذه هي الجزئية الثانية المستهدفة من اللقاء الأول: وضع الأسس والقوانين التي ستحكم العلاقة بين طرفي "علاقة الحب والود".
يقف المدرس في وسط الفصل متسائلاً:
"ماذا تتوقعون مني؟" وتشجع التلاميذ على الإجابة.
وكل إجابة تكتب على الجانب الأيسر: مثال: الشرح الجيد – تفهم مشاكل التلاميذ – إجابة كل الأسئلة – عدم الصراخ والعقاب... إلخ.
السؤال المهم هنا: ماذا لو قال تلميذ شيئا غير مقبول مثل: "عدم العقاب"؟
على المدرس أن يكتب هذا الرأي، ويقول في نبرة المتفهم المحترم لكافة الآراء "سوف نرى ذلك، دعونا أولاً ندوِّن كافة النقاط، ثم نتناقش حولها".
فالهدف هو تشجيع التلاميذ على المصارحة، وطمأنتهم لاحترام آرائهم، حتى وإن اختلفنا معها. بعد مدة وجيزة سينتهي التلاميذ من سرد توقعاتهم.
هنا يسأل المعلم: "وماذا عنكم أنتم؟ ماذا تتوقعون أن أطلب منكم؟
"يبدأ التلاميذ في سرد توقعاتهم: مثال:
أن نهتم بالدرس ونحترم المدرِّس – أن نقوم بواجباتنا المنزلية... إلخ.
ثم ينتهي التلاميذ من سرد كافة توقعاتهم وما يجول في ذهنهم، هنا يمسك المدرس الخيط ويقول في حزم:
أنا شخصيًّا لا أتوقع منكم سوى... أمور (وتعدِّد لهم 3 أمور كحد أقصى).
لا بد أن تكون هذه الأمور قد تم التفكير فيها من ذي قبل، وتم تحديدها بدقة، مثال: .
(1) عدم الكلام بداخل الفصل بدون إذن: كلماتكم، ملاحظاتكم، تعليقاتكم كلها سيتم احترامها، ولكن من حقي وحق زملائكم أن يتم ذلك بصورة منضبطة.
والإخلال بهذه القاعدة سوف يؤدي إلى عدم احترام ما يقال، بأن يهمل تمامًا ولا يتم الرد عليه.
(2) أمر آخر له أثره الطيب ولكن يترك للمدرس مساحة للتفكير إن كان ذلك يناسبه.
من حقكم أن تنعموا براحة لمدة دقيقة أو دقيقتين بعد نصف الحصة أو بعد شرح جزئية صعبة ومعقدة، ولكن "شرط الراحة" الالتزام والعمل الجاد طوال فترة الشرح بدون تكاسل أو تراخ.
(3) أمر ثالث: الاهتمام بالواجبات المنزلية والقيام بها خير قيام (من حجج النسيان أو ضياع الكراسات (الوظائف المدرسية)... إلخ.
هناك بعض المدرسين يكتبون هذه النقاط على وثيقة يوقِّع عليها التلاميذ والمدرس، بعد الاتفاق المشترك على كافة البنود، كما يدرج في الاتفاق سبل العقاب لمن يخلّ بهذه القواعد، ولا ينسى هنا أن يدرج كيف سيتعامل التلاميذ إذا أخلَّ المدرس بما اتفق عليه.
فقه إدارة الأزمات
السؤال الذي يسأله كل مدرس يفتقد إلى الخبرة في أيام عمله الأولى: ماذا لو حدث تمرُّد؟ أو تسيب أو اختل النظام؟" بالرغم من الاتفاق والتوقيعات.
هذا بالطبع يمكن أن يحدث، والحل بسيط في كلمة واحدة: "الحزم".
والحزم له أدواته: العين – ملامح الوجه – الصمت – النظرات القاسية – ثم في النهاية: الكلام بنبرة حازمة، دون علو في الصوت: "أنا آسفة لا يمكنني الاستمرار (أو البدء) بهذه الطريقة..."، مع توجيه النظرة الحازمة إلى هؤلاء التلاميذ الأقرب للنظام والانضباط، فهم أول من سيستمع ويهدأ في حركاته. عدم الخوض بحال من الأحوال في عملية الشرح دون الوصول إلى مستوى الهدوء، والنظام، والانضباط المطلوب.
وهذا يقودنا إلى توجيه هام ألا وهو ضرورة حسم المشاكل في مراحلها الأولى، وعدم السماح لتفاقمها. قد تحتاج بعض المشاكل إلى حنكة وسياسة واعية في مواجهتها وحلِّها، ولكن لا بد من الأخذ بالأسباب، وذلك باستخدام عدد من الأساليب قد تنفع بداية، ثم ننتقل إلى الثانية، وهكذا...
وفي النهاية، ندعو الله سبحانه وتعالى أن يمدَّنا جميعًا بالبصيرة، والحكمة، والتوفيق، وكلَّ عام وأنتم بخير.
المصدر/اون لاين .