*هبة
*هبة


مديري دائما أحس من ناحيته بكرهه

مديري دائما أحس من ناحيته بكرهه لي، بل ومتأكد من ذلك الكره مع أنني لم أقصر في عملي، وهو دائم المضايقة لي بأفعاله، وتأكدت أنه يريد التخلص مني؛ لأنني دائما الذي يقف في وجهه ومطالبته بالحقوق في العمل وبعض المشاكل الأخرى؛ لذلك هو يكرهني، فماذا أفعل معه؟ أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!

فإن الإنسان إذا كان على الحق والطاعة لله، فلن تضره كراهية وبغض أحد من الناس، وإنما تبكي على الحب النساء، والمسلم يطلب رضوان الله تبارك وتعالى ويحرص على احترام مشاعر إخوانه، ويتفادى الظلم لأنه ظلمات يوم القيامة.

والصواب أن تطلب حقك بأدب واحترام، لأن المسلم مطالب أن ينزل الناس منازلهم، فليس في مطالبة الإنسان بالحقوق عيب أو لوم، ولكن الممنوع هو تجاوز الحدود المقبولة شرعاً، والله تبارك وتعالى يقول: { لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعاً عليماً * إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا }، فهو سبحانه يعفو عن الظالمين مع قدرته، فعلينا الاقتداء بسنة الله في العفو مع القدرة، فإن الكمال هو أن يعفو الإنسان عمن ظلمه ويعطي من حرمه ويصل من قطعه ويدفع بالتي هي أحسن السيئة، لأن رد الشر بمثله إضافة شر إلى شر.

وأرجو أن تحرص على عدم إحراج المدير، ولا تطالبه بشيء فوق طاقته وصلاحياته، ولا تلومن أحداً على شيء ما أعطاكه الله، وتخير الأوقات المناسبة للمطالبة، واحرص كذلك على اختيار الكلمات التي فيها أدب، وقد استنبط الإمام ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ جملة من الآداب في مخاطبة المسئولين، وذلك حين ذكر قصة النمل مع سليمان ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ قال تعالى: {حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون }، وقد اشتملت هذه الآية على جوانب عظيمة من الإعجاز البلاغي للقرآن: فقد نادت وأمرت ونهت وحذرت واعتذرت، وكل ذلك في كلمات معدودة.

أما الآداب التي يمكن استنباطها فهي كما يلي:-

1-لم تطلب من نبي الله سليمان وجنده أن يتوقفوا وإنما أمرت النمل أن يخلي الطريق وهذا فيه احترام لنبي الله سليمان وهو وملك رسول.

2- اعتذرت لنبي الله سليمان فقالت: (( وهم لا يشعرون )) لأنهم إذا شعروا فلن يؤذوكم، وهكذا يلتمس الإنسان للمسئول الأعذار ويضع نفسه في مكانه.

3- وصلت إلى حاجتها بأسلوب مختصر، فليس عند المسئول وقت لكثرة الكلام، ولا يستطيع النظر في الطلبات التي فيها إطناب في الشرح.

أما إذا كنت ممن يراعي هذه الآداب، وظلمك المدير فإن الله ينتقم من الظالمين، ولن تضرك كراهيته لك، والأرزاق بيد الله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.

واعلم أن الإنسان مهما كان فلا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فاجعل سؤالك لله واستعانتك بالله وتوكلك عليه، وارفع حاجتك إلى من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء قبل رفعها لأحد من الناس، واعلم أن المدير وغيره باب من الأبواب وسبب من الأسباب فقط، والأمر لله من قبل ومن بعد، وإن يردك الله بفضل وخير، فلا راد لفضله، وقد دخل بعض السلف على بعض الأمراء فقال له: "لقد جئتك في حاجة سألتها ربي قبل أن آتيك فإن قضاها الله شكرناك وإن لم يقضها عذرناك ـ يعني التمسنا لك العذر ـ لأنك لا تملك من الأمر شيئاً".

والله ولي التوفيق والسداد!


http://www.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=17565