؟
عادة ما ننتقد أبناءنا، عندما يخطئون ونحن نهدف من وراء ذلك إلى تطوير سلوكهم، إلا أن العالم النفساني المعروف ((فيتزوف ديدسون)) يقدم لنا من خلال كتابه ((كيف تكون حازماً بالحب؟)) أسلوباً جديداً لمعاملة أطفالنا لنحقق به هذا الهدف، أسماه ((أسلوب المكافأة الإيجابي)) الذي يقوم على أساس .. أن يمنح الأب طفله مكافأة عندما يحسن التصرف، حيث لاحظ هذا الدكتور المتخصص لسنوات طويلة في علم نفس الطفل .. أن الآباء عندما يعاقبون أبناءهم على سوء سلوكهم، فإنهم إنما يدعمون بذلك هذا السلوك السلبي .. لأننا لو سألنا أنفسنا، أيهما أفضل للطفل أن لا يمدح والده سلوكه الحسن أي يتجاهله .. أم عندما ينتبه لسلوكه السيئ ويعاقبه؟
سنجد بأن الطفل يسعده انتباه والده حتى لو كان ذلك في صورة عقابه .. ولهذا نجد تكرار الأطفال لتصرفاتهم السيئة لكي يحصلوا على المزيد من هذا الانتباه من آبائهم إذن، لو قام هؤلاء الآباء بملاحظة أبنائهم عندما يحسنون التصرف .. ومكافأتهم على ما فعلوا سواء كان ذلك بالاحتضان أو بمنحهم هدية بسيطة .. فإنهم يدعمون بهذا الاهتمام رغبتهم في تحسين سلوكهم .. وسنرى بعد ذلك أن الطفل سيتعود تدريجياً على أن يتصرف بشكل حسن .. لأنه يعتقد أنه بذلك يسعد والديه .. ثم سيشعر أن حسن سلوكه سيشعره بالإشباع النفسي .. وسيصبح جزءاً من شخصيته.
إلا أن على الأب أن يقرر بنفسه متى يمنح طفله تلك المكافأة عندما يحسن التصرف، ولا يعطيه إياها إذا طلبها لأنه إذا فعل ذلك فإنه سيعوده على الاستجداء. كما أننا سنلاحظ بأننا عندما نتبع هذا الأسلوب مع أطفالنا سنتعود على أن نلاحظ دائماً تصرفاتهم الحسنة .. وعندما نمدحهم على سلوكهما لحسن، فإننا بذلك ندرب أنفسنا دون أن نشعر على تركيز تفكيرنا على كل ما هو إيجابي حولنا .. أي أننا سنصبح عكس هذا الأب الذي جاء إلى الدكتور ((فيتزوف ديدسون)) يشتكي له سوء سلوك ابنه البالغ من العمر أربع سنوات .. طالباً منه أن يساعده لكي يجد وسيلة يحسن بها سلوكه وعندما سأله الدكتور ((ديدسون)):
ـ وماذا يضايقك من سلوك ابنك؟
انهال الأب سارداً بإسهاب كل تصرفات ابنه السيئة التي استخلص منها الطبيب أنه يعتدى دائماً على ألعاب الأطفال في الحضانة .. ويسيطر عليهم .. ويضرب مَن لا يطيعه منهم وغير ذلك من أفعال سلبية.
أما عندما سأله: وماذا يفعل ابنك من تصرفات ايجابية؟.
وقف هذا الأب حائراً لأنه لم يكن قادراً على أن يذكر، صفة إيجابية واحدة لابنه، عندئذ اقترح الدكتور ((ديدسون)) عدة صفات حسنة .. وسأل الأب إذا كان ابنه يتمتع بأحدها. ووجده يوافقه على بعضها، أي وافقه على أن طفله كان يذهب إلى الحضانة بسهولة، كما أن لديه طاقة وحيوية، وأن لديه شخصية محترمة بين زملائه.
إذن، لو أراد الأب في هذا المثال أن يطور صفات ابنه الحسنة، فإن عليه أن يطبق عليه ((أسلوب المكافأة الإيجابي)) أي عليه أن يمدحه عندما يلاحظ أياً من تصرفاته الإيجابية.
وقد حدث ذلك فعلاً، لأن الطفل عندما سمع والده يمدحه عندما يتصرف بشكل حسن شعر بارتياح نفسي .. وبدأ يستجيب له، وعندما انتقل الأب إلى مرحلة مكافأة الابن أي عندما أصبح يكافئ ابنه عندما يرتكب تصرفات حسنة جديدة، وجد أن سلوك ابنه أخذ يتحسن تدريجياً.
ولو سألنا أنفسنا ما نوع المكافأة التي نمنها لأطفالنا، فإن الجواب على ذلك هو أننا نستطيع اختيارها حسب شخصية كل طفل معتمدين على ذلك فيما يرغب فيه من أماكن يزورها أو أشخاص يحبهم أو هوايات يحب ممارستها .. أو أشياء يحب امتلاكها، أي مكافأتهم من خلال ما يميلون إليه معنوياً ومادياً.
لنفترض أنك كأب لا تريد من طفلك أن يكرر تصرفاً سيئاً يقوم به، مثل مشاجراته مع إخوته.
فإن عليك حينئذ أن لا تعاقبه أن تحاضره عندما يفعل ذلك، أي أنك تحرمه من الاهتمام الذي يريده ولو كان عقاباً.
وبدلاً من ذلك عليك أن تضع برنامجاً يقوى من صفاته الإيجابية، أي أنك إذا رأيته يعامل إخوته بلطف في ذلك النهار أن تمنحه مكافأة على ذلك التصرف مباشرة لكي تقوي رغبته في تكراره، وحتى إذا كرر ذلك مرتين أو ثلاثة في الأيام الأولى، فإن عليك أيضاً إعطاءه هذه المكافأة في كل مرة يحسن فيها التصرف مباشرة، من أجل تدعيمه في سلوكه.
أي أنك ستصبح بذلك الفعل وكأنك تصطاد ابنك وهو يتصرف بشكل إيجابي وتكافئه على ذلك .. أما إذا كان معه أخوه، فإن عليك عندئذ أن تكافأه معه .. على أن تقول لهما:
ـ أنا سعيد لأنكما لم تتشاجرا اليوم، هاهي ذي بعض الحلوى مكافأة لكما.
بقى أن أقول بأن علينا أن نبدأ أسلوب المكافأة الإيجابي مع أطفالنا وهم صغار، لكي يتعودوا عليه، ويشعروا بإشباع ذاتي عندما يحسنون التصرف، وهذا سيكون وحدهما فيما بعد مكافأة في حد ذاته لهم .. فيحاولون دائماً أن يطوروا سلوكهم بأنفسهم. وهذا ما نسعى إليه في تربية أبنائنا لكي يصبحوا أشخاصاً سعداء، يتمتعون بروح المسؤولية والرغبة في بناء وتقدم مجتمعاتهم.
منقول
الشامخة الخالدي @alshamkh_alkhaldy
محررة ذهبية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
جزاك الله خير :24: