كيف ترقَّ القلوب ؟

ملتقى الإيمان

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته..




كيف ترقَّ القلوب؟



إن رقة القلوب وخشوعها وانكساره الخالقها وبارئها منحة من الرحمن وعطية من الديان تستوجب العفو والغفران ، وتكون حرزا مكينا وحصنا حصيناً مكيناً من الغي والعصيان .

مارقَّ قلبٌ لله عز وجل إلا كان صاحبه سابقا إلى الخيرات مشمرا في الطاعات والمرضاة .

ما رق قلب لله عز وجل وانكسر إلا وجدته أحرص مايكون على طاعة الله ومحبة الله، فما ذُكّر إلا تذكر، ولا بُصّر إلا تبصر .

ما دخلت الرقة إلى القلب إلا وجدته مطمئنا بذكرالله يلهج لسانه بشكره والثناء عليه سبحانه وتعالى .

وما رققلب لله عز وجل إلا وجدت صاحبه أبعد ما يكون عن معاصي الله عز وجل .

فالقلب الرقيق قلبٌ ذليل أمام عظمة الله وبطش الله تبارك وتعالى .

ما انتزعه داعي الشيطان إلا وأنكسر خوفا وخشية للرحمن سبحانهوتعالى .

ولا جاءه داعي الغي والهوى إلا رعدت فرائص ذلك القلب من خشيةالمليك سبحانه وتعالى .

القلب الرقيق صاحبه صدّيقوأي صدّيق .

القلب الرقيقرفيق ونعم الرفيق .

ولكن من الذي يهب رقة القلوب وانكسارها ؟ ومن الذي يتفضل بخشوعها وإنابتهاإلى ربها ؟ من الذي إذا شاء قلَبَ هذا القلب فأصبح أرق ما يكون لذكر الله عز وجل،وأخشع ما يكون لآياته وعظاته ؟

من هو ؟ سبحانه لا إله إلا هو ، القلوب بينإصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء ، فتجد العبد أقسى ما يكون قلب ، ولكن يأبى اللهإلا رحمته ، ويأبى الله إلا حلمه وجوده وكرمه .

حتى تأتي تلك اللحظة العجيبةالتي يتغلغل فيها الإيمان إلى سويداء ذلك القلب بعد أن أذن الله تعالى أن يصطفىويجتبى صاحب ذلك القلب .

فلا إله إلا الله ، من ديوان الشقاء إلى ديوانالسعادة ، ومن أهل القسوة إلى أهل الرقة بعد أن كان فظا جافيا لا يعرف معروفا ولاينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه ، إذا به يتوجه إلى الله بقلبه وقالبه .

إذابذلك القلب الذي كان جريئا على حدود الله عز وجل وكانت جوارحه تتبعه في تلك الجرأةإذا به في لحظة واحدة يتغير حاله ، وتحسن عاقبته ومآله ، يتغير لكي يصبح متبصرايعرف أين يضع الخطوة في مسيره .

أحبتي في الله :إنها النعمة التي ما وجدت على وجه الأرض نعمة أجل ولا أعظم منها ، نعمة رقة القلبوإنابته إلى الله تبارك وتعالى . وقد أخبر الله عز وجل أنه ما من قلب يُحرم هذهالنعمة إلا كان صاحبه موعودا بعذاب الله ..

قال سبحانه : ( فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله ) . ويل ، عذاب ونكال لقلوب قست عن ذكرالله ، ونعيم ورحمة وسعادة وفوز لقلوب انكسرت وخشعت لله تبارك وتعالى .

لذلك – إخواني في الله – ما من مؤمن صادق في إيمانه إلا وهو يتفكر كيف السبيل لكي يكونقلبي رقيقا ؟ كيف السبيل لكي أنال هذه النعمة ؟

فأكون حبيبا لله عز وجل ،ولياً من أوليائه ، لا يعرف الراحة والدعة والسرور إلا في محبته وطاعته سبحان هوتعالى ، لأنه يعلم أنه لن يُحرم هذه النعمة إلا حُرم من الخير شيئا كثيرا .

ولذلك كم من أخيار تنتابهم بعض المواقف واللحظات يحتاجون فيها إلى من يرقق قلوبهم فالقلوب شأنها عجيب وحاله غريب .. تارة تقبل على الخير ، وإذا بها أرق ماتكون لله عز وجل وداعي الله .

