الثلاثاء، 13 فبراير 2018
كيف تشعر الممرضة العربية عندما تكون تعتني بمريض يحتضر؟
هل تساءلتم يوما كيف تشعر الممرضة عندما تكون تعتني بمريض يحتضر؟ كيف تشعر عندما تراه يئن أو يبكي أو يتألم؟ كيف تشعر عندما تراه لا حول له ولا قوة؟ وكيف تشعر عندما تحاول جاهدة مساعدته حتى وهي تعلم انه للا فائدة؟ وأنه في النهاية سيموت مهما حاولت وبذلت من جهد. هل تساءلتم كيف تشعر الممرضة عندما ترى مريضها يموت وتعايش لحظات خروج الروح من جسده لحظة بلحظة؟
ربما مررتم بهذه التجربة المؤلمة الحارقة مع واحد من أفراد عائلاتكم وربما لمرة واحدة فقط في حياتكم. هل تتذكرون تلك التجربة القاسية ؟ هل تتذكرون تفاصيلها وكيف أن كل تفصيل يقتلك نفسيا ومعنويا أكثر من غيره؟ وكم استمرت تجربتكم....أسبوع.....أسبوعان....شهر.....شهران.....سنه؟ ولكن تجربتكم في النهاية انتهت وعدتم لحياتكم بالتدريج. تخيلوا أن الممرضة وخصوصا ممرضة العناية المركزة والطوارئ تعيش هذه التجربة يوميا ولفترة طويلة من حياتها......فتخيلوا كيف سيكون شعورها؟
سأقص عليكم بعض القصص الواقعية التي حدثت مع بعض الممرضات وسأحاول نقل الصورة قدر المستطاع حتى يتسنى لكم فهم ولو جزء بسيط جدا من معاناتهن هذه.
القصة الأولى:_
كانت ممرضة تعتني بمريضة في العناية المركزة وقد دخلت المريضة في غيبوبة، وخلال عمل إجراء معين للمريضة وجدت الممرضة ورقة في يدها تقول بما معناه: أرجوكم ايقظوني فلدي أطفال.
أنا متأكدة من أنكم قد اقشعر بدنكم من سماع القصة.....فتخيلوا كيف ستكون مشاعركم وإحساسكم لو كنتم مكان الممرضة ووجدتم هذه الورقة، والمريضة نائمة في غيبوبة أمامكم والأطفال في البيت لا تدرون كيف أحوالهم وكيف سيكون مصيرهم ومصير أمهم بين أيديكم.
القصة الثانية:_
في العناية المركزة أيضا كانت مريضة مسنة تعتني بها ممرضة شابة في بداية حياتها العملية .....وعند تسليم الشفت جاءت ممرضات الشفت الثاني للاستلام من ممرضات الشفت الأول ...وكانت المريضة المسنة تصرخ وتبكي وكان كلامها غير مفهوم....والممرضة تصرخ عليها أيضا والصراخ واضح وعال في القسم.
وعند مغادرة ممرضة الشفت الأول للقسم ذهبت ممرضة الشفت الثاني إلى المريضة المسنه وحاولت جاهدة أن تفهم منها مشكلتها....فوجدت بأن أولاد المريضة لم يأتوا لزيارتها منذ فترة وأنها تحس باقتراب الموت وتريد منهم القدوم .....فأخذت الممرضة منها ما استطاعت من أرقام هواتفهم وعادت لملفها وحاولت الحصول على أرقام أخرى....واتصلت بهم وأتى من أتى منهم لزيارة والدتهم....وبالفعل بعد فترة قصيرة توفت المريضة.
تصوروا كيف كانت مشاعر الممرضة حينها؟؟؟؟؟؟
كانت مشاعر حزن بسبب فقدان المريضة ....ممزوجة بمشاعر ارتياح لأنها حققت للمريضة أمنيتها برؤية أولادها قبل وفاتها....ممزوجة بمشاعر الغضب لأنها كانت تتساءل هل يحتاج الأبناء إلى اتصال هاتفي للقدوم للمشفى لزيارة والدتهم المريضة التي ترقد في العناية المركزة؟
القصة الثالثة:_
وفي موقف آخر روت ممرضة أن طفلا حديث الولادة رفضت أمه استلامه قبل خروجها من المشفى بسبب وجود تشوه خلقي ....فاتصلوا بوالده ليستلمه فقال: أرسلوه لدار الأيتام....وخلال رعايتها له توفي بسبب تشوهه الخلقي.....
يا لهذه المشاعر التي اعتلت الممرضة في ذلك الوقت....
القصة الرابعة:_
روت ممرضة طوارئ أنه في يوم من الأيام وصل إلى غرفة الطوارئ طالب جامعي في مقتبل عمره وقد أصيب إصابات بالغة بسبب حادث سير ...وكان صديقه يقود السيارة ولكن صديقة لم يصب بأذى.
هذا الطالب الجامعي كان دائما يطلب من أهله أن يشتروا له سيارة ليتمكن من الذهاب إلى الجامعه بها بدل المواصلات....ولكن أهله كانوا يرفضون ذلك لأنهم يخافون عليه من حوادث السير حيث أنه كان ابنهم الوحيد....فشاءت الأقدار أنه ذهب مع صديقه بسيارته وحصل الحادث ومات الطالب ولم يحدث شيء لصديقه.
القصة الخامسة:_
روت ممرضة تعمل في مستشفى للأورام أن مريضا كان قد انتشر السرطان في جسمه ونهشه جزءا جزءا.....وأنه اقترب أجله ويرقد في المستشفى فقط من أجل العناية التلطيفية....وقد تم إحضار أولاده حتى يودعهم......وسكتت الممرضة وبدأت بالبكاء....
ولا تنسوا أن هناك قصصا أخرى مثل حوادث الدهس والفرار والأطفال اللقطاء....وغيرها الكثير....من القصص الواقعية التي تعكس لنا جزءا صغيرا من مشاعر الممرضة المتواجدة في تلك القصة ....
تقشعر أبداننا لسماع هذه القصص....وربما تدمع أعيننا ...وتبقى القصة عالقة في أذهاننا لفترة بعد سماعها....
فما بالكم بالممرضة التي شهدت هذا الواقع وعاشته بجوارحها ومشاعرها ....فلا شيء يصف هذه المشاعر....ولو اجتمعت الحروف والأرقام....
وأجازت ممرضة عندما قالت:_
قصص المرضى تلاحقنا
واخرى عندما قالت:_
مريض لن أنساه
من مدونة ممرضات الوطن العربي من الألف إلى الياء

سوسن عبدالكريم @sosn_aabdalkrym
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

بوبى4
•
رفع
الصفحة الأخيرة