توته الحلوه

توته الحلوه @toth_alhloh

كبيرة محررات

كيف تطيل عمرك ؟؟ تعرفى على الأشياء التى تستطيعين بها أطالة عمرك .

الملتقى العام

كيف تطيل عمرك ؟؟ تعرفى على الأشياء التى تستطيعين بها أطالة عمرك .
الاخلاق الفاضلة
الاعمال ذات الاجور المضاعفة
استغلال الوقت
الاعمال الجاري ثوابها بعد الممات
الاخلاق الفاضلة
أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم عن امكانية اطالة العمر بالحرص على بعض خصال الخير والبر التي في جملتها تدور حول فن التعامل مع الناس وهي في الفروع التالية :
الفرع الأول : صلة الرحم :
عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ في أجله فليصل رحمه " . ومعنى ينسأ بضم أوله وسكون النون بعدها أي يؤخر .
وعن عبدالله بن مسعود ( رضي الله عنه ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلة الرحم تزيد العمر " .
ان صلة الرحم من محاسن الأخلاق التي حث عليها الاسلام ودعا اليها وحذر من قطيعتها . فقد دعا الله عزوجل عباده بصلة أرحامهم في تسع عشرة آيه من كتابه الكريم ، وأنذر من قطع رحمه باللعن والعذاب في ثلاث آيات . ولهذا دأب الصالحون من سلف الأمة على صلة أرحامهم رغم صعوبة وسائل الاتصال في عصرهم . وأما في وقتنا المعاصر فرغم توفر مختلف وسائل النقل والاتصال كالهاتف والبريد التي ينعم بها كثير من الناس ولله الحمد الا أنه لايزال هناك تقصير في صلة الرحم اذ لم يستغل ماسخر الله من تلك الوسائل في صلة الرحم . ان الواحد منا قد يشد الرحال الى بلد بعيد للسياحة ولكنه يتثاقل زيارة لأحد أرحامه وهو في نفس مدينته ان لم أقل في نفس منطقته . ان أدنى الصلة أن تصل أرحامك ولو بالسلام .
فهل تكلف أحدنا واستخدم جهاز الهاتف ليتصل بأحد أرحامه على الأقل ويسلم عليه ؟ روى ابن عباس ( رضي الله عنهما ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بلوا أرحامكم ولو بالسلام " . ثم لعل قائل منا يقول ان من أسباب قطيعة الرحم كثرة مشاغل الناس اليوم وتوسع المدن . ولكن الناظر الى أمثال أبي بكر الصديق وعمر الفاروق ( رضي الله عنهما ) زمن حكمهما لدولة مترامية الأطراف مع الرغم من كثرة الأعباء التي كانت على عاتق كل منهما وعدم توفر الوسائل الحديثة في النقل والاتصال ، الا أن كلا منهما كان يجد من وقته وقتا لزيارة أرحامه وخدمة جيرانه . وأما نحن فنجد الواحد منا يكثر من زيارة أصدقاءه والالتقاء بهم ولايضع في جدوله زيارة أحد أرحامه ولو مرة كل شهر .
ان السبب الرئيسي في انشغالنا عن صلة أرحامنا لعله سوء ادارة أوقاتنا وعدم تنظيمها أو لعدم احاطتنا بعظم أثم قاطع الرحم ، وبكثرة الانشغال بالزائد من الدنيا . فتجد الواحد موظفا في الصباح ولكنه يربط نفسه بوظيفة أخرى تشغل باقي يومه وهو في كفاية من الرزق فيفرط في حقوق أهله وأولاده ووالديه وأرحامه . فحري بك أخي المسلم ان كنت حريصا على اطالة عمرك بأن تصل رحمك فان من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله .
الفرع الثاني : حسن الخلق :
عن عائشة ( رضي الله عنها ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها " انه من أعطي من الرفق فقد أعطي حظه من الدنيا والآخرة ، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار " .
ان حسن الخلق صفة سامية بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى ، فهي تطهر صاحبها من آفات اللسان والجنان وترتقي به الى مراتب الاحسان مع خالقه ومع سائر الناس . قال عبدالله بن مبارك في تفسير حسـن الخلق : " هو طلاقة الوجه وبذل المعروف وكف الأذى " . وقال الواسطي : هو أن لايخاصم ولا يخاصم من شدة معرفته بالله تعالى ، وقال أيضا هو ارضاء الخلق في السراء والضراء . وقال سهل أدنى حسن الخلق الاحتمال وترك المكافأه والرحمة للظالم والاستغفار له والشفقة عليه " .
ان من المعاب على المسلمين حقا أن يعيروا بأخلاق الذين كفروا بعد أن بين لنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن هدف بعثته للناس انما ليتم مكارم الأخلاق ، وبعد أن منح الله جل جلاله لصاحب الخلق الحسن أثقل الحسنات يوم القيامة . فعن أبي الدرداء ( رضي الله عنه ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ماشيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن " ، وبعد أن تكرم الله وهو الغني الحميد ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ، فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم " أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " .
