


كان الرسول الكريم يصلي قبل حادثة المعراج بكرة و عشيا و في الصباح و المساء
فكانتِ الصلاةُ المفروضةُ قبل الإسراءِ: ثِنْتَانِ قبل طلوع الشمس في وقت الفجرِ وقبلَ الغروبِ في وقت العصر،
﴿وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ ٣٩﴾ .
و إنه ﷺ بعدما مضى عليه عشر سنين في مكة، كان يدعو الناس إلى توحيد الله، وترك الشرك، أسري به إلى بيت المقدس،
و عرج به إلى السماء، وجاوز السبع الطباق، وارتفع فوق السماء السابعة عليه الصلاة والسلام،
و معه جبرائيل ، فأوحى الله إليه ما أوحى، وفرض عليه الصلوات الخمس، الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، فرضها الله خمسين،
فلم يزل النبي ﷺ يسأل ربه التخفيف؛حتى خففها سبحانه من فضله و كرمه على عباده
في قوله سبحانه: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ،و سميت ب:

░ و قد كان هذا كان قبل الهجرة بنحو ثلاث سنوات فهي خمس في الفرض، وفي الأجر خمسون
فعن أنس بن مالك قال : كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرج عن سقف
بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست
من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا فلما جئت إلى السماء الدنيا قال جبريل
لخازن السماء افتح قال من هذا قال هذا جبريل قال هل معك أحد قال نعم معي محمد صلى الله عليه وسلم فقال أرسل إليه قال نعم فلما فتح علونا السماء الدنيا ...
ففرض الله عز وجل على أمتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى مررت على موسى فقال :
ما فرض الله لك على أمتك ؟ قلت : فرض خمسين صلاة ، قال : فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك ،
فراجعت فوضع شطرها ، فرجعت إلى موسى ، قلت : وضع شطرها ، فقال : راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ،
فراجعت فوضع شطرها ، فرجعت إليه ، فقال : ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فراجعته ، فقال : هي خمس ، وهي خمسون ،
لا يبدل القول لدي ، فرجعت إلى موسى ، فقال : راجع ربك ، فقلت : استحييت من ربي ...
رواه البخاري ومسلم



و عن تحديد ركعاتها هناك إشكال حاصلُ بين حديثِ عائشةَ رضي اللهُ عنها في قولِهَا:
«فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ؛ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الحَضَرِ» أخرجه البخاريُّ في «الصلاة»
وبين حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحَضَرِ أَرْبَعًا،
وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الخَوْفِ رَكْعَةً» أخرجه مسلمٌ
يزول بدفعِ التعارضِ بأَنْ يُقالَ: إنَّ الصلواتِ الخمسَ فُرِضَتْ ليلةَ الإسراءِ ركعتين ركعتين إلَّا المغربَ،
ثمَّ زِيدَتْ بعد الهجرةِ إلَّا الصبحَ على ما رواهُ ابنُ خزيمةَ وابنُ حبَّان عن عائشةَ رضي الله عنها:روايةَ ابنِ خزيمة
وفي روايةٍ للبخاريِّ: «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الأُولَى»
ثمَّ ـ بعد أَنِ استَقَرَّ فرضُ الرباعيةِ ـ خُفِّفَ منها في السَّفَرِ عند نزولِ قولِه تعالى: ﴿فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ﴾ ،
ويكون المرادُ مِنْ قولِ عائشةَ رضي الله عنها في روايةِ مسلمٍ: «فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الْأُولَى»



فهذا ما ثبت بالصحيح و الذي عرفنا من خلاله أنه قد وجب على النبي المصطفى من الصلوات الخمس ليلة الإسراء
إنما كان بمكة و لم تكن حالتئذ بدار إسلام
و كانت تؤدى ركعتين ركعتين لما جاء بحديث عائشة رضي الله عنها و أرضاها
و تبقى الصلاة هي عماد الدين و قرة عيون المحبين لربهم قال تعالى : وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ
و أول صلاة أداها صلى الله عليه و سلم جاءت مفصلة في رواية أبو برزة الأسلمي
قال : كان يصلِّي الهَجيرَ الَّتي تدعونَها الأولى ، حينَ تَدحَضُ الشَّمسُ ، وَكانَ يصلِّي العَصرَ حينَ يرجِعُ أحدُنا إلى رحلِهِ في أقصَى المدينةِ والشَّمسُ حيَّةٌ -
ونَسيتُ ما قالَ في المغربِ - وَكانَ يستحبُّ أن يؤخِّرَ العشاءَ الَّتيتدعونَها العتَمةَ ، وَكانَ يَكْرَهُ النَّومَ قبلَها والحديثَ بعدَها ،
وَكانَ ينفتِلُ من صلاةِ الغَداةِ حينَ يعرِفُ الرَّجلُ جَليسَهُ ، وَكانَ يقرَأُ بالسِّتِّينَ إلى المائةِ
المحدث:الألباني المصدر:صحيح النسائي



وكان النبي ﷺ إذا حزبه شيء فزع إلى الصلاة من شدة تعظيمه لها و حبه الشديد لتأديتها
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم يصلي حتى تنتفخ قدماه ، فيقال له :
يا رسول الله تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : " أفلا أكون عبداً شكوراً " .
فإنها لا تشق إلا على الكسالى وضعفاء الإيمان، لكن الخاشعين المؤمنين الصادقين ميسرة عليهم، سهلة عليهم، لمعرفتهم بفضلها،
وعظيم الأجر فيها، فهم يبادرون لها، ويسارعون إليها بنشاط، وقوة، ورغبة؛ لأنهم عرفوا حقا قدرها
فهي أعظم الأعمال البدنية في الإسلام
هذا والله تبارك وتعالى أعلى و أعلم

جزاك الله خير مرجانه