كيف تعاملين ابنتك المراهقة
عزيزتي الأم القارئة:
إن الرغبة الحقيقية في فهم الابنة المراهقة يساعدعلى نجاح الأم في التعامل مع الابنة الحبيبة، ولا شك أن هذا الفهم يعود بالفائدةعلى الجميع؛ الأم والابنة والأسرة، وأيضًا يحقق الصحة النفسية للجميع، وخاصة الابنةالحبيبة، وهذا ما نرجوه ونسعى إليه.
كيف أتعامل مع ابنتيالمراهقة؟
وتسأل كثير من الأمهات: كيف أتعامل مع ابنتي المراهقة؟ لقد تعبتمنها ومن شخصيتها الغريبة، ونحن نقول: إن هذه المسالة تحتاج لفهم وتحتاج إلىالتدريب، وأخيرًا تحتاج إلى الصبر ثم الصبر ثم الصبر، مع مزيد من الحبوالاحتواء.
وإليك عزيزتي الأم هذه النصائح الهامة في التعامل مع الابنةالحبيبة في ضوء ما اتفق عليه علماء النفس، وفي ضوء شرعنا الحنيف:
1ـ تقبليسخط المراهقة وعدم استقرارها:
على الوالدين ـ وخاصة الأم ـ التحمل وطولالبال والتسامح مع الابنة، وعليهما التغاضي عما تعبر به عن مشاعر السخط وعدم الراحةالتي تبديها في بعض الأحيان، وعليهما احترام وحدتها وتقبل شعورها بالسخط وعدم الرضاعن بعض الأشياء، وهنا لا بد أن نفرق بين التقبل والتأييد، فينبغي أن تكون استجابتنادائمًا محايدة، نفرق فيها بين تقبلنا لها وتأييدنا لما تفعل أو تقول، وهي تحتاجأساسًا للتقبل، وأن تشعر بأنها محبوبة، وأن ما تقوم به لا غبار عليه دون الدخولمعها في مصادمات، ويجب أن يفهم الوالدان أن محاربة المراهقة مسألة مهلكة بالنسبةلها.
2ـ لا تتصرفي بفهم شديد ولا تجمعي الأخطاء:
إن التدقيق في كلتصرف تقوم به الابنة، وإبداء الفهم الشديد لتصرفاتها؛ إن التصرف بهذه الكيفية صعبللغاية، وقد قالت لنا دكتورة الصحة النفسية في إحدى المحاضرات: 'ينبغيالتفويتللمراهق'، أي لا نعلق على كل صغيرة وكبيرة من تصرفاته إن تعثر فوقع، أو وقع شيئًامن يده أو من الأمور البسيطة اليومية، وعلى الوالدين تقدير متى يجب الفهم، ومتى يجبالتغاضي. ومن الأفضل ألا نتوقع من المراهق الكمال؛ فنتعقب أخطاءه لكي نصوبهادائمًا، وليس من المفيد البحث والتدقيق في كل صغيرة وكبيرة بهدف الوصول إلىالكمال.
ودور الكبار يتحدد في مساعدة المراهق على التغلب على ما يمر به منأزمات، دون الدخول في تفاصيلها، والقاعدة الشرعية في ذلك «كلبني آدم خطاء، وخيرالخطائين التوابون». واعلمي عزيزتي الأم أن التنويع مسلك الناجحين، فمعالجة الأخطاءتكون تارة بالتلميح، وتارة بالقدوة، وتارة بالتصريح كل ذلك يتم حسبالموقف.
3ـ ابتعدي عما يضايق الابنة المراهقة:
أحيانًا لا ينتبهالكبار لمدى الأذى الذي يصيب المراهق من ذكر نقائصه أو عيوبه، والشيء الذي نؤكدعليه أن إهانة الوالدين للمراهق عميقة الأثر وبعيدة المدى، وقد ينتج عنها متاعبنفسية مدى العمر، ومما يضايق المراهق معاملته كطفل، أو تذكيره بما كان يفعل وهوطفل؛ مثل التبول الليلي في الفراش، أو التكلم عنه أمام الآخرين بما يزعجه، ونتذكرهنا قول الله تعالى: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ}، وينبغي هناالتمييز بين الابنة والتلميذة، فإذا كان عند الابنة انخفاض في المستوى الدراسي؛فعلينا أن نتذكر مزاياها الأخرى، ولا نجعل أحاديثنا مقصودة فقط على المسائلالمدرسية والدرجات. وهذا هو التفريق بين الذات والصفات، وهو أن نفرق بين الابنةالحبيبة وبين صفاتها وسلوكها.