انظر الى كثير من السلف كيف ورثوا لمن بعدهم أروع الأمثلة في الأخلاق الحسنة فكانوا منارات وقدوات يستدل بها على حسن الخلق فزرعوا سنن خير لمن بعدهم فاستمرت أخلاقهم الحميدة وذكرهم الحسن مضرب مثل بعد موتهم فاستمرت حسناتهم وطالت بذلك أعمارهم وأنظر الى نفسك هل خلفت لمن بعدك خلقا حميدا أو موقفا مجيدا ليحتذى بك وتكون مضرب المثل به بين أهلك وولدك أو بين أصدقائك ؟ فحن خلقك مع والديك وأرحامك وزوجك وولدك ومع الناس أجمعين تدرك خيري الدنيا والآخرة ، واذا أردت أن تصل الى درجات الصائم القائم في الجنة مختزلا النصب والمصابرة على الصيام والقيام فما عليك الا أن تحسن خلقك لتدرك هذه الدرجة العظيمه ، فعن عائشة ( رضي الله عنها ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ان المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة القائم الصائم " .
الفرع الثالث : الاحسان الى الجار :
ان الاحسان الى الجار من الاخلاق الحميدة المطيلة للأعمار . فقد روت عائشة ( رضي الله عنها ) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمرن الديار ويزدن في الأعمار " .
لقد تناسى كثير من الناس في هذا الزمن حقوق جيرانهم وفضل التزاور والاحسان اليهم حتى وصل حال بعضهم الى أن يعيش السنين الطوال لايعرف اسم جاره وقد يأتيه رجل غريب يسأله عن بيت فلان من الناس فلا يعرفه ثم يفاجىء أنه أحد جيرانه . والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " .
ان من أكثر الأسباب التي أدت الى عدم التزاور بين الجيران – فيما أرى - هو ترك صلاة الجماعة . فان المسجد يفتح أول قناة للتعارف بين الناس عامة والجيران خاصة . فحري بك أخي المسلم أن تكثر زيارة جيرانك فتحسن اليهم وتناصحهم وتعرف لهم حقوقهم لتفوز بطول العمر وكمال الايمان . روى أبو شريح العدوي( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن الى جاره " . انظر الى عائشة ( رضي الله عنها ) عندما سمعت بعظم حق الجار وأرادت أن تكون في جملة القائمين باكرام الجار سألت رسول الله صلى الله عليها وسلم فقالت : " يارسول الله ان لي جارين فالى ايهما أهدي ؟ قال الى أقربهما منك بابا " .
اطالة العمر بالأعمال ذات الأجور المضاعفة :
لو تقصينا الطرق المباشرة لاطالة العمر لوجدناها في صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار . وهذا مانص عليه الشارع الحكيم . وحيث أن هدفنا من اطالة أعمارنا كسب مزيد من الحسنات لتقربنا الى مرضاة الله عزوجل ، فهناك طرق غير مباشرة لاطالة الأعمار ، يكسب سالكها أكبر قدر ممكن من الحسنات في أقصر فترة زمنية ممكنة ، ليصبح العمل الانتاجي – فيما يرى الناظر – يفوق العمر الزمني ، وهذا لايتأتى الا بأعمال ذات ثواب مضاعف . وهذا المعنى هو الذي قصده القول الأول من أقوال أهل العمل بالبركة في تعريف اطالة العمر : بأن تعمل في الزمن القصير مالا يعمله غيرك الا في الكثير . وقبل تقصي معظم الآعمال ذات الأجور المضاعفة ومدى ارتباطها غير المباشر بموضوع اطالة العمر .
فلو حضر عاملان من بلد ما ليعملا في المملكة العربية السعودية براتب شهري متعارف عليه مقداره ألف ريال لكل منهما ثم قرر أحد العاملين عند بدئه العمل تغيير وظيفته طمعا في راتب مضاعف فوجد مراده وأعطي ألفين ريال شهريا في احدى الشركات . وفي نهاية العقد المبرم معهما مدة سنتين رجعا الى بلديهما ، فأخبر العامل الأول ذويه أنه حصل على دخل مقداره أربع وعشرين ألف ريال مدة مكثه في السعودية بينما أخبر الآخر أنه حصل على ثمانية وأربعين ألف ريال فاستغرب الحضور من قول الثاني ، فقالوا مندهشين : هل أمضيت أربع سنوات في السعودية ؟ فقال كلا وانما بحثت عن عمل آخر يعطي راتبا مضاعفا !
فانظر كيف أن كلا العاملين قد أمضيا المدة نفسها وهي سنتان ولكن العامل الأولالثاني حصل على ضعف دخل الأول فكأنه قد أمضى ضعف المدة المقررة له في السعودية .
وهنا يكون السؤال : كيف يمكن أن تكسب ثواب أعمال يفترض أن يستغرق أدائها زمنا يفوق عمرك المحدود ؟ فكيف يمكن أن تستغل عمرك على افتراض أنه سيكون ستين سنة ليصبح كأنه بلغ ألف سنة أو خمسة آلاف سنة أو عشرة آلاف سنة أو أكثر من ذلك بكثير ؟
يمكن لك ذلك بأن تسلك سبيلين اثنين هما :
(1) الحرص على الأعمال ذات الأجور المضاعفة .
(2) الحرص على الآعمال الجاري ثوابها الى مابعد الممات .
