كيف نتدرج في تدريب أبنائنا على الصيام؟

الأمومة والطفل

بسم الله الرحمن الرحيم

أخواتي الكريمات:)

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير المرسلين صلى الله عليه وسلم ؛ أما بعد ... فلقد فرض الإسلام تعليم الصبي الصلاة منذ السابعة من العمر حتى العاشرة؛ أما الصيام فهو أشق على النفس من الصلاة...و لكنه أحياناً يكون لدى بعض الأطفال الكسالى - الذين يُعرِضون عن الطعام بطبيعتهم- أيسر من الصلاة!!!

أما الطفل الأَكُول ، فإن الصيام يُعد بالنسبة له مشكلة حقيقية... لذا فإنه من واجبنا أن نستعين بالله تعالى ،و نستحضر الأجر العظيم الذي سنناله بإذن الله بسبب تدريب أبنائنا على الصيام ، وان صيامهم –بعد ذلك- سيكون صدقة جارية في ميزان حسناتنا ،

لكي لا نكل ولا نمل ، بل نبدأ بهدوء، وبالتدريج في تدريب أبنائنا على الصيام منذ الولادة .

• ففي فترة الرضاعة لا ينبغي أن نُسرف في إرضاع الطفل ... فلا نُرضعه كلما بكى ، ولا نستخدم الرضاعة كمُسكن أو مهدِّىء لأعصاب الرضيع - إلا عند الضرورة- حتى نجنبه التُّخمة وما يعقبها من انتفاخ وغازات وإمساك ، وهي أشياء تؤلم الصغير وتؤرِّقه هو ووالدته .

وعند بدء الطفل في تناول الوجبات الخارجية ينبغي عدم الإسراف في كميات الطعام ،أو مطاردة الطفل بالأكل خوفا عليه، وإنما نعطيه فرصة لتفريغ أمعائه مما بها ، فإذا جاع وجدناه يتناول وجبته بشهية ، وبدون إجهاد للأم .

وحين يبلغ الطفل الثالثة من العمر ينبغي- من خلال القصص التي يكون شغوفا بها في هذه المرحلة- أن نوجهه لعدم الإسراف في الطعام والشراب ، وإلى أن ملء المعدة شر كبير؛

أما حين يبلغ الخامسة من العمر ؛ فيمكننا أن نحفِّظه الآية القرآنية : "وكُلوا واشربوا ولا تُسرفوا إنه لا يحب المسرفين " و حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:" نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع" (هذا الحديث يروى عن بعض الوفود وفي سنده ضعف؛ فالمعنى صحيح لكن السند فيه ضعيف ، كما قال الشيخ ابن باز رحمه الله)

وكذلك الحديث الشريف :" ما ملأ ابن آدم وعاءً قَط شراً من بطنه، بحَسب ابن آدم لُقيماتٍ يُقِمنَ صُلبه ، فإن كان لابد فاعلاً :،فثلُث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسِه" رواه أحمد والترمذي ...فينبغي أن نشرحها له، بل ونعينه على تنفيذها بالقدوة أولاً ، ثم بالتوجيه، اتباعاً للسُّنة ، وتمهيداً لتيسير الصيام عليه بالتدريج، ثم صيانةً له من الأمراض في المستقبل .

وفي هذا يقول فضيلة الشيخ "محمد بَكر إسماعيل":

"الصبي لا يجب عليه الصوم حتى يبلغ، ولكن يستحب على وليه أن يدربه عليه إذا لم يكن في ذلك مشقة بالغة، فقد كان بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدرِّبون صبيانهم عليه.

فعن الربيع بنت معوذ قالت: "كنا نَصُومُ ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن (أي الصوف) فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه، حتى يكون عند الإفطار" (أي أعطيناه هذا الصوف يتلهى به حتى يحين موعد الإفطار) (الحديث رواه البخاري ومسلم.)،

وبشكل عام ، فإن تدريبهم على الصيام ينبغي أن يتم تدريجياً،
ووفق الظروف الصحية للطفل (منذ السابعة وحتى العاشرة مثلاً

ففي شهر رمضان من كل عام، يرى الطفل والديه، و الكبار من الأقارب والجيران والمعلِّمين يصومون فيشعر بالغيرة والرغبة في تقليدهم،
لذا يجب أن نعينه على ذلك وننتهز هذه الفرصة بأن نشجعه و نتركه يصوم لمدة ساعتين مثلاً،
ثم نزيد عدد الساعات حسب قدرة الطفل،
وإذا رغب في الطعام تركناه حتى يشعر أن هذا أمر يخصه وأنه شيء بينه وبين ربه
... ولا ينبغي أبداً أن نخشى عليه من الضعف أو الهزال؛ فشهر رمضان كالعطر يتبخر سريعاً، كما أن الطفل إذا اشتد به الجوع ،

فسيكون أمامه أحد أمرين:

*إما أن يأكل لأنه لم يعد يتحمل الجوع ، و بذلك نطمئن عليه.