4ـ احترم خصوصيات الابنة المراهقة:
لابد أن تحترم خصوصيات المراهق ما دام أنها لا يشوبها شائبة، مع الاحتفاظ بمبدأالمراقبة غير المباشرة، واحترام خصوصيات المراهق يتطلب بناء مسافة معينة بينالوالدين وبين ابنتيهما، مع الاحتفاظ بصداقة ومحبة، والاحترام يشعر المراهق بأنهشخص متميز فريد.
5ـ ساعدي ابنتك على اكتساب الاستقلال:
فكلما شجعناصور ومواقف الاكتفاء الذاتي؛ كلما ساعدنا في بناء شخصية الابنة، وكسبنا أيضًاصداقتها واحترامها، والأم المتفهمة تتيح لابنتها فرصة الأعمال المنزلية؛ مثل دخولالمطبخ والعمل فيه وطريقة الإنفاق وحسن التصرف في الادخار والإنفاق، وعلى الأم أنتثني عليها وتتقبل خطأها بنفس راضية، وتشجعها إن أحسنت وتنصحها إن أخطأت، فإن حسنالتوجيه واللباقة هنا لها تأثير السحر، وبالتالي تتقبل الابنة توجيهات الكبار بنفسراضية.
6ـ ابتعدي عن الوعظ المباشر :
قال تعالى: {ادْعُ إِلَىسَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِالْحَسَنَة ِ{النحل:الاية125
هذا هو أسلوب القرآن: الدعوة بالحكمة والنظر في أحوالالمخاطبين وظروفهم، والقدر الذي يبينه لهم في كل مرة، حتى لا يثقل عليهم، والطريقةالتي يخاطبهم بها، والتنويع في هذه الطريقة حسب مقتضياتها، فإن الرفق في الموعظةيهدي القلوب الشاردة، والزجر والتأنيب، وفضح الأخطاء التي قد وقع عن جهل أو حسن نيةله أثر سيء على نفس الابنة المراهقة.
ومن الأمور الهامة تجنب هذه العبارات:"عندما كنت في مثل سنك كنت أفعل كذا وكذا،أو أنجح في المدرسة بتفوق أو..."هذهالعبارات تسيء للابنة أكثر مما تنفع، لأن المقارنة دائمًا تحمل معنى الدونية، فأنتلست ابنتك وابنتك ليست أنت، فكل منكما شخص مستقل ومختلف تمامًا عن الآخر.
7ـابتعدي عن وصف ابنتك وتصنيفها:
لا داعي لأن تصف الأم ابنتها بصفات معينةوخاصة في وجود الآخرين، فمن الخطر أن نتنبأ بمستقبلها وخاصة إذا كانت تنبؤات سيئة،وهذا ما يسمى بقانون التوقعات، فإن كل شيء تتوقعه سيحدث، والصورة الذاتية تتكون عندالأبناء منذ الطفولة ثم تكبر معهم، فمن تقول لابنتها: "أنت غبية وكسلانة" وتردد ذلكباستمرار؛ سيتكون لدى الابنة اعتقاد بذلك، وصورة ذاتية عن نفسها تكبر معها، ونكونبذلك قد ساهمنا في تكوين شخصية الابنة بشكل سلبي.
ومن تقول لابنتها: "إنك لنتفلحي أبدًا، أو لن تتعلمي أبدًا، أو ستظلين هكذا متخلفة"، إن كل هذه العبارات لنتهذبها أو تعلمها، ولكنها ستؤدي بها أن تكون كما وصفت الأم بالضبط.