ان الأعمال ذات الأجور المضاعفة أرشد اليها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخبر عن مضاعفة ثوابها مقارنة بأعمال صالحة أخرى . علما بأن الله تبارك وتعالى يضاعف الحسنة الى عشر أمثالها والى سبعمائة ضعف والى أضعاف مضاعفة وذلك فضل من الله تعالى ولاعتبارت منها قدر اخلاص المرء . وفيما يلي نذكر بعض الأعمال التي نصح بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمته أن يأخذوا بها وذلك في تسعة فروع .
الاعمال ذات الاجور المضاعفة
ان الأعمال ذات الأجور المضاعفة أرشد اليها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخبر عن مضاعفة ثوابها مقارنة بأعمال صالحة أخرى . علما بأن الله تبارك وتعالى يضاعف الحسنة الى عشر أمثالها والى سبعمائة ضعف والى أضعاف مضاعفة وذلك فضل من الله تعالى ولاعتبارت منها قدر اخلاص المرء . وفيما يلي نذكر بعض الأعمال التي نصح بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمته أن يأخذوا بها وذلك في تسعة فروع .
الصلاة :
الاكثار من الصلاة في الحرمين الشريفين :
ان كثيرا من الناس يعرف فضل الصلاة في الحرمين الشريفين ، ولكن لهذا الفضل مفهوم خاص تحت موضوعنا هذا . وهو أن الركعة في الحرم المكي بمائة ألف ركعة فيما سواه لما روى جابر بن عبد الله ( رضي الله عنه ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف فيما سواه " .
لو داومتأخي القاريء في بلدك على السنن الرواتب كلها – اثنا عشر ركعة يوميا – لبلغ عدد هذه الركعات في السنة أربعة آلاف وثلاثمائة وعشرون ركعة (12 × 360 = 4320 ) . أماركعتان في الحرم المكي فتعدل بفضل الله تعالى مائتي ألف ركعة . فاذا أردت أن تكسب ثواب مائتي ألف ركعة من السنن الرواتب في بلدك فستحتاج الى فترة ست وأربعين سنة وثلاثة أشهر تقريبا (200000% 4320 = 46،30 ) تصلي فيها النوافل كاملة كل يوم . أليس ركعتان في الحرم لاتستغرقان دقائق معدودة تضيفات لك ثواب صلوات من المفترض أن يستغرق أداؤها ستا وأربعون سنة تقريبا في غيرها من البلاد ؟ ولو صليت عشر ركعات في الحرم المكي لايستغرق أداؤها ثلث ساعة كتب لك باذن الله ثواب مليون ركعة يستغرق أداؤها في بلدك حوالي مائتان وواحد وثلاثون سنة ونصف ( 46,3 × 5 = 231,5 ) على منوال محافظتك على السنن والرواتب . فهذا عطاء من الله جزيل لايستغله كثير ممن يشدون الرحال الى تلك الديار المقدسة . لذلك علينا استغلال هذه المزية بتكثيف سياحتنا الى تلك الديار بدلا من السياحة في دول الشرق والغرب . ومن غفلة بعض المسلمين عن هذا الخير أنهم اذا سافروا في اجازاتهم الى مكة المكرمة أو المدينة المنورة تجدهم لايصلون سوى الفرائض وقليل من النوافل ثم يجعلون جل أوقاتهم في الأسواق بحجة شراء الهدايا لأقاربهم وذويهم . وماعلموا أنهم أهدروا عمرا اضافيا من حياتهم كان بالامكان أن يفوزوا به .
المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد
ان معظم الناس يعلمون فضل صلاة الجماعة وأنها تفضل على صلاة الفرد بخمس وعشرين أو سبع وعشرين صلاة ولكن الذي سيحرص على اطالة عمره سيجد لهذا الموضوع أهمية عظيمة . روى أبو هريرة ( رضي الله عنه ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة مع الأمام أفضل من خمس وعشرين صلاة يصليها وحده " . وفي رواية لابن عمر ( رضي الله عنه ) " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة " . فلو توفي رجلان في عمر واحد أحدهما تعود أن يصلي الفرائض في البيت بمفرده طوال حياته والآخر يصليها في المسجد لكان مجموع ثواب صلاة الرجل الثاني أكثر من ثواب نظيره الأول بخمس وعشرين أو سبع وعشرين مرة . أليس الرجل الثاني كأنه عمر فترة أطول من الرجل الأول بخمس وعشرين أو سبع وعشرين مرة ؟ وبعبارة أخرى فان مايحصل عليه الفرد من ثواب الصلاة المكتوبة خلال خمس وعشرين أو سبع وعشرين سنة يمكن أن تكسبه أنت في سنة واحدة لو صلى الأول الفريضة في بيته وأنت صليتها في المسجد مع الجماعة ، فتأمل ذلك ! اني لأعرف شابا صالحا اذا فاتته صلاة الجماعة لايقر له قرار وهو يتنقل بسيارته من مسجد لآخر لعله يدرك جماعة يصلي معهم ولو كلفه ذلك الى أن يسير مسافات بعيدة .
ان كثيرا من الناس اذا اعطي زيادة في الراتب على أن ينتقل من مدينة غير مدينته لتغرب عن أهله من أجل تلك الزيادة . ألا يحسن بك أن تتغرب بضع دقائق عن بيتك لتصلي الفريضة في بيت الله ثم تعود الى بيتك سالما غانما ؟!
ولا تظن المرأة المسلمة أنها محرومة من هذا الثواب المضاعف . فان صلاتها في بيتها أفضل لها من صلاتها في المسجد ولو كان هذا المسجد هو المسجد النبوي الذي تضاعف فيه الصلاة الى ألف صلاة فيما سواه ، لما ورد عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي ( رضي الله عنه ) أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله اني أحب الصلاة معك . فقال : " قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي " قالت فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء في بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل ، تفكر أخي القاريء الكريم الى هذا الثواب الجزيل الذي أعطي للمرأة المسلمة اذا هي صلت في بيتها ، كل ذلك حفظا لها وصيانة من أن تخالط الرجال ولو كان ذلك في المسجد النبوي الشريف فلو تأملت المرأة المسلمة الصادقة مع نفسها في هذا الحديث والتمست منه هذه الحكمة البالغة لعلمت أن قرارها في بيتها هو مرضاة لربها وأمن لمجتمعها واطالة لعمرها الانتاجي .
اداء النافلة في البيت:
هل تصدق أخي القاريء أن من صلى النوافل في بيته يتضاعف أجرهخمسا وعشرين مرة على من صلاها في المسجد أمام الناس ولو كان في الحرمين ؟ - وذلك على عكس الفريضة – فقد روى صهيب الرومي ( رضي الله عنه ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة الرجل تطوعا حيث لايراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا وعشرين " . وفي حديث آخر مرفوع عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث لايراه الناس كفضل الفريضة على التطوع " . وهذا يعني أن مجموع الحسنات التي يحصل عليها من صلى النوافل في المسجد خلال خمس وعشرين سنة يمكن أن تكسبها أنت خلال سنة واحدة اذا صليتها في البيت أو في المكان الذي لايراك فيه أحد .. هل ترضى أن تفوت هذا الأجر العظيم ؟ لاأظن ذلك . فاحرص أخي المسلم على أن يكون لك نصيب من صلاة التطوع حيث لايراك الناس ، فانه أكثر لك أجرا وأبعد عن الرياء . ثم اعلم أخي الكريم أنه كلما كان العمل مخلصا لله كان الثواب عليه عظيما . ثبت عن أبي سعيد ( رضي الله عنه ) أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده خمسا وعشرين درجة ، فاذا صلاها بأرض فلاة ، فأتم وضوءها وركوعها وسجودها ، بلغت صلاته خمسين درجة " ، لماذا هذا الثواب لمن فعل ذلك ؟ لأنه لم يصل خوفا من هيئة ولم يذكره للصلاة صوت مؤذن وليس عنده صديق أو قريب يرائي أمامه ولكنه الخوف من الله تبارك وتعالى والاستشعار بمراقبة الله له وهو في صحراء خالية من البشر مما جعله يقوم يصلي فريضة لله دخل وقتها فكان ذلك الثواب والأجر المضاعف . فعود نفسك على الخلاص بأن تجعل للبيت نصيبا من صلاة النافلة فان لك في ذلك أجر عظيم .
استغلال الوقت
قال عليه الصلاة والسلام( ماجلس قوم مجلسا فلم يذكروا الله فيه الا كان عليهم ترة ( اي نقص وحسرة ) ومامن رجل مشى طريقا فلم يذكر الله فيه الا كان عليه ترة ومامن رجل اوى الى فراشة فلم يذكر الله الا كان عليه ترة ) رواه احمد
النوع الأول : التسبيح المضاعف :
عن جويريه أم المؤمنين ( رضي الله عنها ) أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال : " مازلت على الحال التي فارقتك عليها " قالت نعم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته " .
فانظر الى العبارة النبوية القصيرة كم اختصرت من الوقت . قال البنا في شرح هذا الحديث : " انها لو قالت هذه الكلمات الأربع كل كلمة ثلاث مرات لكان ثوابها أكثر من ثواب ما ماأجهدت نفسها فيه من التسبيح في هذه المدة الطويلة ، ويستفاد منه كذلك أن من قال سبحان الله عدد كذا وزنه كذا كتب له ذلك القدر وفضل الله واسع ، ولا يتجه هاهنا أن يقال أن مشقة من قال هكذا أخف من مشقة من كرر لفظ الذكر حتى يبلغ الى مثل ذلك العدد ، فان هذا باب منحه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعباد الله وأرشدهم ودلهم عليه تخفيفا عليهم وتكثيرا لأجورهم من دون تعب ولا نصب فلله الحمد ".
أخي القاريء لو أجهدت نفسك في التسبيح المتواصل طوال اليوم فلن تبلغ مئات آلاف من المرات فضلا على ملايين المرات مع ما سيفوتك من المصالح الأخرى ، ولكن جاء فضل الله على هذه الأمة ليدلنا على كلمات قصيرة جامعة يكتب الله بها ثوابا لا يحصيه العدد . تخيل عدد خلق الله في هذا الكون وتخيل ضخامة هذا الرقم الفلكي الذي يحوي بلايين من كل من الأنس والجن والملائكة والنجوم والبهائم والطيور والأسماك والحشرات والميكروبات والنباتات والرمال وغيرهم كثير . فهؤلاء لا يمكن أن يحصيهم بشر ولكن الله يعطيك بعددهم حسنات اذا قلت ثلاث مرات سبحان الله وبحمده عدد خلقه .
