شام

شام @sham_1

مستشاره بعالم حواء -

كيف تردين على إساءة البابا؟ مهم جدا

الملتقى العام

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد..


يقول أبو الطيب المتنبي:

رماني الدهر بالأرزاءحتى
فؤادي في غشاء مـن نـبال
فصرت إذا أصابتني سهام
تكسرت النصال على النصال




في يوم الثلاثاء، الموافق الثاني عشر من سبتمبر 2006م، وفي الذكرى الخامسة للحادي عشر من سبتمبر، وفي جامعة ريتسبون بألمانيا، قام بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر بإلقاء محاضرة بعنوان "الإيمان والعقل والجامعة.. ذكريات وانعكاسات"، ودار مضمونها حول الخلاف التاريخي والفلسفي بين الإسلام والمسيحية في العلاقة التي يقيمها كل منهما بين الإيمان والعقل.



في هذه المحاضرة تجرأ بابا الفاتيكان على الإسلام وعلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بصورة استفزازية مشينة، خلط فيها السم في العسل، بل خلط فيها السم بالسم؛ ليثير بذلك استياء المسلمين من مشارق الأرض إلى مغاربها.



أورد بابا الفاتيكان في معرض كلامه حوارا دار بين الإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني (1350 – 1425م)، وبين مثقف فارسي مسلم، قال فيه الإمبراطور البيزنطي: "أرني شيئا جديدا أتى به محمد، فلن تجد إلا ما هو شرير ولا إنساني، مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف".


إما جهل وإما عداء متأصل


ورغم أن هجوم بابا الفاتيكان يأتي ضمن سلسلة من الإساءات التي تعرض لها المسلمون في الفترة الأخيرة، وطالت كتاب الله تعالى وشخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولم تُلْقِ أي اعتبار لمليار وثلث المليار من المسلمين، حتى إن المسلمين ما إن يفيقوا من إساءة حتى تظهر لهم أخرى، إلا أن هذه الإساءة من نوع آخر؛ حيث إنها من العيار الثقيل؛ ذلك لأنها صادرة من رأس الديانة المسيحية الكاثوليكية في العالم.


إن ما ذكره بابا الفاتيكان، والذي تناقلته جميع وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية، يعكس إما مدى جهله بالإسلام أو مدى العداء المتأصل في نفسه تجاه الإسلام والمسلمين، كما أن خطابه يفتقر إلى الطرح العلمي المنصف الذي يفرق بين الدين الإسلامي وتعاليمه الواضحة (والتي تضمنها كتاب الله وسنة نبيه) وبين ممارسات بعض المسلمين واجتهاداتهم التي قد يصيبون فيها وقد يخطئون.


إن المنهج السوي يحتم على أصحابه أن يميزوا بين الشرائع والأديان وبين المنتسبين إليها، وإلا فإن النصارى هم أصحاب محاكم التفتيش، والحملات الصليبية، وقنابل هيروشيما وناجازاكي، وسجون جوانتنامو وأبو غريب، وهم الذين استعمروا كثيرا من مناطق العالم ونهبوا ثرواتهم في القرون الثلاثة الماضية، وهم الذين قتلوا الأطفال والشيوخ والنساء وبقروا بطون الحوامل، وانتهكوا الأعراض في كثير من البلاد، كفيتنام والبوسنة والهرسك وكوسوفو وأفغانستان والعراق والصومال وغيرها من البلاد.

ترى هل يعني ذلك أن الديانة المسيحية تدعو إلى القتل والنهب والظلم وانتهاك الأعراض وكل ما هو شرير وغير إنساني؟!.


الكنيسة تدخل مرحلة جديدة


إن تصريحات بابا الفاتيكان تشير كذلك إلى مدى استخفافه بالمسلمين الذين يمثلون ربع سكان العالم، كما أنها تنبئ إلى أن ثمة مرحلة جديدة ربما تدخل فيها الكنيسة (في عهد بنديكت السادس عشر) في حرب يقودها الغرب المعتدي (وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا) ضد الإسلام والمسلمين، وهنا تكمن المشكلة؛ إذْ يتضافر رجال السياسة مع رجال الدين النصارى في حرب واضحة جلية ضد الإسلام والمسلمين، وهذا ما نخشاه ولا نريده؛ لأن عاقبته وخيمة؛

ولأن المسلمين لن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه هذه الممارسات الظالمة المعتدية.