واعلميعزيزتي الأم أن المراهق مرهف الحس، قد تكفيه الإشارة، ولا يصلح التشهير بالألفاظالسيئة ونعته بها، كأن نطلق عليه لأن هذا يؤذيالمراهق؛ فالسخرية والاستهزاء يجرح مشاعره، والسخرية ليست أداة فعالة في التعاملمعه، فإن التركيز على مثل هذه الصفات ينتهي به إلى تصديقها، والامتثال لهذه الصورةالتي كونها الوالدان عنه؛ فتظل هذه الصفة تسيطر عليه باقي حياته، يخاطب نفسه بهاكأن يقول لنفسه مثلًا: 'أنا كسلان، أنا غبي، أنا ضعيف الشخصية، أنا لا أستطيعالتحدث بلباقة...'.
8ـ ساعدي ابنتك على اكتساب الخبرات وامنحيهاالثقة:
إن دور الوالدين الهام يكون في إكساب المراهق الخبرات والمواقفالبناءة أكثر من الإدانة أو التقليل، وكل خبرة يكتسبها المراهق بمفرده تكسبه مهاراتشخصية، وتعمل على بناء وتطور نموه، فالأسرة هي البيئة النفسية التي تساعد على النموالسليم للأبناء، فالثقة والمحبة تساعدان المراهقين على طاعة الوالدين والنجاح فيمجالات الحياة المختلفة، واكتساب الخبرة يكون من خلال أحداث الحياة اليوميةالمتجددة، مع استخدام أسلوب التشجيع ..
9ـ كونيالسند النفسي لابنتك:
الأم المتفهمة ينبغي عليها إظهار التفهم لابنتها،التفهم لغضبها ومتاعبها وأحزانها، وتقديم الدعم النفسي لها، فأنت السند النفسيلابنتك بالاستماع لمشاكلها بانتباه واهتمام، وبالاستجابة المتعاطفة دون إقامة أيحكم على الموقف سواء بالثناء أو بالنقد.
فكوني السند النفسي لابنتك، وتفهميمشاعرها وحاجاتها (وخاصة الحاجة الجسمية والعاطفية)، فالابنة المراهقة إذا لم تشعربالعاطفة والود والحب والتفهم، فقد تبحث عنه في أي مكان آخر، وهذا ما نخافه ونرفضه،ونحن هنا نريد الحب المعتدل المتوازن، والفهم لطبيعة هذه المرحلة.
10ـ النقدوحدود استخدامه.
تقول إحدى الفتيات:"ليت أمي تفهم أننيكبرت، وأن تنتقدنيبصورة أفضل"، إن الفتاة المراهقة تضيق بشدة من نقد الوالدين لها، وتعتبره أذى بالغلشخصيتها، وواقع الأمر أن معظم النقد لا يكون ضروريًا فهو غالبًا ما يتناول أشياءمن الممكن أن تتعدل في فترة تالية، مثل نقد أسلوب الكلام أو المشي أو الأكل، وينبغيأن نفرق بين نوعين من النقد البناء والنقد الضار:
أما النقد البناء:فهويتعامل مع الحدث مباشرة، ولا يوجه اللوم للشخصية ذاتها.
أما النقد الضار:فهو الذي يوجه إلى الشخصية ذاتها، واستخدام السخرية واللوم والتأنيب.
إنخطورة نقد الشخصية والسلوك نفسه هو أنه يترك في نفس المراهق مشاعر سلبية عن ذاته،وعندما نصفه بصفات الغباء والقبح والاستهتار يكون لذلك أثره على نفسيته (الابن أوالابنة)، ويكون رد الفعل عنيفًا يتصف بالمقاومة والغضب والكراهية والانتقام، أو علىالعكس الانسحاب والانطواء.
وملاك الأمر في ذلك هو التوسط والاعتدال «خيرالأمور أوسطها»، أي نستخدم النقد والمديح كل بحسب الظروف والمواقف، ونفصل بين الذاتوالصفات عند توجيه النقد، ولقد اقترح المعنيون بدراسة المراهقة معالجة النزوات بصبروأناة، وبروح إيجابية والتوسط في استخدام أساليب التأديب، وحذروا من الشدة والقسوةإلا في حالة الضرورة فقط.
وجمع الله الوالدين والأبناء بالحب والصداقة والود
نقلته للفائدة
2
511
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
بس لون الخط عور عيوني :(