وتخيل مامقدار حجم عرش الرحمن الذي ستحظى بوزنه حسنات ان شاء الله . قال ابن زيد : حدثني أبي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما السماوات السبع في الكرسي الا كدراهم سبعة القيت في ترس " . فاذا كانت المسافة بين بعض النجوم تقدر بالسنوات الضوئية وكل ذلك في السماء الدنيا . والمسافة بين السماء الأولى والسماء الثانية مسيرة خمسمائة عام وبين كل سماء وسماء مثل ذلك حتى السماء السابعة ، ثم يأتي بعد ذلك الكرسي والمسافة بينه وبين السماء السابعة مسيرة خمسمائة عام ، ونسبة السماوات السبع له كنسبة سبع دراهم ألقيت في ترس ، وقد وصف الله تبارك وتعالى سعة كرسيه فقال جل وعلا { وسع كرسيه السماوات والأرض } ، ثم يأتي بعد ذلك الماء ثم عرش الرحمن جل وعلا وهو أعظم مخلوقات الله ، ونسبته الى الكرسي كنسبة قطعة حديد ألقيت في صحراء . فعن أبي ذر ( رضي الله عنه ) قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما الكرسي في العرش الا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض " . والله سبحانه وتعالى بعظمته وجلاله أكبر من كل شيء . فبعد هذا التصور لعظمة مخلوقات الله وبالأخص عرش الرحمن فان لك أخي المسلم بوزن هذا العرش العظيم حسنات متى قلت ثلاث مرات سبحان الله وبحمده زنة عرشه .
هل ستفارق مثل هذا التسبيح الجامع ؟ وهل ستفارق هذه الحسنات الهائلة ؟ أليس تسبيحك بمثل هذه العبارات وتكرارك لها خير لك من أن تردد كلمات أغنية أو لهو أو فجور ولا تكسب من ورائها شيئا من الحسنات ؟ بل تكسب اثما ، لقد أعطانا الرسول صلى الله عليه وسلم أصنافا من التسبيحات فلماذا لا نرطب ألسنتنا بها ؟
اضافة لذلك الأجر فان من فوائد هذا الحديث العظيم أنه يعينك على التفكر في عظم مخلوقات الله ومن ثم التفكر في عظمة الله الذي خلق هذا الخلق المتناسق . فلا غرابة أن الله تبارك وتعالى أمرنا أن نكبره في الأذان وفي داخل الصلاة ودبرها أكثر من مائتين وثمانين مرة في اليوم والليلة حتى لا يعظم في نفوسنا غيره ولئلا نطلب النصرة الا منه جل وعلا .
اننا نجد طائفة من الناس يتفكرون في قدرة البشر وما وصل اليه من تقنية أكثر من تفكرهم في عظمة الله جل جلاله . فبعض الناس اذا رأوا جهاز حاسب آلي ( كمبيوتر ) ذا سرعة فائقة ودقة متناهية وصغر حجم ، قالوا وهم يهزون رؤوسهم عجبا : هذه صناعة دولة كذا فانها لا تدخل في صناعة شيء الا أتقنته . والبعض الآخر يقول اذا نويت أن تشتري سلعة فابحث عن سلعة دولة كذا . لماذا هذه الثقة ؟ لأنهم أيقنوا من جودة صناعتها . وفي مقابل ذلك لا نجد التفكر في حكمة الله وأنه هو الحكيم الخبير وأنه لا يأتي بشيء الا هو متقنه لأنه أتقن كل شيء خلقه . كما قال تبارك وتعالى : { صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون } ، ولا يأمر بشيء إلا وهو خبير بمصلحتنا فيه سواء كان تشريعا سياسيا أم اقتصاديا أم اجتماعيا أو نحوه . فإلى متى ننزع الثقة من تشريع الله ونضع الثقة في قوانين البشر مع إنهم لا يعلمون من الحياة إلا الظاهر منها ويخفى عليهم فيها الكثير لقوله تبارك وتعالى : { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا } .
النوع الثاني : الاستغفار المضاعف
أخي القاريء هل ترغب في أن تكسب في اليوم الواحد على الأقل ألف مليون حسنة ؟ فكيف لو كسبت هذا العدد وأكثر منه في جلسة واحدة بل في جملة واحدة ؟ وما رأيك لو كررت ذلك أكثر من مرة ! فكم تتوقع أن يرتفع رصيدك من الحسنات ؟ فلنقف عند هذه المسابقة والتجارة الرابحة فإني لا أظنك ستفرط فيها ولا تمر عليك مرور الكرام دون أن تنهل منها أو تتاجر فيها مع ربك .
فعن عبادة بن الصامت ( رضي الله عنه ) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من استغفر للمؤمنين وللمؤمنات ، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة " .
لعل بصرك وذهنك ينصرف في باديء الأمر إلى كلمة حسنة فتستصغر الحسنات التي ستكسبها من هذا الدعاء ، ولكن لا تحجر بذهنك وانظر بعين أوسع من ذلك . فمن المعلوم أن عدد المسلمين اليوم في العالم يتجاوز الألف مليون مسلم ولو افترضنا أن عدد المؤمنين منهم ألف مليون موحد ، فإن دعاءك واستغفارك لهم كفيل أن يعطيك الله بعددهم حسنات . لو ظللت طوال حياتك تسبح الله لما استطعت أن تصل إلى هذا الرقم من الحسنات لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات لننال بهذه العبارة القصيرة الجامعة ما لم نحلم به من حسنات في أقصر وقت ممكن . فكيف لو قلت هذا الدعاء في اليوم أكثر من مرة أو جعلته مع كل دعاء لك ؟ وكم تتوقع أن تزداد حسناتك لو أشركت أموات المؤمنين في الدعاء ؟ فأتوقع أن تكون مليونيرا إن شاء الله ليس من الريالات أو الدولارات وإنما من الحسنات .
أن هذا الحديث يعطينا دروسا كثيرة وأهمها :
(1) عمق رابطة الأخوة الإيمانية بين المسلمين . فالإسلام يحث كل المسلمين أن يدعوا بعضهم لبعض في ظهر الغيب الأمر الذي قد لا نجده في دين آخر . ومتى استشعر المسلم ذلك زالت الأحقاد التي يثيرها الشيطان في النفوس بين آونة وأخرى ، إذ كيف يعقل أن يحقد المسلم على أخيه وهو يستغفر له في ظهر الغيب ؟
(2) إن الذي يحتجز الدعاء لنفسه ولا يذكر إلا ذاته ويتناسى إخوانه المسلمين إنسان أناني قد حرم نفسه من كثير من الخير والحسنات .
(3) من دعا لأخيه بظهر الغيب ضمن الإجابة من الله تعالى لما رواه صفوان ( رضي الله عنه ) قال : قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت أتريد الحج ؟ فقلت نعم . قالت فادع الله لنا بخير فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : " دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة . عند رأسه ملك موكل ، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل : آمين ولك بمثل " . فحري بك أخي المسلم أن تشرك إخوانك المسلمين في دعائك لتكسب من ثمرات ذلك الشيء الكثير .
احتساب الأعمال المباحة في حياتك :
من استغلال الوقت احتساب الأعمال المباحة في حياتك . والمباح ما لا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه . فمن المباحات : الأكل والشرب والنوم والنزهة وتعلم أي فن من العلوم غير الشرعية المباحة واللهو البريء ونحو ذلك .
إن هذه الأمور المباحة والتي لا غنى للإنسان عنها تقتطع جزءا غير يسير من عمره وبالأخص فترة النوم التي تمثل ثلث عمره تقريبا – كما ذكرنا من قبل – فإن احتساب مثل هذه المباحات عند الله بأن تنوي بها التقوي على الطاعة والكف عن المعاصي قد تؤجر عليها إن شاء الله وهذا قول كثير من أهل العلم . وبهذا الأسلوب تكون قد استغللت جزءا كبيرا من عمرك الزمني في كسب مزيد من الحسنات لتضيفه إلى عمرك الإنتاجي .
يقول ابن الشاط " إذا قصد بالمباحات التقوي على الطاعات أو التوصل إليها كانت عبادة كالأكل والنوم واكتساب المال " . وقال الدكتور الأشقر " فالمسلم إذا قصد بنومه وأكله وشربه أن يتقوى بها على طاعة الله ، كي يتمكن من قيام الليل والجهاد في سبيل الله ، فهذا مثاب على هذه الأعمال بهذه النية " .
إن احتسابك للعمر الضائع من حياتك كالنوم ونحوه لهو وسيلة إضافية في إطالة العمر الإنتاجي كي تكسب فيه مزيدا من الحسنات . فإن المسلم الحريص على وقته والذي يتمنى أحيانا أن يكون اليوم أطول من أربع وعشرين ساعة ليستغله في عمل الطاعات ، فإنه إذا احتسب عند الله فترة نومه وهي محسوبة من عمره وستضيع عليه لا محالة لأنه مكره على ذلك ، فإن الله جل وعلا قد يثيبه على ذلك إنشاء الله . وكذلك فترة تناوله للطعام وقضائه للحاجة ونحو ذلك .
الاعمال الجاري ثوابها بعد الممات
الموت في الرباط .. قال صالى الله عليه وسلم ( من رابط يوما وليلة في سبيل الله كان له كأجر صيام شهر وقيامه ومن مات مرابطا جري له مثل ذلك من الاجر واجرى عليه الرزق وامن الفتان ) رواه مسلم
و الصدقة الجارية وتربية الولد على الصلاح والتعليم
أخي المسلم هل بعد هذا الخير الذي ستعمله إن شاء الله والذي سيسجل لك به ثواب أعمال آلاف السنين ومليارات الحسنات وأنت في حقيقة الأمر لم تعش تلك السنوات ، وإنما كتب لك بها الثواب المضاعف . هل ستفكر بالمعاصي وتضيع العمر بما لا ينفع ؟ ألا ينبغي عليك بعد اليوم المحافظة على هذه الأعمال في صندوق الإخلاص حتى تلقى الله بها يوم القيامة ؟ إن الإنسان لا يعلم متى يأتي أجله المقدر ، لذا سارع إلى فضل الله وقم بتلك الأعمال المضاعفة واحذر بعد ذلك أربعة أمور أساسية لتحافظ على حسناتك يوم القيامة :
أولا : انتهاك محارم الله في السر :
تجنب المعاصي التي تحبط الحسنات كالرياء . واحذر أن تكسب حسنات كالجبال من جهة ثم تنتهك حرمات الله في السر والعلن من جهة أخرى ثم تظن أن تلك الحسنات العظيمة التي كسبتها ستشفع لك عند الله أو أنها ستثقل ميزانك وتفوق سيئاتك . روى ثوبان ( رضي الله عنه ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا " . فقال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا جلّهم لنا ، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم . قال " أما إنهم من إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقواما إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها " .
العجب والغرور :
إن المؤمل فيك أخي القاريء أن تعمل بما قرأته هنا من فضائل ، ولعلك ستفرح بكثرة الحسنات التي ستكسبها والتي ستبلغ المليارات إن شاء الله تعالى ولكن إياك والعجب والغرور بكثرة أعمالك الصالحة فتمن بها على ربك فتردى وقد نهى الله عز وجل عن ذلك بقوله تعالى : " ولا تمنن تستكثر " . فإن ما أخشاه عليك أخي القاريء أن تصاب بداء العجب فتحقر الذنب الصغير الذي تعمله إذا قارنته برصيد حسناتك الهائل فيخدعك الشيطان بأن هذه السيئة ستضيع في بحر حسناتك ثم يبدأ بإقناعك بأن الذنب الصغير لا يضر أمام عفو الله وأمام ماحصلت عليه من حسنات فتراه يستعرض لك سجل حسناتك الضخم حتى يوقعك في شباك العجب والمن بها على الله فتظن أنها ستدخلك الجنة . روى أبو هريرة ( رضي الله عنه ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لن يدخل أحد منكم الجنة عمله . قالوا ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة " . ولهذا حذر السلف رحمهم الله تعالى من خطر العجب بالعمل . فقال عبد الله بن مسعود ( رضي الله عنه ) " النجاة في اثنين التقوى والنية ، والهلاك في اثنين القنوط والإعجاب " . وقال مطرف بن عبد الله ( رحمه الله ) " لأن أبيت نائما – أي عن قيام الليل – وأصبح نادما أحب إلي من أن أبيت قائما وأصبح معجبا " .
فمن وسائل علاج العجب بكثرة الأعمال الصالحة : أن تعلم أن ماوفقت إليه من عمل صالح إنما هو بفضل الله . وذلك لقوله تبارك وتعالى : { وما بكم من نعمة فمن الله } ، واعلم أن هناك من العباد من يكسب أكثر منك ثوابا . وما تم عرضه عليك هنا لا يعدو أكثره فضائل أعمال يعلم مقدار ثوابها وأما أصحاب البلاء والابتلاء والصابرون على ذلك فإنهم يثابون على ذلك بغير حساب . قال الله تعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } . فهون على نفسك ولا تغتر بكثرة عملك الصالح فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنه ولكن احمد الله الذي وفقك إليه وزينه في قلبك وكره إليك الكفر والفسوق والعصيان وجعلك من الراشدين . ثم اعلم أنك مهما كسبت من ثواب فإنك ستحقره يوم القيامة لهول ذلك اليوم واكتشافك بأنك ماعبدت الله حق عبادته . قال الصحابي الجليل محمد بن عميرة ( رضي الله عنه ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن رجلا يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرما في مرضاة الله تعالى لحقره يوم القيامة " .
ثالثا : الاعتداء على حقوق الناس :
إياك أن تؤذي إخوانك المسلمين بأي عضو من أعضاءك من غيبة أو نميمة أو نحو ذلك . وتجنب بخس الناس حقوقهم ، فإنك إن فعلت ذلك أخذوا منك ما جمعته من حسنات يوم القيامة ليستوفوا حقوقهم منك ، وإذا نفذت حسناتك ولم تؤد ماعليك طرحوا أوزارهم لتحملها عنهم فيخف ميزانك فتشقى والعياذ بالله . فقد صح عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتدرون من المفلس ؟ قالوا المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له ولا متاع . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " . ولتكن معاملتك مع الناس بالأخلاق الحسنة فإنك بهذه الأخلاق تكسب ودهم وتأمن شرهم وتحافظ على رصيد حسناتك .
رابعا : السيئات الجارية :
إذا حرصت على الحسنات الجاري ثوابها إلى ما بعد مماتك فاحذر كذلك من اقتراف ما يضادها من السيئات الجارية إلى مابعد الممات ، كتخذيل مسلم عن الالتزام كما يفعل بعض الآباء مع أولادهم ، أو الفتوى دون علم ، أو توزيع أشرطة غناء أو أفلام فيها التبرج والغرام ، فإن كل من سيسمعها بعدك يكن لك كفل من وزره . فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " منسن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ،ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا " . ألا تعلم بأن كل جريمة قتل تقع في الأرض إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها لأنه أول من سن القتل ، فعن عبد الله ( رضي الله عنه ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل " . فاحرص على أن لا تورث ذنبا بعد وفاتك لأحد ، وكن ممن إذا مات ماتت ذنوبه معه . فإن بعض الناس من يضع لنفسه مثل الوقف يستجر منه السيئات تلو السيئات حتى بعد وفاته . ومثل ذلك ما يفعله الممثلون الذين يمثلون الأفلام الجنسية ويسجلونها لتبقى مخلدة عملهم المشين ليحملوا أوزارهم وأوزار من أفسدوا من ملايين الناس . ومثل ذلك أيضا مايفعله بعض الآباء عند شرائهم للهوائيات أو مايسمى بالدش ، فيضعونه في بيوتهم ليمتعوا نظرهم بما حرم الله ، ثم لا يلبث أحدهم أن يوافيه الأجل فيرث أبنائه ما خلف من ذلك الشر المستطير ، فيفتحوا على أبيهم المسكين قناة تجري له بسموم السيئات ما استخدم هذا الدش فيما حرم الله . ألا فليتق الله هذا الأب المفرط الذي يشتري لهو الحديث ليصد نفسه ومن يعول عن طاعة الله ، وليحذر من مثل هذه السيئات الجارية التي لا تزرع سوى الانحلال في بيوت المسلمين . وكن من الناس الذين يورثون الأخلاق والأعمال الحميدة لأبنائهم ومجتمعهم .
الخلاصة :
لا شك أن هدف المسلم في هذه الدنيا يختلف عن غيره من الناس . فهدفه أن يعبد الله جل وعلا وأن يستغل حياته ووقته بالارتقاء بالأعمال الصالحة لينال رحمة الله تعالى ، ولكن أكبر مشكلة يواجهها هي قصر عمره الإنتاجي في الدنيا الذي لا يزيد في الغالب عن عشرين سنة مما يتأتى عليه البحث عن سبل شرعية لا طالة عمره ليس ليزداد رفاهية في الدنيا وإنما ليزيد من حسناته وأيام طاعته لله . وهناك أعمال صالحة كثيرة تعين على إطالة العمر على اختلاف بين أهل العلم في مفهوم هذه الإطالة . فمنهم من يرى أن الإطالة هي البركة ومنهم من يرى أنها إطالة حقيقية . لذلك تم تقسيم كيفية إطالة العمر إلى أربعة مباحث لتشمل كلا القولين . فأما على قول الإطالة الحقيقة فقد يندرج تحتها الأعمال التي في المبحث الأول وهي : صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار ، وأما على القول الثاني وهو البركة فهوى لا يوافق سوى المباحث الأخرى وهي المبحث الثاني : الأعمال ذات الأجور المضاعفة وتشتمل على تسعة فروع ، والمبحث الثالث ويتحدث عن الأعمال الجاري ثوابها إلى ما بعد الممات في أربعة فروع والمبحث الرابع وهو عن أهمية استغلال الوقت . وبعد استعراض مجموعة من الأعمال الصالحة في كل مبحث ختمنا بفصل يشتمل على نصيحة للمحافظة على هذا العمر الإنتاجي الضخم بتجنب أربعة ذنوب لها أثر سلبي في إطالة العمر هي انتهاك محارم الله في السر ، والعجب بالعمل ، وانتهاك حقوق الناس ، والسيئات الجارية أعاذنا الله من ذلك .
الخاتمة :
أخي الكريم لا يسعني في الختام إلا أن أجدد دعوتي إليك بتقوى الله عز وجل في السر والعلن والاستمرار على طاعته واغتنام فرصة حياتك قبل مماتك لكسب أكبر قدر ممكن من الحسنات . وأنا أعلم أن معظم ما جاء هنا من فضائل لا يخرج عن دائرة معلوماتك ولكنها تذكير ودعوة لاحتساب ثوابها عند القيام بها وحتى أشحذ الهمم للعمل الصالح لئلا نصاب بداء الروتينية في العبادة كما أني لا أدعي لأني قد استقصيت جميع الأعمال وخصال الخير التي ترتبط بموضوع إطالة العمر ولكنه جهد المقل ولعله يخرج من يؤلف في هذا الموضوع فيزيد عليه أو يصحح ما فيه من تقصير .
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا جميعا لخالص القول والعمل ، وأن يجنبنا مايحبط العمل ، وأن يوفقنا للعمل الصالح الجاري إلى يوم القيامة إنه سميع مجيب ، وجواد كريم ، وصلى الله وسلم على خير البرية وهادي البشرية سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحابته ، ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إنه ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين .
منقوووووووول
8
6K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

الشامخة الخالدي
ربي يجزاج الجنة
توته الحلوه
توته الحلوه
اسعدني مروركم
][§][-~المتغـلية ~-][§][



موضوعك مميز جزاك الله خير ونفع به

وربي يطيل باعمارنا في رضاه ويحسن خاتمتنا اللهم آمين :26:


..

.




نورس8
نورس8
أختي الغالية توتة الحلوة جزاكي الله ألف خير على موضوعك الحلوه مثلك وجعله الله في ميزان حسناتك

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
توته الحلوه
توته الحلوه
حياكن الله