لو سُألت أن تنفق أموالها جميعا لمحبة اللهلبذلت ، ولو سألت أن تبذل النفس في سبيل الله لضّحت .. إنها لحظات ينفح فيها اللهعز وجل تلك القلوب برحمته .

وهناك لحظات يتمعر فيها المؤمن لله تبارك وتعالى، لحظات القسوة ، وما من إنسان إلا تمر عليه فترة يقسو فيها قلبه ويتألم فيها فؤادهحتى يكون أقسى من الحجر والعياذ بالله .

وللرقةأسباب:

الله تبارك وتعالى تكرم وتفضل بالإشارة إلى بيانها في الكتاب.. فما رق القلب بسبب أعظم من سبب الإيمان بالله تبارك وتعالى .. ولا عرف عبدربه بأسمائه وصفاته إلا كان قلبه رقيقا لله عز وجل ، وكان وقّافا عند حدود الله .

لا تأتيه الآية من كتاب الله ، ويأتيه حديث عن رسول الله صلى الله عليهوسلم إلا قال بلسان الحال والمقال : ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) .

فما من عبد عرف الله بأسمائه الحسنى وتعرف على هذا الرب الذي بيده ملكوتكل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إلا وجدته إلى الخير سباق، وعن الشر محجام .

فأعظم سبب تلين به القلوب لله عز وجل وتنكسر من هيبته المعرفة بالله تباركوتعالى ، أن يعرف العبد ربه .. أن يعرفه ، وما من شيء في هذا الكون إلا ويذكره بذلكالرب .

يذكِّره الصباح والمساء بذلك الرب العظيم .. وتذكِّره النعمة والنقمةبذلك الحليم الكريم .. ويذكِّره الخير والشر بمن له أمر الخير والشر سبحانه وتعالى .

فمن عرف الله رق قلبه من خشية الله تبارك وتعالى .. والعكس بالعكس فماوجدت قلباً قاسيا إلا وجدت صاحبه أجهل العباد بالله عز وجل ، وأبعدهم عن المعرفةببطش الله، وعذاب الله وأجهلهم بنعيم الله عز وجل ورحمة الله .

حتى إنك تجدبعض العصاة أقنط ما يكون من رحمة الله ، وأيئس ما يكون من روح الله والعياذ باللهلمكان الجهل بالله .. فلما جهِل الله جرأ على حدوده ، وجرأ على محارمه ، ولم يعرفإلا ليلا ونهارا وفسوقا وفجورا ، هذا الذي يعرفه من حياته ، وهذا الذي يعده هدفا فيوجوده ومستقبله .

لذلك– أحبتي في الله – المعرفة بالله عز وجل طريق لرقة القلوب ، ولذلك كل ما وجدت الإنسان يديمالعبرة ، يديم التفكر في ملكوت الله ، كلما وجدت قلبه فيه رقة ، وكلما وجدت قلبه فيخشوع وانكسار إلى الله تبارك وتعالى .

السبب الثاني :

الذي يكسر القلوب ويرققها ، ويعين العبد على رقة قلبه من خشية اللهعز وجل النظر في آيات هذا الكتاب ، النظر في هذا السبيل المفضي إلى السداد والصواب .. النظر في كتاب وصفه الله بقوله : ( كتابٌ أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) .

ما قرأ العبد تلك الآيات وكان عند قرأته حاضر القلب متفكرا متأملا إلاوجدت العين تدمع ، والقلب يخشع والنفس تتوهج إيمانا من أعماقها تريد المسير إلىالله تبارك وتعالى ، وإذا بأرض ذلك القلب تنقلب بعد آيات القرآن خصبة طرية للخيرومحبة الله عز وجل وطاعته .



فضيلة الشيخ / محمد المختار الشنقيطي.









12
534

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

هموم دنيتي
هموم دنيتي
يسلموووو .. الله يعطيج العافية .. ويجزيك كل الخير ويحقق مبتغاقك
مرة عبدالرحمن
اسعدني حضوورك تسلمين اخيتي
الامــيــرة01
الامــيــرة01
يا تواب تب علي
اللهم رقق قلووووووبنا آجمعيييييييييييييين ويزيدنا من العلم واليقين
"أضواء"
"أضواء"
.جزاك الله كل خير وجعله الله في ميزان حسناتك.