*وإما أن يحاول أن يتحمل الجوع ويجاهد نفسه، وبذلك يتعود مجاهدة النفس والصبر على طاعة الله ، فنطمئن عليه أكثر!!!

ولا ينبغي أن ننسى مكافأته على اجتيازه فترة الصوم المحددة بنجاح، ويكون ذلك بزيادة مصروفه مثلاً، أو أن تقول له الأم مثلاً:
"أنا فخورة بك، فقد أصبحت الآن مثل الكبار تستطيع مجاهدة نفسك ومقاومة الشعور بالجوع والعطش"

وإذا جاء شهر رمضان في أيام الدراسة فللطفل الذي لا يزال في مرحلة التدريب أن يختار أن يصوم في فترة وجوده بالمدرسة ، ثم الإفطار بقية اليوم ؛ أو العكس...حتى يستطيع أن يتم اليوم ، خاصة وأن بعض المدارس تقلل ساعتين من فترة الدوام في رمضان بينما تتوقف الدراسة في هذا الشهر في البعض الآخر .

و لنتذكر أن مستقبل الطفل الحقيقي هو الآخرة ،

لذا ينبغي أن نعده لها خير إعداد وأن نخاف عليه من مخالفة أوامر الله أكثر مما نخاف عليه من الضعف أو التقصير في الدراسة.

و مما يعينه على ذلك أن نحكي له عن صوم الكائنات الأخرى غير الإنسان، ونجد ذلك متاحاً على شبكة الإنترنت على الرابط التالي:
http://www.islamonline.net/Arabic/r...1/topic15.shtml

كما يعينه أيضاً أن يلتزم بوجبة السحور مع الكبار- التي تشجعه أيضاً على صلاة الفجر؛ و لا ننسى أن نشرح له –ببساطة- أهمية السحور من حيث اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والفوز بالبركة ، و دعاء الملائكة للصائم ، بالإضافة إلى أخذ الأسباب بأكل وشرب ما يقوِّي أجسادنا على الصيام .

وفي مرحلة الحادية عشرة ، وحتى الرابعة عشرة من العمر يكون الطفل قادراً على إتمام اليوم من حيث تحمُّل الجوع والعطش ، ولذلك يجب أن يتقدم عن المرحلة السابقة بمعرفة روح الصوم ، وأنه لم يُفرَض لتعذيب المسلمين،أو حرمانهم ... وأن أحد أهداف الصوم هو الشعور بجوع الفقراء، وترويض النفس على الصبر وتحمل الشدائد،.... كما ينبغي أن يعرف:

• أن الصوم يعني كف أذى اللسان والجوارح عن الغير،وغض البصر عن محارم الله تعالى،

• و أن ثواب الصائمين لا حدود له ،

• وأن الله سبحانه هو وحده الذي يقرِّر مقداره لأن الصوم عبادة إخلاص لله عز وجل ولا يعرف مدى صدقها والإخلاص فيها إلا هو.


وفي المرحلة مابين الخامسة عشرة و الثامنة عشرة ينبغي له أن يعرف:

• أن الصيام ليس إمساك عن الشراب والطعام والشهوة فقط ، وإنما هو التزام يؤدي إلى التقوى من خلال صوم الجوارح عن المعاصي ، والإحسان إلى الوالدين ، والأرحام ، ثم الجيران وعامة المسلمين ،

• وأن الصيام يعتني بتغذية الروح من خلال طاعة ربها مع الإقلال من تغذية الجسد ، ومن ثم الوصول بالمسلم إلى تقوى الله في السِّر والعَلَن، والسعادة في الدنيا والآخرة .

• وأن الصيام يعطينا الفرصة لنرى كم نحن أقوياء النفس ، مما يزيد ثقتنا بأنفسنا ويعيننا بعد رمضان على المزيد من الطاعات ، والمزيد من الأعمال التي تحتاج قوة النفس إلى جانب قوة البدن .

• وأن شهر رمضان عطية غالية من الجواد الكريم ، فلا ينبغي أن نضيِّعها.

و مِمَّا يعينه على ذلك أن نستمع معه إلى درس يتحدث في ذلك بشمولية و إيجاز وهو درس "كيف نستقبل رمضان" للداعية الإسلامي "عمرو خالد" ؛ وهو متاح مسموعاً على موقعه

www.amrkhaled.net

كما يمكن أن نهديه بعض الدروس المكتوبة على الرابط التالي:

http://saaid.net/mktarat/ramadan
/
وأخيرا ،

جزاكم الله خيرا أيها الوالدين عن كل جهد ووقت ومال بذلتموه في تعليم أطفالكم –الرَّعِيَّة التي استرعاكم الله إياها- أمور دينهم ، بالرِّفق والحكمة والموعظة الحسنة ؛والله المستعان وعليه التُّكلان، ولاحول ولاقوة إلا به .
1
525

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

سعودية اصلية
سعودية اصلية
موضوع اكثر من رائع
جاء في وقته