الثواب و العقاب عنصران رئيسيان فى العملية التربوية ، بل هما عنصران أساسيان فى رعاية الرعية و قيادة أي مجموعة بشرية ،حيث أننا لا يمكن أن نتصور مؤسسة ناجحة من غير لوائح الثواب و العقاب للعاملين فيها ولا يمكن أن نتصور مؤسسة ناجحة تعامل الموظف المجد المبدع كزميله الكسول غير المنتج ،ودون أن تعبأ بالفروق الشاسعة في إنتاجية كل منهما ، ولو أننا تخيلنا على سبيل الافتراض ،أن مجتمعا من المجتمعات قرر إلغاء العقوبات أو الثواب لعمت الفوضى ، وازدادت الجريمة ، وانعدام الأمن ،وتوقف الناس عن العمل ،وتحول ذلك المجتمع إلى غابة كبيرة يفترس فيها القوى الضعيف .
والأسرة فى المجتمعات هي الخلية الأساسية التي يتكون منها المجتمع ، وحتى ينجح الأبوان في تسيير دفة هذه الأسرة ، وتربية أبنائهما تربية صحيحة لابد من اعتماد مبدأ " الثواب و العقاب" وعندما نبدأ حديثنا عن الثواب نتذكر قوله تعالى:( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )" الرحمن 6." للتدليل على أصالة هذا المبدأ الإلهي و الذي يقتضي مكافأة المحسن في الدنيا ،والذي اجتهد و تعب وضحى وصبر و بذل كل ما لديه من طاقة في سبيل تحقيق ما أمره به الله في الدنيا فيجزيه الله الجنة وما بها مما لم تسمع به أذن و لم تره عين ولم يخطر على بال بشر ،هذا هو الأمر الذي يجعل العاملين في سبيله يتحملون الصعاب في هذه الدنيا ، و ينجزون أعظم الإنجازات البشرية ، ويقفون المواقف الرائعة في سبيل الحصول على الجنة ،ولم يكن الرسول "صلى الله عليه و سلم "يملك ما يعطيه لمن بايعه في العقبة الثانية إلا هذا الأمر؛ وذلك عندما سألوه بعد البيعة "وماذا لنا أن ناصرناك و آويناك حتى يظهر أمرك "قال " لكم الجنة " فقالوا :مد يدك لا نقيل و لا نستقيل .
تحدثنا عن مبدأ الثواب كأساس تربوي يعتمد عليه الأبوان في تنشئة أبنائهما ، وذكرنا أن الله تعالى وعد العاملين والسالكين صراطه بالجنة ، كلون من الثواب لما قاموا به في الدنيا ..كذلك الأبوان لابد لهما من اعتماد هذا المبدأ لتحفيز أبنائهما على فعل الخير، ولتأصيل القيم و المبادئ الصحيحة فى نفوسهم فتكافؤهم عندما يقومون بالفعل الحسن . والثواب ينقسم إلى قسمين :"معنوي ومادي "والمعنوي لون من المكافأة لا يلمسها بيده بل يحسها بشعوره ،أما المادي فهو لون من المكافأة يلمسها بيده، والمعنوي ينقسم إلى قسمين : مباشر و غير مباشر . والمباشر هو الذي يتعامل معه الإنسان في حياته وغير المباشر يتعلق بأمور لا يتعامل معها مباشرة إنما تحدث له بعد حين ،أو أنها تتعلق بأمور غيبية كالوعد بالجنة وما يتعلق بها من رضا الله تعالى .
ومعظم أنواع الثواب المعنوي المباشر تندرج تحت لافتة (التقدير ) وهو حاجة أساسية للإنسان كحاجته للطعام وغيره فالإنسان يحب أيكره الآخرين بقدر ما يعطونه من التقدير وهو أنواع أولها :(التشجيع ):ويكون عندما يقوم الطفل بنوع من السلوك يلاحظه الأبوان ، وواجبهما حينئذ تعديل السلوك الخاطئ وتشجيع ما كان صوابا كأن يقال :"عبد الله ولد شجاع " عندما يتصرف بشجاعة أو يقال "أنت مؤدب" أو "أنت ولد ذكى " فهذه مجموعة رسائل إيجابية تحدث له بتواليها عليه قناعة بصحة ما يفعل وفائدة ما يقوم به فيستمر فيه .
