الحمد لله الصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله
كأحد المتخصصين والمتابعين للسوق أود أن الخص لكم ومن وجهة نظري ما حصل في سوق الأسهم بالتركيز على أهم الأسباب التي أدت إلى النتائج السلبية .
لنفترض بأن سوق الأسهم كان بحاجة إلى إعادة هيكلة كما صرح بذلك متأخرا الرئيس السابق لهيئة سوق المال و ملمحا محافظ مؤسسة النقد , الم يكن من الأجدى بأن يتم أشراك المتخصصين والمتابعين للسوق من الخبرات المحلية ومن ثم إصدار القرارات التنظيمية والاقتصادية المناسبة ؟ . وان لقلة القنوات الاستثمارية المتاحة أو ضعفها أو غيابها كان له الأثر الكبير في توجه شريحة كبيرة من المجتمع للاستثمار بسوق الأسهم وذلك لتحسين دخلهم ومستواهم المعيشي اليس هذا حق مشروع ؟ مما تسبب في الرفع القسري للسوق وهنا يحق لنا ان نثير العديد من الأسئلة خاصة تلك المتعلقة بهيكل النظام المالي .
والآن اتطرق مختصرا لبعض الأسباب الرئيسية والتي أدت إلى ما وصل إليه السوق .. وفي ذهني الكثير .
أولاً : بدأت الأزمة منذ الربع الأخير من العام 2005م ولم تكن هناك أية جهة جاهزة لإدارة الأزمة سواء وزارة المالية أو مؤسسة النقد أو هيئة السوق والتي فاجئتنا بخطة " الغاية تبرر الوسيلة "
وقد قيل أن الهدف هو إنزال المكررات الربحية إلى مناطق مقبولة باعتبار أن ذلك من شروط ( الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون ) و شروط ( الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ) وهنا لابد من الايضاح أنه لا الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون ولا منظمة التجارة العالمية تشترط ذلك , بل أنهم يعتبرون التدخل لانزال السوق خطأ لأنه يتعارض مع آلية العرض والطلب المتعارف عليها اقتصاديا .
ولقد ترتب على ارغام السوق على النزول قسريا ضياع ما يزيد على 2.1 تريليون ريال من أصل 3.3 تريليون ريال . أي حوالي ثلثي قيمته السوقية , وهذه ثروة ضخمة افتقدها السوق ينبغي العمل على تعويضها .
وكان من نتائج تلك الحلول أن ألقت بظلالها السلبية على جهات أخرى حكومية وأهلية وكان بالإمكان أن تكون أثارها إيجابية لو اعتمدت بدائل أخرى لامتصاص السيولة وتقليل المضاربة . فالآثار كما نعلم ونعرف حاصلة وواقعه وذلك بسبب ارتباطات القطاعات والجهات المختلفة ببعضها ومن هنا كان لابد أن تكون الآثار محسوبة بداية , ولكن قدر لنا أن نتعلم بتكلفة مضاعفة وغير مسبوقة من حيث عدد المتضررين وحجم الضرر .
ثانياً : إن لنشاط البنوك المحلية أهمية كبيرة بالسوق وتتقاطع مصالحها مع جميع الأطراف سواء في سوق الأسهم أو خارجه ... وخلال أزمة السوق غلبت البنوك رأسماليتها على ثقافة التكافل التي يتميز بها المجتمع السعودي مما جعلها جزء كبير من المشكلة .
فهي جزء كبير من المشكلة بداية ونهاية فقد تمادت بالتسويق للقروض الاستهلاكية ولم تتحرج من التوجيهات والإيعازات بعدم تسييل المحافظ التي أوصلت الكثيرين إلى منطقة " ارحمو عزيزاً قوم ذل " ... فقتلت الطموح وأفقرت الجموع . وفي رأي أنه ينبغي أن تدرس حال وواقع البنوك دراسة متأنية تأخذ في الاعتبار الابعاد الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لوضع حلول عملية قابلة للتطبيق وهذا يعني اعادة هيكلة النظام المالي والنقدي برمته فنحن نريد نظاما ماليا يشجع ويكافيء الابداع لايقتله نظاما ماليا يوظف لا يعطل , لو لاحظتم فانا هنا لا أنتقد البنوك بقدر ماأنتقد النظام المصرفي الذي خدمها لتتبوأ موقعا احتكاريا .
ثالثاً : التناقض الكبير بخصوص طرح الشركات الجديدة للإكتتاب بعلاوة إصدار لم تكن معادلة حسابها معلنة وأيضا غير معروفة مع أن هناك شركات مسجلة في السوق أقل سعراً وأفضل وضعاً مما طرح من شركات جديدة وبعلاوة إصدار ولعل خير مثال على ذلك تأجيل الاكتتاب لاحدى الشركات بعد أن تبين أن علاوة الاصدار المقررة لها مبالغ فيها .
رابعاً : كما نعرف جميعا إن الثقة من قبل المستثمرين والمستهلكين هي من يقود السوق , ولكن هذا العامل الهام غيب في الفترة الماضية و لم تطرح الهيئة آلية لقياس معدل الثقة كما هو متبع في أسواق العالم الأخرى الناشئة والنامية والمتطورة بل لم يلق له بالا فصار وبالا على مسيرة السوق .
خامساً : تبنت الهيئة والجهات ذات العلاقة بسوق المال وبنسبة كبيرة سياسة إبعاد وتهميش الخبرات المحلية في القرارات المتخذة ويظهر ذلك بوضوح من خلال غياب الفئة المتخصصة وهذا مخالف لتوجه القيادة الحكيمة ممثلة في توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد . في حين كان السعي قوياً لتكوين فريق متخصص وعلى دراية وخبرة محلية ليكون قريباً من جهات القرار لأخذ المشورة خاصة وان تلك الجهات والتي تعتبر طرف مهم ضمن معادلة أحد أطرافها شريحة كبيرة من الشعب السعودي والمقيمين .
الآن وبعد أن حصل ماحصل ولازلنا نعيش اثاره التي قد تمتد لفترة الله وحده يعلم مداها لابد أن نكون أكثر وعيا لمتابعة العلاجات المطروحة للأسباب المختصرة التي ذكرت ــ لمن اقتنع بها ــ والتي بدأت بوادرها باجراء بعض التغيرات في المناصب والمواقف وآليات العمل . وكما يقولون اذا عرف السبب بطل العجب فلا نريد أن نكون سلبيين غير فاعلين فكرا وعملا . فلنفكر بصوت مسموع ولنفكر بطريقة ايجابية وأن يكون هدفنا بناء أنفسنا وفقا لامكاناتنا التي أحسب أنها كبيرة .
وآخراً وليس أخيرا إن أقل ما يمكن تقديمه لديننا ثم مليكنا ووطننا الذي ترعرعنا فيه وعشنا في خيراته في ظل قيادتنا الرشيدة أن نضع جميع إمكاناتنا وما نملك في دعم مسيرة الخير والنماء في هذا الوطن الغالي علينا جميعاً .
قيل في الأمثال :
مصارع الرجال تحت بروق الطمع ...... وأيضا قيل :
لولا الغيوم ماتمتعنا بأشعة الشمس .
وأختم بــــ اللهم أجعلني أفقر خلقك اليك وأغناهم بك .
مع تحياتي
محبكم : د. علي دقاق