إساءة مقصودة


إن من الخطأ الظن بأن ما قاله البابا لم يكن يقصد به الإساءة إلى الإسلام والمسلمين؛ حيث إن كلامه واضح، والحوار الذي أورده لا يحتاج إلى شرح، كما أنه من غير المقبول الاعتقاد بأن ما ذكره كان زلة لسان؛ ذلك لأن الكلام كان مكتوبا، وقد قرأه من ورقة ولم يرتجله ارتجالاً، وكعادة هؤلاء المسئولين أن كل خطاب أو تصريح أو كلمة يكتبونها أو ينطقون بها فإنه يتم مراجعتها بدقة من قبل مستشاريهم، فضلاً عن أن تاريخ هذا البابا يشهد أنه من المحافظين المتشددين، وأن مواقفه العدائية تجاه المسلمين قديمة وقبل أن يكون في هذا المنصب، وما رفضُه انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي إلا أحد الأدلة على ذلك.



كيف نرد على هذه الإساءة؟


وإذْ أستنكر بشدة هذه الإساءة التي قام بها رأس الكنيسة الكاثوليكية في روما، فإنني أدعو الأمة الإسلامية وجميع العقلاء في العالم وألفت انتباههم إلى التالي:


1- على حكومات الدول العربية والإسلامية أن تستشعر مسئوليتها تجاه دينها، وأن تقوم بواجبها في التصدي لكل من تسوِّل له نفسه الاعتداء على الإسلام والمسلمين، ولا أقل من أن ترسل رسائل الاستنكار الواضحة والشديدة إلى بابا الفاتيكان، وتطالبه بالاعتذار صراحة عن هذه الإساءة،




وصدق القائل حين قال:


أمـا لله والإســلام حــق
يدافع عنه شبان وشيب

فقل لذوي البصائر حيث كانوا
أجيبوا الله ويحكم أجيبوا




2- على الأمة العربية والإسلامية أن تدرك أن سبب تجرؤ بابا الفاتيكان وغيره من اليهود والنصارى على الإسلام والمسلمين هو ضعفها وتمزقها وعدم سعيها الحثيث لامتلاك أدوات القوة التي يضطر بها خصومها إلى احترامها وعدم الاستهتار بها.



3- على الشعوب الإسلامية أن يعلنوا غضبتهم لله ولرسوله ولدينه، وأن يظهروا استياءهم الشديد تجاه هذه الإساءة بكل الوسائل المتاحة والمشروعة، لا سيما من خلال الإعلام بجميع وسائله المرئية والمسموعة والمقروءة.



4- على الشعوب الإسلامية انتهاج العقل والحكمة في التعبير عن غضبهم واستيائهم، وأن يبتعدوا عن العنف والتخريب.


5- في حالة إصرار بابا الفاتيكان على عدم الاعتذار الصريح والواضح عن هذه الإساءة، فإننا ندعو الدول العربية والإسلامية إلى قطع العلاقات مع هذا البابا، واعتباره شخصا غير مرغوب فيه، وإغلاق مكاتبه في جميع الدول العربية والإسلامية.



6- دعوة الشعوب والحكومات العربية والإسلامية إلى المساهمة الحثيثة في نهضة هذه الأمة، كلٌّ في مجاله وحسب إمكاناته، وهذا أقوى رد يمكن أن يتلقاه كل من تسوِّل له نفسه الإساءة للإسلام والمسلمين؛ حيث هذه الإساءة ليست أول إساءة ولن تكون آخر إساءة.



7- دعوة العقلاء من النصارى إلى التبرؤ من هذه الإساءات، وأن يدركوا أنها لا تخدم السلام العالمي، كما أنها لا تخدمهم، بل تسيء إليهم كما تسيء إلى المسلمين.


8- دعوة المسلمين في الدول غير الإسلامية، لا سيما الدول الغربية، إلى الاجتهاد في توضيح حقيقة الإسلام للغرب، وأن يبذلوا جهودا أكبر في الدعوة إليه ونشره لتنعم البشرية بما فيه من الهدى والنور والرحمة للعالمين.



9- دعوة علماء المسلمين إلى محاورة النصارى، وتفنيد افتراءاتهم، وشرح الدين الإسلامي بصورة صحيحة، ولعل ما قام به أحمد ديدات -رحمه الله- كان مثلاً رائعا في هذا الشأن.


وأخيرا يقول الله تعالى: {يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وتَكْتُمُونَ الحَقَّ وأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} . والحمد لله رب العالمين.






** د.علي الحمادي**رئيس مجلس إدارة موقع "إسلام تايم".


الصفحة الرئيسية هنا
0
507

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️