تحدثنا عن أنواع الثواب المباشر و أثرها فى تربية الأبناء ، وأن معظم أنواعه تندرج تحت لافتة "التقدير " و تعرضنا للنوع الأول منه وهو "التشجيع"، أما النوع الثاني منه فهو:
الاستماع : فالاستماع يعتبر من أعلى درجات التقدير ، و للاستماع شروط و آ داب لا يمكن أن يكون فعالا بدونها، وأهم هذه الآداب :1-النظر الى وجه الابن وهو يتكلم ،و عدم الالتفات عنه ، فان ذلك يترك لديه انطباعا بعدم اهتمامك بما يقول .
· إبداء التفاعل في قسمات الوجه و باقي الجوارح من غير تكلف لإيصال رسالة له بتقديرك له ، و تأثرك بما يقول.
· عدم مقاطعته أثناء الحديث وترك الفرصة كاملة له للانتهاء مما يقول ، و إن كان ما يقوله تافها أو لا يدخل في دائرة اهتمامك ، و لكنه بالنسبة له يعتبر قضيته الأساسية .
· مشاركته بوضع الحلول لهذه المشكلة ، أو القضية ، و إثارة بعض الإيضاحات و التساؤلات معه ، ليشعر باهتمامك بموضوع الحديث .
القبلة: ولاشك أن تقبيل الأبناء لون من ألوان الثواب المحبب إليهم ، و هو رسالة عملية بارزة عن التقدير و الحب ، و هي أحب للطفل من كثير من ألوان المكافآت ، لأنها تعنى للطفل حبه من قبل من يقبله ، لقيامه بعمل صالح.
الثواب و العقاب الجزء الرابع
ثلاثة أنواع من الثواب ، و ذكرنا أثر هذه الأنواع فى عملية التنشئة التربوية للأبناء ، ونتحدث اليوم عن بقية أنواع الثواب المعنوي المباشر فالنوع الرابع :
التكليف : فقد تعود الأبناء أن التكاليف تسند إلى الأم أو الخادمة ،فنراهم يتسابقون إذا قام الأب بتكليفهم للقيام بها ؛لأن ذلك يشعرهم بثقة الوالدين بقدراتهم فيعتبرون التكليف مكافأة كبيرة ؛وذلك كأن يكلف أحدهم بترتيب الصالة و آخر بترتيب سفرة الطعام ، و آخر بشراء بعض الحاجات ..ولاتنتهى القضية عند ذلك فل ابد أن يكافأ بالتشجيع عند إنجاز التكليف ، فيقال على سبيل المثال "فلان ممتاز بالشراء ، يعرف كيف يتصرف " أو يقال "فلانة تجيد الطبخة الفولانية ،و تحب مساعدة أمها " .. وهكذا.
اللعب معهم: يفرح الأبناء كثيرا عندما يلعب الأبوان معهم و يعتبرون ذلك جزءا من التقدير وعلى العكس يعتبرون عدم اللعب معهم جزءا من عدم التقدير .. لذلك تجد الحماسة الكبيرة من أحدهم إذا قلت له "إن ذاكرت جيدا و انتهيت من دروسك قبل موعد النوم ، فسألعب معك اللعبة الفولانية ".
الثواب غير المباشر:هذا الثواب يتعلق بأمور لا يلمسها الأبناء وتنقسم إلى قسمين :الوعود و الأمور الغيبية فالوعد كقول أحد الوالدين للأبناء إذا حصلت على درجة "ممتاز " فسأشترى لك دراجة ، أو أي وعد آخر .
أما الأمور الغيبية :فهي كقول أحد الوالدين للأبناء "إذا بررتم والديكم فسيرضى الله عنكم ، و يدخلكم الجنة " وإذا ساعدتم الفقراء وأنفقتم من أموالكم لهم فسيأجركم الله أجرا عظيما .
هذه هي أهم أنواع الثواب المعنوي المباشر ، و غير المباشر ، وهى بمجموعها تشكل أحد الأسس المهمة فى عملية التنشئة التربوية و صياغة شخصية الأبناء صياغة متينة .
الثواب و العقاب الجزء الخامس
تحدثنا في المقالات السابقة عن الثواب و أنواعه كأحد الأسس المهمة فى تنشئة الأبناء و صياغة شخصياتهم ، و نتناول اليوم قضية العقاب كشق مكمل لعملية الثواب .
يقول الأستاذ حسن عشماوي في كتابه " كيف نربى أولادنا" (إن العصا وجارح القول لا يخلقان إنسانا صالحا أبدا.. قد يخلقان قردا مدربا تبدو على حركاته وساكناته مظاهر الأدب ، ولكننا نريد أولادنا بشرا لا قرودا ) . وهذا يجعلنا نؤكد أن عقوبة الأبناء ، وخاصة الأطفال منهم ليست هي الأصل في العملية التربوية ، بل إننا نلجأ أليها على سبيل الاضطرار ولأننا نريد من العقاب تقويم سلوك الأبناء ، فلابد من أخذ الحيطة و الحذر عند التعامل مع هذا الأسلوب من التقويم، حتى لا تترتب أي نتائج عكسية لهذا الأمر ، وهذا يدعونا إلى أن نلفت أنظار الوالدين لبعض الضوابط قبل البدء بعملية العقاب :
1-أن تستنفذ باقي الطرق العلاجية لتقويم الخطأ ، كالنصيحة و الحوار ، و التنبيه و معرفة سبب القيام بالخطأ و غيرها من الطرق .
2-لا يعاقب الأبناء على الخطأ من أول مرة .
3-أن يكون في سن يتلاءم ويتفاعل مع هذا اللون من التربية ، مثال ذلك قول الرسول "صلى الله عليه و سلم " (مروا أولادكم بالصلاة و هم أبناء سبع و اضربوهم وهم أبناء عشر و فرقوا بينهم في المضاجع .
4- معرفة نوع الخطأ .. و مثاله :
أ-الخطأ الناشئ عن الجهل بأن هذا التصرف خطأ .
ب-الخطأ الناشئ عن اعتقاده بحرمانه من حق له ، أو لتمييز بينه و بين اخوته .
ج- الكذب هروبا من العقاب .
د- الخطأ الناشئ عن تصرف رآه من غيره ،ورأى الآخرين قد مدحوه .
كل هذه الأنواع من الخطأ لا تجدي العقوبة فيها .
5-إذا اضطررنا للعقوبة ، فلا ننسى أن الضرب يكون آخر العقوبات ، و يأتي قبله :
أ-النظرة الحادة
ب- الإعراض و عدم الحديث معه "المقاطعة" .
ج-الكلمة القاسية من" غير سب و تحقير" كأن نقول له (لقد تغيرت يا فلان ) أو (أن هذا التصرف خطأ و يجعل الآخرين لا يحترمونك).
د- الحرمان من الحلوى أو النزهة ، و إياك من الحرمان المالي.
ه-الضرب و لابد من معرفة ضوابطه وهى :
تجنب الوجه ، وتجنب إحداث كدمة أو كسر ، و ألا يكون أمام الآخرين ، وألا يكلف أحد اخوته بضربه ، وألا يسمح للآخرين بضربه. هذه بعض أصول وأنواع العقوبات للأبناء كوسيلة للتقويم السلوكي .. نسأل الله تعالى أن يصلح جميع أبنائنا، ويجعلهم بناء للمجتمع و لبنات صالحة فيه
منقول عن موقع جمعية الإصلاح - والمقال للشيخ / عبد الحميد البلالي
لا تنسواالدعاءلأخوانكم في فلسطين
والمقاطعة سلاحنا
فإن لم نستطع دعم أخواننا المجاهدين في فلسطين
فلا ندفع ثمن رصاصة للصهاينة المجرمين
اللهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
الماسة2001 @almas2001
محررة برونزية
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️